سئل ابن عباس عن همّ يوسف ما بلغ؟ قال: حَلّ الهِمْيان وجلس منها مجلس الخاتن أخرجه ( الطبري / ابن ابي حاتم / عبدالرزاق في تفسيره / سعيد بن منصور ) وغيرهم بإسناد صحيح
وهذا القول في الحقيقة لم ينفرد به ابن عباس بل هو قول السلف وهو مروي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وابن ابي مليكة والقاسم بن أبي بزة والسدي واختاره الواحدي في البسيط وقال القرطبي وإلى هذا القول ذهب معظم المفسرين وعامتهم ، فيما ذكر القشيري أبو نصر ، وابن الأنباري والنحاس والماوردي وغيرهم انتهي ولا أعلم أحدا من السلف أنكر عليهم هذا التفسير كيف وقد قاله امام المفسرين الذي دعا له رسول الله صلي الله عليه وسلم بأن يعلمه الله التأويل
قال الطبري
فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يوصف يوسف بمثل هذا، وهو لله نبيّ؟
قيل: إن أهل العلم اختلفوا في ذلك.
فقال بعضهم: كان من ابتلي من الأنبياء بخطيئة فإنما ابتلاه الله بها، ليكون من الله عز وجلّ على وَجَلٍ إذا ذكرها , فيجد في طاعته إشفاقًا منها , ولا يتّكل على سعة عفو الله ورحمته

وإليك الأقوال المخالفة للسلف
قال الطبري
وأما آخرون ممن خالف أقوال السلف وتأوَّلوا القرآن بآرائهم , فإنهم قالوا في ذلك أقوالا مختلفة.
فقال بعضهم: معناه: ولقد همت المرأة بيوسف , وهمَّ بها يوسف أن يضربها أو ينالها بمكروه لهمِّها به مما أرادته من المكروه , لولا أنّ يوسف رأى برهان ربه , وكفَّه ذلك عما همّ به من أذاها ، لا أنها ارتدعت من قِبَل نفسها . قالوا: والشاهد على صحة ذلك قوله: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء) قالوا: فالسوء هُو ما كان همَّ به من أذاها , وهو غير " الفحشاء "
وقال آخرون منهم: معنى الكلام: ولقد همت به، فتناهى الخبرُ عنها. ثم ابتدئ الخبر عن يوسف , فقيل: " وهم بها يوسف لولا أن رأى برهان ربه " . كأنهم وجَّهوا معنى الكلام إلى أنَّ يوسف لم يهمّ بها , وأن الله إنما أخبر أنَّ يوسف لولا رؤيته برهان ربه لهمَّ بها , ولكنه رأى برهان ربه فلم يهمَّ بها , كما قيل: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا ، [النساء: 83].
قال أبو جعفر: ويفسد هذين القولين: أن العرب لا تقدم جواب " لولا " قبلها , لا تقول: " لقد قمت لولا زيد " ,وهي تريد ": لولا زيد لقد قمت " , هذا مع خلافهما جميع أهل العلم بتأويل القرآن، الذين عنهم يؤخذ تأويله.
وقال آخرون منهم: بل قد همَّت المرأة بيوسف، وهم يوسف بالمرأة , غير أن همَّهما كان تميِيلا منهما بين الفعل والترك لا عزمًا ولا إرادة. قالوا: ولا حرج في حديث النفس، ولا في ذكر القلب، إذا لم يكن معهما عزْمٌ ولا فعلٌ