أخرج البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت قال: دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان. وفي رواية عند البزار في مسنده: كفرا صراحا.
وأصل معنى البواح في لسان العرب الظهور، قال ابن فارس: الباء والواو والحاء أصل واحد، وهو سعة الشيء وبروزه وظهوره. اهـ.
قال الإمام ابن حجر في الفتح: قال الخطابي: معنى قوله بواحاً: يريد ظاهراً بادياً، من قولهم: باح الشيء يبوح بوحاً وبواحاً إذا أذاعه وأظهره. انتهى
ومعنى: الكفر البواح -ـ فيه احتمالان:
الأول: أنه الصريح وهو الأمر الكفري الذي ارتكب وتدل عليه الأدلة الشرعية دلالة ظاهرة، وليس أمرا محتملا أو ملتبسا أو خفيا، وهذ الاحتمال هو الأقرب، وتدل عليه رواية البزار، وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين، فقد قال: الكفر البواح: وهذا معناه الكفر الصريح، البواح الشيء البين الظاهر، فأما ما يحتمل التأويل فلا يجوز الخروج عليهم، يعني لو قدرنا أنهم فعلوا شيئاً نرى أنه كفر، لكن فيه احتمال أنه ليس بكفر، فإنه لا يجوز أن ننازعهم أو نخرج عليهم، ونولهم ما تولوا. اهـ.
الاحتمال الثاني: أن يكون المراد بالكفر البواح أي الكفر الظاهر، وهذا الذي عليه جمع من الشراح، قال البغوي: وقوله: بواحا ـ أي: جهارا، يقال: باح بالسر، وأباحه: إذا جهر به. اهـ.----
وقال ابن الجوزي: إلا أن تروا كفرا بواحا ـ الباء مفتوحة، والمعنى: جهارا. اهـ.
والفرق بين إطلاق الكفر والكفر البواح، أن الكفر دون وصفه بالبواح قد لا يراد به الكفر الصريح، ومن جهة أخرى فقد يطلق على الكفر الأصغر الذي لا يُخرج من الملة، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر. متفق عليه.
وأما الكفر البواح: فهو الصريح الذي ليس في الأدلة الدالة على كونه كفرا أي احتمال كما تقدم.
المصدر الاسلام سؤال وجواب