تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: لا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي لا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام

    قال ابن أبي العز الحنفي فى شرح العقيدة الطحاوية

    قول الطحاوى رحمه الله: (فإنه ما سلم في دينه إلا من سلم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه. أي : سلم لنصوص الكتاب والسنة، ولم يعترض عليها بالشكوك والشبه والتأويلات الفاسدة، أو بقوله: العقل يشهد بضد ما دل عليه النقل ! والعقل أصل النقل ! فإذا عارضه قدمنا العقل ! وهذا لا يكون قط. لكن إذا جاء ما يوهم مثل ذلك: فان كان النقل صحيحا فذلك الذي يدعى أنه معقول إنما هو مجهول، ولو حقق النظر لظهر ذلك. وإن كان النقل غير صحيح فلا يصلح للمعارضة، فلا يتصور أن يتعارض عقل صريح ونقل صحيح أبداً. ويعارض كلام من يقول ذلك بنظيره، فيقال: اذا تعارض العقل والنقل وجب تقديم النقل،لأن الجمع بين المدلولين جمع بين النقيضين، ورفعهما رفع النقيضين، وتقديم العقل ممتنع،لأن العقل قد دل على صحة السمع ووجوب قبول ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم،فلو أبطلنا النقل لكنا قد أبطلنا دلالة العقل، ولو أبطلنا دلالة العقل لم يصلح أن يكون معارضا للنقل، لأن ما ليس بدليل لا يصلح لمعارضة شيء من الاشياء، فكان تقديم العقل موجبا عدم تقديمه، فلا يجوز تقديمه.وهذا بين واضح، فإن العقل هو الذي دل على صدق السمع وصحته، وأن خبره مطابق لمخبره، فإن جاز أن تكون الدلالة باطلة لبطلان النقل لزم أن لا يكون العقل دليلًا صحيحاً،وإذا لم يكن دليلاً صحيحاً لم يجز أن يتبع بحال، فضلاً عن أن يقدم، فصار تقديم العقل على النقل قدحاً في العقل.
    فالواجب كمال التسليم للرسول صلى الله عليه وسلم، والإنقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن نعارضه بخيال باطل نسميه معقولاً، أو نحمله شبهة أو شكاً، أو نقدم عليه آراء الرجال وزبالة أذهانهم، فنوحده بالتحكيم والتسليم والإنقياد والإذعان، كما نوحد المرسل بالعبادة والخصوع والذل والإنابة والتوكل.
    فهما توحيدان، لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما: توحيد المرسل، وتوحيد متابعة الرسول، فلا نحاكم الى غيره، ولا نرضى بحكم غيره، ولا نوقف تنفيذ أمره وتصديق خبره على عرضه على قول شيخه وإمامه وذوي مذهبه وطائفته ومن يعظمه، فإن أذنوا له نفذه وقبل خبره، وإلا فإن طلب السلامة فوضه إليهم وأعرض عن أمره وخبره، وإلا حرفه عن مواضعه، وسمى تحريفه تأويلاً وحملاً، فقال: نؤوله ونحمله. فلأن يلقى العبد ربه بكل ذنب - ما خلا الإشراك بالله - خير له من أن يلقاه بهذه الحال. بل إذا بلغه الحديث الصحيح يعد نفسه كأنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل يسوغ أن يؤخر قبوله والعمل به حتى يعرضه على رأي فلان وكلامه ومذهبه ؟ ! بل كان الفرض المبادرة إلى امتثاله، من غير التفات إلى سواه، ولا يستشكل قوله لمخالفته رأي فلان، بل يستشكل الآراء لقوله، ولا يعارض نصه بقياس، بل نهدر الأقيسة، ونتلقى نصوصه، ولا نحرف كلامه عن حقيقته، لخيال يسميه أصحابه معقولا، نعم هو مجهول، وعن الصواب معزول ! ولا يوفق قبول قوله على موافقة فلان دون فلان، كائناً من كان.
    قال الإمام أحمد: حدثنا أنس بن عياض، حدثنا أبو حازم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: لقد جلست أنا وأخي مجلساً ما أحب أن لي به حمر النعم، أقبلت أنا وأخي، وإذا مشيخة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس عند باب من أبوابه، فكرهنا أن نفرق بينهم، فجلسنا حجرة، إذ ذكروا آية من القران، فتماروا فيها، حتى ارتفعت أصواتهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضباً، قد احمر وجهه، يرميهم بالتراب، ويقول: مهلًا يا قوم ! بهذا أهلكت الأمم من قبلكم، باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضاً، بل يصدق بعضه بعضاً، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه الى عالمه.
    ولا شك أن الله قد حرم القول عليه بغير علم، قال تعالى: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون. وقال تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم. فعلى العبد أن يجعل ما بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه هو الحق الذي يجب اتباعه، فيصدق بأنه حق وصدق، وما سواه من كلام سائر الناس يعرضه عليه، فإن وافقه فهو حق، وإن خالفه فهو باطل، وان لم يعلم: هل خالفه أو وافقه - يكون ذلك الكلام مجملاً لا يعرف مراد صاحبه، أوقد عرف مراده لكن لم يعرف هل جاء الرسول بتصديقه أو بتكذيبه - فإنه يمسك عنه، ولا يتكلم إلا بعلم، والعلم ما قام عليه الدليل، والنافع منه ما جاء به الرسول، وقد يكون علم من غير الرسول، لكن في الأمور الدنيوية، مثل الطب والحساب والفلاحة، وأما الأمور الإلهية والمعارف الدينية، فهذه العلم فيها ما أخذ عن الرسول لا غير.

    قوله: (ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام).
    هذا من باب الاستعارة، إذ القدم الحسي لا تثبت إلا على ظهر شيء. أي لا يثبت إسلام من لم يسلم لنصوص الوحيين، وينقاد إليها، ولا يعترض عليها ولا يعارضها برأيه ومعقوله وقياسه.روى البخاري عن الإمام محمد بن شهاب الزهري رحمه الله أنه قال: من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التسليم. وهذا كلام جامع نافع.
    وما أحسن المثل المضروب للنقل مع العقل، وهو: أن العقل مع النقل كالعامي المقلد مع العالم المجتهد، بل هو دون ذلك بكثير، فإن العامي يمكنه أن يصير عالماً، ولا يمكن العالم أن يصير نبياً رسولاً، فإذا عرف العامي المقلد عالماً، فدل عليه عامياً آخر. ثم اختلف المفتي والدال، فإن المستفتي يجب عليه قبول قول المفتي، دون الدال، فلو قال الدال: الصواب معي دون المفتي، لأني أنا الأصل في علمك بأنك مفت، فإذا قدمت قوله على قولي قدحت في الأصل الذي به عرف أنه مفت، فلزم القدح في فرعه ! فيقول له المستفتي: أنت لما شهدت له بأنه مفت، ودللت عليه، شهدت له بوجوب تقليده دونك، فموافقتي لك في هذا العلم المعين، لا تستلزم موافقتك في كل مسألة، وخطؤك فيما خالفت فيه المفتي الذي هو أعلم منك، لا يستلزم خطأك في علمك بأنه مفت، هذا مع علمه أن ذلك المفتي قد يخطىء.
    والعاقل يعلم أن الرسول معصوم في خبره عن الله تعالى، لا يجوز عليه الخطأ، فيجب عليه التسليم له والإنقياد لأمره
    ، وقد علمنا بالإضطرار من دين الإسلام أن الرجل لو قال للرسول: هذا القرآن الذي تلقيه علينا، والحكمة التي جئتنا بها، قد تضمن كل منهما أشياء كثيرة تناقض ما علمناه بعقولنا، ونحن إنما علمنا صدقك بعقولنا، فلو قبلنا جميع ما تقوله مع أن عقولنا تناقض ذلك لكان قدحاً في ما علمنا به صدقك، فنحن نعتقد موجب العقول الناقضة لما ظهر من كلامك، وكلامك نعرض عنه، لا نتلقى منه هدياً ولا علماً، لم يكن مثل هذا الرجل مؤمناً بما جاء به الرسول، ولم يرض منه الرسول بهذا، بل يعلم أن هذا لو ساغ لأمكن كل أحد أن يؤمن بشيء مما جاء به الرسول، إذ العقول متفاوتة، والشبهات كثيرة، والشياطين لا تزال تلقي الوسواس في النفوس، فيمكن كل أحد أن يقول مثل هذا في كل ما أخبر به الرسول وما أمر به ! ! وقد قال تعالى: وما على الرسول إلا البلاغ. وقال: فهل على الرسل إلا البلاغ المبين. وقال تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء. قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين. حم * والكتاب المبين. تلك آيات الكتاب المبين. ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون. ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين. ونظائر ذلك كثيرة في القرآن. فأمر الإيمان بالله واليوم الآخر: إما أن يكون الرسول تكلم فيه بما يدل على الحق أم لا ؟ الثاني باطل، وإن كان قد تكلم [بما يدل] على الحق بألفاظ مجملة محتملة، فما بلغ البلاغ المبين، وقد شهد له خير القرون بالبلاغ، وأشهد الله عليهم في الموقف الأعظم، فمن يدعي أنه في أصول الدين لم يبلغ البلاغ المبين، فقد افترى عليه صلى الله عليه وسلم.[شرح الطحاوية]


  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: لا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام

    قال عليه الصلاة والسلام:
    (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا،يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا.).


    ظهر اليوم من يعلن أنه ارتد عن الدين، يدعي آنه عمل بعقله والواقع يشهد بأنه عمل بهواه ومن أجل شهواته. إنا لله وإنا إليه راجعون.
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: لا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    قال عليه الصلاة والسلام:
    (بَادِرُوا بالأعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا،يَبِيعُ دِينَهُ بعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا.).
    بارك الله فيك -قال الامام بن باز رحمه الله -
    لقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المظلم بادروا بالأعمال يعني: الصالحة فتنًا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مسلمًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا، ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا المعنى: أن الغربة في الإسلام تشتد حتى يصبح المؤمن مسلمًا، ثم يمسي كافرًا، وبالعكس يمسي مؤمنًا، ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا، وذلك بأن يتكلم بالكفر، أو يعمل به من أجل الدنيا، فيصبح مؤمنًا ويأتيه من يقول له: تسب الله تسب الرسول، تدع الصلاة ونعطيك كذا وكذا، تستحل الزنا، تستحل الخمر، ونعطيك كذا وكذا، فيبيع دينه بعرض من الدنيا، ويصبح كافرًا أو يمسي كذلك، أو يقولوا: لا تكن مع المؤمن ونعطيك كذا وكذا لتكون مع الكافرين، فيغريه بأن يكون مع الكافرين، وفي حزب الكافرين، وفي أنصارهم، حتى يعطيه المال الكثير فيكون وليًا للكافرين وعدوًا للمؤمنين.

    وأنواع الردة كثيرة جدًا، وغالبًا ما يكون ذلك بسبب الدنيا، حب الدنيا وإيثارها على الآخرة؛ لهذا قال: يبيع دينه بعرض من الدنيا، وفي لفظ آخر: بادروا بالأعمال الصالحة، هل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا أو غنى مطغيًا، أو موتًا مجهزًا، أو مرضًا مفسدًا، أو هرمًا مفنّدًا، أو الدجال، فالدجال شر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر
    المؤمن يبادر بالأعمال، يحذر قد يبتلى بالموت العاجل، موت الفجاءة، قد يبتلى بمرض يفسد عليه قوته فلا يستطيع العمل، يبتلى بهرم، يبتلى بأشياء أخرى، على الإنسان أن يغتنم حياته وصحته وعقله بالأعمال الصالحات قبل أن يحال بينه وبين ذلك، تارة بأسباب يبتلى بها، من مرض وغيره، وتارة بالطمع في الدنيا، وحب الدنيا، وإيثارها على الآخرة، وتزيينها من أعداء الله، والدعاة إلى الكفر والضلالhttps://binbaz.org.sa/fatwas

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •