الدعاء بالزواج والذرية الصالحة

أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة

السؤال
الملخص:
فتاة غير متزوجة تسأل: لو أن هناك ظروفًا معينة تَعوق الفتاة عن الزواج - كمرضٍ مثلًا، أو كونها القائمة على أسرتها - فهل لها أن تدعوَ الله أن يرزُقها الزواج والذرية الصالحة، أو تنصرِف عن الدعاء، وترضى بالواقع؟
التفاصيل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولًا: جزاكم الله خيرًا على هذه الشبكة المباركة.
ثانيًا: أنا فتاة غير متزوجة، وأودُّ أن أسألَ عن أمر دَرَجَ عليه مجتمعي، وهو أن البنت تبدأ بشراء مستلزمات بيت الزوجية إذا ما وصلت لسنِّ الزواج، حتى وإن لم تُخطَب، فهل إذا قمتُ بهذا الأمر مع احتساب النية وهي التجهيز للزواج، فهل لي من أجرٍ، أو أن الأفضل لي الانتظار حتى أُخطَب؟
ثالثًا:
لو أن هناك ظروفًا معينة تَعوق الفتاة عن الزواج - كمرضٍ مثلًا، أو كونها القائمة على أسرتها - فهل لها أن تدعوَ الله أن تتزوج ويرزُقها الذرية الصالحة، أو تنصرف عن الدعاء، وترضى بالواقع؟ أرجو من حضرتكم الردَّ في أقرب وقت.

الجواب
أولًا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بكِ أيتها الأخت الفاضلة، ونسأل الله لكِ الهداية والتوفيق والسداد، وأن يرزُقكِ الزوج الصالح.
ثانيًا: لا شك أن كل أفعال المرء مع نيته الحسنة والإخلاص يُؤجَر عليها، فمساهمة المرأة في تأسيس بيت الزوجية واحتساب الأجر عند الله، من أعمال البر، وإن كان ليس فرضًا عليها، فهذا مما عمَّت به البلوى في عاداتنا الاجتماعية؛ فالأصل أن الزوج هو من يؤسِّس بيت الزوجية، لكن إن فعلت تؤجَر وتُحمد؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ولكل امرئٍ ما نوى))؛ [البخاري: (1)].
وقال البخاري: "باب: ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة"، قال ابن حجر: "أي: باب بيان ما ورد دالًّا على أن الأعمال الشرعية معتبرة بالنية والحسبة"؛ [فتح الباري: (1/ 135)].
ولا مانع في سعيكِ لإحضار ما تحتاجينه من أجهزة للزوج قبل الخِطبة.
ثالثًا:
أما ما ذكرتِه من عوائق الزواج من مرض أو الانشغال بخدمة أحد الأبوين، فإن كان العائق المرض، فعلى حسب نوع المرض، هل هو مؤثِّر في الحياة الزوجية أو لا؟
فإذا كان مؤثِّرًا، فيجب الانتظار لحين الشفاء منه، وإن كان غير مؤثرٍ، فلا حرَج من الزواج، ويُنظر استشارة: (الإخبار بالأمراض قبل الزواجلمعرفة الأمراض التي تمنع من الزواج.
وأما إن كان العائق خدمة أحد الأبوين أو القيام بشؤون أسرتكِ، فعلى حسب حالك: إن كنتِ تحتاجين للزواج وقد تتعرضين للفتنة من العزوف عنه، فيجب عليكِ الزواج ويحرم عليكِ الامتناع، وإن كنتِ لا تحتاجين للزواج وتأمنين على نفسكِ من الفتنة، فلا حرج من تأخير الزواج، وإن كان الأَوْلَى تعجيله.
قال البهوتي الحنبلي: "ويجب النكاح بنذرٍ، وعلى من يخاف بتركه زنًا، وقَدَرَ على نكاح حرةٍ - ولو كان خوفُه ذلك ظنًّا - من رجلٍ وامرأةٍ؛ لأنه يلزَمه إعفافُ نفسه، وصرفُها عن الحرام، وطريقُه النكاح"؛ [شرح منتهى الإرادات: (2/ 622)].
ومعلوم أن النساء شقائق الرجال في الأحكام.

والنصيحة لكِ أيتها الأخت الفاضلة: ألَّا تتركي الدعاء أبدًا بكل ما تحتاجينه في أمر الدنيا والآخرة، وأن تتعجلي في أمر زواجكِ ممن ترضين دينه وخُلقه، وأما القيام على شؤون أسرتكِ، فيمكن أن تشترطي على زوجكِ أن تترددي عليهم، وتنظري في أمرهم، والله أعلم، هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.