تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الإجماع عند الإمام الشوكاني

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي الإجماع عند الإمام الشوكاني

    ملخص الرسالة
    الإجماع عند الإمام الشوكاني
    دراسة نظرية تطبيقية
    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    وبعدُ:
    فقد عشتُ خلال هذا البحث مع أبي عليٍّ الشوكانيِّ سنتين من الزمان، وما أجمل أن يعيش المرء مع العلماء؛ يطالع كتبهم ومباحثهم، ويتعرّف على مذاهبهم ومشاربهم. والبحث وإن كان متخصصٌ في موقف الشوكاني من الإجماع، إلَّا أنها كانت فرصة للوقوف والاطلاع على مصنَّفات هذا العالم النحرير التي اتفقت كلمة الباحثين الذين خبروها وطالعوها على ألمعية هذا الإمام وتفرُّدِه، وأنَّ مؤلفاته امتازت بالإضافة والتجديد، وإنْ كان أيضًا - كما هي طبيعة البشر- وقع له أخطاء وهَنَاتٌ.
    في ختام هذا البحث أودُّ الإشارة إلى أهم النتائج والتَّوصيات التي توصَّلتُ إليها.
    أولًا: النتائج:
    1- تميّزُ شخصية الإمام الشوكاني العلمية، فالبرغم من تأخر عصره الذي عاش فيه، والاضطرابات التي سادت ذلك العصر، وشيوع الجهل والتقليد في زمانه، إلا أنَّه استطاع أن يحتلَّ مكانة علمية مرموقة، حيث تميزت شخصيتُه العلمية بالاستقلال والنضوج والجرأة، وهو ما انعكس على بعض آرائه التي خالف فيها جماهير علماء الأمة، ومنها الإجماعُ وإنْ كنَّا لا نوافقه في جميع آرائه التي خالف فيها.
    2- الشوكانيُّ إمام أصولي محقق، ولا تصح دعوى خصومه أنَّه مجرّد ناقلٍ، فهو ينقد الأقوال ويعترضها، كما أن مؤلفاته تميزت بربط القواعد الأصولية بالمسائل الفقهية، لاسيما في الترجيحات في المسائل الخلافية.
    3- ينقسم الإجماع إلى:
    إجماعٌ عام: وتدْخلُ فيه جميع الأمة ومحله الأحكام والمسائل المعلومة من الدين بالضرورة.
    وإجماع خاص: وهو اتفاق المجتهدين خاصة على الحكم الشرعي. والإجماع الموجود في كتب الأصوليين وتدور مباحثهم حوله هو الإجماع الخاص.
    4- كثرة اختلاف الأصوليين حول تعريف الإجماع، وهو أمر يرجعُ إلى التنظير بعيدًا عن الواقع العمليّ التشريعي، فالملاحظ أنَّ كثيرًا من مباحث الإجماع ومسائله جدلية أكثر منها واقعية وعملية.
    5- الإجماع لا بُدّ له من مستندٍ، وهذا يدلُّ على أنَّ الإجماع دليل تبعي للكتاب والسنة، لا يستقلُّ بإفادة الأحكام الشرعية، فالمجمعون إنما يدورون في فلك النصوص، فالإجماع مظهر للأحكام لا منشئ لها.
    6- القائلون بحجيَّة الإجماع هم سلف الأمة وأئمتُها من كلِّ عصر، والمخالفون في ذلك إمَّا أهل بدعٍ وضلالٍ، وإمَّا علماء زلوا في هذه المسألة عن سبق نظرٍ، ومن هؤلاء الشوكاني، فأدلة الإجماع حاصلة باستقراء موارد الشريعة وقطعياتها.
    7- صعوبة تحقق الإجماع بالصورة والشروط التي وضعها أهل الأصول، وهو ما أقرَّ به كثير من علماءِ أهل السُّنَّة المعاصرين.
    8- لم أجد مثالًا واحدًا للإجماع الصريح، الذي ينقل فيه الاتفاقُ عن جميع العلماء، والذي وقع ونقله الفقهاء في كتبهم لا يخرج عن الإجماع السكوتي، أو الإجماع الاستقرائي، والإقراري الذي غايتُه نفي العلم بوجود المخالف.
    9- أنكرَ الشوكاني الإجماعَ من حيث: إمكانه، ووقوعِه، والعلم به، ونقله، وحجيَّته، لكن الإجماع الذي أنكره هو الإجماع الخاص (الأصولي)، لا الإجماع العام (القطعي) الذي يمثلون له بالضروريات من الدين، وما كان سبيله التواتر فلم يخالفه، وإن كان يرى أنَّه معلوم بقطعيَّات النصوص.
    10- الشوكاني لا يخالف في المسائل المشهورة المتفق عليها التي ثبتت بنصوص صحيحة صريحة، وإنما خلافه في حجية الإجماع كدليل شرعيٍّ، والمسائل التي دليلها الإجماع، فالحجة عنده مستند الإجماع لا الإجماع نفسه.
    11- أنكر الشوكاني الإجماعات الخاصة: إجماع الصحابة، وأهل البيت، وغيرها، تبعًا لإنكاره حجية إجماع الأمة من طريق أولى.
    12- هيمنة التقليد والتعصب المذهبي في عصر الشوكاني من أعظم الأسباب التي حَدَتْ به إلى القول بعدم حجية الإجماع أصلًا فضلًا عن إمكانه ووقوعه؛ لأنَّه كان يـرى أن الاسـتدلال بالإجماع ونقله في المسائل الخلافية يقف حائلًا دون الاجتهاد، إذ من قَبِلَ الإجماع وجب عليه التَّسليمُ في المسائل التي حكي فيها، ولا يحقُّ له الخروج عنه، أو الاجتهاد برأي جديد فيها.
    13- لا يصح إطلاق القول بتكفير منكر الإجماع أو تضليله أو تفسيقه، دون مراعاة الإجماع الذي أنكره، فالعلماء يقصدون بتكفير منكر الإجماع، الإجماع القطعي وهو المعلوم من الدين ضرورة، أو ما كان النقل فيه متواترًا.
    14- أخطأ الشوكاني خطًا بيّنًا في رده الإجماع، وعدم اعتباره دليلًا شرعيًّا، لكن هذا لا يوجب تضليله، فلكل جواد كبوه، ولكل عالم هفوة، فالخطأ شأن البشر، وكلٌ يؤخذ من قوله ويترك، والذي نجزم به أن خطأه كان عن اجتهادٍ وتحرٍّ للصواب، لا عنادًا وطعنًا في الشريعة.
    15- إنَّ احتجاج الشوكاني بالإجماع في كتبه ومصنفاته، لا يُعدُّ اعترافًا منه بحجيَّة الإجماع وإقرارًا له، وإنما من باب الاحتجاج على الخصم بما يعتقد صحته لا غير، يعني: من باب التقرير لا الإقرار، والاعتضاد لا الاعتماد.
    كما أن الشوكاني يستأنس بالإجماع ويتقوى به في الدلالة على الأحكام، لاسيما في المواطن التي لا يتعين فيها نص أو يكثر فيها الخلاف، خاصة إجماع الصحابة. وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    التوصـيات:
    1- مفهوم الإجماع ومسائله ومباحثه يطغى عليها الجانب التقعيدي بعيدًا عن الجانب العملي التطبيقي، والسبب في ذلك تشبُّع غالبية الأصوليين بعلم الكلام. وإطلاقات الإجماع ومفهومه عند العلماء المتقدمين (السلف) غير إطلاقاته ومفهومه عند المتأخرين (الأصوليين المتكلمين)، فأوصي بدراسة استقرائية مقارنة للتعرف على الفرق بين المنهجين. وخير من تكلم في هذه المسألة هو شيخ الإسلام ابن تيمية، فأوصي بدراسة مقارنة في الإجماع الأصولي بين شيخ الإسلام والأصوليين.
    2- جهود العلماء في القديم والحديث اقتصرت على جمع مسائل الإجماع فحسب، ولا زالت بحاجة إلى كثير من التحقيق والتنقيح والتهذيب.
    فلابد أن يراعى عند نقل الإجماع الآتي:
    أن يكون ناقل الإجماع من العلماء المطلعين على اختلاف الناس واتفاقهم.
    وأن يكون الإجماع مسندًا.
    وأن تكون عبارة الناقل واضحة على الإجماع.
    بيان نوع الإجماع في المسألة. وعليه أوصي بأن تتضافر جهود العلماء والباحثين إلى دراسة مسائل الإجماع وتطبيق الشروط التي اشترطها العلماء لصحته، شبيهًا بالجهود التي توجهت لخدمة السنة النبوية.
    3- المطالع لكتب ومصنفات الشوكاني يلاحظ عنايته بالجانب الأصولي، وربطه القواعد الأصولية بالمسائل الفقهية، ورد الفروع إلى أصلها.
    كما يستند كثيرًا في ترجيحاته الفقهية في المسائل الخلافية إلى قواعد الأصول. ولعلها أن تكون ميدان للدراسة من قبل الباحثين، مثل:
    1- ترجيحات الإمام الشوكاني الفقهية على ضوء القواعد الأصولية؛ دراسة تطبيقية على كتاب "نيل الأوطار"، أو "السيل الجرار".
    2- تخريج الفروع على الأصول عند الشوكاني من خلال "نيل الأوطار" أو "السيل الجرار".
    3- آراء الشوكاني الأصولية في الأدلة المختلف فيها وتطبيقاتها على "نيل الأوطار" أو "السيل الجرار". وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمّدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    الدولة
    بوكانون- الجزائر
    المشاركات
    212

    افتراضي رد: الإجماع عند الإمام الشوكاني

    جزاك الله خيرا أخي الحبيب على بحثك القيم النافع
    و من المفيد الإهتمام بتراث هذا العالم المجتهد خاصة كتابه الماتع إرشاد الفحول في علم أصول الفقه
    و أنبه طلبة العلم الذين يكتفون بكتاب الورقات في هذا الفن و لا يرتقون إلى جمع الجوامع و لا المستصفى ولا البرهان و لا مختصر ابن الحاجب لن يتقنوا هذا الفن مطلقا
    و كذلك الذين يجعلون شغلهم الشاغل دراسة كتاب الأصول من علم الاصول طوال مراحلهم التعلمية فهذا قصور شديد في طلب العلم
    و أنا لا أزهد في هذين الكتابين الجليلين وإنما طالب العلم الحقيقي عليه أن يتربى على كتب السلف و يوطن نفسه عليها كما كان شيخنا الخضير حفظه الله يحث دائما على ذلك
    اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بالخلق الحسن

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: الإجماع عند الإمام الشوكاني

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بحليل محمد مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا أخي الحبيب على بحثك القيم النافع
    و من المفيد الإهتمام بتراث هذا العالم المجتهد خاصة كتابه الماتع إرشاد الفحول في علم أصول الفقه
    و أنبه طلبة العلم الذين يكتفون بكتاب الورقات في هذا الفن و لا يرتقون إلى جمع الجوامع و لا المستصفى ولا البرهان و لا مختصر ابن الحاجب لن يتقنوا هذا الفن مطلقا
    و كذلك الذين يجعلون شغلهم الشاغل دراسة كتاب الأصول من علم الاصول طوال مراحلهم التعلمية فهذا قصور شديد في طلب العلم
    و أنا لا أزهد في هذين الكتابين الجليلين وإنما طالب العلم الحقيقي عليه أن يتربى على كتب السلف و يوطن نفسه عليها كما كان شيخنا الخضير حفظه الله يحث دائما على ذلك
    وجزاكم آمين، لست أنا صاحب البحث، ونما أنا ناقل، ورابط الموضوع في نهاية البحث.
    وأما طالب العلم في كل الفنون، لا بد له من الترقي والاستيعاب، وعدم القصور وقلة الاطلاع، بارك الله فيك.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •