حديث: «طلبُ الحقِّ غُرْبةٌ»[1].
حديثٌ موضوعٌ: أخرَجه الإمام أبو إسماعيل عبد الله بن محمّد الهَرَويُّ (ت481هـ) في مقدمة كتابِه «منازل السائرين» (ص8)، قال: « وأخبرنا في معنَى الدُّخول في الغربةِ حمزة بنُ محمَّد بن عبد الله الحُسَيْنِي قال: حدّثنا أبو القاسم عبد الواحد بن أحمد الهاشمي الصُّوفي، قال: سمعتُ أبا عبد الله عَلَّان بنَ زيد الدينَوَري الصُّوفي بالبصرة، قال: سمعتُ جعفرَ الخُلْدِيَّ الصُّوفي يقول: سمعتُ الجُنَيْد قال: سمعتُ السَّري، عن معروفٍ الكَرْخِي، عن جعفرَ بنِ محمَّد، عن أبيه، عن جدِّه، عن عليّ، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: «طَلَبُ الحقِّ غُربَةٌ».
ثمَّ قال الهَرَويُّ: «وهذا حَدِيثٌ غَريبٌ ما كتبتُه إلَّا من رِوايةِ عَلَّان».
ومِن طريقِ الهرَويِّ أخرجَه الرّافعي في «التَّدوين في أخبارِ قَزْوين» (4 / 146).
وأخرجه الدّيلمي في «مسنده» - كما في «المقاصد الحسنة» للسّخاوي (ص274 رقم 658) - وابنُ عساكر في «تاريخ دمشق» (15/ 238) من طريق أبي بكرٍ أحمد بن سهل السَّرّاج الصوفي، عن حمزة بن محمّد الجعفري، به. وسقَط من إسنادِه في المطبوعِ من «تاريخ دمشق» «عَلَّان بن زيدٍ الدِّينَوَري».
قال الإمام الشَّوكاني في «الفوائد المجموعة» (ص256): «لم يوجدْ إلَّا مسلسلًا بطريق الصّوفية»، وقال نحوه الفَتَّنِي في «تذكرة الموضوعات» (ص 200)، وقال الشيخ الألباني في «السلسلة الضعيفة» (2/ 250 رقم 857): «وهذا إسنادٌ مظلمٌ مسلسلٌ بالصُّوفية، وغالبُهم غيرُ معروفِين».
وقد أوْرد الإمامُ الذَّهبي هذا الحديثَ في ترجمةِ عَلَّان بنِ زيدٍ من «ميزان الاعتدال» (3 / 107)، وقال: «لعلَّه واضعُ هذا الحديثِ»، وأقرَّه ابنُ حجر في «لسان الميزان» (5 / 470 ترجمة 5288)، والمُناوي في «فيض القدير» (4/ 269).
والذي يظهرُ لي أنَّ هذا هو سببُ إعراضِ الإمام ابنِ القَيِّم عن ذكرِ هذا الحديثِ في شرحِه «مدارك السّالكين».
وإنْ كان هذا القولُ لا يخلو مِن معنًى لطيفٍ، شرَحه المُناوي في «فيض القدير» (4 / 269)، فقال: «يعنِي إذا أردت استقامةَ الخَلقِ للحقِّ في هذه الدّارِ، لم تجدْ لك على ذلك ظهيرًا، بل تجد نفسَك وحيدًا في هذا الطّريقِ؛ لمَا تُنازعُ وتكابدُ من دَعاوَي الخَلقِ، فبحسَب هذه القواطع التي أقامَ اللهُ بها حِكمتَه تَلْحِقُ الوَّحشَة لسالِك طريقِ الحقِّ فكأنَّه غريبٌ وما هو غريب».
وقد قال ابنُ الوزير الصَّنعاني في «إيثار الحق على الخلق» (ص27) – ونقله عنه جمال الدين القاسمي في «قواعد التحديث» (ص 56 - 57) -: «ولذلك – يعني لهذا المعنى - شواهد قوية عن تسعةٍ من الصّحابةِ ذكرَها الهيثمي في «مَجْمع الزّوائد» فنسألُ اللهَ أن يرحمَ غُربتَنا في الحقِّ، ويهدِيَ ضالَّنا، ولا يردّنا عن أبوابِ رجائه ودعائه وطلبِه محرومين، إنَّه مُجيبُ الدّاعين، وهادي المُهتدين، وأرحمُ الرّاحمين».
آمين، آمين، وصلَّى الله على عبدِه ورسولِه محمّد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
--------------------
[1] ذكره الزركشي في «التذكرة في الأحاديث المشتهرة» (ص 141 رقم 28)، والسخاوي في المقاصد الحسنة (ص274 رقم 658)، وفي «الأجوبة المرضية» (1 / 101)، والسيوطي في «جياد المسلسلات»، بتحقيق محمد عوامة، دار البشائر (ص 108)، وفي «الدرر المنتثرة» (ص 143 رقم 285)، والشوكاني في الفوائد المجموعة (ص256)، والعجلوني في «كشف الخفاء» (2/ 41 رقم 1662)، وابن الديبع في «تمييز الطيب من الخبيث» (ص 102).


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/128447/#ixzz6BjbaqYvg