ما الدليل على أن الحديث الصحيح هو (ما اتصل سنده بنقل العدل .... إلخ)؟
وما الدليل على أنه لا يمكن أن يأتي أحد في المستقبل بحجة على أن الإمام مالكا ضعيف؟
وإذا نظرت في كثير من كتب الأئمة المتقدمين في جميع العلوم فستجد أكثرهم يذكر في مقدمات كلامه أنه (ليس لأحد إذا اتفق أهل علم من العلوم على شيء أن يخرج عن اتفاقهم).
يبدو لي أننا متفقان.
وأزيدك بيانا فأقول: الكلام هنا عن الإجماع نفسه، وليس عن سبيل تحققه، فإذا فرضنا مجرد افتراض أن واحدا من العامة جاب العالم كله، وسأل كل عالم على وجه الأرض عن الحكم الشرعي في مسألة، فاتفقوا جميعا على قول واحد لم يختلفوا فيه، فهل من الممكن أن يرد في عقل عاقل أنه سيأتي بعد خمسين أو مائة سنة مثلا من يخالف هؤلاء العلماء ويأتي بقول آخر، ويكون هذا القول الجديد هو الحق في دين الله، ويكون كلام هؤلاء جميعا خطأ؟!
أنا أزعم أن الذي يقول ذلك لا عقل عنده.
ويمكن أن نطبق هذا الكلام على مسألة إعجاز القرآن فنقول:
نحن نعلم أن التحدي وقع أن يأتوا بسورة من مثل القرآن، ونحن نعلم أن أحدا منهم لم يستطع أن يأتي بذلك، وثبت صدق الرسول عليه الصلاة والسلام.
فهل من الممكن أن يقع في عقل عاقل، أنه من الممكن أن يأتي في المستقبل من يستطيع أن يأتي بسورة من مثل القرآن، وبذلك يسقط التحدي بالآية؟
إذا لم يمكن هذا هنا لم يمكن في المسألة السابقة أيضا ولا فرق، وإذا أمكن في المسألة السابقة أمكن هنا، فلا مناص لمن يثبت الإعجاز بهذا التحدي من هذا الإيراد.