تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: وجوب الايمان بصفات الله لَفْظًا و معنى ، بلا رَدٍّ ولا تأويل ، ولا تشبيه ولا تمثيل

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي وجوب الايمان بصفات الله لَفْظًا و معنى ، بلا رَدٍّ ولا تأويل ، ولا تشبيه ولا تمثيل

    قال الشيخ صالح الفوزان فى شرح.لمعة الاعتقاد
    المتنُ: (وَمَا أُشْكِلَ مِن ذلك وَجَبَِ إِثْبَاتُه لَفْظاً وتَرْكُ التعَرُّضِ لمعناهُ، ونَرُدُّ عِلْمَه إلى قائِلِه).
    الشرحُ: هذه الجملةُ غيرُ مُسَلَّمَةٍ مِن الشيخِ رَحِمَه اللهُ؛
    كما ـ يَظْهَرُ لِي ـ يُقَسِّمُ نُصُوصَ الصفاتِ إلى قِسميْن:

    1 ـ قِسْمٌ يَظْهَرُ لنا معناه وتفسيرُه، فهذا نُؤْمِنُ به، ونُؤْمِنُ بمعناه وتفسيرِه.
    2 ـ والقسمُ الثاني: لا يَظْهَرُ لنا معناه، فهذا نُفَوِّضُه إلى اللهِ سُبْحَانَه وتَعالَى.
    وهذا غَلَطٌ؛ لأن جميعَ نصوصِ الأسماءِ والصفاتِ معلومَةُ المعنى، ليس فيها شيءٌ مُشْتَبِهٌ أو مِن المتشابِهِ، فليسَتْ نصوصُ الأسماءِ والصفاتِ مِن المُتشابِهِ، ولا تَدْخُلُ في المتشابِهِ، كما قَرَّرَ ذلك شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَه اللهُ، وأخْبَرَ أنه لم يَجِدْ في كلامِ السلَفِ، ولا في كلامِ العلماءِ المُعْتَبَرِينَ مَن قالَ: إن الأسماءَ والصفاتِ أو شيئاً مِنها مِن المتشابِهِ الذي لا يَعْلَمُه إلا اللهُ.
    فكلُّ نصوصِ الأسماءِ والصفاتِ مِن المُحْكَمِ الذي يُعْلَمُ معناه ويُفَسَّرُ ويُوَضَّحُ، وليسَ فيها شيءٌ مِن المُتشابِهِ الذي لا يُعْلَمُ معناه كما يقولُ هنا، وإنَّما اللهُ جلَّ وعلا أخْبَرَ أنه أنْزَلَ الكتابَ؛ قالَ تعالَى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} ما معنَى المُحْكَمَاتِ والمُتَشابِهاتِ ؟
    قالوا: المُحْكَمُ: هو الواضِحُ المعنى، الذي لا يَحْتَاجُ في تفسيرِه إلى غيرِه، وأمَّا المتشابِهُ فهو: الذي يَحْتَاجُ في تفسيرِه وبيانِ معناه إلى غيرِه.
    هناك نصوصٌ مُشْكِلَةٌ، لكنْ إِذا رُدَّتْ إلى النصوصِ الأُخْرَى التي تُوَضِّحُها زَالَ الإشكالُ واتَّضَحَ الحقُّ، قالوا: وهذا مِثْلُ: العامِّ والخاصِّ، والمُطلَقِ والمُقَيَّدِ، والناسِخِ والمنسوخِ، والمُجْمَلِ والمُفَصَّلِ.
    هذا هو معنى المحكمِ والمتشابِهِ، المحكمُ: هو الواضِحُ المعنى الذي لا يَحتاجُ في تفسيرِه إلى شيءٍ آخَرَ، وأما المتشابهُ: فهو المُشْكِلُ الذي يَحْتَاجُ في تفسيرِه إلى نَصٍّ آخرَ يُفَسِّرُه.
    وهذا موجودٌ في القرآنِ وفي السنَّةِ؛ هناك نصوصٌ أو أدِلَّةٌ مُشْكِلَةٌ تَحْتاجُ إلى ما يُوَضِّحُها مِن النصوصِ الأُخْرَى، فتُرَدُّ إلى ما يُفَسِّرُها من النصوصِ الأخرَى.
    وكلامُ اللهِ يُفَسِّرُ بَعْضُه بعضاً، كلامُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ يُفَسِّرُ بَعْضُه بعضاً، هذا معنَى المُحْكَمِ والمُتَشابِهِ، {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} الأصلُ في معنى: الأُمُّ: الأصلُ الذي يُرْجَعُ إليه، {وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} يُشْكِلُ معناها إذا انْفَرَدَتْ، لكنْ إذَا رُدَّتْ إلى النصوصِ المُحْكَمَةِ وَضَّحَتْها وبَيَّنَتْها.
    فالراسِخُون في العِلْمِ يَرُدُّونَ المُتَشابِهَ إلى المُحْكَمِ، ويُفَسِّرونَ كلامَ اللهِ بعضَه ببعضٍ، ويُفَسِّرون كلامَ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ بعضَه ببعضٍ، أو يُفَسِّرون كلامَ اللهِ بسنَّةِ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، ويُفَسِّرون سُنَّةَ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ بكلامِ اللهِ؛ لأنه كُلَّه مِن عندِ اللهِ.
    ولهذا يَقُولون: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} المُحْكَمُ والمُتَشَابِهُ {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا}.
    أمَّا أهلُ الزَّيْغِ ـ والعياذُ باللهِ ـ فإِنَّهم يَأْخُذُونَ المُتَشَابِهَ ويَسْتَدِلُّونَ بِهِ ويَتْرُكونَ المُحْكَمَ، ولا يَرُدُّونَ المُتَشَابِهَ إلى المُحْكَمِ؛ لمَقْصِدٍ سَيِّئٍ عندَهم، ابْتِغَاءَ فتنةِ الناسِ عن دينِهم، يقولونَ: هذا كلامُ اللهِ وهذا كلامُ الرسولِ؛ فيَفْتِنُون الناسَ عن دينِهم.
    إذا جاؤُوا لهم بآيةٍ مُتَشابِهَةٍ أو بِحديثٍ مُتشابِهٍ، قالوا: هذا كلامُ اللهِ، وهذا كلامُ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فيُشَبِّهُونَ على الناسِ أنهم يَسْتَدِلُّون بكلامِ اللهِ وكلامِ رسولِه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فيَفْتِنُونَهم عن دِينِهم.
    مثالُ ذلك: بعضُ الجُهَّالِ الآنَ الذين يَبْحَثُونَ عن نُصوصٍ مُتشابِهَةٍ مِن الحديثِ، ثم يَخْرُجُونَ بِهَا على الناسِ، يقولُون: نَسْتَدِلُّ بهذا الحديثِ، لِيُشَوِّشُوا على الناسِ ما هم عليه مِن الحقِّ، وهذه الأحاديثُ التي جاؤُوا بها ما خَفِيَتْ على أهلِ العِلْمِ، أهلُ العِلْمُ فسَّرُوها، وبيَّنُوا المرادَ مِنها، لكنَّ هؤلاءِ يَقْطَعُون هذا عن هذا: {يَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}.
    هذه طريقَةُ أَهْلِ الزَّيْغِ في كلِّ زَمَانٍ ومَكانٍ، يَفْصِلُون كلامَ اللهِ بعضَه عن بعضٍ، وكلامَ الرسولِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ بعضَه عن بعضٍ، ويقولونَ: نحنُ نَسْتَدِلُّ بكلامِ اللهِ وكلامِ رسولِهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ.
    نقولُ: لا، لَمْ تَسْتَدِلُّوا بكلامِ اللهِ وكلامِ رسولِه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ؛ لو اسْتَدْلَلْتُم بكلامِ اللهِ وكلامِ رسولِه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ, لأَرْجَعْتُم المُتَشابِهَ إلى المُحْكَمِ، أمَّا أنَّكُم تَأْخُذُونَ بطَرَفٍ وتَتْرُكونَ الطرفَ الآخرَ, فهذا ليْسَ اسْتِدلالاً بكلامِ اللهِ، ولا بكلامِ رسولِه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ:
    {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}.
    هذه طريقةُ أهلِ الزيْغِ دائماً وأبداً، نسألُ اللهَ العافِيَةَ.


    قال الشيخ ابن عثيمين فى
    شرح لمعة الاعتقاد

    تَقْسِيمُ نُصُوصِ الصِّفَاتِ وطريقةُ الناسِ فيها:
    تَنْقَسِمُ نصوصُ الكتابِ والسُّنَّةِ الوارِدَةُ في الصفاتِ إلى قِسْمَيْن: واضِحٌ جَلِيٌّ، ومُشْكِلٌ خَفِيٌّ .
    فالواضِحُ: ما اتَّضَحَ لَفْظُهُ ومعْناهُ، فيَجِبُ الإِيمانُ بهِ لَفْظًا وإثباتُ معناهُ حقًّا، بلا رَدٍّ ولا تَأْوِيلٍ، ولا تَشْبِيهٍ ولا تَمْثِيلٍ؛ لأنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بهِ فَوَجَبَ الإِيمانُ بهِ وتَلَقِّيهِ بالقَبُولِ والتسْلِيمِ.
    وأمَّا المُشْكِلُ: فهوَ ما لَم يَتَّضِحْ مَعْناهُ لإِجمالٍ في دلالَتِهِ، أوْ قِصَرٍ في فَهْمِ قارِئِهِ، فيجِبُ إثباتُ لَفْظِهِ لوُرودِ الشرعِ بهِ، والتوَقُّفُ في معناهُ، وَتَرْكُ التَّعَرُّضِ لهُ ؛ لأنَّهُ مُشْكِلٌ لا يُمْكِنُ الحُكْمُ عليهِ، فَنَرُدُّ عِلْمَهُ إلى اللهِ ورسولِهِ.
    وقد انْقَسَمَتْ طُرُقُ الناسِ في هذا المُشْكِلِ إلى طريقتَيْنِ:
    الطريقةُ الأُولَى: طريقةُ الراسخينَ في العِلْمِ الذينَ آمَنُوا بالمُحْكَمِ والمُتَشَابِهِ وقالوا: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} ، وَتَرَكُوا التَّعَرُّضَ لِمَا لا يُمْكِنُهم الوصولُ إلى معرِفَتِهِ والإحاطَةِ بِهِ؛ تَعْظِيمًا للهِ ورسولِهِ، وتَأَدُّبًا معَ النصوصِ الشرعيَّةِ، وهم الذينَ أثْنَى اللهُ عليهم بقولِهِ: {وَالرَّاسِخُون في الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عِمْرَان:7]

    الطريقةُ الثانيَةُ: طريقَةُ الزائِغِينَ الذينَ اتَّبَعُوا المُتشابِهَ طَلَبًا للفِتْنَةِ ، وَصَدًّا للناسِ عنْ دينِهم وعنْ طريقَةِ السَّلَفِ الصالحِ، فحاولُوا تأويلَ هذا المتشابِهِ إلى ما يُرِيدُون ، لا إلى ما يُرِيدُهُ اللهُ ورسولُهُ ، وضَرَبوا نصوصَ الكتابِ والسُّنَّةِ بعضَها ببَعْضٍ ، وحاولوا الطعْنَ في دِلالَتِها بالمعارَضَةِ والنقْصِ؛ ليُشَكِّكُوا المسلمينَ في دلالَتِها ، ويُعْمُوهم عنْ هِدَايَتِها، وهؤلاء هم الذينَ ذمَّهم اللهُ بقولِهِ: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ} [آل عِمْرَان:7]
    تحريرُ القولِ في النصوصِ منْ حيثُ الوضوحُ والإِشْكَالُ:
    إنَّ الوضُوحَ والإِشكالَ في النصوصِ الشرعيَّةِ أمْرٌ نِسْبِيٌّ، يَخْتَلِفُ فيه الناسُ بحَسَبِ العِلْمِ والفَهْمِ، فقدْ يكونُ مُشْكِلاً عندَ شَخْصٍ ما هوَ واضِحٌ عندَ شَخْصٍ آخَرَ، والواجِبُ عندَ الإِشكالِ اتِّبَاعُ ما سَبَقَ مِنْ تَرْكِ التَّعَرُّضِ لهُ والتخَبُّطِ في معناهُ.
    أمَّا مِنْ حيثُ واقعُ النصوصِ الشرعيَّةِ فليسَ فيها بحَمْدِ اللهِ ما هوَ مُشْكِلٌ لا يَعْرِفُ أحَدٌ من الناسِ مَعناهُ فيما يُهِمُّهم منْ أمْرِ دينِهم ودُنياهم؛ لأنَّ اللهَ وصَفَ القرآنَ بأنَّهُ نُورٌ مُبِينٌ، وبيانٌ للناسِ وفُرْقَانٌ، وأنَّهُ أنزَلَهُ تِبْيَانًا لكُلِّ شَيءٍ وهُدًى ورَحْمَةً، وهذا يَقْتَضِي أنْ لا يكونَ في النصوصِ مَا هوَ مُشْكِلٌ بحَسَبِ الواقِعِ بحيثُ لا يُمْكِنُ أَحَدًا مِن الأمَّةِ مَعْرِفَةُ مَعْناهُ.
    معنى الردِّ، والتأويلِ، والتشبيهِ، والتمثيلِ، وحُكْمُ كلٍّ مِنْها:
    الرَّدُّ: التكذيبُ والإِنْكَارُ.
    مِثْلُ أنْ يقولَ قائِلٌ: ليسَ للهِ يدٌ؛ لا حقيقةً ولا مجازًا، وهوَ كُفْرٌ؛ لأنَّهُ تَكْذِيبٌ للهِ ولرسولِهِ.
    والتأويلُ: التفسيرُ، والمرادُ بهِ هنا: تفسيرُ نصوصِ الصفاتِ بغيرِ ما أرادَ اللهُ بها ورسولُهُ، وبخلافِ ما فسَّرَهَا بِهِ الصَّحَابَةُ والتابعونَ لَهم بإحسانٍ.
    وحُكْمُ التأويلِ على ثلاثةِ أقسامٍ:
    الأوَّلُ: أنْ يكونَ صَادِرًا عن اجْتِهَادٍ وحُسْنِ نِيَّةٍ، بحيثُ إذا تَبَيَّنَ لهُ الحقُّ رجَعَ عنْ تأويلِهِ، فهذا مَعْفُوٌّ عنهُ؛ لأنَّ هذا مُنْتَهَى وُسْعِهِ، وقدْ قالَ اللهُ تعالَى: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286]

    الثاني: أن يكونَ صادِرًا عنْ هَوًى وتَعَصُّبٍ، ولَهُ وجْهٌ في اللغةِ العربيَّةِ، فهوَ فِسْقٌ وليسَ بكُفْرٍ، إلاَّ أنْ يَتَضَمَّنَ نَقْصًا أوْ عَيْبًا في حقِّ اللهِ فيكونُ كُفْرًا.
    القسمُ الثالثُ: أنْ يكونَ صادرًا عنْ هَوًى وتَعَصُّبٍ، وليسَ لهُ وجهٌ في اللغةِ العربيَّةِ، فهذا كُفْرٌ؛ لأنَّ حقيقَتَهُ التكذيبُ حيثُ لا وجْهَ لهُ.
    والتشبيهُ: إثباتُ مشابِهٍ للهِ فيما يَخْتَصُّ بهِ مِنْ حقوقٍ أوْ صفاتٍ، وهوَ كُفْرٌ؛ لأنَّهُ مِن الشركِ باللهِ، ويَتَضَمَّنُ النقصَ في حقِّ اللهِ حيثُ شَبَّهَهُ بالمخلوقِ الناقِصِ.
    والتمثيلُ: إثباتُ مُمَاثِلٍ للهِ فيما يَخْتَصُّ بهِ مِنْ حُقُوقٍ أوْ صفاتٍ، وهوَ كُفْرٌ؛ لأنَّهُ مِن الشِّرْكِ باللهِ، وتكذيبٌ لقولِهِ تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشُّورَى:11]

    ويَتَضَمَّنُ النقْصَ في حقِّ اللهِ حيثُ مَثَّلَهُ بالمخلوقِ الناقصِ.
    والفرقُ بينَ التمثيلِ والتشبيهِ: أنَّ التمثيلَ يَقْتَضِي المساواةَ مِنْ كلِّ وَجْهٍ بخِلافِ التشبيهِ.


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: وجوب الايمان بصفات الله لَفْظًا و معنى ، بلا رَدٍّ ولا تَأْوِيلٍ، ولا تَشْبِيهٍ ولا تَمْثِيلٍ؛

    قال الشيخ صالح آل الشيخ فى شرح لمعة الاعتقاد

    القرآنُ محكَمٌ كلُّه ومتشابهٌ كلُّه، ومنه محكمٌ ومنه متشابهٌ.
    - فالإحكامُ بمعنى : الوضوحِ والبيانِ، فهو كلّه واضحٌ بيّنٌ على جنسِ الأمَّةِ، قد لا يكونُ واضحاً بيّناً لكلّ أحدٍ، ولكنّه واضحٌ بيّنٌ لجنسِ الأمّةِ.
    - كذلك وصفَه بأنَّه متشابهٌ بقوله: {اللهُ نزَّلَ أحسنَ الحديثِ كتاباً متشابهاً} يعني: يشبه بعضُه بعضاً، فهذا أمرٌ وهذا أمرٌ، وهذا نهيٌ وهذا نهيٌ، وهذا خبرٌ وهذا خبرٌ، وهذا وصفٌ للجنَّةِ وذاك وصفٌ للجنَّةِ، وهذه قصَّةٌ لنبيٍّ من الأنبياءِ، وهذه قصة للنبيِّ نفسِه، وهكذا … فبعضُهُ يشبهُ بعضاً .
    أمَّا الثَّالثُ: يعني: القسم الثَّالث، فهو ما ذُكر في آية آلِ عمرانَ بقوله: {منه آياتٌ محكماتٌ} يعني : بعضُه محكَمٌ واضحُ المعنى ، بيّنُ الدِّلالةِ ، وبعضُهُ ليس كذلك ، مشتبهُ المعنى ومشتبهُ الدِّلالةِ ، وهذا المشتبهُ المعنى والمشتبهُ الدّلالةِ لا يوجدُ في القرآنِ ولا في السنَّةِ عند أهلِ السنةِ والجماعةِ بمعنى التشابه المطلق ، يعني : أنَّ قوله تعالى: {وأُخَرُ مُتَشابِهاتٍ} يُعنى به: التشابه النّسبي الإضافي ، يعني : أنَّهُ يشتبه على بعضِ الناسِ دونَ بعضٍ.
    أمَّا التشابه المطلقُ بحيثُ يقال: هذه الآيةُ من المتشابِهِ، أو يُقالُ {ألم} هذا من المتشابهِ -يعني: لا أحدَ يعلمُ معناه- فهذا من الخطأ، ولا يقولُ به أهلُ السنةِ، بل أهلُ السُّنَّة يقولون:إنَّه يمكنُ أن توجدَ آياتٌ تشتبه على بعض أهلِ العلمِ فلا يعلمُ معناها، لا يُعلم معناها من جهةِ هذا المُطالعِ ، لكنْ ليس من جهةِ الأمَّةِ بأجمعها، فيعلمُ بعضُ أهلِ العلمِ المعنى ، والبعضُ الآخرُ لا يعلمُ المعنى ، ولهذا ابنُ عبَّاسٍ لمّا تلا هذه الآيةَ قال: { أنا ممَّن يعلمون تأويلَهُ } .
    فإذاً؛ التشابهُ، أو يقالُ هذه الآيةُ من المتشابهِ ، لا يوجدُ المتشابه المطلقُ - يعني الَّذي لا يعلمُ أحدٌ معناه - بل لا بدَّ أن يوجدَ في الأمَّةِ من يعلمُ معنى كلِّ نصٍّ ، فالقرآنُ نزل بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ ، نزل ليهتديَ به النَّاسُ ، كذلك السّنّة ، فلا يوجدُ نصٌّ يستبهمُ على جميعِ أهلِ العلمِ وعلى الأمّةِ.
    وهذا القولُ بأنَّه هناك ما يستبهمُ على الجميعِ ، ولا يفهمُ معناه الجميعُ ، هذا إنَّما هو قول أهلِ البدعِ .
    فإذاً: المؤلِّف هنا قسم إلى قسمين باعتبارِ بعضِ النَّاسِ لا باعتبارِ الجميعِ، فقال: (النُّصوصُ نتلقَّاها بالتَّسليمِ والاعتقادِ من غير أن نردَّهَا أو نشبِّهَ أو نمثِّلَ)
    وهذا هو في القسمِ الأوَّلِ: يعني: الآياتِ المحكَماتِ الواضحاتِ.
    ما اشتبهَ عليك: قال: (وجبَ الإيمانُ به لفظاً) وهذا اللفظُ الَّذي ذكرَهُ في قولِهِ: (وجبَ الإيمانُ به لفظاً) ممَّا انتُقدَ على الإمامِ موفَّقِ الدِّينِ ابنِ قدامةَ .
    فإنَّه في هذه العقيدةِ الموجزةِ انتُقدَت عليه ثلاثُ مسائلَ :
    هذه أوَّلُهَا: وهي قولُهُ: (وجبَ الإيمانُ به لفظاً) ويمكنُ أن يُخَرَّجَ كلامُه -يعني: أن يُحْمَلَ- على محملٍ صحيحٍ.
    أمَّا الانتقادُ فهو أن يُقالَ: إنَّ الواجبَ أن نؤمنَ به لفظاً ومعنىً ، لكن إذا جهلنا المعنى نؤمنُ بالمعنى على مرادِ اللهِ -جلَّ وعلا- أو على مرادِ رسولِهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كما سيأتينا من كلمةِ الإمامِ الشَّافعيِّ أنَّه قال: (آمنتُ باللهِ، وبما جاء عن اللهِ على مراد اللهِ، وآمنت برسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وبما جاء عن رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- على مرادِ رسولِ اللهِ) يعني: إذا جهلَ المعنى.
    فإذا جهلْتَ المعنى تؤمنُ باللفظِ والمعنى، لكن المعنى على مرادِ من تكلَّمَ به.
    ووجهُ الانتقادِ الَّذي انتُقِدَ به الإمامُ ابنُ قدامةَ في هذه اللفظةِ:
    أنَّهُ يجبُ الإيمانُ باللفظِ والمعنى ، أمَّا الإيمانُ بلفظٍ مجرَّدٍ عن المعنى فهذا هو قولُ أهلِ البدعِ الَّذين يقولون: (نحن نؤمنُ بألفاظِ الكتابِ والسّنَّةِ دونَ إيمانٍ بمعانيها؛ لأنَّ معانيَهَا قد تختلفُ).
    والجوابُ: أنَّ هذا غلطٌ ؛ بل معاني الكتابِ والسّنَّةِ هي على المعنى العربيِّ، فالقرآنُ نزل بلسانٍ عربيٍّ، والنَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- تكلَّمَ بلسانٍ عربيٍّ، فلهذا وجب أن يؤمَنَ بالكتابِ والسّنَّةِ على ما تقتضيه لغةُ العربِ، وعلى ما يدلّ عليه اللسانُ العربيُّ ، وهذا أصلٌ من الأصولِ .
    لكنْ إذا اشتبه عليك المعنى، كلمة في القرآنِ ما علمْتَ معناها ، حديثاً إمَّا في الصِّفاتِ أو في الغيبيَّاتِ لم تعلم معناه ، نقولُ: نؤمن به لفظاً ومعنًى ، يعني: معناهُ مفهومٌ، لكنْ على مرادِ اللهِ ومرادِ رسولِهِ صلَّى الله عليه وسلَّم.
    وهذا هو الَّذي جاء في الآيةِ، حيثُ قال جلَّ وعلا: {فأمَّا الَّذين في قلوبِهِم زيغٌ فيتَّبعون ما تشابَهَ منه ابتغاءَ الفتنةِ وابتغاءَ تأويلِهِ وما يعلَمُ تأويلَهُ إلا اللهُ والرَّاسخُونَ في العلمِ يقولون آمنا به كلٌّ من عندِ ربِّنَا} هنا قال: {وما يعلمُ تأويلَهُ إلا اللهُ} ماذا يُعنى بهذا التَّأويلِ؟
    إذا قلنا: إنَّ كلَّ آيةٍ لا بد أن نعلمَ معناها ، وكل حديثٍ لا بدَّ أن يوجدَ في الأمةِ منْ يعلمُ معناهُ، فما معنى قولِه تعالى: {وما يعلَمُ تأويلَهُ إلا اللهُ} ؟
    الجوابُ: أنَّ ما أنزلَ اللهُ -جلّ وعلا- على قسمين:
    - إمَّا أن يكونَ أخباراً.
    - وإمَّا أن يكونَ أحكاماً.
    وتأويلُ الأخبارِ يكون بوقوعِهَا، وتأويلُ الأحكامِ (الأمرِ والنَّهيِ) يكون بإيقاعِها.
    فقولُهُ تعالى هنا: {وما يعلمُ تأويلَهُ إلا اللهُ} يعني: تلك الأخبارَ ما يعلم تأويلَهَا إلا اللهُ؛ لأنَّ اللهَ -جلَّ وعلا- هو الذي يعلمُ حقيقةَ ما تَؤُولُ إليه، أو يعلمُ ما تَؤَُولُ إليه حقيقةُ تلك الألفاظِ وتلك الآياتِ.
    وذلك أنَّ التَّأويلَ في القرآنِ أتى بمعنيين لا ثالثَ لهما:
    الأوَّلِ: التَّأويلُ بمعنى ما تَؤُولُ إليه حقيقةُ الشَّيءِ، وهذا كما في قولِهِ تعالى: {هل ينظرُونَ إلا تأويلَهُ يومَ يأتي تأويلُهُ يقولُ الَّذينَ نسوهُ من قبلُ…} الآية.
    {هل ينظرون إلا تأويلَهُ} يعني: ما تَؤُولُ إليه حقيقةُ أخبارِهِ وأحكامِهِ، فحقيقةُ الأخبارِ تَؤُولُ إلى ظهورِهَا من الصّفاتِ والغيبيَّاتِ، كذلك الأحكامُ حقيقتُهَا تَؤُولُ إلى ظهورِ أثر من تمسَّكَ بها وامتثلها ممَّنْ عصى وخالَفَ، هذا المعنى الأوَّلُ.
    المعنى الثَّاني: وهو فرعٌ عن هذا، التَّأويلِ: بمعنى التَّفسيرِ، قالَ: {أنا أنبِّئُكم بتأويلِهِ فأرسلُونَ} بتأويلِهِ: يعني بتفسيرِ الرُّؤيا، وهذا مرتبطٌ بالمعنى الأوَّلِ؛ يعني: الحقيقةَ الَّتي تَؤُولُ إليها الرُّؤيا في الواقعِ المشاهدِ.
    فإذاً: قولُهُ تعالى هنا: {وما يعلمُ تأويلَهُ إلا اللهُ} ليس هو التَّأويلَ الحادثَ الَّذي يقوله بعضُ أهلِ الأصولِ وهو: (صرفُ اللفظِ عن ظاهرِهِ المتبادرِ منه إلى غيرِهِ لمرجِّحٍ أو لقرينةٍ تدلّ عليه) لا، هذا إنَّمَا هو اصطلاحٌ حادثٌ، أمَّا التَّأويلُ فهو في القرآنِ والسّنَّةِ له معنيان لا غيرُ.
    فإذاً: قولُهُ هنا: {وما يعلمُ تأويلَهُ إلا اللهُ} إذا كان في آياتِ الصّفاتِ ووقفنا على هذه الآيةِ وقلنا: {وما يعلمُ تأويلَهُ إلا اللهُ} ووقفنا، فنريدُ بالتَّأويلِ ما تَؤُولُ إليه حقيقةُ الأسماءِ والصِّفاتِ، يعني: الكيفيَّة، لا يعلم الكيفيَّةَ وهي الحقيقةُ الَّتي تؤولُ إليها آياتُ الأسماءِ والصِّفاتِ والأحاديثِ الَّتي فيها الأسماءُ والصّفاتُ، لا يعلم كيفيَّةَ اتّصافَ اللهِ -جلَّ وعلا- بها إلا هو سبحانه.




  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: وجوب الايمان بصفات الله لَفْظًا و معنى ، بلا رَدٍّ ولا تَأْوِيلٍ، ولا تَشْبِيهٍ ولا تَمْثِيلٍ؛

    قال الشيخ رحمه الله تعالى : ((وما أَشْكَلَ من ذلك وجب إثباته لفظاً , وترك التعرض لمعناه , ونردُّ علمَه إِلى قائله , ونجعل عُهدته لعى ناقله اتباعاً لطريق الراسخين في العلم , الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين بقوله سبحانه وتعالى: ) وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا
    هذه العبارة للشيخ ابن قدامة فيها إشكال من جهة أنه قال: (( وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظاً وترك التعرض لمعناه )) وسيأتي بعد قليل نقل ابن قدامة عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى , أنه قال في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( إن الله ينزل إلى سماء الدنيا )) , و(( إن الله يرى في القيامة )) . وما أشبه هذه الأحاديث : (( نؤمن بها , ونصدق بها , لا كيف , ولا معنى , ولا نردُّ شيئاً منها , ونعلم أن ما جاء به الرسول حقٌّ , ولا نردُّ على رسول الله r )) .

    فقول الإمام أحمد هنا :
    (( لا كيف ولا معنى )) قد يظن البعض أن الإمام أحمد رحمه الله تعالى ومثل ابن قدامة في العبارة السابقة من القائلين بالتفويض في باب الأسماء والصفات , أي إثبات ألفاظها فقط دون التعرض لإثباتها حقيقة , وإثبات ما دلت عليه من معنى يليق بجلال الله وعظمته .
    ونقول : إن مذهب التفويض مخالفٌ لمذهب أهل السنة والجماعة , ولم يقل به أحدٌ منهم . وإنما هو مذهب لطوائف انحرفت عن المنهج الصحيح لأهل السنة والجماعة . وابن قدامة وكذا الإمام أحمد لم يقولوا بقول هؤلاء ؛

    فإن قول الإمام أحمد هنا : (( لا كيف )) صحيح أي لا نكيفها . وقوله (( لا معنى )) إنما يقصد به أننا لا نتعرض لمعناها بالتأويل والتحريف والتشبيه ونحو ذلك .
    أي لا نُظهر لها معنىً يخالف ظاهرها الذي دلت عليه .
    ولهذا قال الإمام أحمد بعد ذلك : (( ولا نردُّ شيئاً منها , ونعلم أن ما جاء به الرسول حق ....)) فقد بيّن أن منهج السلف إثبات الصفات , وإثبات الصفات لله سبحانه وتعالى هو إثباتها على ما يليق بجلاله وعظمته , وإثبات المعنى الذي دلت عليه والذي دل عليه النص , وليس المقصود إثبات اللفظ فقط , دون إثبات المعنى اللائق بالله تعالى .
    وأهل السنة والجماعة يردون على المتأولة , ويردون على الذين يمثلون صفات الله تعالى بصفات خلقه أو يكيفونها , كما أنهم يردون على المفوضة ، لأنهم يثبتون ما ورد من صفات الله تعالى كما يليق بجلاله ,
    ولنضرب مثلاً بصفة السمع أو بصفة العلم ,
    فإن أهل السنة والجماعة يعلمون معنى العلم ومعنى السمع , فيثبتون هذه الصفات لله سبحانه وتعالى كما يليق بجلاله
    وعظمته , ولكنهم وهم يثبتون هذه الصفات , لا يتعرضون لتأويلها وتحريفها , كما فعل أهل التحريف والتأويل ، وأيضاً لايكيفون هذه الصفة , فيقولون : إن كيفية الصفة كذا وكذا , أو يقولون : إنها تشبه صفة أحد من الخلق أو نحو ذلك.
    ومن هنا فقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى : (( ولا معنى ))
    أي لا نقول إن لها معاني تخالف ظاهرها فنقع في التحريف والتأويل ونحو ذلك ,
    وإنما نثبتها كما وردت ونثبت ما دلت عليه من معنى يليق بالله تعالى.

    والتفويض الصحيح إنما يكون لكيفية الصفة , لا لحقيقة الصفة وما دلت عليه من معنى , فكيفية صفات الله تعالى نفوضها إلى الله , لأننا كما أننا لا نعلم ذاته , فإننا أيضاً لا نعلم كيفية صفاته .
    أما الصفة نفسها , فإننا نثبتها لله سبحانه وتعالى ، فَنُفَرِّق بين العلم والقدرة ، وبين السمع والبصر ، وبين الحكيم والخبير وبين قوله تعالى: ) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى( [طه : 5] ، وقوله تعالى : )بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ( [المائدة : 64] ، وقولـه تعالى : .وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} [الرحمن:27] ونحوها .
    وهذا التفريق ؛ لأننا نعرف من معنى قوله تعالى :) بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ( معاني غير ما نعلمه من قوله تعالى : )الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى( وهكذا ,
    إذن نخلص في هذه القضية إلى أن القول بأن السلف يثبتون ألفاظ نصوص الصفات فقط مجردة ويفوضون ما دلت عليه ولا يثبتون لها معاني ـ هو قول مردود بل هذا قول أهل التفويض الذي قال في مذهبهم بعض السلف : إنه شر من مذهب المعطلة .

    فمنهج أهل السنة والجماعة , إثبات هذه الصفات حقيقة على ما يليق بجلاله وعظمته , دون تحريف ودون تشبيه ، فيثبتونها ويثبتون ما دلت عليه من المعاني . أما الكيفية , فهذه يفوضونها إلى الله سبحانه وتعالى ويقولون : إنه لا يعلم كيفية صفاته إلا الله سبحانه وتعالى .
    وفي عبارة الشيخ ابن قدامة التي يقول فيها : (( وما أشكل من ذلك , وجب إثباته لفظاً وترك التعرض لمعناه )) نقول :
    إن كان قد قصد ما قصده الإمام أحمد في عبارته التي سقناها وذكرنا معناها , فهو صحيح , وهو أن أهل السنة والجماعة لا يتعرضون للمعاني التي هي معانٍ تأويلية فيها تحريف لما دلت عليه هذه الصفات بل يثبتونها ويثبتون ما دلت عليه كما يليق بجلال الله وعظمته .

    أما إن كان ما يفهم من عبارة الشيخ أننا نثبت اللظ فقط ولا نتطرق للمعنى , ولا نفهم أي معنىً للصفة , فهذا هو التفويض المردود ,...... ؛ لأن مآل مذهب أهل التفويض التجهيل للرسول صلى الله عليه وسلم ولأصحابه ؛ لأن القائل إذا قال نفوض الصفات ، ونفوض ما دلت عليه من معاني ، يؤول به الأمر إلى أننا إذا قرأنا قول الله تعالى : {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم} فلن نفهم شيئاً ؛ لأننا نقول في اسمه (( الغفـور)) و((الرحيم)) وما دل عليه هذان الاسمان من صفة : تثبت ألفاظهما ونفوض معانيهما .
    وكذلك نقرأ على منهج أهل التفويض قوله تعالى : {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم} [العنكبوت: 42])وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( [الملك: 1] , )أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ( [الملك:14] , )أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ( [النساء: 166] , )الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى( [طـه:5] , )وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ( [الرحمن: 27] , )وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم( [الفتح: 6] ، نقرأ هذه الآيات فلا نفقه منها شيئاً , لأننا نفوض المعنى .
    فهذا المعنى الذي قصده هؤلاء , ينتهي بهم إلى التجهيل الذي قال فيه بعض العلماء : إنه شر من التعطيل , لأن معناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة وأيضاً نحن , يجب علينا أن نتلو القرآن فما ورد منه متعلقاً بأسمائه وصفاته , فيجب أن نثبت لفظه فقط , دون أن نثبت لـه أي دلالة أو أي معنى , وهذا مذهب غالٍ مخالف لمذهب السلف رحمهم الله تعالى ومعلوم أن الله تعالى أمرنا بتدبر القرآن كله ، ولم يستثن منه شيئاً .
    أما حينما نثبت ما دلت عليه هذه النصوص من معاني كما هو منهج السلف ونقول بإثباتها لله كما يليق بجلاله وعظمته ، من غير تعطيل ومن غير تشبيه ، فإننا والحالة هذه ، نكون قد فهمنا ما دل عليه النص ، فنفهم من قوله تعالى : {قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم: 3] , إثبات اسمه تعالى (( العليم )) واسمه تعالى (( الخبير )) ، وما دل عليه هذا الاسم (( العليم )) من صفة العلم ، وما دل عليه أيضاً اسمه تعالى (( الخبير )) من علمه سبحانه وتعالى بما كان وما سيكون , وكونه تبارك وتعالى عالماً ببواطن الأمور وأسرارها مطلعاً على كل شيء , وهكذا في بقية النصوص.
    فمعنى ذلك أننا لانفوض المعنى , وإنما نثبت الصفة , ونثبت ما دلت عليه هذه النصوص من صفات ، كما يليق بجلاله تعالى وعظمته , ونفوض الكيفية لأنه لا يعلمها إلا الله .
    أما القول بأن أهل السنة والجماعة يثبتون مجرد لفظ الصفة فهذا غير صحيح , فمن يقول : أثبت (( العليم )) , لكن لا أدري ماذا يعني اسمه (( العليم )) , أثبت (( السميع )) ولا أدري ماذا يعني اسمه ((السميع )) , أثبت لله صفة
    (( الإرادة )) و(( القدرة)) و((الغضب)) و((الرضا)) ولا أدري ما معناها . نقول لـه : هذا تفويض لمعنى هذه الصفات , وهو يدلُّ على أنك لا تثبت النصوص , ولا ما دلَّت عليه , ولا شك أن الله سبحانه وتعالى أنزل علينا القرآن هدىً ورحمة وتبياناً لكل شيء , ومن المقطوع به من منهج الصحابة رضي الله عنهم , والسلف الصالح جميعاً , بل هو ضرورة لكلِّ مسلم , أنهم يفقهون ويعلمون حسب ما آتاهم الله سبحانه وتعالى من علم , فيفقهون ويعلمون نصوص الكتاب ونصوص السنة النبوية ويعملون بها ويتبعون ما دلت عليه , والاتباع لا يكون إلا عن علم , فحينما تأتي آياتٌ في أسماء الله وصفاته , فإننا نتلوها ونعلم معناها , ونُفَرِّقُ بين هذه الآية وبين تلك الآية وهذا التفريق مقتضاه: أننا نثبت ما دلت عليه من معاني دون تحريف أو تشبيه , لأن أهل السنة والجماعة يثبتونها كما يليق بجلال الله وعظمته , فلا يحرفون النصوص , ولا يؤولونها ولا يعطلونها عما دلت عليه , كما أنهم أيضاً في المقابل لا يمثلونها ، ولا يشبهونها بصفات المخلوقين .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •