هل فرّق القرآن بين المرأة والزوجة والصاحبة؟
سؤال وردني من أحدهم:
هل فرّق القرآن بين المرأة والزوجة والصاحبة؟
وساق لي كلاما يزعم صاحبه أنّ الزوجة في القرآن أطلقت على التي بينها وبين زوجها مودة وعلاقة قويّة، وزعموا أنّ المرأة أطلقت على من لم يكن بينها وبين زوجها توافق وأن بينهما اختلاف في الدين، وزعموا أن الصاحبة أطلقت على الزوجة التي انقطعت علاقتها الفكرية والجسدية مع زوجها!!!
قلت: قرأت هذا الكلام سابقًا وهو غير دقيق؛ فالمتتبع لآيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية وكلام العرب يجد أنّه لا فرق بين المرأة والزوجة والصاحبة، فقد قام صاحب هذا الكلام بتوجيه الآيات حسب قواعده التي اخترعها وتجاهل أو جهل الآيات والأحاديث وكلام العرب من نثر وشعر وفيها ما يخالف كلامه.
ومن ذلك:
قول الله تعالى: {إذ قالت امرأَة عمران ربّ إنّي نذرت لك ما في بَطْنِي محرّرًا}(١)
سماها امرأة ولم يسمها زوجة مع وجود انسجام ومحبة بينها وبين عمران.
وسمّاها الله امرأة مع عدم وجود مودة بينها وبين زوجها، قال تعالى: {امرأت نوح}(٢) {امرأت فرعون}(٣) {امرأت لوط}(٤)*.
وسماها زوجة مع عدم وجود مودة وعلاقة قوية بزوجها قال تعالى: {وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار}(٥) سماها زوجة رغم ذهابها إلى الكفار.
وسماها زوجة رغم عداوتها لزوجها، قال تعالى: {إنّ من أزواجكم وأولادكم عدوًّا لكم فاحذروهم}(٦)
وسماها زوجة مع وجود علاقة ومودة مع زوجها، قال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك}(٧).
والأحاديث بالعشرات وربما المئات في ذلك، ففي صحيح البخاري في قصة حفر الخندق يقول جابر بن عبد الله: لما حفر الخندق رأيت بالنبي ﷺ خمصًا شديدًا، فانكفأت إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟ والقصة طويلة…(٨)
سمى زوجته امرأة وبينهما محبّة ومودة لا يعلمها إلا الله.
وأما الصاحبة فتطلق على الزوجة سواء انقطعت العلاقة الفكرية والجسدية مع زوجها أم لم تنقطع فعن أبي سعيد الخدري قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهانا أن نأكل لحومَ نسكنا فوق ثلاثٍ قال فخرجتُ في سفرٍ ثمّ قدمت على أهلي وذلك بعد الأضحى بأيامٍ قال فأتتني ((صاحبتي)) بسِلْقٍ قد جعلَت فيه قديدًا … الحديث.(٩)
وسماها صاحبة مع انقطاع العلاقة بينهما بالموت، كما في حديث حنظلة الغسيل: إنّ صاحبكُم تغسّله الملائكة فسألوا صاحبته، فقالت: إنّه خرج لمّا سمع الهائعة وهو جنبٌ فقال ﷺ: لذلك غسلته الملائكة.(١٠)
وفي لسان العرب: وزوج المرأة بعلها، وزوج الرجل امرأته، ويقال للرجل والمرأة: الزوجان.(١١)
ولم يذكر تلك الفروق المخترعة بلا تدقيق ولا استقراء بين المرأة والزوجة.
_________________________
١. آل عمران، الآية ٣٥.
٢. التحريم، الآية ١٠.
٣. التحريم، ااآية ١١.
٤. التحريم، الآية ١٠.
*وقد جاءت في القرآن مفتوحة، والسبب كما ذكره الكفوي في الكليات ص149: أنّ كلّ موضعٍ في القرآن وقع فيه لفظة (امرأة) إذا قرنت باسم زوجها طوّلت تاؤها، وإلا قصرت.
٥. الممتحنة، الآية ١١.
٦. التغابن، الآية ١٤.
٧. الأحزاب، الآية ٥٩.
٨. صحيح البخاري، حديث رقم: 4102.
٩. السلسلة الصحيحة، حديث رقم: 2969.
١٠. السلسلة الصحيحة، حديق رقم: 326.
١١. لسان العرب، ابن منظور: 76/7.
رد مع اقتباس
رد: هل فرّق القرآن بين المرأة والزوجة والصاحبة؟
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة
