اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
القاعدة العظيمة التي يقررها الله سبحانه .... قاعدة الحساب ومبدأ الثواب والعقاب ،
أن التوبة تَجُبُّ ما قبلها ،
وأن الإسلام يهدم ما كان قبله ،
وأن باب التوبة مفتوح لكل عبد ،
ولو وقع في الذنب والكفر مرّاتٍ ومرّاتٍ ،
فإنَّ كرمه سبحانه وتعالى ورحمته بعباده اقتضت أن تقبل توبة التائب ويغفر له ذنبه .
يقول الله عز وجل : ( قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ )
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :
( أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلِهَا ، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ) رواه مسلم (121)
كما جاءت الآيات تدل على قبول توبة المرتد إذا عاد إلى الإسلام وصدقت توبته :
يقول سبحانه وتعالى : ( كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ )
وبعد ذلك كله قال سبحانه : ( إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) آل عمران/86-89

....
وأما بالنسبة لأحكام الظاهر في الدنيا فقد قال بعض أهل العلم بأن من تكررت ردته فإننا نقتله ولا نقبل توبته ، فالخلاف بين أهل العلم هو في قبول التوبة من حيث أحكام الظاهر ، وليس بالنسبة لما عند الله سبحانه وتعالى .
يقول ابن قدامة في "المغني" (12/271ط هجر ) :
" وفي الجملة ، فالخلاف بين الأئمة في قبول توبتهم في الظاهر من أحكام الدنيا وترك قتلهم وثبوت أحكام الإسلام في حقهم .
وأما قبول الله تعالى لها في الباطن ، وغفرانه لمن تاب وأقلع باطنا وظاهرا ، فلا خلاف فيه " انتهى .
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (16/30) :
" والفقهاء إذا تنازعوا فى قبول توبة من تكررت ردته أو قبول توبة الزنديق ، فذاك إنما هو فى الحكم الظاهر ؛ لأنه لا يوثق بتوبته ، أما إذا قدر أنه أخلص التوبة لله فى الباطن ، فإنه يدخل فى قوله : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 " انتهى .
على أن الصحيح من قولي أهل العلم أن توبة من تكررت ردته مقبولة في أحكام الظاهر أيضا ، وتجري عليه أحكام الإسلام ، وهو قول جماهير أهل العلم : الحنفية والشافعية والمشهور عند المالكية ، وآخر قولي أحمد بن حنبل .
نعم