الإخبار بالأمراض قبل الزواج
أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة
السؤال
♦ الملخص:
امرأة تعاني من بعض الوساوس والأمراض، وقد طُلِّقت بسبب ذلك، وتسأل: هل تُخبر مَن يتقدَّم لخِطْبتها بهذه الأمور؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا امرأة مطلقة، كنتُ أعاني قبل الزواج من وساوسَ واكتئابٍ، وقد تعالجتُ نسبيًّا قبل الزواج، لكن عندما تزوجتُ مرضتُ مرة أخرى، وكنت أعاني من آلام الجماع، فذهب بي زوجي عند طبيبة، فأخبرتني أنني لا أعاني من شيء إلا أنني لديَّ مشكلة صحية، فوصفت لي مخدِّرًا موضعيًّا لكن لم يُفدْني، كذلك وصفت لي مهدِّئًا؛ لأنها لاحظت توتُّري، لكنه لم يقُمْ بشرائه، وبعد ستة أشهر ملَّ زوجي السابق منِّي بسبب هذه المشكلات.
الآن سؤالي: إذا أراد أن يتقدم لي خاطب في المستقبل إن شاء الله، هل أُخبره بالوسواس القهري والاكتئاب وتشوُّه الرحم، علمًا أن هناك نساءَ يَلِدْنَ من دون مشاكل؟ وكذلك هل أخبره عن آلام الجماع التي أظُن أن سببَها نفسيٌّ، وربما يكون السبب التهابات؛ لأنني ذهبت إلى طبيبتين بعد الطلاق، وأخبرتاني أنني لا أعاني من شيء، لكنهنَّ لم يَطلبْنَ مني إجراء أي تحاليل لاستبعاد وجود التهابات، وكذلك لديَّ نتوءات جلدية تسمى بجلد الدجاجة في ذراعي وغيرهما، فهل أخبره عن ذلك كله؟ أجيبوني وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
أولًا: مرحبًا بكِ أيتها الأخت الفاضلة، ونسأل الله لكِ الهداية والتوفيق والسداد، والشفاء والعافية.
ثانيًا: جمهور العلماء على أن العيوب التي يتعذَّر معها الوطء، أو الأمراض المنفِّرة أو المعدية يجب بيانُها قبل عقد الزواج، وكذا يجب بيان العيوب الخِلْقية؛ حتى يكون كلا الزوجين على بصيرة من الأمر؛ لأن هذا أقطع للنزاع وأدعى للوئام بينهما، وأبعد عن الغش.
وذهب بعض العلماء إلى أن كل عيب يحصُل به نفورُ أحدِ الزوجين من الآخر يوجِب للفسخ، ويجب بيانه عند الخِطبة؛ قال ابن القيم: "القياس: أن كُلَّ عيب يُنفِّرُ الزوجَ الآخرَ منه، ولا يحصُل به مقصودُ النكاح مِنَ الرحمة والمودَّة، يُوجِبُ الخِيار"؛ [زاد المعاد: (5/ 166)].
قال ابن عثيمين: "والصواب أن العيب كلُّ ما يفوت به مقصود النكاح، ولا شك أن من أهم مقاصد النكاح المتعة والخدمة والإنجاب، فإذا وُجِد ما يَمنعها فهو عيبٌ"؛ [الشرح الممتع: (12/ 220)].
وعليه، فيجب عليكِ أيتها الأخت الفاضلة إخبار الخاطب بما تشعرين به من ألَمٍ وقت الجماع ومن تشوُّهٍ في الرحم كما ذكرتِ؛ لأنه مما يَمنع من الاستمتاع بالزوجة، إلا إذا كان هذا الألم عارضًا يُرجى الشفاء منه، فلا يلزَم إخبارُ الخاطب به حينئذٍ، فقد سُئلت اللجنة الدائمة: إذا كان لدى الفتاة مشكلةٌ في الرحم أو الدورة تستلزم علاجًا لها، وقد تؤخر الحمل - فهل يخبر بذلك الخاطب؟
فأجابت: "إذا كانت هذه المشكلة أمرًا عارضًا مما يحصل مثله للنساء ثم يزول، فلا يلزَم الإخبار به، وإن كانت هذه المشكلة من الأمراض المؤثرة أو غير العارضة الخفيفة، وحصلت الخِطبة وهو ما زال معها لم تُشفَ منه - فإنه يلزم وليها إخبار الخاطب بذلك"؛ [(15/ 19)].
أما عن الوسواس القهري، فعلى قول الجمهور: لا يجب الإخبار به، وعلى قول بعض العلماء - كما رجح ابن القيم وصوَّبه ابن عثيمين - يجب الإخبار به، والصواب: إن كان هذا المرض النفسي غير مؤثِّرٍ على الحياة الزوجية وعلى تربية الأولاد، فلا حاجة لإخبار الخاطب به، أما إن كان مؤثرًا بحيث يترتب عليه مفاسدُ بعد الزواج، ولا تحصُل به المودةُ والسكينة، فيجب إخباره بذلك، ويكون كتمانُه غشًّا، وهذا هو الأقرب للصدق وحُسن العشرة ودوامها، والله أعلم.
والنصيحة لكِ أيتها الأخت الفاضلة: أن تستعيني بالله، وتُكثري من الدعاء بالشفاء، وأن تَرقِي نفسكِ، فمن الممكن أن يكون ما تشعرين به من ألمٍ في الرحم وقت الجماع بسبب مسٍّ أو سحرٍ، وراجعي هذه الاستشارة: (وساوس قهرية مستمرة)، ففيها كيفية العلاج من الوسواس القهري، والمس الشيطاني، هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counsels/0/137606/…