تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: تسمية بعضَ الزُّهور بعبّاد الشمس

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي تسمية بعضَ الزُّهور بعبّاد الشمس

    السؤال:
    ما حكم تسمية بعض الزُّهور بـ (عبّاد الشمس)؛ لأنَّه يستقبلُ الشَّمسَ عند الشروق والغروب؟
    الجواب:
    هذا لا يجوز؛ لأنَّ الأشجار لا تعبدُ الشَّمسَ، إنما تعبدُ الله - عزَّ وجلَّ - كما قال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَآبُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ﴾ [الحـَـجّ: 18]. وإنما يقال عبارة أخرى ليس فيها ذكر العبودية: كمُراقِبة الشمس[1]، ونحو ذلك من العبارات.
    سماحة الشيخ محمد بن عثيمين - «مجموع فتاوى ورسائل» (ج3 / ص114)
    -------------------
    [1] أو: (دوّار الشمس) كما هو شائع.


    رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/138201/#ixzz6B72yTc8a
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2

    افتراضي رد: تسمية بعضَ الزُّهور بعبّاد الشمس

    في التعليل توقف؛ لأنك تقول في العبد: هو عبد فلانٍ، وهذا مجمعٌ على جوازه.
    ووجه الاستدلال بالآية بعيد؛ لأن الكلمة اشتقاقها من (ع ب د)، لا من (س ج د).

    نعم، لو استدل لما في الصحيحين (البخاري: 3/ 150)، ولفظهما: عن همام بن منبه، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وَضِّئْ ربك، اسق ربك، وليقل: سيدي مولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي أمتي، وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي».
    ولمسلم أيضا (4/ 1764): «لا يقولن أحدكم: عبدي وأمتي؛ كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل: غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي».
    ولينظر هل النهي هنا للحرمة، أم للكراهة؟!؛ فإن الله تعالى قال: {والصالحين من عبادكم وإمائكم} [النور: 32]، وقال: {عبدا مملوكا} [النحل: 75]
    والله أعلم

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: تسمية بعضَ الزُّهور بعبّاد الشمس

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد مشاهدة المشاركة
    في التعليل توقف؛ لأنك تقول في العبد: هو عبد فلانٍ، وهذا مجمعٌ على جوازه.
    هذه المسألة تحتاج الى تفصيل
    -قال الشيخ بن عثيمين قوله: «لا يقل». الجملة نهي.
    «عبدي»، أي: للغلام.
    و: «أمتي»، أي: للجارية.
    والحكم في ذلك ينقسم إلى قسمين:
    الأول: أن يضيفه إلى غيره، مثل أن يقول: عبد فلان أو أمة فلان، فهذا جائز قال تعالى: {وأنكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمانكم} [النور: 32]، وقال النبي: «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة».
    الثاني: أن يضيفه إلى نفسه، وله صورتان:
    الأولى: أن يكون بصيغة الخبر، مثل: أطعمت عبدي، كسوت عبدي، أعتقت عبدي، فإن قاله في غيبة العبد أو الأمة، فلا بأس به، وإن قاله في حضرة العبد أو الأمة، فإن ترتب عليه مفسدة تتعلق بالعبد أو السيد منع، وإلا، فلا لأن قائل ذلك لا يقصد العبودية التي هي الذل، وإنما يقصد أنه مملوك.
    الثانية: أن يكون بصيغة النداء، فيقول السيد: يا عبدي! هات كذا، فهذا منهي عنه، وقد اختلف العلماء في النهي: هل هو للكراهة أو التحريم؟ والراجح التفصيل في ذلك، وأقل أحواله الكراهة.
    قوله: «لا يقل أحدكم: أطعم ربك.. إلخ» أي: لا يقل أحدكم لعبد غيره، ويحتمل أن يشمل قول السيد لعبده حيث يضع الظاهر موضع المضمر تعاظمًا.
    واعلم أن إضافة الرب إلى غير الله تعالى تنقسم إلى أقسام:
    القسم الأول: أن تكون الإضافة إلى ضمير المخاطب، مثل: أطعم ربك، وضيء ربك، فيكره ذلك للنهي عنه، لأن فيه محذورين:
    1. من جهة الصيغة، لأنه يوهم معنى فاسدًا بالنسبة لكلمة رب، لأن الرب من أسمائه سبحانه، وهو سبحانه يطعم ولا يطعم، وإن كان بلا شك إن الرب هنا غير رب العالمين الذي يطعم ولا يطعم، ولكن من باب الأدب في اللفظ.
    2. من جهة المعنى أنه يشعر العبد أو الأمة بالذل، لأنه إذا كان السيد ربًا كان العبد أو الأمة مربوبًا.
    القسم الثاني: أن تكون الإضافة إلى ضمير الغائب، فهذا لا بأس به، كقوله في حديث أشراط الساعة، «أن تلد الأمة ربها»، وأما لفظ (ربتها)، فلا إشكال فيه لوجود تاء التأنيث، فلا اشتراك مع الله في اللفظ، لأن الله لا يقال له إلا رب، وفي حديث الضالة وهو متفق عليه: «حتى يجدها ربها». وقال بعض أهل العلم أن حديث الضالة في بهيمة لا تتعبد ولا تتذلل، فليست كالإنسان، والصحيح عدم الفارق، لأن البهيمة تعبد الله عبادة خاصة، قال تعالى: {ولله يسجد من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب}، وقال في الناس: {وكثير من الناس} ليس جمعيهم: {وكثير حق عليه العذاب} [الحج: 18]، وعلى هذا، فيجوز أن تقول: أطعم الرقيق ربه، ونحوه..
    القسم الثالث: أن تكون الإضافة إلى ضمير المتكلم، بأن يقول العبد: هذا ربي، فهل يجوز هذا؟
    قد يقول قائل: إن هذا جائز، لأن هذا من العبد لسيده، وقد قال تعالى عن صاحب يوسف: {إنه ربي أحسن مثواي} [يوسف: 23] أي: سيدي، ولأن المحذور من قول: {ربي} هو إذلال العبد، وهذا منتف، لأنه هو بنفسه يقول: هذا ربي.
    القسم الرابع: أن يضاف إلى الاسم الظاهر، فيقال: هذا رب الغلام، فظاهر الحديث الجواز، وهو كذلك ما لم يوجد محذور فيمنع، كما لو ظن السامع أن السيد رب حقيقي خالق ونحو ذلك.
    قوله: «وليقل: سيدي ومولاي». المتوقع أن يقول: وليقل سيدك ومولاك، لأن مقتضى الحال أن يرشد ما يكون بدلًا عن اللفظ المنهي عنه بما يطابقه، وهنا ورد النهي بلفظ الخطاب، والإرشاد بلفظ التكلم، «وليقل: سيدي ومولاي»، ففهم المؤلف رحمة الله كما سيأتي في المسائل أن فيه إشارة إلى أنه إذا كان الغير قد نهي أن يقول للعبد: أطعم ربك، فالعبد من باب أولي أن ينهي عن قول: أطعمت ربي، وضأت ربي، بل يقول: سيدي ومولاي.
    وأما إذا قلنا بأن أطعم ربك خاص بمن يخاطب العبد لما فيه من إذلال العبد بخلاف ما إذا قال هو بنفسه: أطعمت ربي، فإنه ينتفي الإذلال، فإنه يقال: إن الرسول لما وجه الخطاب لمن يخاطب العبد وجه الخطاب إلى العبد نفسه، فقال: «وليقل: سيدي ومولاي»، أي عن قوله: أطعمت ربي، وضأت ربي.
    وقوله: (سيدي). السيادة في الأصل علو المنزلة، لأنها من السؤدد والشرف والجاه وما أشبه ذلك.
    والسيد يطلق على معان، منها: المالك، الزوج، والشريف المطاع.

    وسيدي هنا مضافة إلى ياء المتكلم وليست على وجه الإطلاق فالسيد على وجه الإطلاق لا يقال إلا إله عز وجل قال: «السيد الله».
    وأما السيد مضافة، فإنها تكون لغير الله، قال تعالى: {وألفيا سيدها لدي الباب} [يوسف: 25]، وقال: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة»، والفقهاء يقولون: إذا قال السيد لعبده، أي: سيد العبد لعبده.

    تنبيه:
    اشتهر عند بعض الناس إطلاق السيدة على المرأة، فيقولون مثلًا: هذا خاص بالرجال، وهذا خاص بالسيدات، وهذا قلب للحقائق، لأن السادة هم الرجال، قال تعالى: {وألفيا سيدها لدي الباب}، وقال: {الرجال قوامون على النساء} [الأنعام: 62]، وقال: «إن النساء عوان عندكم»، أي: بمنزلة الإسير: وقال في الرجل: «راع في أهله ومسؤول عن رعيته»، فالصواب أن يقال للواحدة أمراة وللجماعة منهن نساء.
    قوله: «ومولاي». أي: وليقل مولاي، والولاية تنقسم إلى قسمين:
    القسم الأول: ولاية مطلقة، وهذه لله عز وجل لا تصلح لغيره، كالسيادة المطلقة.
    وولاية الله نوعان:
    النوع الأول: عامة، وهي الشاملة لكل أحد، قال الله تعالى: {ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون} [الأنعام: 62]، فجعل له ولاية على هؤلاء المفترين، وهذه ولاية عامة.
    النوع الثاني: خاصة بالمؤمنين، قال تعالى: {ذلك بأن الله مولي الذين آمنوا وأن الكافرون لا مولي لهم} [محمد: 11]، وهذه ولاية خاصة، ومقتضي السياق أن يقال: وليس مولي الكافرين، لكن قال: {لا مولي لهم}، أي: لا هو مولي للكافرين ولا أولياؤهم الذين يتخذونهم آلهة من دون الله موالي لهم لأنهم يوم القيامة يتبرءون منهم.
    القسم الثاني: ولاية مقيدة مضافة، فهذه تكون لغير الله، ولها في اللغة معان كثيرة، منها الناصر، والمتولي للأمور، والسيد، والعتيق.
    قال تعالى: {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين} [التحريم: 4] وقال فيما يروي عنه: «من كنت مولاه، فعلي مولاه»، وقال: «إنما الولاء لمن أعتق».

    ويقال للسلطان ولي الأمر، وللعتيق مولي فلان لمن أعتقه، وعليه يعرف أنه لا وجه لاستنكار بعض الناس لمن خاطب ملكًا بقوله: مولاي، لأن المراد بمولاي أي متولي أمري، ولا شك أن رئيس الدولة يتولي أمورها، كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59].
    قوله: «ولا يقل أحدكم عبدي وأمتي». هذا خطاب للسيد أن لا يقول: عبدي وأمتي لمملوكه ومملوكته، لأننا جميعًا عباد الله، ونساؤنا إماء لله، قال النبي: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله».
    فالسيد منهي أن يقول ذلك، لأنه إذا قال: عبدي وأمتي، فقد تشبه بالله عز وجل ولو من حيث ظاهر اللفظ، لأن الله، عز وجل يخاطب عباده بقوله: عبدي، كما في الحديث: «عبدي استطعمتك فلم تطعمني..» وما أشبه ذلك.
    وإن كان السيد يريد بقوله: «عبدي»، أي: مملوكي، فالنهي من باب التنزه عن اللفظ الذي يوهم الإشراك، وقد سبق بيان حكم ذلك.
    وقوله: «وأمتي». الأمة: الأنثي من المملوكات، وتسمي الجارية.

    والعلة من النهي: أن فيه إشعارًا بالعبودية، وكل هذا من باب حماية التوحيد والبعد عن التشريك حتى في اللفظ، ولهذا ذهب بعض أهل العلم ومنهم شيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله إلى أن النهي في الحديث ليس على سبيل التحريم، وأنه على سبيل الآدب والأفضل والأكمل ---------------------
    وقال الشيخ صالح العصيمى فى تهذيب القول المفيد لابن عثيمين

    قولُهُ: (لا يَقُلْ) أي: الإنسانُ، (عَبْدِي) أيْ: للغُلامِ، و(أَمَتِي) أيْ: للجاريَةِ.
    والحكمُ في ذلكَ يَنْقَسِمُ إلى قسمَيْنِ:
    الأوَّلُ: أنْ يُضِيفَهُ إلى غيرِهِ، مثلُ أنْ يقولَ: عبدُ فُلانٍ أوْ أَمَةُ فُلانٍ، فهذا جائزٌ؛ قالَ تعالى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}، وقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ: ((لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلاَ فَرَسِهِ صَدَقَةٌ)).
    الثَّاني:أنْ يُضِيفَهُ إلى نفسِهِ، ولهُ صُورَتَانِ:
    الأُولَى: أنْ يكونَ بصيغةِ الخبرِ، مثلُ: (أَطْعَمْتُ عَبْدِي) (كَسَوْتُ عَبْدِي) (أعْتَقْتُ عَبْدِي) فإنْ قالَهُ في غَيْبَةِ العبدِ أو الأَمَةِ فلا بأسَ فيهِ، وإنْ قالَهُ في حَضْرَةِ العبدِ أو الأمَةِ فإنْ ترَتَّبَ عليهِ مَفْسَدَةٌ تَتَعَلَّقُ بالعبدِ أو السَّيِّدِ مُنِعَ، وإلاَّ فلا؛ لأنَّ القائلَ بذلكَ لا يَقْصِدُ العبوديَّةَ الَّتي هيَ الذُّلُّ، وإنَّما يَقْصِدُ أنَّهُ مَمْلُوكٌ.
    الثَّانيَةُ: أنْ يكونَ بصيغةِ النِّدَاءِ، مثلُ: (يا عبْدِي، هاتِ كَذَا) فهذا مَنْهِيٌّ عنهُ.

    وقد اخْتَلَفَ العلماءُ في النَّهْيِ هلْ هوَ للكراهَةِ أو التَّحْريمِ؟
    والراجِحُ التَّفْصيلُ في ذلكَ، وأقلُّ أحوالِهِ الكراهَةُ.
    قولُهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ((لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ: أَطْعِمْ رَبَّكَ)) إلخ أيْ: لا يَقُلْ أحدُكُم لعبدِ غَيْرِهِ، ويَحْتَمِلُ أنْ يَشْمَلَ قوْلَ السَّيِّدِ لعبْدِهِ، حيثُ يَضَعُ الظاهِرَ مَوْضِعَ المُضْمَرِ تَعَاظُمًا.
    واعْلَمْ أنَّ إضافةَ الرَّبِّ إلى غيرِ اللهِ تَنْقَسِمُ إلى أقسامٍ:
    القسمُ الأوَّلُ: أنْ تكونَ الإضافةُ إلى ضميرِ المُخَاطَبِ، مثلُ: (أَطْعِمْ رَبَّكَ) (وَضِّئْ رَبَّكَ).
    فيُكْرَهُ ذلكَ للنهيِ عنهُ؛ لأنََّ فيهِ مَحْذُورَينِ:
    أحدهما: منْ جهةِ الصِّيغَةِ؛لأنَّهُ يُوهِمُ معنًى فاسدًا بالنِّسبةِ لكلمةِ ربٍّ؛ لأنَّ الرَّبَّ منْ أسمائِهِ سبحانَهُ، وهوَ سبحانَهُ يُطْعِمُ ولا يُطْعَمُ، وإنْ كانَ بلا شكٍّ أنَّ الرَّبَّ هنا غيرُ الرَّبِّ الَّذي يُطْعِمُ ولا يُطْعَمُ.
    والآخر: منْ جهةِ المعنى؛لأنَّهُ يُشْعِرُ العبدَ أو الأمَةَ بالذُّلِّ؛ فإذا كانَ السيِّدُ ربًّا كانَ العبدُ أو الأَمَةُ مَرْبُوبًا.
    القسمُ الثَّاني: أنْ تكونَ الإضافةُ إلى ضميرِ الغائبِ، فهذا لا بأسَ بهِ، كقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ في حديثِ أشراطِ السَّاعةِ: ((أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّهَا)).
    وأمَّا لفظُ ((رَبَّتَهَا)) فلا إشكالَ فيهِ لوجودِ تاءِ التَّأنيثِ فلا اشتراكَ معَ اللهِ في اللفظِ؛ لأنَّ اللهَ يُقالُ لهُ: رَبٌّ، ولا يُقَالُ لهُ: رَبَّةٌ، وفي حديثِ الضَّالَّةِ، وهوَ مُتَّفَقٌ عليهِ: ((حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا)).
    وقالَ بعضُ أهلِ العلمِ: (إنَّ حديثَ الضَّالَّةِ في بهيمةٍ لا تَتَعَبَّدُ ولا تَتَذَلَّلُ كالإنسانِ).
    والصَّحيحُ عدمُ الفارقِ؛ لأنَّ البهيمةَ تَعْبُدُ اللهَ عبادةً خاصَّةً، قالَ تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ}.
    وقالَ في النَّاسِ: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} ليسَ جميعَهُم، {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ}.
    وعلى هذا؛ فيَجوزُ أنْ نقولَ: أَطْعَمَ الرقيقُ رَبَّهُ، ونَحْوَهُ.
    القسمُ الثَّالثُ: أنْ تكونَ الإضافةُ إلى ضميرِ المُتَكَلِّمِ، بأنْ يقولَ العبدُ: هذا رَبِّي.
    فهلْ يجوزُ هذا؟
    قدْ يقولُ قائلٌ: إنَّ هذا جائزٌ؛ لأنَّ هذا من العبدِ لسيِّدِهِ، وقدْ قالَ تعالى عنْ صاحبِ يوسفَ: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} أيْ: سَيِّدي؛ ولأنَّ المحذورَ منْ قولِ: (رَبِّي) هوَ إذلالُ العبدِ، وهذا مُنْتَفٍ؛ لأنَّهُ هوَ بنفسِهِ يقولُ: هذا ربِّي.
    القسمُ الرَّابعُ: أنْ يُضافَ إلى الاسمِ الظَّاهرِ، فيُقالُ: هذا رَبُّ الغلامِ، فظاهرُ الحديثِ الجوازُ.
    وهوَ كذلكَ ما لمْ يُوجَدْ محذورٌ فَيُمْنَعُ، كما لوْ ظَنَّ السَّامعُ أنَّ السَّيِّدَ رَبٌّ حقيقيٌّ خالقٌ.
    قولُهُ: (وَلِيَقُلْ: سَيِّدِي وَمَوْلاَيَ) المُتَوَقَّعُ أنْ يقولَ: ولْيَقُلْ: سيِّدُكَ ومَوْلاَكَ؛ لأنَّ مُقْتَضَى الحالِ أنْ يُرْشِدَ إلى ما يُناسِبُ اللفظَ المنهيَّ عنهُ، وهنا ورَدَ النَّهيُ بلفظِ الخطابِ، والإرشادُ بلفظِ التَّكَلُّمِ، ((وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي وَمَوْلاَيَ)).
    ففهِمَ المُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللهُ -كما سيأتي في المسائلِ- أنَّ فيهِ إشارةً إلى أنَّهُ إذا كانَ الغيرُ قدْ نُهِيَ أنْ يقولَ للعبدِ: (أَطْعِمْ رَبَّكَ) فالْعَبْدُ منْ بابِ أَوْلَى أنْ يُنْهَى عنْ قولِ: هذا رَبِّي أوْ لَرَبِّي، ولا يَقُلْ: أَطْعَمْتُ رَبِّي، بلْ يَقُلْ: سيِّدي ومَوْلايَ.
    وأمَّا إذا قُلْنَا: بأنَّ ((أَطْعِمْ رَبَّكَ)) خاصٌّ بمَنْ يُخاطِبُ العبدَ؛ لِمَا فيهِ منْ إذلالِ العبدِ، بخلافِ ما إذا قالَ هوَ بنفسِهِ: سَأُطْعِمُ رَبِّي، فإنَّهُ يَنْتَفِي الإذلالُ؛ فإنَّهُ يُقَالُ: إنَّ الرَّسولَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ لمَّا وَجَّهَ الخطابَ لمْ يَتَكَلَّمْ في شأنِ العبدِ، بلْ وَجَّهَ الخطابَ إلى العبدِ نفسِهِ فقالَ: ((وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي وَمَوْلاَيَ)).
    وقولُهُ: (سَيِّدِي)، السِّيَادَةُ في الأصلِ الشَّرفُ؛ لأنَّها من السُّؤْدُدِ والشَّرفِ والجاهِ وما أشبهَ ذلكَ.
    والسَّيِّدُ يُطْلَقُ على معانٍ:
    - منها المالكُ.
    - والشَّريفُ المُطاعُ.
    و(سيِّدِي) هنا مضافةٌ إلى ياءِ المتكلِّمِ، وليْسَتْ على وجهِ الإطلاقِ؛ فالسَّيِّدُ على وجهِ الإطلاقِ لا تُقالُ إلاَّ للهِ عزَّ وجلَّ، قالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ:

    ((السَّيِّدُ اللهُ)).
    وأمَّا السَّيِّدُ مُضَافَةً فإنَّها تكونُ لغيرِ اللهِ.
    قالَ تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ: ((أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
    والفقهاءُ يقولونَ: إذا قالَ السَّيِّدُ لعبدِهِ؛ أيْ: سَيِّدُ العَبْدِ لعَبْدِهِ.
    قولُهُ: (وَمَوْلاَيَ) أيْ: لِيَقُلْ مَوْلاَيَ.
    والمَوْلَى ينقسمُ إلى قسمَيْنِ:
    القسمُ الأوَّلُ: وِلايَةٌ مطلقةٌ، وهذهِ للهِ عزَّ وجلَّ، كالسِّيادةِ المطلقةِ، وهيَ نوعانِ:
    النَّوعُ الأوَّلُ: عامَّةٌ، وهيَ الشَّاملةُ لكلِّ أحدٍ، قالَ اللهُ تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} فجعَلَ لهُ ولايَةً على هؤلاءِ المُفْتَرِينَ. وهذهِ ولايَةٌ عامَّةٌ.
    النَّوعُ الثَّاني: خاصَّةٌ بالمؤمنينَ، قالَ تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ} وهذهِ ولايَةٌ خاصَّةٌ.
    ومقتضى السِّيَاقِ أنْ يقولَ: وليسَ مَوْلَى الكافرينَ، لَكِنَّه قالَ: {لاَ مَوْلَى لَهُمْ} أيْ: لا هوَ مَوْلًى للكافرينَ، ولا أَوْلِيَاؤُهُم الَّذينَ يَتَّخِذُونَهُم آلهةً مِنْ دونِ اللهِ مَوَالِيَ لهم؛ لأنَّهُم يومَ القيامةِ يَتَبَرَّءُون منْهُم.
    القسمُ الثَّاني: ولايَةٌ مُقَيَّدَةٌ مُضَافَةٌ، فهذهِ تكونُ لغيرِ اللهِ، ولها في اللغةِ معانٍ كثيرةٌ؛ منها:
    - النَّاصرُ.
    - والمُتَوَلِّي للأمورِ.
    - والمُعْتِقُ.
    - والسَّيِّدُ.
    - والعَتِيقُ، قالَ تعالى: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}، وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ: ((مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ)) وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلَّمَ: ((إِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ)) ويُقَالُ للسلطانِ: وَلِيُّ الأَمْرِ، وللعتيقِ: مَوْلَى فُلاَنٍ، لِمَنْ أعْتَقَهُ.
    فالسَّيِّدُ مَنْهِيٌّ أنْ يقولَ ذلكَ؛ لأنَّهُ إذا قالَ: عَبْدِي وأَمَتي؛ فقدْ تَشَبَّهُ باللهِ عزَّ وجلَّ، ولوْ منْ حيثُ ظاهرُ اللفظِ؛ لأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُخاطِبُ عبادَهُ بقولِهِ: عَبْدِي، كما في الحديثِ: ((عَبْدِي اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي...)) وما أشبهَ ذلكَ.
    وإنْ كانَ السَّيِّدُ يُرِيدُ بقولِهِ: (عَبْدِي) أيْ: مَمْلُوكِي، فالنَّهيُ منْ بابِ التَّنَزُّهِ عن اللفظِ الَّذي يُوهِمُ الإشراكَ، وقدْ سبَقَ بيانُ حُكْمِ ذلكَ.
    وقولُهُ: (أَمَتِي) الأَمَةُ الأُنثى من المَملوكاتِ، وتُسمَّى جاريَةً.
    والعِلَّةُ من النَّهيِ: أنَّ فيهِ إشعارًا بالعبوديَّةِ، فهيَ تُقَابِلُ عَبْدِي، وكلُّ هذا منْ بابِ حِمَايَةِ التَّوحيدِ والبعدِ عن التَّشريكِ حتَّى في اللفظِ؛ ولهذا ذهبَ بعضُ أهلِ العلمِ، ومنهم شيخُنا عبدُ الرَّحمنِ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ، إلى أنَّ النَّهيَ في الحديثِ ليسَ على سبيلِ التَّحريمِ، وأنَّهُ على سبيلِ الأدبِ والأفضلِ والأكملِ.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: تسمية بعضَ الزُّهور بعبّاد الشمس

    قال القرطبي رحمه الله :
    " قال العلماء : قوله عليه السلام: ( لا يقل أحدكم ) ، ( وليقل ) : من باب الإرشاد إلى إطلاق اسم الأولى ، لا أن إطلاق ذلك الاسم محرم ، ولأنه قد جاء عنه عليه السلام : ( أن تلد الأمة ربها ) أي : مالكها وسيدها ، وهذا موافق للقرآن في إطلاق ذلك اللفظ ، فكان محل النهي في هذا الباب ألا نتخذ هذه الأسماء عادة فنترك الأولى والأحسن .
    وقد قيل : إن قول الرجل عبدي وأمتي يجمع معنيين :
    أحدهما : أن العبودية بالحقيقة إنما هي لله تعالى ، ففي قول الواحد من الناس لمملوكه عبدي وأمتي تعظيم عليه ، وإضافة له إلى نفسه بما أضافه الله تعالى به إلى نفسه ، وذلك غير جائز.
    والثاني : أن المملوك يدخله من ذلك شيء في استصغاره بتلك التسمية ، فيحمله ذلك على سوء الطاعة .
    وقال ابن العربي : يحتمل أن يكون ذلك جائزا في شرع يوسف عليه السلام " انتهى .
    "الجامع لأحكام القرآن" (9/195) .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: تسمية بعضَ الزُّهور بعبّاد الشمس

    قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن فى فتح المجيد
    فى (الصحيحِ) عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي وَمَوْلاَيَ.
    وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلاَمِي)).
    هذهِ الألفاظُ الْمَنْهِيُّ عنها وإنْ كانتْ تُطْلَقُ لُغةً، فالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عنها؛ تَحقيقًا للتوحيدِ وسدًّا لذرائعِ الشِّرْكِ، لِمَا فيها من التشريكِ في اللَّفْظِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى هوَ رَبُّ العِبادِ جَمِيعِهم، فإذا أُطْلِقَ على غيرِهِ شَارَكَهُ في هذا الاسمِ، فيُنْهَى عنهُ لذلكَ وإنْ لمْ يَقْصِدْ بذلكَ التشريكَ في الرُّبوبيَّةِ التي هيَ وَصْفُ اللهِ تعالى.
    وإنَّما المعنى أنَّ هذا مالِكٌ لهُ، فيُطْلَقُ عليهِ هذا اللفظُ بهذا الاعتبارِ.
    فالنهيُ عنهُ حَسْمًا لِمَادَّةِ التشريكِ بينَ الخالقِ والمخلوقِ، وتَحقيقًا للتوحيدِ، وبُعدًا عن الشرْكِ حتَّى في اللَّفْظ، وهذا منْ أَحْسَنِ مَقاصِدِ الشريعةِ؛ لِمَا فيهِ منْ تَعظيمِ الربِّ تَعَالَى، وبُعْدِهِ عنْ مُشابَهَةِ المخلوقِينَ.
    فأَرْشَدَهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ما يَقومُ مَقامَ هذهِ الألفاظِ، وهوَ قولُهُ: ((سَيِّدِي وَمَوْلاَيَ))، وكذلكَ قولُهُ: ((وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي)) لأنَّ العَبيدَ عَبيدُ اللهِ، والإِماءَ إماءُ اللهِ، قالَ اللهُ تعالى: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}[مريم:93]، ففي إطلاقِ هاتيْنِ الكَلِمَتَيْنِ على غيرِ اللهِ تَشريكٌ في اللفظِ، فنَهَاهُم عنْ ذلكَ؛ تَعظيمًا للهِ تعالى وأَدَبًا، وإبْعادًا عن الشِّرْكِ، وتَحقيقًا للتوحيدِ، وأَرْشَدَهم إلى أنْ يَقُولُوا: ((فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلاَمِي)) وهذا منْ بابِ حِمايَةِ الْمُصطفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَنابَ التوحيدِ، فقدْ بَلَّغَ أُمَّتَهُ كلَّ ما فيهِ لهم نَفْعٌ، ونَهاهُمْ عنْ كلِّ ما فيهِ نَقْصٌ في الدِّينِ، فلا خَيرَ إلاَّ دَلَّهُمْ عليهِ، خُصوصًا في تحقيقِ التوحيد، ولا شَرَّ إلاَّ حَذَّرَهم عَنْهُ صَلَوَاتُ اللهِ وسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، خُصوصًا ما يُقَرِّبُ من الشرْكِ لَفْظًا وإنْ لم يُقْصَدْ.


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: تسمية بعضَ الزُّهور بعبّاد الشمس

    قال الشيخ صالح آل الشيخ
    باب لا يقول: عبدي وأمتي
    هذا الباب مع الأبواب قبله وما بعده، كلها في تعظيم ربوبية الله جل وعلا، وتعظيم أسماء الله -جل وعلا- وصفاته؛ لأن تعظيم ذلك من كمال التوحيد؛ وتحقيق التوحيد لا يكون إلا بأن يُعظَّم الله -جل وعلا- في ربوبيته، وفي إلهيته، وفي أسمائه وصفاته؛ فتحقيق التوحيد لا يكون إلا بالاحتراس من الألفاظ التي يكون فيها إساءة أدب مع ربوبية الله -جل وعلا- على خلقه، أو مع أسماء الله -جل وعلا- وصفاته.
    ولهذا عقد هذا الباب فقال: (باب لا يقول: عبدي وأمَتي) العبودية؛ عبودية البشر لله جلا وعلا عبودية حقيقية.
    وإذا قيل: هذا عبد الله، فهو عبدٌ لله -جل وعلا- إمَّا قهراً أو اختيارًا؛ فكلُّ منْ في السماوات والأرض عبدٌ لله جل؛ وعلا كما قال جل وعلا: {إنْ كل مَنْ في السماوات والأرض إلاَّ آتي الرحمن عبداً، لقد أحصاهم وعدَّهم عدّاً وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً}
    فعبودية الخلق لله -جل وعلا- ظاهرة:
    - لأنه هو الربّ.
    - وهو المتصرِّف.
    - وهو سيد الخلق.
    - وهو المدبِّر لشؤونهم.
    فالله -جل وعلا- هو المتفرِّدُ بذلك سبحانه؛ فإذا قال الرجل لرفيقه: هذا عبدي، وهذه أَمَتي، كان في نسبة العبودية عبودية أولئك له؛ وهذا فيه منافاة لكمال الأدب الواجب مع الله جل وعلا، ولهذا كان هذا اللفظ غير جائز عند كثيرٍ من أهلِ العِلم، ومكروه عند طوائف آخرين.
    فإذاً: سبب النهي عن لفظ (عبدي وأمتي) ما ذكرنا مِنْ تعظيم الربوبية، وعدم اهتضام عبودية الخلق لله جل وعلا.
    قال: (في (الصحيح) عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا يقُل أحدكم: أطعم ربك، وضِّئ ربك، وليقل: سيّدي ومولاي؛ ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، وليقل: فتايَ وفتاتي وغلامي))

    هذا النهي في هذا الحديث اختلف فيه أهل العلم على قولين:

    الأول: أنه للتحريم؛ لأن النهي، الأصل فيه للتحريم، إلاَّ إذا صرفه عن ذلك الأصل صارِف.
    وقال آخرون: النهي هنا للكراهة ؛ وذلك لأنه من جهة الأدب، ولأنه جاء في القرآن من قول يوسف عليه السلام: {اذكرني عند ربِّك فأنساه الشيطان ذكرَ ربِّه فلبثَ في السجن بضع سنين} ولأن الربوبية هنا المقصود بما يناسب البشر؛ فرب الدار، ورب العبد، هو الذي يملك أمره في هذه الدنيا؛ فلهذا قالوا: (النهي للكراهة وليس للتحريم) مع ما جاء في بعض الأحاديث من جواز، أو من تجويز إطلاق بعض تلك الألفاظ.
    قال: ((وليقُل: سيدي ومولاي)) السيادة مع كون الله -جل وعلا- هو السيد؛ لكن السيادة بالإضافة لا بأس بها؛ لأن للبشر سيادة تناسبه.

    (ومولاي) المولى يأتي على معانٍ كثيرة، أن يخاطب البشر بقوله:
    (مولاي) أجازه طائفة من أهل العلم بناءً على هذا الحديث؛ قال: ((وليقل سيدي ومولاي)).
    وقد جاء في (صحيح مسلم) النهي عن أنْ يقول: ((مولاي)) (لا تقولوا: مولايَ، إنما مولاكم الله) أو نحو ذلك.

    وهذا الحديث أعلَّهُ بعض أهل العلم بأنه نُقل بالمعنى؛ فهو شاذٌّ من جهة اللفظ، وهو مُعارِضٌ لهذا الحديث الذي هو نصّ في إجازة ذلك.
    فيكون إذاً الصحيح: جواز إطلاق لفظ (مولاي) هنا سيدي، مولاي، ونحو ذلك… لأن السيادة هناك سيادة تناسب البشر، وقول: (مولاي) هناك ما يناسب البشر من ذلك.
    فليست في مقام (ربِّك) أو (عبدي وأمَتي) لأن ذاك أعظم درجة؛ وواضح أنَّ فيها اختصاص العبودية بالله جل وعلا، وإطلاق ذلك على البشر لا يجوز.
    قال: ((ولا يقل أحدكم عبدي وأمَتي، وليقل: فتاي وفتاتي، وغلامي)) لأجل ما ذكرنا.
    فتحصَّل من ذلك أنَّ هذه الألفاظ يجب -كما ذكرنا- أن يُحترز فيها ما لا يكون معه الأدب مع مقام ربوبية الله جل وعلا، وأسمائه سبحانه وتعالى؛ وعليه فلا يكون جائزاً أن يقول: ((عبدي وأمتي)) أو أن يقول: ((أطِعم ربك، وضِّئ ربك)) ونحو ذلك؛ هذا كله مختص بالتعبيد، أو الربوبية للمكلفين.
    أما إضافة الربوبية إلى غير المكلّف فلا بأس بها؛ لأن حقيقة العبودية لا تتصوَّر فيها، كأن تقول: (رب الدار، ورب المنزل، ورب المال) ونحو ذلك فإن الدار، والمنزل، والمال: ليست بأشياء مكلفة بالأمر والنهي؛ فلهذا لا تنصرف الأذهان، أو يذهب القلب إلى أن ثمة نوع مِنْ عبودية هذه الأشياء لمن أضيفتْ إليه؛ بل إنَّ ذلك معروف أنه إضافة مِلك؛ لأنها ليست مخاطبة بالأمر والنهي، وليس يحصل منها خضوعٌ أو تذلل.
    فإذاً: يُقيّد النهي الوارد في ذلك بتعبيد المكلَّف، أو أن يُقال لمكلفٍ: ((وضئ ربك، أو أنا ربُّ هذا الغلام)) أو نحو ذلك من الألفاظ التي لا تناسب الأدب.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: تسمية بعضَ الزُّهور بعبّاد الشمس

    السؤال
    هل يكفر من سمى ولده باسم فيه تعبيد لغير الله تعالى؟ وهل يكفر من سمي بذلك إن لم يغير اسمه؟ وكيف يناديه الآخرون؟ وهل باسمه؟ أم ينادونه باسم آخر؟.
    وجزاكم الله خيرا.
    الإجابــة
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
    فإنه تحرم التسمية بكل اسم معبد لغير الله تعالى، ولكنه لا يكفر به، لأنهم لا يقصدون به في الغالب تأليه غير الله تعالى؛ وإنما يقصدون أنه يخدمه، وقد صرح العلماء بالتحريم ولم يذكروا كفر المسمي بذلك الاسم، قال البهوتي في كشاف القناع: قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله؛ كعبد العزى، وعبد عمرو، وعبد علي، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك. اهـ.
    وقال المليباري في فتح المعين: ويحرم التسمية بملك الملوك، وقاضي القضاة، وحاكم الحكام، وكذا عبد النبي. اهـ.
    وجاء في فتاوى الشيخ ابن عثيمين: هل يلزم من يعتنق الإسلام، أن يغير اسمه القديم إلى اسم إسلامي جديد؟ فأجاب بقوله: لا يلزم ذلك، إلا إذا كان الاسم مما لا يجوز إقراره شرعًا، كالاسم المعبد لغير الله، ونحوه، فإنه يلزم تغييره، وكذلك لو كان الاسم خاصًّا بالكفار لا يتسمى به غيرهم، فيجب تغييره أيضًا، لئلا يكون متشبًها بالكفار، ولئلا يحنّ إلى هذا الاسم الكافر الذي يختص بالكافرين، أو يتهم بأنه لم يسلم بعد. انتهى.
    وقال الشيخ سليمان بن عبد الله في تيسير العزيز الحميد: وقد أجمع العلماء على تحريم التسمية بعبد النبي، وعبد الرسول، وعبد المسيح، وعبد علي، وعبد الحسين، وعبد الكعبة. اهـ.
    ولا يلزم الآخرين تغيير الاسم ولا يكفرون بذلك، لأن تسميتهم بذلك من باب الإخبار لا من باب الإنشاء، فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغير اسم جديه عبد المطلب وعبد مناف، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ـ قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا: اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا... الحديث.
    ورويا في صحيحيهما عن البراء ـ رضي الله عنه ـ قال: لا والله ما ولى النبي صلى الله عليه وسلم ـ يعني يوم حنين ـ ولكن ولى سرعان الناس، فلقيهم هوازن بالنبل، والنبي صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء يقول: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب.
    وقد نطق النبي صلى الله عليه وسلم، ببعض أسماء من كان في اسمهم تعبيد لغير الله تعالى، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الدجال: كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن. رواه مسلم.
    وقال ابن القيم: وقوله صلى الله عليه وسلم: أنا ابن عبد المطلب ـ فليس من باب إنشاء التسمية، بل من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء. اهـ.
    والله أعلم. المصدر الاسلام سؤال وجواب

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •