ترجمة الإمام الحافظ الثبت ناقد الحديث أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب الخراساني النسائي

اسمه ونسبه ومولده:

هو الإمام الحافظ الثبت , شيخ الإسلام , ناقد الحديث أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخراساني النسائي.

ولد بنسا في سنة خمس عشرة ومئتين،

طلبه للعلم وشيوخه وتلامذته:

وطلب العلم في صغره، فارتحل إلى قتيبة في سنة ثلاثين ومئتين، فأقام عنده ببغلان سنة، فأكثر عنه.

وسمع من: إسحاق بن راهويه، وهشام بن عمار، ومحمد بن النضر بن مساور، وسويد بن نصر، وعيسى بن حماد زغبة، وأحمد بن عبدة الضبي، وأبي الطاهر بن السرح، وأحمد بن منيع، وإسحاق بن شاهين، وبشر بن معاذ العقدي، وبشر بن هلال الصواف، وتميم بن المنتصر، والحارث بن مسكين، والحسن بن صباح البزار، وحميد بن مسعدة، وزياد بن أيوب، وزياد بن يحيى الحساني، وغيرهم كثير، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: سمع من خلائق لا يحصون.

وقد روى النسائي في "سننه" مواضع يقول: حدثنا أبو داود، فالظاهر أن أبا داود في كل الأماكن هو السجستاني، فإنه معروف بالرواية عن السبعة، لكن شاركه أبو داود سليمان بن سيف الحراني في الرواية عن بعضهم، والنسائي مكثر عن الحراني، وقد روى النسائي في كتاب "الكنى"، عن سليمان بن الأشعث، ولم يكنه، وذكر الحافظ ابن عساكر في "النبل" أن النسائي يروي عن أبي داود السجستاني.

قال الذهبي في السير: حدث عنه: أبو بشر الدولابي، وأبو جعفر الطحاوي، وأبو علي النيسابوري، وحمزة بن محمد الكناني، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس النجوي، وأبو بكر محمد بن أحمد بن الحداد الشافعي، وعبد الكريم بن أبي عبدالرحمن النسائي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن السني، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، ومحمد بن معاوية بن الأحمر الأندلسي، والحسن بن رشيق، ومحمد بن عبد الله بن حيويه النيسابوري، ومحمد بن موسى المأموني، وأبيض بن محمد بن أبيض، وخلق كثير.

بعض صفاته:

قال الذهبي: وكان شيخنا مهيبا، مليح الوجه، ظاهر الدم، حسن الشيبة.. وكان نضر الوجه مع كبر السن، يؤثر لباس البرود النوبية والخضر، ويكثر الاستمتاع، له أربع زوجات، فكان يقسم لهن... ومع ذلك فكان يصوم صوم داود ويتهجد.

عقيدته ومذهبه:

قال قاضي مصر أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أبي العوام السعدي: حدثنا أحمد بن شعيب النسائي، أخبرنا إسحاق بن راهويه، حدثنا محمد بن أعين قال: قلت لابن المبارك: إن فلانا يقول: من زعم أن قوله تعالى: (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني) [طه: 14] مخلوق، فهو كافر. فقال ابن المبارك: صدق، قال النسائي: بهذا أقول.

وأما رمي به من التشيع والانحراف عن خصوم علي، فبسبب تأليفه لكتاب خصائص علي رضي الله عنه، فمن أحسن ما يعتذر له به ما قاله هو لما سُئل عن ذلك:

قال الوزير ابن حنزابة: سمعت محمد بن موسى المأموني صاحب النسائي قال: سمعت قوما ينكرون على أبي عبد الرحمن النسائي كتاب: "الخصائص" لعلي رضي الله عنه، وتركه تصنيف فضائل الشيخين، فذكرت له ذلك، فقال: دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي كثير، فصنفت كتاب: "الخصائص"، رجوت أن يهديهم الله تعالى.

وبالنسبة لمذهبه الفقهي فقد قال ابن الأثير في أول "جامع الأصول": كان شافعيا، له مناسك على مذهب الشافعي، وكان ورعا متحريا.

قال الذهبي في معرض ثنائه على النسائي: إلا أن فيه قليل تشيع وانحراف عن خصوم الإمام علي، كمعاوية وعمرو، والله يسامحه.

ثناء العلماء عليه:

قال ابن منده: الذين خرجوا الصحيح وميزوا الثابت من المعلول والخطأ من الصواب أربع: البخاري ومسلم وبعدهما أبو داود والنسائي.

قال الحافظ أبو علي النيسابوري: أخبرنا الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي.

وقال أبو الحسن الدارقطني: أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره.

قال محمد بن المظفر الحافظ: سمعت مشايخنا بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليل والنهار، وأنه خرج إلى الفداء مع أمير مصر، فوصف من شهامته وإقامته السنن المأثورة في فداء المسلمين، واحترازه عن مجالس السلطان الذي خرج معه، والانبساط في المأكل، وأنه لم يزل ذلك دأبه إلى أن استشهد بدمشق من جهة الخوارج.

قال الذهبي في السير: وكان من بحور العلم، مع الفهم، والإتقان، والبصر، ونقد الرجال، وحسن التأليف، جال في طلب العلم في خراسان، والحجاز، ومصر، والعراق، والجزيرة، والشام، والثغور، ثم استوطن مصر، ورحل الحفاظ إليه، ولم يبق له نظير في هذا الشأن.. وقال أيضاً: ولم يكن أحد في رأس الثلاث مئة أحفظ من النسائي، هو أحذق بالحديث وعلله ورجاله من مسلم، ومن أبي داود، ومن أبي عيسى، وهو جار في مضمار البخاري، وأبي زرعة.

بعض مؤلفاته:

له مؤلفات كثيرة من أهمها "السنن الكبرى" و"السنن الصغرى(المجتبى)" و" مسند علي " وأما كتاب "خصائص علي " فهو داخل في " سننه الكبير " كما قال الذهبي، وكذلك كتاب "عمل يوم وليلة" (وكتاب ابن السني كالمستخرج على كتاب النسائي" وله كتاب " التفسير " و" الضعفاء" و"الكنى" وغيرها.

وفاته:

قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ سمعت علي بن عمر يقول كان أبو عبد الرحمن النسائي أفقه مشايخ مصر في عصره وأعرفهم بالصحيح والسقيم من الآثار وأعلمهم بالرجال فلما بلغ هذا المبلغ حسدوه فخرج إلى الرملة، فسئل عن فضائل معاوية فأمسك عنه فضربوه في الجامع، فقال: أخرجوني إلى مكة فأخرجوه إلى مكة وهو عليل وتوفي بها مقتولا شهيدا قال الحاكم أبو عبد الله: ومع ما جمع أبو عبد الرحمن من الفضائل رزق الشهادة في آخر عمره.

قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه كان النسائي إماما حافظا ثبتا خرج من مصر في شهر ذي القعدة سنة اثنتين وثلاث مائة وتوفي بفلسطين يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر سنة ثلاث وثلاث مائة، ولعل هذا الأرجح أنه توفي بفلسطين.

مصادر ترجمته:

وفيات الأعيان (1/ 78،77)، تهذيب الكمال (1/ 25،23)، تذهيب التهذيب (1/ 12/ 1)، تهذيب التهذيب (1/ 37، 36)، تذكرة الحفاظ (2 /701،698 )، العبر( 2 / 124،123)، دول الإسلام (1/ 184) الوافي بالوفيات (6/417 ،416)، طبقات الشافعية للسبكي (3/ 16،14)، البداية والنهاية (11/ 124،123).
منقول