تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: مفهوم "الدين" والرد على الملحدين .

  1. #1

    افتراضي مفهوم "الدين" والرد على الملحدين .

    الدين .

    الدين : هو منظومةُ العقائد والآداب والأخلاق والمعاملات والقوانين التشريعية التي تَرتضيها جماعةٌ من الناس ، حقا كانذلك أم باطلا ، صوابا كان أم خطأ .


    وهذا بالفعل ما تدعيه كل المنظومات الفكرية البشرية ، من ديموقراطية وعلمانية واشتراكية ، ورأسمالية ، وشيوعية ، وليبيرالية وإلحاد ووطنية وغيرِها من المنظومات الفكرية البشرية التي تزعم لنفسها أنها المنهاج الأفضل لتنظيم العلاقات الانسانية وتشريع القوانين ووضع منظومة القيم العقائد والأخلاق والآداب التي تريدُهُمْ أنْ يعتقدوها ويؤمنوا بها .


    فهذه المنظومة - باللغة الشرعية أو في اللغة "القديمة" - هي الدين.


    والملحدون يتعمدون اختصار مفهوم "الدين" في مفهومي"العقائد الغيبية " أي الميتافيزيقيا: كالإيمان بالله واليوم الآخر والجنة والنار والميزان وفي "الأعمال التعبدية المحضة" أي الطقوسكالصلوات ، وأعمال الحج ، والتيمم ، والصوم ونحوها ،وهذا اختزال واختصار ومسخ لمفهوم الدين ، فإن الدين في الحقيقة أوسع من هذا المعنى فإنه يمتدُّ ليشملُ كلَّ جوانب الحياة ، فإنه كما تقدَّم : منظومةُ العقائد والآداب والآداب والأخلاق والمعاملات والقوانين التشريعية التي تَرتضيها جماعةٌ من الناس.


    و على هذا ،فإنه لا يلزمُ أن يكونَ كُلُّ إلهٍ غيبًا لتكونَ دينًا ، فإن من خصائص "الإله" الحق التصرفُ والأمر والتشريع بمعنى سن القوانين ، فكل من سنَّ القوانين والتشريعات فإنه يزعم أن له حق الملك والتصرف في البشر وإن كان لا يصرح بذلك بلسانه ، وهو بهذا مصَّبَ نفسَهُ إلها ، وإنْ كانَ ينكر ذلك .


    قال تعالى : ما كان ليأخذ أخاه في دِينِ الملك أي في سلطةِ المَلك وحكمه وقضائه وهو دينٌ باطلٌ لا شكَّ .
    قال أبو جعفر الطبري : وأصل الدين الطاعة .اه.

    أي طاعة القانونِ والتشريع والامتثال للحُكْم بلغة العصر .

    وقال الإمام البغوي : ما كان ليأخذ أخاه فيضمه إلى نفسه في دين الملك،أي : في حكمه . قاله قتادة . وقال ابن عباس : في سلطانه.اه.

    والسلطان هنا هو السلطة بلغة العصر .

    وقال الإمام ابن كثير : وقوله ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك أي : لم يكن له أخذه في حُكْم ملك مصر ، قاله الضحاك وغيره . اه.

    وقال الزمخشري : ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك : تفسير للكيد وبيان له، لأنه كان في دين ملك مصر، وما كان يَحْكُمُ به في السارق أن يَغْرِمَ مِثْلَيْ مَا أَخَذَ ، لا أن يُلْزَمَ ويُسْتَعْبَد.اه .

    قال العلامة الشهيد ابن جزي الأندلسي : ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ أي في شرعه أو عادته، لأنه إنما كان جزاء السارق عنده أن يضرب ويضاعف عليه الغرم .اه .


    فَتَبيَّنَ أن الدين في لغة القرآن وفي لغة العرب هو القانون الذي تلزم طاعته ، والحكمْ والقضاء الذي يجب الامتثال له عندمن يدينُ به ، حقا كان أم باطلا ، فأي دين كان للملك ؟! ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى في سورة "الكافرون" : لكم دينكم ولي دين ، وأي دين للمشركين إلا الكفر والضلال ، ومع هذا سماه دينا .

    قال ابن كثير : وقال البخاري : يقال : لكم دينكم : الكفر ،ولي دين : الإسلام .

    وقال ابن جزي رحمه الله : لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ أي لكم شرككم ولي توحيدي .اه.

    فكما يُسَمَّى الصنَمُ إلها ورباًّ عند المشركين وإنْ كانت ألوهية باطلة وربوبية باطلة ، فكذلك الدين ، يقال للدين الحق وللدين الباطل ، وعلى هذا صريحُ القرآن .


    وعلى هذا، فَكُلُّ مذهب أو نَظَرِيَّةٍ تُفَسِّرُ الكون -أيا كانت هذه النظرة - سواءٌ اعترفت بإله أم لم تعترف ، أم اعترفت بآلهة متعددة ، وسواء كان "إلها" غيبيا أم متشخصا يُرى بالعين ، كلُّ ذلك لا يُخرجها عن كونها دينا ، وكونِ أولئك الذين اخترعوها وَنَظَّرُوا لها آلهةً وأرباباً عند متبوعيهم ، وَسواءٌ ارتضى أئِمَّةُ ذلك المذهب وعلماؤه (الْمَتْبُوعونَ ) هذه الألفاظ : (الدينالآلهة - الأرباب) أم لم يرتضوها ، وسواءٌ علِمَ الأتباعُ أنَّ أولئكَ آلهة و أرباب عندَهم أم لم يعلَموا ، كل ذلك لا يخرجُ تلك "النظرية" وذلك "المذهب" وتلك "الفلسفة " من كونها دينا ، وكونِ مبتدعيها والمنظرين لها آلهة وأربابا ، قال تعالى : اتخذوا أحبارهم وربهانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم ، وإنما كانت عبادتهم للأحبار والرهبان بطاعتهم في التحليل والتحريم والتشريع ، مع أنَّ أولئك الأحبار والرهبان لم يدعوا الألوهية ، ولا ادعاها لهم أولئك الأتباع الجهلة ، ومع هذا فقد جعل القرآن ذلك الفعل عبادةً منهم للأحبار والرهبان ، وسمى أولئك المحرفين أربابا مع أنهم لم يدعوا الربوبية ولم يَدَّعِها فيهم أولئك الأتباع .

    فالإلحادُ دينٌ إذن ، وإن زعمَ أئمة الإلحاد أنَّهُم لا يؤمنون بالأديانِ ولا يؤمنون بإله ، فإن الإلحادَ دِينُهم ، وهم أئمَّتُهُ وآلهتُهُ وأربَابُه ، فإنَّ العبرة إنما هي بتسمية الشرع لذلك دينا ، وتسمية مُخترعيه ومشرعيه ومنظريه آلهة وأربابا .


    فإن حقيقة الدين هي ذلك النسَق المتشابك من العقائد والقيم والآداب والأحكام والقوانين والمعاملات .
    والناظر في الإلحاد يجده كذلك ، فإنه نسق متداخل ومتشابك يؤسس للعقائد ، وينظمُ القيم والمبادئ والآداب والأخلاق ، ويشرع القوانين والأحكام ، فهو بهذا دين عندَ معتنقيه ، والمنظرون المشرعونَ لهذه المنظومة من القوانين والعقائد والأحكام والآداب هم آلهة الإلحاد وأربابه وأصنامه ، وإن زعم الملحدون أنَّهم لا يؤمنون بالأديان ولا يعترفون بالآلهة ، فالعبرة بتسمية الشرع لهم كذلك لا غير .


    وقل مثلَ ذلك في الشيوعية فإنَّها دينٌ كذلك ، وكذلك الليبيرالية وهكذا ... فكل تلك المذاهب السياسية والنظريات والتصورات حول الكون والحياة والعلاقات الانسانية والقوانين والتشريعات المنظمة إنما هي أديانٌ باطلة اخترعها وَ نَظَّرَ لها أَصْنَامُها وأرْبَابُها – من أصحاب النفوذ والسلطة ورؤوس الأموال- ليستعبدوا العبادَ ويخرجوهم بها من عبادة الإله الحق إلى عبادتهم هم ، فيتوصلوا بذالك إلى أخذ ما بأيديهم من الثروات والخيرات ، نعم ، إنها أديان ، ولكنها أديانٌ باطلة .


    وكذلك الديموقراطية، فهي دينٌ له عقائده وأحكامه وآادبه أركانُهُ وواجباتُه وأحكامه وطقوسه وأعياده ومواسمُه ، بل وَنَواقِضُه ، فَإِنَّ فيها مذهب "التكفير" ، أعني أنَّ المنظرين لدين الديموقراطية على سبيل المثال قد يخرجون بعضَ بني جلدتهم من "دين" الديموقراطية فيرمونهم بالفاشية والنازية والدكتاتورية ، وتلك هي الرِدَّة لكنها ردة عن أحكام دين الديموقراطية ، وليس هذا إلا نظيرَ "التكفير" في الإسلام ، فالديموقراطية دين إذن ، فليحذر الموحد أن يشارك في طقوس الكفر وشعائر الشرك وهو لا يشعر .


    فإن زعم مُشَرِّعُوها أو المعتنقون لها أنهم لا يؤمنون بالدين ، فإنما يعني ذلك أنهم يَكْفُرُونَ بما سِوَاها من الأديان ، وهذه طبيعة "الدين" لما فيه من الثوابت التي تقتضي : أنه لا يقبل النقيض ، فالذي يؤمنُ بأن الكونَ وُجدَ من غير خالقٍ هو على النقيض ممن يقول إن الكونَ له خالق ، فهما نقيضان لا يَسْلمُ أحدُهما إلا بردِّ الآخر والكفر به ، فهما طرَفَا نقيض ، وَعُدْوَتَانِ مُتَبَاعِدَتَان مفترقتان ، كَعُدْوَتَي الوادي (أي جانباه) لا تلتقيان أبدا ، ومنهُ اشْتُقَّت المعاداة والعداوة للبعد المستمر بينهما ، فمن دانَ بدين الإلحادِ و "الدهرية " الداروينية فإنَّهُ يَكْفُرُ بالخالق المبدع ! وَيُعاديه ، وَيُحَادُّه ، أي أنه في حَدٍّ ، وأهل الإيمان بالخالق في حدٍّ غيره ، فإن أقرَّ بالخالق أخرجَهُ أئمةُ الإلحادِ من "دين الإلحاد" لأنَّهُ أتى عندهم بناقضٍ من نواقض الإلحاد وانتقل من حدِّ الإلحادِ وَعُدْوَتِه إلى حّدِّ الإيمانِ بالخالق وَعُدْوَتِه ، بل ويتجاوز الأمر هذا "التكفير!" – إن صحَّ التعبير – إلى الأذى والحرب النفسية التي ربما تنتهي إلى القتل والتخوين والتهم التي لا تُحصى ، ولا أدلَّ على هذا من الإرهاب الفكري الذي تًمارسه عصابة الإلحاد الدارويني المتصهين- مثلا - بقطع أرزاق كثير من العلماء الماديين الغربيين لما انتقدوا نظرية النشوء والارتقاء ، وردوا نظرية دارون ...

    يتبع ...
    ( صل من قطعك

    وأحسن إلى من أساء إليك

    وقل الحقّ ولو على نفسك )

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: مفهوم "الدين" والرد على الملحدين .

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المجلسي الشنقيطي مشاهدة المشاركة
    فإن حقيقة الدين هي ذلك النسَق المتشابك من العقائد والقيم والآداب والأحكام والقوانين والمعاملات .
    والناظر في الإلحاد يجده كذلك ، فإنه نسق متداخل ومتشابك يؤسس للعقائد ، وينظمُ القيم والمبادئ والآداب والأخلاق ، ويشرع القوانين والأحكام ، فهو بهذا دين عندَ معتنقيه ، والمنظرون المشرعونَ لهذه المنظومة من القوانين والعقائد والأحكام والآداب هم آلهة الإلحاد وأربابه وأصنامه ، وإن زعم الملحدون أنَّهم لا يؤمنون بالأديان ولا يعترفون بالآلهة ،
    فالعبرة بتسمية الشرع لهم كذلك لا غير .

    وقل مثلَ ذلك في الشيوعية فإنَّها دينٌ كذلك ، وكذلك الليبيرالية وهكذا ... فكل تلك المذاهب السياسية والنظريات والتصورات حول الكون والحياة والعلاقات الانسانية والقوانين والتشريعات المنظمة
    إنما هي أديانٌ باطلة اخترعها وَ نَظَّرَ لها أَصْنَامُها وأرْبَابُها – من أصحاب النفوذ والسلطة ورؤوس الأموال- ليستعبدوا العبادَ ويخرجوهم بها من عبادة الإله الحق إلى عبادتهم هم ، فيتوصلوا بذالك إلى أخذ ما بأيديهم من الثروات والخيرات ،
    نعم ، إنها أديان ، ولكنها أديانٌ باطلة .

    وكذلك الديموقراطية، فهي دينٌ له عقائده وأحكامه وآادبه أركانُهُ وواجباتُه وأحكامه وطقوسه وأعياده ومواسمُه ، بل وَنَواقِضُه ، فَإِنَّ فيها مذهب "التكفير" ، أعني أنَّ المنظرين لدين الديموقراطية على سبيل المثال قد يخرجون بعضَ بني جلدتهم من "دين" الديموقراطية فيرمونهم بالفاشية والنازية والدكتاتورية ، وتلك هي الرِدَّة لكنها ردة عن أحكام دين الديموقراطية ، وليس هذا إلا نظيرَ "التكفير" في الإسلام ، فالديموقراطية دين إذن ، فليحذر الموحد أن يشارك في طقوس الكفر وشعائر الشرك وهو لا يشعر .


    فإن زعم مُشَرِّعُوها أو المعتنقون لها أنهم لا يؤمنون بالدين ، فإنما يعني ذلك أنهم يَكْفُرُونَ بما سِوَاها من الأديان ، وهذه طبيعة "الدين" لما فيه من الثوابت التي تقتضي : أنه لا يقبل النقيض ،
    فالذي يؤمنُ بأن الكونَ وُجدَ من غير خالقٍ هو على النقيض ممن يقول إن الكونَ له خالق ،
    فهما نقيضان لا يَسْلمُ أحدُهما إلا بردِّ الآخر والكفر به ،
    فهما طرَفَا نقيض ، وَعُدْوَتَانِ مُتَبَاعِدَتَان مفترقتان ، كَعُدْوَتَي الوادي
    (أي جانباه) لا تلتقيان أبدا ،
    ومنهُ اشْتُقَّت المعاداة والعداوة للبعد المستمر بينهما

    يتبع ...
    نعم بارك الله فيك

  3. #3

    افتراضي رد: مفهوم "الدين" والرد على الملحدين .

    وفيك بارك الله أخي
    ( صل من قطعك

    وأحسن إلى من أساء إليك

    وقل الحقّ ولو على نفسك )

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: مفهوم "الدين" والرد على الملحدين .

    جزاكم الله خيرا
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •