وكان غير واحد من السلف، منهم سعيد بن جبير، وربيع بن أبي راشد يقولون: لو فارق ذكر الموت قلوبنا ساعة لفسدت قلوبنا.
ما صحة هذا الأثر؟
وكان غير واحد من السلف، منهم سعيد بن جبير، وربيع بن أبي راشد يقولون: لو فارق ذكر الموت قلوبنا ساعة لفسدت قلوبنا.
ما صحة هذا الأثر؟
هذا الخبر ثابت عن ربيع بن أبي راشد.
أخرجه ابن المبارك وغيره في الزهد فقال: أَخْبَرَنَا أَيْضًا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، قَالَ: قِيلَ لِلرَّبِيعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ: أَلا تَجْلِسُ فَتُحَدِّثُ، قَالَ: " إِنَّ ذِكْرَ الْمَوْتِ إِذَا فَارَقَ قَلْبِي سَاعَةً فَسَدَ عَلَيَّ قَلْبِي "، قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ أَرَ رَجُلًا أَظْهَرَ حُزْنًا مِنْهُ. اهـ.
وفي رواية عند الدينوري في المجالسة والجواهر قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ:
" قِيلَ لِلرَّبِيعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ: أَلا تَجْلِسُ فَتُحَدِّثَ؟ قَالَ: إِنَّ ذِكْرَ الْمَوْتِ قَدْ شَغَلَنِي عَنِ الْحَدِيثِ، إِنَّ الْمَوْتَ إِذَا فَارَقَ قَلْبِي ذِكْرُهُ سَاعَةً، فَسَدَ عَلَيَّ قَلْبِي ". اهـ، وذكره أحمد بن حنبل في الزهد.
وفي رواية عند البيهقي في الزهد الكبير من طريق سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، يَذْكُرُ: عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، قَالَ: " لَوْ فَارَقَ ذِكْرُ الْمَوْتِ قَلْبِي لَخَشِيتُ أَنْ يَفْسُدَ وَلَوْلا أَنْ أُخَالِفَ مَنْ كَانَ قَبْلِي لَسَكَنْتُ الْجَبَّانَةَ حَتَّى أَمُوتَ ". اهـ.
وسبب قوله الجبانة ما ورد في المنتظم لابن الجوزي وقد ترجم له فقال: قال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدّثنا محمد بن أبي يزيد الآدمي، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن خلف بن حوشب، قال:كنت مع الربيع بن أبي راشد في الجبانة، فقرأ رجل: (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ ....) الآية.
فقال الربيع: حال ذكر الموت بيني و بين كثير مما أريد من التجارة، ولو فارق ذكر الموت قلبي ساعة خشيت أن يفسد عليّ قلبي، ولو لا أن أخالف من كان قبلي لكانت الجبانة مسكني إلى أن أموت". اهـ.
وفي لفظ عند أبي نعيم في الحلية من طريق حُسَيْنِ الْجُعْفِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، قَالَ:
" رُؤِيَ الرَّبِيعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى صُنْدُوقٍ مِنْ صَنَادِيقِ الْحَدَّادِينَ، فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، لَوْ دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فَجَالَسْتَ إِخْوَانَكَ؟ فَقَالَ: " لَوْ فَارَقَ ذِكْرُ الْمَوْتِ قَلْبِي سَاعَةً وَاحِدَةً خَشِيتُ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيَّ قَلْبِي ". اهـ.
أما ما ورد عن سعيد بن جبير ففي إسناده من هو مبهم عنه.
ورد في الزهد لأحمد من طريقه أبو نعيم ققال: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا شعيب بن حرب، حدثنا سفيان، عن رجل، عن سعيد بن جبير قال: «لو فارق ذكر الموت قلبي خشيت أن يفسد علي قلبي». اهـ.
وذكره ابن المبرد في محض الصواب من قول الحسن البصري ولم أقف عليه من قوله.
والله أعلم.
جزاكم الله خيرا .
أخرج البيهقي في الشعب من طريق أبي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ قُدَامَةَ، قَالَ: " كَانَ الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ إِذَا وَجَدَ مِنْ قَلْبِهِ قَسْوَةً، أَتَى مَنْزِلَ صَدِيقٍ لَهُ قَدْ مَاتَ فِي اللَّيْلِ، فَنَادَى: يَا فُلانُ بْنُ فُلانٍ، يَا فُلانُ بْنُ فُلانٍ، ثُمَّ يَقُولُ: لَيْتَ شِعْرِي مَا فَعَلْتَ، وَمَا فُعِلَ بِكَ؟ ثُمَّ يَبْكِي حَتَّى تَسِيلَ دُمُوعَهُ، فَيَعْرِفُ ذَاكَ فِيهِ إِلَى مِثْلِهَا ".
قال البيهقي: "وَرُوِّينَا فِي إِتْيَانِ الْقُبُورِ مَتَى مَا عُرِضَتْ قَسْوَةٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمِ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ السَّلَفِ. وَكَانَ يُقَالُ: مُشَاهَدَةُ الْقُبُورِ مَوَاعِظُ الأُمَمِ السَّالِفَةِ". اهـ.