حبائل الشيطان
أبو إسحاق الحويني



إنّ الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضله الله فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله أما بعد:
إنّ الله حذّرنا من الشيطان في أربع مواضع في القران وهي:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (168) سورة البقرة.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) سورة البقرة
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (142) سورة الأنعام
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (21) سورة النور.
ومن الآيات نجد أنّ الله وصف الشيطان بعدو وهو وصف للذات فماذا ننتظر يا أولي الألباب من العدو؟ هل ننتظر الخير؟ والصفة الأخرى "مضل مبين" فعداوته ظاهرة بينة ويتبعه الإنسان، هذا شيء عجيب، ولكنّ الشيطان يتبع طريقه للإنسان بالمكر والخداع ليحقق 6 أجناس رئيسية وإن كان تحتها فرعيات كثيرة ولكن كل شيء يفعله يؤدي إلى واحدة من هذه ال6 أجناس
الجنس الأول: يدعو المرء للشرك بالله والكفر به
وهو أعظم هدف للشيطان على وجه الإطلاق فإن كفر خف أنينه وقل عمل المرء ففي الآية الكريمة:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) سورة الأعراف
لم يقل على الصراط فحرف الجر يدل على الاعتلاء ولكن لأقعدنّ صراطك تدل على الملازمة والثبوت على تكفير الانسان.
الجنس الثاني: البدع
إن عصم الله الإنسان من الشرك يحاول أن يوقعه في البدع
والمبتدعة هم أعداء الرسل وهم الذين أمروا الناس أن يعبدوا الله بشرع لم يأت به الرسل.
الجنس الثالث: الكبائر
إذا نجا الإنسان بفضل الله من الشرك والكبائر يزين له فعل الفاحشة ويصغر الكبائر حتى إذا وقع بها أصبح أسيرا لها ما بقي من عمره فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن المرأة تأتي في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم المرأة تعجبه فليأتي أهله، فإن معها مثل الذي معها)) فقد تكون أقبح امرأة في العالم ولكن صادفت رجل بشهوة عالية فالشيطان يزينها له فلا يرى شيء من قبحها حتى إذا أتى الفاحشة استشعر قبحها، فكم يستغرق فعل الفاحشة 5 أو 10 دقائق أو ساعة من عمر الانسان؟ ومن الإنس مجموعات تفعل فعل الشيطان فتهون على الناس فعل الكبائر.
الجنس الرابع: الصغائر:
إذا نجا الإنسان من كل هذا وسوس له بملازمة الصغائر فمكوث العبد على الصغائر أصعب من إتيان الكبيرة، لا تستهن بصغيرة إنّ الجبال من الحصى، فمن الناس من يحرف كلام الله مثل الذي يقول: ((إن الله جميل يحب الجمال)) واستدل على قدرة الله بجمال خلقه، هذا جميل لو نظر الإنسان في كون الله ليتدبر ولكن لا ينظر إنسان إلى امرأة ليقول: تبارك الله أحسن الخالقين، ويتغزل بجمالها، فالنظرة الأولى لك والثانية عليك، وقد قال الرسول -صلي الله عليه وسلم-: ((أكثر ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان يتحدث بالقرآن)).

خطورة الصغائر:
الصغائر تأتي على حسنات العبد لا تترك منها شيئاً، فمحقرات الأعمال إذا اجتمعت على العبد أهلكته.
الجنس الخامس:
التوسيع في باب المباح:
كالتجارة فهي عمل لا ينهى عنه الله، فيوسوس له الشيطان بالتوسع فيه حتى لا يجد وقت لورد أو ذكر، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم: ((لا تمر على ابن آدم ساعة لا يذكر فيها الله إلا ندم عليها يوم القيامة)) والأكل والشرب فهو مباح، ولكن عندما يملأ الانسان بطنه، وأراد أن يعبد الله يصبح كسلاناً، وأكثر ما يحدث هذا في رمضان، يملأ الإنسان بطنه فلا يقدر على صلاة القيام وكثيراً ما تضيع العبادة بسبب هذا بالرغم من أنه مباح.
الجنس السادس: الاشتغال بالمفضول عن الفاضل:
فإذا سبقت من الله الحسنى للعبد وعوفي من كل هذا اتجه به الى الاشتغال بالمفضول عن الفاضل فالأعمال الصالحات درجات ويفتن بهذا كل إنسان إلا العلماء، فالشيطان إن لم يتمكن من جعله يفعل الشر أرشده إلى أقل درجات الخير، وقد سئل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن أحب الأعمال إلى الله فقال:
((الصلاة على وقتها، بر الوالدين، الجهاد في سبيل الله))
وكل أعمال الشيطان تدور حول الوصول بالإنسان إلى واحدة من هذه الأجناس وقد قال تعالى:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (256) سورة البقرة
ندعو الله أن يحفظنا جميعا من الشيطان ويعصمنا منه إلى يوم الدين.