إياك والتفكير السلبي
د. سعد رياض البيومى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد:
أنا فتاة أبلغ من العمر تسع عشرة سنة، مشكلتي بدأت في مرحلة الثانوية العامة، وهي أني عندما أتضايق أو أزعل وعندما أفكر "أنتف شعري من مقدمة رأسي" أي أني أمسك الشعرة وأقصها بأسناني وأحيانا أقطعها... مما أدى إلى أن أصاب بصلع في مقدمة رأسي، مع ضعف في الشعر وتلف، ودامت هذه العادة معي إلى الآن -أي حوالي سنتين- حاولت ترك هذه العادة ؛ فلبست الحجاب في البيت ولم أحتمل، وحاولت أن أضع على رأسي زيت الثوم طوال اليوم حتى لا أفعلها لكن دون جدوى، بقيت أعاني من شعر خفيف وأصلع بالمقدمة ويعاني من الضعف.. وأصبحت أتضايق من حالة شعري فأفعلها أكثر، مع أني قرأت تعليقًا على نفس هذا الموضوع والحل الذي قدموه هو "ممارسة أفعال وأنشطة تجعل الفرد أكثر واقعية، وتفرغ الطاقات النفسية وخاصة لدى غير المتزوجين، أو المشاركة في أعمال خيرية ترفع من تقدير الفرد لنفسه، ورضاه عن نفسه، مع أهمية وجود علاقات أسرية داعمة وحميمة" أنا أشارك في جمعيات خيرية، ولم أترك هذه العادة بعد، ولم أجد أن الحل هذا أستطيع فعله، لأن الحل يكون عن طريق الآخرين -بتقديرهم للفرد أو بوجود مجتمع أسري داعم- وهذا ليس بمقدرتي إيجاده... أرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم...
تعد الحياة بكل ما فيها أمانه عند الإنسان... فالطفل أمانة ويحتاج إلى رعاية حتى يشب، والوقت أمانة والصحة أمانة، وكل مهمة في حياتنا مسئولية وأمانة. وبالتالي يحتاج كل واحد منا أن يقف مع نفسه بين الحين والآخر، ويحدد مهامه في الحياة ويسعى إلى أدائها، بل ويحرس على إتقانها. ويتخذ كل الوسائل والطرق في تحقيق النجاح فيها، ولكن عليه أن يتذكر بأن التوفيق والنجاح من عند الله تعالى..
وهذا ما يجب أن تفكر فيه الأخت السائلة.. وتعلم بأن الإنسان ينبغي أن يعيش حياته بمهارة، ويتحلى بالعلم والإيمان والعمل. ويتخذ كل الوسائل للنجاح فيها، فإن لم يوفق في جانب يبحث عن آخر، ولا يعتريه اليأس مهما كانت الصعوبات.
ولذا فالواضح من خلال هذه الأعراض البسيطة التي ذكرتها الأخت السائلة، فيبدو أنك من تلومين نفسك أكثر من اللازم، ولا تشعرين بتقديرك لذاتك، وعندما تنفردين بنفسك تفعلين سلوكيات لا إرادية منها قصف الشعر أو غيرها..
وقد يكون الأسباب المؤدية لذلك ما يلي:
- التفكير السلبي في الحياة.
- موقف خاطئ في التنشئة أو في الطفولة فحدث معه هذه الحالة.
- أزمة طارئة مثل نتيجة في امتحان أو مشكلة عاطفية أو ما شابه.
- رغبة إلى إيلام النفس، ويكون الانتقام لا شعوريا.
- أحيانا رغبة في إحداث الضيق لشخص ما في نفسك، مثلا عندما تشاهدك الأم أو الأب أو الأخت على هذه الحالة فيحدث له ضيق فتكرري السلوك لا إراديا.
ولكي تتخلصي من هذه العادة يمكن التدرب على ما يلي:
- أولا. حددي هدفك في الحياة، ويكون الهدف على قدر الإمكانات.
- اشغلي وقتك وفراغك في تحقيق هدفك.
- اكتبي إيجابياتك وما تمتازين فيه، وتذكري دائما الإيجابيات أكثر من السلبيات.
- لا تنشغلي بأحلام اليقظة أو التفكير الخيالي كثيرا. واجعلي تفكيرك مكتوبًا على ورقة.
- لا تلومي نفسك على أخطاء الآخرين، أو تعاقبي نفسك على عدم تقديرهم لك.
- اعلمي بأن جمالك ليس في شكلك أو شعرك، فجمال الروح والقلب أفضل وأبقى.
- حاولي أن تزيدي من وضعك وقدرك عند الله تعالى بالأعمال الصالحة، ولا تنتظري تقدير الآخرين لك.
- لا تجلسي بمفردك كثيرًا. وحاولي الانطلاق والقراءة والعلم والعمل.
- ضعي جدولاً يوميًّا تضعين فيه علامة (صح) في حالة تحكمك في نفسك، وعدم تكرارك لهذه العادة.
- إن استطعت أن تتحكمي في نفسك لمدة أربعة أيام في الأسبوع الأول.. فكافئ نفسك بشيء محبب لك.
- و في الأسبوع الثاني تتحكمين في هذه العادة لمدة ستة أيام.. وتكافئ نفسك على هذه العزيمة.
- و في الأسبوع الثالث تتوقف هذه العادة. وإن استطعت أن تتوقفي منها الآن تماما فهذا يدل على أنك عرفتِ ما ينقصك فعلا وقمتِ باستكماله بنفسك، وعرفتِ نفسك وهدفك، وتعرفتِ على سلبيات المجتمع والناس وتعاملتِ معهم بحيادية. وأيقنتِ بأن مع العسر يسرا، وتحليتي بالصبر حتى يحدث الله تعالى العون الفرج.
- لا تنسي الدعاء وكثرة العبادة والتقرب إلى الله تعالى بأن يبعد عنك الهم والغم، وأن ييسر لك كل صعب فهو نعم المولى ونعم النصير.
فنسأل الله العلي العظيم أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى..