أخرج أبو داود في سننه فقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، وَشُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"
إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَلَا يُؤْذِ بِهِمَا أَحَدًا، لِيَجْعَلْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ، أَوْ لِيُصَلِّ فِيهِمَا ". اهـ.
قال الألباني في تحقيقه لكتاب أصل صفة الصلاة: "
إسناده على شرط الشيخين". اهـ، وقال شعيب الأرناؤوط في تخريج صحيح ابن حبان: "إسناده صحيح على شرط البخاري". اهـ.
لكن بين الحافظ ابن حجر أنه
ليس على شرط الشيخين ولا أحدهما كما نقل عنه السخاوي في الجواهر والدرر قال:
(الحديث الثاني: قال أبو داود: حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدَةَ، حدثنا بقيَّة وشعيبُ بن إسحاق، عن الأوزاعي، عن محمد بن الوليد الزَّبيدي، عن سعيدٍ المقبُرى، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عَنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إذا صلَّى أحدُكم فخلع نعليه، فلا يؤذِ بهما أحدًا، وليجعلهما بين رجليه أو ليصلِّ فيهما".
فأقول: ليس هذا الحديثُ على شرط الشيخين ولا أحدهما، وإن كانا أخرجا لرجاله بصورة الانفراد فلا يكونُ على شرطهما إلا إن كانا خرَّجا لهم بصورة الاجتماع.
وهذا كالحديث الذي أخرجه أبو داود مِنْ رواية همَّام عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنسٍ في نزع الخاتم عند دخول الخلاء، فإن أبا داود قال بعد أن أخرجه: هذا حديث منكرٌ. وأخرجه النسائي، فقال: هذا حديث غيرُ محفوظٍ. كذا قالا، مع أنَّ الشيخين قد أخرجا لرواته، لكن بصورة الانفراد، إلا أن رواية همَّام عن ابن جريج ليست مِنْ شرطهما، لأن همَّامًا سمع مِنَ ابنِ جُريج بالبصرة، وابن جُريج حدَّث بالبصرة بأحاديث وهم فيها.
وجزم الدارقطنيُّ وجماعةٌ بأنه وهِمَ في هذا إسنادًا ومتنًا، وأنَّ الحديث إنَّما هو حديثُه عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس رضي اللَّه عنه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- اتخذ خاتمًا.
ومن ذلك أنَّهما أخرجا لسفيان بن حسين والزهري بطريق الانفراد، ولم يخرِّجا مِنْ رواية سُفيان بن حسين عن الزهري شيئًا؛ لأن سماعه منه ليس بمتقن.
وأخرج أبو داود والتِّرمذي والنسائي مِنْ رواية حجاج بن محمد عن ابن جريج، عن إسحاق بن أبي طلحة، عن أنس في القول إذا خرج مِنْ بيته، ورجالُه رجالُ الصَّحيح، قدِ اتَّفقا على التَّخريج لجميعهم، ومع ذلك فهو معلولٌ. قال البخاري: لا أعرف لابن جُريج سماعًا مِنْ إسحاق، وقال الدارقطنيُّ: رواه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روّاد، وهو أثبتُ النَّاس في ابن جُريج، فقال: عنِ ابنِ جُريج حديث عن إسحاق.
وإذا تقرَّر ذلك، ففي الحديث علَّة مع ذلك اقتضت -مع ما تقدَّم- أن لا يخرِّجاه، وذلك أنَّه اختُلِفَ فيه على المقبُري، ثمَّ على الأوزاعي. قال الدارقطني في "العلل": رواه عياض بن عبد اللَّه، عن سعيد، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، لم يقُل فيه: عن أبيه.
ورواه جماعة عن الأوزاعي، عن سعيد المقبُري لم يذكروا الزّبيدي، ولعل الشَّيخين استغنيا عنه بحديث سعيد بن يزيد أبي مسلمة، عن أنس رضي اللَّه عنه، قال: إنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي في نعليه. واللَّه سبحانه وتعالى أعلم بالصواب). انتهى.