قال الامام احمد : " 1287 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي هَذَا الْحَدِيثَ، نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ شَهْرَ بْنَ حَوْشَبٍ يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَوِ اسْتَخْلَفْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَسَأَلَنِي عَنْهُ رَبِّي: مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ لَقُلْتُ: " رَبِّ سَمِعْتُ نَبِيَّكَ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّهُ أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ "، وَلَوِ اسْتَخْلَفْتُ سَالِمًا مَوْلَى حُذَيْفَةَ فَسَأَلَنِي عَنْهُ رَبِّي: مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ لَقُلْتُ: " رَبِّ سَمِعْتُ نَبِيَّكَ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ حَقًّا مِنْ قَلْبِهِ "، وَلَوِ اسْتَخْلَفْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَسَأَلَنِي عَنْهُ رَبِّي مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ لَقُلْتُ: " رَبِّ سَمِعْتُ نَبِيَّكَ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّ الْعُلَمَاءَ إِذَا حَضَرُوا رَبَّهِمْ كَانَ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ رَتْوَةً بِحَجَرٍ " اهـ .[1]
وهذا الاثر ضعيف ولا يصح , وعلته الانقطاع , فشهر بن حوشب لم يدرك عمر رضي الله عنه , قال الامام الذهبي في ترجمة حوشب : " 151 - شَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشْعرِيُّ *.................
قُلْتُ: وَمَوْلِدُهُ فِي خِلاَفَةِ عُثْمَانَ
-رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَطَلَبَ العِلْمَ بَعْدَ الخَمْسِيْنَ، فِي أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ " اهـ .[2]
فولادته بعد موت عمر رضي الله عنه فالاثر منقط , ولا يصح .
واما ما رواه الامام ابن جرير في تاريخه , حيث قال : " حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ شبة، قال: حدثنا علي بن محمد، عن وَكِيعٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عن قتادة، عن شهر بن حوشب وابى مِخْنَفٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ وَمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَيُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّاب لَمَّا طُعِنَ قِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوِ اسْتَخْلَفْتَ! قَالَ: مَنْ أَسْتَخْلِفُ؟ [لَوْ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ حَيًّا اسْتَخْلَفْتُهُ ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي قُلْتُ: سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُولُ: إِنَّهُ أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةُ، وَلَوْ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ حَيًّا اسْتَخْلَفْتُهُ
، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي قُلْتُ: سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُولُ: إِنَّ سَالِمًا شَدِيدُ الْحُبِّ لِلَّهِ " اهـ .[3]
فهذا الاثر لا يصح ايضا , فطريق شهر بن حوشب منقطع كما بينا سابقا , وذلك لان شهرا لم يدرك عمر رضي الله عنه , واما الطريق الاخر فهو عن ابي مخنف , وهو هالك متروك , قال الامام ابن الجوزي : " 2813 لوط بن يحيى أبو مخنف قال يحيى ليس بثقة وقال مرة ليس بشيء وقال أبو حاتم الرازي متروك الحديث وقال الدارقطني ضعيف " اهـ .
[4]
وقال الامام الذهبي : " 5121 - لوط بن يحيى أبو مخنف ساقط تركه أبو حاتم وقال الدارقطني ضعيف " اهـ .
[5]
واما ما رواه ابن شبة في تاريخ المدينة : " حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ، قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ عَهِدْتَ؟ قَالَ: " لَوْ أَدْرَكْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ لَوَلَّيْتُهُ، فَإِنْ قَدِمْتُ عَلَى رَبِّي فَقَالَ لِي: مَنْ وَلَّيْتَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ عَبْدَكَ وَخَلِيلَكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ ، وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» وَلَوْ أَدْرَكْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، ثُمَّ وَلَّيْتُهُ ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَبِّي فَقَالَ لِي: مَنْ وَلَّيْتَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟ قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ عَبْدَكَ وَخَلِيلَكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَأْتِي بَيْنَ الْعُلَمَاءِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ بِرَتْوَةٍ» ، وَلَوْ أَدْرَكْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ ثُمَّ وَلَّيْتُهُ، ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَبِّي فَسَأَلَنِي مَنْ وَلَّيْتَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟ لَقُلْتُ: سَمِعْتُ عَبْدَكَ وَخَلِيلَكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ» " اهـ .[6]
وهذا الاثر وان خلا منه ذكر سالم رضي الله عنه الا ان هناك كلام على ابي العجفاء من اهل العلم ما بين موثق , ومجرح , الا ان الحافظ بن حجر قد قال عنه مقبول , ولكن لا يوجد في هذا الاثر ذكر لسالم مولى ابي حذيفة رضي الله عنه , فيكون الاثر المتعلق بابي عبيدة رضي الله عنه له ما يقويه , ولكن ما يتعلق بسالم مولى ابي حذيفة رضي الله عنه فلا يصح والله الموفق .
فاذا اعترض معترض فقال ان عمر رضي الله عنه قد قال : (وَلَوْ أَدْرَكْتُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، ثُمَّ وَلَّيْتُهُ ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَبِّي فَقَالَ لِي: مَنْ وَلَّيْتَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟ قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ عَبْدَكَ وَخَلِيلَكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَأْتِي بَيْنَ الْعُلَمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِرَتْوَةٍ» ) ومعاذ من الانصار وليس بقرشي .
فنقول : لقد بدأ عمر رضي الله عنه بأبي عبيدة رضي الله عنه وهو قرشي , واستدل بما استحضر عنده من فضيلة سمعها من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , ثم بعد ذلك معاذ رضي الله عنه وهو انصاري بما استحضره من فضيلة له من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , ثم خالد رضي الله عنه بما استحضر له من فضيلة من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وكل هذا من باب الفضائل التي سمعها عمر رضي الله عنه في حق هؤلاء الفضلاء من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , ففي كلام عمر رضي الله عنه تبيين فضيلة هؤلاء الصحابة الذين ذكرهم , وما هي الاشياء التي ماتوا عليها , ولهذا نجد عمر رضي الله عنهم قد ذكر في الاستخلاف الفضيلة العظيمة للستة الذين جعل الامر بينهم في اختيار احدهم , وقد صرح امير المؤمنين عمر رضي الله عنه برضا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عليهم , قال الامام البخاري : " حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَبْلَ أَنْ يُصَابَ بِأَيَّامٍ بِالْمَدِينَةِ.. .................. فَقَالُوا: أَوْصِ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ اسْتَخْلِفْ، قَالَ: مَا أَجِدُ أَحَدًا أَحَقَّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْ هَؤُلاَءِ النَّفَرِ، أَوِ الرَّهْطِ، الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ، فَسَمَّى عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ، وَالزُّبَيْرَ، وَطَلْحَةَ، وَسَعْدًا، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ: يَشْهَدُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ - كَهَيْئَةِ التَّعْزِيَةِ لَهُ - فَإِنْ أَصَابَتِ الإِمْرَةُ سَعْدًا فَهُوَ ذَاكَ، وَإِلَّا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ أَيُّكُمْ مَا أُمِّرَ، فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ، وَلاَ خِيَانَةٍ، وَقَالَ: أُوصِي الخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي، بِالْمُهَاجِرِي نَ الأَوَّلِينَ، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَيَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالأَنْصَارِ خَيْرًا، {الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ}، أَنْ يُقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَأَنْ يُعْفَى عَنْ مُسِيئِهِمْ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الأَمْصَارِ خَيْرًا، فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الإِسْلاَمِ، وَجُبَاةُ المَالِ، وَغَيْظُ العَدُوِّ، وَأَنْ لاَ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ إِلَّا فَضْلُهُمْ عَنْ رِضَاهُمْ...... " اهـ .
[7]
فذكر عمر رضي الله عنه الفضائل لهؤلاء الستة رضي الله عنه , واختيار منهم , فكلام عمر رضي الله عنه يتعلق بالفضائل في اختيار من يتولى امر المسلمين ,
ولهذا استخدم عمر رضي الله عنه (( لو )) فيكون كلام عمر رضي الله عنه محمول على بيان الفضيلة لمن يتولى الامر , وتقديم اهل الفضل , والتقوى في قيادة الامة , ولهذا نجد ان امير المؤمنين عمر قد جعل الخلافة شورى في ستة من المهاجرين , وفي هذا دليل على اعتبار القرشية في ولي امر المسلمين عند عمر رضي الله عنه , والستة هم : عثمان بن عفان , وعلي بن ابي طالب , وعبد الرحمن بن عوف , وسعد بن ابي وقاص , وطلحة بن عبيد الله , والزبير بن العوام رضي الله عنهم جميعا , وكل هؤلاء من قريش وهم من المهاجرين , ولقد شهد لهم امير المؤمنين عمر رضي الله عنه بان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد مات وهو عنهم راض .



1401 - فضائل الصحابة – احمد بن حنبل – ج 2 ص 742 .
1402 - سير اعلام النبلاء – محمد بن احمد الذهبي – ج 4 ص 372 – 378 .
1403 - تاريخ الطبري – محمد بن جرير الطبري – ج 4 ص 227 .
1404 - الضعفاء والمتروكون – عبد الرحمن بن علي بن الجوزي – ج 3 ص 28 .
1405 - المغني في الضعفاء – محمد بن احمد الذهبي - ج 2 ص 535 .
1406 - تاريخ المدينة – عمر بن شبة – ج 3 ص 886 .
1407 - صحيح البخاري - بَابُ قِصَّةِ البَيْعَةِ، وَالِاتِّفَاقِ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَفِيهِ مَقْتَلُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – ج 5 ص 15 .


http://www.fnoor.com/main/articles.a...2#.Xe-nsujXKM9