تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: أين قال المنطقيون بأن البرهان لا يفيد إلا الكليات؟

  1. #1

    افتراضي أين قال المنطقيون بأن البرهان لا يفيد إلا الكليات؟

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

    قال ابن تيمية في الرد على المنطقيين: "فالنتائج المعلومة بـ«البرهان» لا تكون إلا كلية، كما يقولون هم ذلك" (ص155 ط الريان)، وقال: "ويقولون: «البرهان لا يفيد إلا الكليات»" (ص164 ط الريان).

    فهل يمكن أحداً منكم الإشارة إلى مواضع من كتب المنطقيين ذكروا فيها أن البرهان لا يفيد إلا كلياً؟ وإن كان عندكم شرح لمعنى المقولة فتفضّلوا به.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    3,205

    افتراضي رد: أين قال المنطقيون بأن البرهان لا يفيد إلا الكليات؟

    ربما وجدت شرحا لها في كتاب القياس لابن رشد

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أين قال المنطقيون بأن البرهان لا يفيد إلا الكليات؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر بن غلام رسول مشاهدة المشاركة
    فهل يمكن أحداً منكم الإشارة إلى مواضع من كتب المنطقيين ذكروا فيها أن البرهان لا يفيد إلا كلياً؟ وإن كان عندكم شرح لمعنى المقولة فتفضّلوا به.
    اشار شيخ الاسلام بن تيمية الى هذه المواضع وشرحها فى منهاج السنة النبوية -فقال -«إن هؤلاء الفلاسفة كثيراً ما يغلطون في جعل الأمور الذهنية المعقولة في النفس، فيجعلون ذلك بعينه اموراً موجودة في الخارج. فأصحاب فيثاغورس القائلون بالأعداد المجردة في الخارج من هنا كان غلطهم، وأصحاب افلاطون الذين أثبتوا المثل الافلاطونية من هنا كان غلطهم، وأصحاب أرسطو الذين أثبتوا جواهر معقولة مجردة في الخارج مقارنة للجواهر الموجودة المحسوسة كالمادة والصورة والماهية الزائدة على الوجود في الخارج من هنا كان غلطهم. وهم إذا أثبتوا هذه الماهية قيل لهم أهي في الذهن أم في الخارج، فـفي أيهما أثبتوها ظـهر غلـطهم» - منهاج السنة المجلد الثالث ص 115مطبعة دار الفكر-- .

    ووجه شيخ الاسلام بن تيمية نقداً متيناً [للبرهان المنطقي الأرسطي]، قائلاً: «إذا كان (البرهان) لا يفيد الا العلم بالكليات، والكليات إنما تتحقق في الأذهان لا في الأعيان، وليس في الخارج إلا موجود معين؛ لم يعلم بـ (البرهان) شيء من المعـينات، فلا يعـلم به مـوجود أصلاً، بل إنما يعلم به أُمور مقدرة في الأذهان»[كتاب الرد على المنطقيين 125]. وقال : إن «القياس الشمولي لا يدل إلا على قدر كلي مشترك، ولا يدل على شيء معين، إذ كان لا بد فيه من قضية كلية، وإن ذلك القياس لا يفيد العلم بأعيان الأُمور الموجودة ولا يفيد معرفة شيء؛ لا الخالق ولا نبي ولا نحوه، بل إذا قيل كل محدَث فلا بد له من محدِث دلّ على محدِث مطلق لا يدل على عينه»[ كتاب النبوات ص 261]

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أين قال المنطقيون بأن البرهان لا يفيد إلا الكليات؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر بن غلام رسول مشاهدة المشاركة
    وإن كان عندكم شرح لمعنى المقولة فتفضّلوا به.
    نعم قال شيخ الاسلام بن تيمية -الإجابة: ولهذا كانت العلوم ثلاثة‏:‏ إما علم لا يتجرد عن المادة لا في الذهن ولا في الخارج، وهو ‏[‏الطبيعي‏]‏ وموضوعه الجسم، وإما مجرد عن المادة في الذهن لا في الخارج، وهو ‏[‏الرياضي‏]‏‏:‏ كالكلام في المقدار والعدد‏.‏ وأما ما يتجرد عن المادة منها، وهو ‏[‏الإلهي‏]‏ وموضوعه الوجود المطلق بلواحقه التي تلحقه من حيث هو وجود، كانقسامه إلى واجب وممكن وجوهر وعرض‏.‏ وانقسام الجوهر إلى ما هو حال وإلى ما هو محل‏. ‏‏ وما ليس بحال ولا محل، بل هو يتعلق بذلك تعلق التدبير، وإلى ما ليس بحال ولا محل ولا هو متعلق بذلك‏.‏ فالأول‏:‏ هو الصورة‏.‏ والثاني‏:‏ هو المادة‏.‏ وهو الهيولى ومعناه في لغتهم المحل‏. ‏‏ والثالث ‏:‏ هو النفس‏. ‏‏ والرابع ‏:‏ هو العقل‏.‏ والأول يجعله أكثرهم من مقولة الجوهر، ولكن طائفة من متأخريهم كابن سينا امتنعوا من تسميته جوهرًا، وقالوا‏:‏ الجوهر ما إذا وجد كان وجوده لا في موضوع، أي لا في محل يستغنى عن الحال فيه، وهذا إنما يكون فيما وجوده غير ماهيته، والأول ليس كذلك، فلا يكون جوهرًا‏. ‏‏ وهذا مما خالفوا فيه سلفهم، ونازعوهم فيه نزاعًا لفظيًا، ولم يأتوا بفرق صحيح معقول، فإن تخصيص اسم الجوهر بما ذكروه أمر اصطلاحي، وأولئك يقولون‏:‏ بل هو كل ما ليس في موضوع، كما يقول المتكلمون‏:‏ كل ما هو قائم بنفسه، أو كل ما هو متحيز، أو كل ما قامت به الصفات، أو كل ما حمل الأعراض ونحو ذلك‏. ‏‏ وأما الفرق المعنوي، فدعواهم أن وجود الممكنات زائد على ماهيتها في الخارج باطل، ودعواهم أن الأول وجود مقيد بالسلوب أيضا باطل، كما هو مبسوط في موضعه، والمقصود هنا الكلام على البرهان‏.‏ فيقال‏:‏ هذا الكلام، وإن ضل به طوائف، فهو كلام مزخرف وفيه من الباطل ما يطول وصفه، لكن ننبه هنا على بعض ما فيه، وذلك من وجوه‏:‏ الأول‏:‏ أن يقال‏:‏ إذا كان البرهان لا يفيد إلا العلم بالكليات، والكليات إنما تتحقق في الأذهان لا في الأعيان، وليس في الخارج إلا موجود معين، لم يعلم بالبرهان شيء من المعينات، فلا يعلم به موجود أصلا، بل إنما يعلم به أمور مقدرة في الأذهان‏.‏ ومعلوم أن النفس لو قدر أن كمالها في العلم فقط، وإن كانت هذه قضية كاذبة، كما بسط في موضعه، فليس هذا علمًا تكمل به النفس؛ إذ لم تعلم شيئًا من الموجودات، ولا صارت عالما معقولًا موازيًا للعالم الموجود، بل صارت عالما لأمور كلية مقدرة لا يعلم بها شيء من العالم الموجود، وأي خير في هذا فضلا عن أن يكون كمالا‏. ‏‏ والثاني‏:‏ أن يقال‏:‏ أشرف الموجودات هو ‏[‏واجب الوجود‏]‏، ووجوده معين لا كلي؛ فإن الكلي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، وواجب الوجود يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، وإن لم يعلم منه ما يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، بل إنما علم أمر كلي مشترك بينه وبين غيره لم يكن قد علم واجب الوجود، وكذلك ‏[‏الجواهر العقلية‏]‏ عندهم، وهي العقول العشرة، أو أكثر من ذلك عند من يجعلها أكثر من ذلك عندهم، كالسهروردي المقتول، وأبي البركات وغيرهما‏. ‏‏ كلها جواهر معينة، لا أمور كلية، فإذا لم نعلم إلا الكليات، لم نعلم شيئًا منها، وكذلك الأفلاك التي يقولون‏:‏ إنها أزلية أبدية، فإذا لم نعلم إلا الكليات، لم تكن معلومة، فلا نعلم واجب الوجود ولا العقول، ولا شيئًا من النفوس ولا الأفلاك ولا العناصر ولا المولدات، وهذه جملة الموجودات عندهم، فأي علم هنا تكمل به النفس‏؟‏ الثالث‏:‏ أن تقسيمهم العلوم إلى الطبيعي والرياضي والإلهي، وجعلهم الرياضي أشرف من الطبيعي‏.‏ والإلهي أشرف من الرياضي، هو مما قلبوا به الحقائق، فإن العلم الطبيعي وهو العلم بالأجسام الموجودة في الخارج، ومبدأ حركاتها وتحولاتها من حال إلى حال، وما فيها من الطبائع أشرف من مجرد تصور مقادير مجردة وأعداد مجردة، فإن كون الإنسان لا يتصور إلا شكلا مدورًا أو مثلثًا أو مربعًا ولو تصور كل ما في إقليدس أو لا يتصور إلا أعدادًا مجردة ليس فيه علم بموجود في الخارج، وليس ذلك كمال النفس، ولولا أن ذلك طلب فيه معرفة المعدودات والمقدرات الخارجة التي هي أجسام وأعراض لما جعل علمًا، وإنما جعلوا علم الهندسة مبدأ تعلم الهيئة ليستعينوا به على براهين الهيئة، أو ينتفعوا به في عمارة الدنيا، هذا مع أن براهينهم القياسية لا تدل على شيء دلالة مطردة يقينية سالمة عن الفساد إلا في هذه المواد الرياضية‏. ‏‏ فإن علم الحساب الذي هو علم بالكم المنفصل، والهندسة التي هي علم بالكم المتصل، علم يقيني لا يحتمل النقيض البتة، مثل جمع الأعداد وقسمتها وضربها ونسبة بعضها إلى بعض، فإنك إذا جمعت مائة إلى مائة علمت أنهما مائتان‏. ‏‏ فإذا قسمتها على عشرة كان لكل واحد عشرة وإذا ضربتها في عشرة، كان المرتفع مائة، والضرب مقابل للقسمة، فإن ضرب الأعداد الصحيحة تضعيف آحاد أحد العددين بآحاد العدد الآخر، فإذا قسم المرتفع بالضرب على أحد العددين خرج المضروب الآخر‏.‏وإذا ضرب الخارج بالقسمة في المقسوم عليه خرج المقسوم، فالمقسوم نظير المرتفع بالضرب، فكل واحد من المضروبين نظير المقسوم والمقسوم عليه، والنسبة تجمع هذه كلها، فنسبة أحد المضروبين إلى المرتفع كنسبة الواحد إلى المضروب الآخر، ونسبة المرتفع إلى أحد المضروبين نسبة الآخر إلى الواحد‏. ‏‏ فهذه الأمور وأمثالها مما يتكلم فيه الحساب أمر معقول مما يشترك فيه ذوو العقول، وما من أحد من الناس إلا يعرف منه شيئًا فإنه ضروري في العلم، ولهذا يمثلون به في قولهم‏:‏ الواحد نصف الاثنين، ولا ريب أن قضاياه كلية واجبة القبول لا تنتقض البتة‏.‏ وهذا كان مبدأ فلسفتهم التي وضعها ‏[‏فيثاغورس‏]‏ وكانوا يسمون أصحابه أصحاب العدد، وكانوا يظنون أن الأعداد المجردة موجودة خارجة عن الذهن، ثم تبين لأفلاطون وأصحابه غلط ذلك، وظنوا أن الماهيات المجردة كالإنسان والفرس المطلق موجودات خارج الذهن وأنها أزلية أبدية، ثم تبين لأرسطو وأصحابه غلط ذلك، فقالوا‏:‏ بل هذه الماهيات المطلقة موجودة في الخارج مقارنة لوجود الأشخاص، ومشى من مشى من أتباع أرسطو من المتأخرين على هذا، وهو أيضًا غلط‏.‏ فإن ما في الخارج ليس بكلي أصلا، وليس في الخارج إلا ما هو معين مخصوص‏.‏ وإذا قيل‏:‏ الكلي الطبيعي في الخارج، فمعناه إنما هو كلي في الذهن يوجد في الخارج، لكن إذا وجد في الخارج لا يكون إلا معينًا، لا يكون كليًا، فكونه كليا مشروط بكونه في الذهن، ومن أثبت ماهية لا في الذهن ولا في الخارج، فتصور قوله تصورًا تامًا يكفي في العلم بفساد قوله، وهذه الأمور مبسوطة في غير هذا الموضع‏.‏ والمقصود هنا أن هذا العلم هو الذي تقوم عليه براهين صادقة، لكن لا تكمل بذلك نفس، ولا تنجو به من عذاب، ولا تنال به سعادة؛ ولهذا قال أبوحامد الغزالي وغيره في علوم هؤلاء‏:‏ هي بين علوم صادقة لا منفعة فيها، ونعوذ بالله من علم لا ينفع، وبين ظنون كاذبة لا ثقة بها وإن بعض الظن إثم‏. ‏‏ يشيرون بالأول إلى العلوم الرياضية، وبالثاني إلى ما يقولونه في الإلهيات وفي أحكام النجوم ونحو ذلك؛ لكن قد تلتذ النفس بذلك كما تلتذ بغير ذلك، فإن الإنسان يلتذ بعلم ما لم يكن علمه، وسماع ما لم يكن سمعه، إذا لم يكن مشغولا عن ذلك بما هو أهم عنده منه، كما قد يلتذ بأنواع من الأفعال التي هي من جنس اللهو واللعب‏. ‏‏ وأيضًا، ففي الإدمان على معرفة ذلك تعتاد النفس العلم الصحيح، والقضايا الصحيحة الصادقة، والقياس المستقيم، فيكون في ذلك تصحيح الذهن والإدراك، وتعود النفس أنها تعلم الحق وتقوله، لنستعين بذلك على المعرفة التي هي فوق ذلك، ولهذا يقال‏:‏ إنه كان أوائل الفلاسفة أول ما يعلمون أولادهم العلم الرياضي، وكثير من شيوخهم في آخر أمره إنما يشتغل بذلك؛ لأنه لما نظر في طرقهم وطرق من عارضهم من أهل الكلام الباطل، ولم يجد في ذلك ما هو حق، أخذ يشغل نفسه بالعلم الرياضي، كما كان يتحرى مثل ذلك من هو من أئمة الفلاسفة كابن واصل وغيره‏.‏ وكذلك كثير من متأخري أصحابنا يشتغلون وقت بطالتهم بعلم الفرائض والحساب والجبر والمقابلة والهندسة ونحو ذلك؛ لأن فيه تفريحًا للنفس، وهو علم صحيح لا يدخل فيه غلط‏. ‏‏ وقد جاء عن عمر بن الخطاب أنه قال‏:‏ إذا لهوتم فالهوا بالرمي، وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض‏. ‏‏ فإن حساب الفرائض علم معقول مبني على أصل مشروع، فتبقى فيه رياضة العقل وحفظ الشرع، لكن ليس هو علمًا يطلب لذاته، ولا تكمل به النفس‏. ‏‏ وأولئك المشركون كانوا يعبدون الكواكب، ويبنون لها الهياكل، ويدعونها بأنواع الدعوات‏.‏ كما هو معروف من أخبارهم، وما صنف على طريقهم من الكتب الموضوعة في الشرك والسحر ودعوة الكواكب والعزائم والأقسام التي بها يعظم إبليس وجنوده‏. ‏‏ وكان الشيطان بسبب الشرك والسحر يغويهم بأشياء هي التي دعتهم إلى ذلك الشرك والسحر، وكانوا يرصدون الكواكب ليتعلموا مقاديرها، ومقادير حركاتها وما بين بعضها من الاتصالات، مستعينين بذلك على ما يرونه مناسبًا لها‏. ‏‏ ولما كانت الأفلاك مستديرة، ولم يمكن معرفة حسابها إلا بمعرفة الهندسة وأحكام الخطوط المستقيمة والمنحنية، تكلموا في ‏[‏الهندسة‏]‏ لذلك ولعمارة الدنيا؛ فلهذا صاروا يتوسعون في ذلك، وإلا فلو لم يتعلق بذلك غرض إلا مجرد تصور الأعداد والمقادير، لم تكن هذه الغاية مما يوجب طلبها بالسعي المذكور، وربما كانت هذه غاية لبعض الناس الذين يتلذذون بذلك، فإن لذات النفوس أنواع، ومنهم من يلتذ بالشطرنج والنرد والقمار، حتى يشغله ذلك عما هو أنفع له منه‏.‏ وكان مبدأ وضع ‏[‏المنطق‏]‏ من الهندسة، وسموه حدودًا، لحدود تلك الأشكال؛ لينتقلوا من الشكل المحسوس إلى الشكل المعقول؛ وهذا لضعف عقولهم وتعذر المعرفة عليهم إلا بالطريق البعيدة‏. ‏‏ والله تعالى يسر للمسلمين من العلم والبيان والعمل الصالح والإيمان ما برزوا به على كل نوع من أنواع جنس الإنسان‏.‏ والحمد لله رب العالمين‏. ‏‏ وأما ‏[‏العلم الإلهي‏]‏ الذي هو عندهم مجرد عن المادة في الذهن والخارج، فقد تبين لك أنه ليس له معلوم في الخارج، وإنما هو علم بأمور كلية مطلقة لا توجد كلية إلا في الذهن، وليس في هذا من كمال النفس شيء‏.‏ وإن عرفوا واجب الوجود بخصوصه، فهو علم بمعين يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه، وهذا مما لا يدل عليه القياس الذي يسمونه البرهان، فبرهانهم لا يدل على شيء معين بخصوصه، لا واجب الوجود ولا غيره، وإنما يدل على أمر كلي‏. ‏‏ والكلي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه‏.‏ و واجب الوجود يمنع العلم به من وقوع الشركة فيه‏.‏ ومن لم يتصور ما يمنع الشركة فيه لم يكن قد عرف الله، ومن لم يثبت للرب إلا معرفة الكليات كما يزعمه ابن سينا وأمثاله، وظن أن ذلك كمال للرب، فكذلك يظنه كمالا للنفس بطريق الأولى، لا سيما إذا قال‏:‏ إن النفس لا تدرك إلا الكليات، وإنما يدرك الجزئيات البدن فهذا في غاية الجهل، وهذه الكليات التي لا تعرف بها الجزئيات الموجودة، لا كمال فيها البتة، والنفس إنما تحب معرفة الكليات، لتحيط بها بمعرفة الجزئيات، فإذا لم يحصل ذلك لم تفرح النفس بذلك‏.‏ الوجه الرابع‏:‏ أن يقال‏:‏ هب أن النفس تكمل بالكليات المجردة، كما يزعمون، فما يذكرونه في العلم الأعلى عندهم الناظر في الوجود ولواحقه ليس كذلك؛ فإن تصور معني الوجود فقط أمر ظاهر حتى يستغني عن الحد عندهم لظهوره، فليس هو المطلوب وإنما المطلوب أقسامه، ونفس أقسامه إلى واجب وممكن، وجوهر وعرض، وعلة ومعلول، وقديم وحادث‏:‏ هو أخص من مسمى الوجود، وليس في مجرد انقسام الأمر العام في الذهن إلى أقسام بدون معرفة الأقسام ما يقتضى علما كليا عظيما عاليا على تصور الوجود‏. ‏‏ فإذا عرفت الأقسام فليس ما هو علم بمعلوم لا يقبل التغيير والاستحالة، وليس معهم دليل أصلا يدلهم أن العالم لم يزل ولا يزال هكذا، وجميع ما يحتجون به على دوام الفاعل والفاعلية والزمان والحركة وتوابع ذلك، فإنما يدل على قدم نوع ذلك ودوامه، لا قدم شيء معين ولا دوام شيء معين‏.‏ فالجزم أن مدلول تلك الأدلة هو هذا العالم أو شيء منه، جهل محض لا مستند له، إلا عدم العلم بموجود غير هذا العالم، وعدم العلم ليس علمًا بالعدم‏.‏ ولهذا لم يكن عند القوم إيمان بالغيب الذي أخبرت به الأنبياء، فهم لا يؤمنون لا بالله ولا بملائكته ولا كتبه ولا رسله ولا البعث بعد الموت‏. ‏‏ وإذا قالوا‏:‏ نحن نثبت العالم العقلي أو المعقول الخارج عن المحسوس، وذلك هو الغيب، فإن هذا وإن كان قد ذكره طائفة من المتكلمة والمتفلسفة خطأ وضلال، فإن ما يثبتونه من المعقولات، إنما يعود عند التحقيق إلى أمور مقدرة في الأذهان، لا موجودة في الأعيان‏. ‏‏ والرسل أخبرت عما هو موجود في الخارج وهو أكمل وأعظم وجودًا مما نشهده في الدنيا‏. ‏‏ فأين هذا من هذا‏؟‏‏!‏ وهم لما كانوا مكذبين بما أخبرت به الرسل قالوا‏:‏ إن الرسل قصدوا إخبار الجمهور بما يتخيل إليهم لينتفعوا بذلك في العدل الذي أقاموه لهم‏.‏ ثم منهم من يقول‏:‏ إن الرسل عرفت ما عرفناه من نفي هذه الأمور‏.‏ ومنهم من يقول‏:‏ بل لم يكونوا يعرفون هذا، وإنما كان كمالهم في القوة العملية لا النظرية‏. ‏‏ وأقل أتباع الرسل إذا تصور حقيقة ما عندهم، وجده مما لا يرضى به أقل أتباع الرسل‏.‏ وإذا علم بالأدلة العقلية أن هذا العالم يمتنع أن يكون شيء منه قديمًا أزليًا، وعلم بأخبار الأنبياء المؤيدة بالعقل أنه كان قبله عالما آخر منه خلق، وأنه سوف يستحيل وتقوم القيامة ونحو ذلك، علم أن غاية ما عندهم من الأحكام الكلية ليست مطابقة بل هي جهل لا علم‏.‏ وهب أنهم لا يعلمون ما أخبرت به الرسل، فليس في العقل ما يوجب ما ادعوه من كون هذه الأنواع الكلية في هذا العالم، أزلية أبدية، لم تزل ولا تزال‏.‏ فلا يكون العلم بذلك علما بكليات ثابتة، وعامة ‏[‏فلسفتهم الأولى‏]‏ و ‏[‏حكمتهم العليا‏]‏ من هذا النمط، وكذلك من صنف على طريقتهم؛ كصاحب ‏[‏المباحث المشرقية‏]‏، وصاحب ‏[‏حكمة الإشراق‏]‏، وصاحب ‏[‏دقائق الحقائق‏]‏، و‏[‏رموز الكنوز‏]‏، وصاحب ‏[‏كشف الحقائق‏]‏، وصاحب ‏[‏الأسرار الخفية في العلوم العقلية‏]‏، وأمثال هؤلاء، ممن لم يجرد القول لنصر مذهبهم مطلقًا، ولا تخلص من إشراك ضلالهم مطلقًا، بل شاركهم في كثير من ضلالهم، وشاركهم في كثير من محالهم، وتخلص من بعض وبالهم، وإن كان أيضا لم ينصفهم في بعض ما أصابوا، وأخطأ لعدم علمه بمرادهم أو لعدم معرفته أن ما قالوا صواب‏.‏ ثم إن هؤلاء إنما يتبعون كلام ابن سينا. ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــــ مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء التاسع

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أين قال المنطقيون بأن البرهان لا يفيد إلا الكليات؟

    مزيد بيان من كلام شيخ الاسلام - قال - ((والمقصود هنا أنهم كثيرا ما يدعون في المطالب البرهانية من الامور العقلية ما يكونوا قد قدروه في أذهانهم ويقولن نحن نتكم في الامور الكلية والعقليات المحضة وإذا ذكر لهم شئ قالوا نتكلم فيما هو أعم من ذلك وفي الحقيقة من حيث هى هى ونحو هذه العبارات فيطالبون بتحقيق ما ذكروه في الخارج ويقال يبنوا هذا أي شئ هو فهنالك يظهر بجهلهم وأن ما يقولونه هو امر مقدر في الاذهان لا حقيقة له في الاعيان وهذا مثل ان يقال لهم اذكروا مثال ذلك والمثال امر جزئي فاذا عجزوا عن التمثيل وقالوا نحن نتكم في الامور الكلية فاعلم انهم يتكلمون بلا علم وفيما لا يعلمون ان له معلوما في الخارج بل فيما ليس له معلوم في الخارج وفيما قد يمتنع ان يكون له معلوم في الخارج وإلا فالعلم بالامور الموجودة إذا كان كليا كان له معلومات ثابتة في الخارج))([26].) وقال:((وأيضا فما يذكرونه من القياس لا يفيد إلا العلم بأمور كلية لا يفيد العلم بشئ معين من الموجودات ثم تلك الامور الكلية يمكن العلم بكل واحد منها بما هو أيسر من قياسهم فلا تعلم كلية بقياسهم إلا والعلم بجزئياتها ممكن بدونقياسهم الشمولى وربما كان أيسر فان العلم بالمعينات قد يكون أبين من العلم بالكلياتوالمقصو د هنا أن المطلوب هو العلم والطريق اليه هو الدليل فمن عرف دليل مطلوبه عرف مطلوبه سواء نظمه بقياسهم ام لا ومن لم يعرف دليله لم ينفعه قياسهم))([27].)
    وقال:((هذا القياس هو قياس الشمول وهو العلم بثبوت الحكم لكل فرد من الافراد، فنقول قد علم وسلموا انه لا بد ان يكون العلم بثبوت بعض الاحكام لبعض
    أفرادها بديهيا فان النتيجة إذا افتقرت إلى مقدمتين فلا بد ان ينتهي الامر إلى مقدمتين تعلم بدون مقدمتين وإلا لزم الدور أو التسلسل الباطلان ولهذا كان من المقرر عند أهل النظر انه لا بد في التصورات والتصديقات من تصورات بديهية وتصديقات بديهية))([28])
    [ثم ضرب بعض الأمثلة على ذلك، ثم قال:]
    ((فتبين أن منطقهم يعطي تضييع الزمان وكثرة الهذيان وإتعاب الاذهان وكذلك إذا علمنا أن كل رسول نبي وكل نبي فهو في الجنة فعلمنا ان كلرسول فهو في الجنة أبين من هذا وهذ كثير جدا))([29].)
    وقدقرر الشيخ أن من أراد التوصل بالقياس السابق إلى قضايا كلية ذهنية لا عينية، فإن البرهان حينئذٍ لن يفيد علماً بشيءٍ موجود، بل بأمور مقدرة في الاذهان لا يعلم تحققها في الاعيان وإذا لم يكن في هذا علم بشئ موجود لم يكن في البرهان علم بموجود فيكون قليل المنفعة جدا بل عديم المنفعة
    وقد بين الشيخ أنهم لا يقولون بذلك، بل يستعملون مثل هذه البراهين والأقيسة في الموجودات الخارجية العينية، لا الذهنية فحسب، وذلك كاستعمالهم له في الطبيعيات والإلهيات([30]).


    ج-نقده للقضية الكلية المتضمنة في القياس البرهاني:
    وذلك من خلال ما يلي:
    1-نقد الإفادة من القضية الكلية بنقد طريق العلم بكليتها، وأنها تؤول إلى الدور، أو إلى العلم بالبدهيات التي لا يحتاج معها إلى القياس المنطقي.
    فقد بين الشيخ أن العلم بعموم القضية الكلية لا يخلو من أحد طريقين:
    1- قياس الغائب على الشاهد، أي الحكم بأن حكم الشيء نفس حكم مثيله.
    فيقال لهم: إن هذا القياس من قياس التمثيل، وأنتم تزعمون أن هذا القياس لا يفيد العلم اليقيني، بل الظن، فلزم أن قياسهم لا يفيد اليقين.
    2-أن يزعموا أن العلم بعموم القضية الكلية يحصل في النفس عند الإحساس بالجزئيات عن طريق الفيض من العقل الكلي ونحوه.
    فيقال: كيف نعرف أن هذا الحاصل في النفس علماً؟ وليس ظنا أو جهلاً؟!
    أ-إن قالوا: علم بالضرورة والبديهة.
    قيل:يلزم على ذلك أن العلم بالأنواع المعينة وأنواع الكليات معلوم بالضرورة؛ لأن جزم العقلاء بالشخصيات من الحسيات أعظم من جزمهم بالكليات([31].)
    وعندها فلا يتوقف العلم بالجزئيات على العلم بالكليات، فلا تكون القضية الكلية محتاجاً إليها في معرفة الجزئيات، بل العكس، فإنه((قد يعلم الانسان انه حساس متحرك بالارادة قبل ان يعلم ان كل إنسان كذلك ويعلم ان الانسان كذلك قبل ان يعلم ان كل حيوان كذلك فلم يبق علمه بأنه أو بأن غيره من الحيوان حساس متحرك بالارادة موقوفا على البرهان))([32]. )
    قال الشيخ:((إذا كان لا بد في كل ما يسمونه برهانا من قضية كلية فلا بد من العلم بتلك القضية الكلية أي من العلم بكونها كلية وإلا فمتى جوز عليها أن لا تكون كلية بل جزئية لم يحصل العلم بموجبها والمهملة وهي المطلقة التي يحتمل لفظها أن يكون كلية وجزئية في قوة الجزئية
    وإذا كان لا بد في العلم الحاصل بالقياس الذي يخصونه باسم البرهان من العلم بقضية كلية موجبة فيقال :
    العلم بتلك القضية إن كان بديهيا أمكن أن يكون كل واحد من أفرادها بديهيا بطريق الاولى
    وإن كان نظريا احتاج إلى علم بديهي فيفضى إلى الدور المعى أو التسلسل في أمور لها مبدأ محدود فان علم ابن آدم إذا توقف على علم منه وعلمه على علم منه فعلمه له مبدأ لانه نفسه مبدأ ليس هذا كتسلسل الحوادث الماضية وأيضا فانه تسلسل في المؤثرات وكلاهما باطل))([33].)
    وببطلان الاحتمالين ينتهي الشيخ إلى إبطال الإفادة من القياس المنطقي، أو إلى تقليل تلك الإفادة جداً.

    2- أن العلم ببعض أفراد القضية الكلية من الممكن أن يقع عند البعض بدون العلم بالقضية الكلية التي لا يتم البرهان عندهم إلا بها.
    قال الشيخ –بعد كلامه المتقدم قريباً-:((وهكذا يقال في سائر القضايا الكلية التي يجعلونها مبادئ البرهان ويسمونها الواجب قبولها سواء كانت حسية ظاهرة أو باطنة وهي التي يحسها بنفسهأو كانت من المجربات أو المتواترات أو الحدسيات عند من يجعل منها ما هو من اليقينيات الواجب قبولها....
    فما من قضية من هذه القضايا الكلية التي تجعل مقدمة في البرهان إلا والعلم بالنتيجة ممكن بدون توسط ذلك البرهان بل هو الواقع كثيرا))([34].)
    وبين رحمه الله أن نتيجة مثل تلك الأقيسة المنطقية تكون معلومة عند عامة الناس بدون النظم المنطقي لها((فكل أحد يعلم أن هذا المعين لا يكون موجودا معدوما ولا يخلو من الوجود والعدم كما يعلم المعين الآخر ولا يحتاج ذلك إلى ان يستدل عليه بأن كل شئ لا يكون موجودا معدوما معا
    وكذلك الضدان فان الانسان يعلم ان هذا الشئ لا يكون اسود ابيض ولا يكون متحركا ساكنا كما يعلم أن الاخر كذلك ولا يحتاج في العلم بذلكإلى قضية كلية بان كل شئ لا يكون اسود ابيض ولا يكون متحركا ساكنا وكذلك في سائر ما يعلم تضادهما...فلم يفتقر العلم بذلك إلى القياس الذي خصوه باسم البرهان))([35])
    كما بين أن العلم ببعض أفراد القضية الكلية من الممكن أن يقع عند البعض بدون العلم بالقضية الكلية التي لا يتم البرهان عندهم إلا بها، فلا يحتاج إلى القياس البرهاني، وذلك كعلم عامة العقلاء بأن المُحدَث المعين لا بد له من مُحْدِث([36]).
    ((ومما يوضح هذا أنك لا تجد أحدا من بني آدم يريد ان يعلم مطلوبا بالنظر ويستدل عليه بقياس برهاني يعلم صحته إلا ويمكنه العلم به بدون ذلك القياس البرهاني المنطقي))([37])
    3- أن القضايا الكلية لا بد أن تنتهي إلى أن تعلم بغير القياس، فالقضايا الكلية في القياس المنطقي الحسي متفرعة عن القضايا الجزئية، ومحتاجة إليها، لا العكس، فانتفت الفائدة من الكليات في ذلك.
    قال الشيخ:((ومما يوضح ذلك ان القضايا الحسية لا تكون إلا جزئية فنحن لم ندرك بالحس إلا إحراق هذه النار وهذه النار لم ندرك ان كل نار محرقة فاذا جعلنا هذه قضية كلية وقلنا كل نار محرقة لم يكن لنا طريق يعلم به صدق هذه القضية الكلية علما يقينيا إلا والعلم بذلك ممكن في الاعيان المعينة بطريق الاولى))([38].)
    وبين الشيخ أنه ((اذا كان لا بد في كل قياس من قضية كلية فتلك القضيةالكلية لا بد ان تنتهي إلى ان تعلم بغير قياس والا لزم الدور والتسلسل فاذا كان لا بد ان تكون لهم قضايا كلية معلومة بغير قياس فنقول : ليس في الموجودات ما تعلم الفطرة له قضية كلية بغير قياس الا وعلمها بالمفردات المعينة من تلك القضية الكلية اقوى من علمها بتلك القضية الكلية مثل قولنا الواحد نصف الاثنين والجسم لا يكون في مكانين والضدان لا يجتمعان فان العلم بأن هذا الواحد نصف هذين الاثنين اقدم في الفطرة من العلم بأن كل واحد نصف كل اثنين وهكذا كل ما يفرض من الاحاد .
    فيقال المقصود بهذه القضايا الكلية اما ان يكون العلم بالموجود الخارجي أو العلم بالمقدرات الذهنية اما الثاني ففائدته قليلة واما الاول فما من موجود معين الا وحكمه بعلم تعينه اظهر واقوى من العلم به عن قياس كلى يتناوله فلا يحصل بالقياس كثير فائدة بل يكون ذلك تطويلا وانما يستعمل القياس في مثل ذلك لاجل الغالط والمعاند فيضرب له المثل وتذكر الكلية ردا لغلطه وعناده بخلاف من كان سليم الفطرة
    وكذلك قولهم الضدان لا يجتمعان فأي شيئين علم تضادهما فانه يعلم انها لا يجتمعان قبل استحضار قضية كلية بأن كل ضدين لا يجتمعان وما من جسم معين الا يعلم انه لا يكون في مكانين قبل العلم بأن كل جسم لا يكون في مكانين وكذلك قولهم النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان فان مرادهم بذلك ان وجود الشيء وعدمه لا يجتمعان ولا يرتفعان فما من شيء معين الا ويعلم انه لا يكون موجودا معدوما وانه لا يخلو عن الوجود والعدم قبل العلم بهذه القضية العامة وامثال ذلك كثير لمن تدبره
    ويعلم ان المعين المطلوب علمه بهذه القضايا الكلية الاولية يعلم قبل ان تعلم هذه القضية الكلية ويعلم بدونها ولا يحتاج العلم به إلى القضية الكلية وانما يعلم بالقضية الكلية ما يقدر في الذهن من امثال ذلك مما لم يوجد في الخارج واما الموجوداتالخارج ية فتعلم بدون هذا القياس....))([39].)
    4-بيان أنه ليس في الحسيات المجردة قضية عامة كلية، وأن كل ما ذكروه من أمثله للكليات فإنها قابلة للنقض، مما ينفي كليتها(نقد التعميم في القضية الكلية).
    قال الشيخ:((فاذا كان لا بد في كل قياس من قضية كلية فنقول المواد اليقينيات قد حصروها في الاصناف المعروفة عندهم
    أحدها الحسيات ومعلوم ان الحس لا يدرك امرا كليا عاما أصلا فليس في الحسيات المجردة قضية كلية عامة تصلح ان تكون مقدمة في البرهان اليقيني وإذا مثلوا ذلك بأن النار تحرق ونحو ذلك لم يكن لهم علم بعموم هذه القضية وإنما معهم التجربة والعادة التي هي من جنس قياس التمثيل لما يعلمونه من الحكم الكلى لا فرق بينه وبين قياس الشمول وقياس التمثيل وإن علم ذلك بواسطة اشتمال النار على قوة محرقة فالعلم بأن كل نار لا بد فيها من هذه القوة هو ايضا حكم كلى
    وإن قيل إن الصورة النارية لا بد ان تشتمل على هذه القوة وأن ما لا قوة فيه ليس بنار فهذا الكلام إذا قيل إنه صحيح قيل إنه لا يفيد الجزم بأن كل ما فيه هذه القوة تحرق كل ما لاقاه وإن كان هو الغالب فهذا يشترك فيه قياس والتمثيل والشمول والعادة والاستقراء الناقص ومعلوم ان كل من قال إن كل نار تحرق كل ما لاقته فقد أخطأ فانه لا بد من كون المحل قابلا للاحراق إذ قد علم انها لا تحرق كل شئ كما لا تحرق السمندل والياقوت وكما لا تحرق الاجسام المطلية بأمور مصبوغة وأما خرق العادة فمقام آخر
    ولا أعلم في القضايا الحسية كلية لا يمكن نقضها مع ان القضية الكلية ليست حسية وإنما القضية الحسية ان هذه النار تحرق فان الحس لا يدرك إلا شيئا خاصا وأما الحكم العقلي فيقولون إن النفس عند رؤيتها هذه المعينات تستعد لانتفيض عليها قضية كلي بالعموم ومعلوم ان هذا من جنس قياس التمثيل ولا يوثق بعمومه إن لم يعلم أن الحكم العام لازم للقدر للمشترك وهذا إذا علم علم في جميع المعينات فلم يكن العلم بالمعينات موقوفا على هذا، مع انه ليس من القضايا العاديات قضية كلية لا يمكن نقضها باتفاق العقلاء بل والفلاسفة يجوزون خرق العادات لكن يذكرون أن لها أسبابا فلكية أو قوى نفسانية أو أسبابا طبيعية فهذه الثلاثة هي أسباب خرق العادات عندهم
    والثاني الوجديات الباطنة كادراك كل احد جوعه وعطشه وحبه وبغضه وألمه ولذته وهذه كلها جزئيات وإنما يعلم الانسان حال غيره والقضية الكلية بقياس التمثيل بل هذه لا يشترك الناس في إدراك كل جزئي منها كما قد يشتركون في إدراك بعض الحسيات المنفصلة كالشمس والقمر ففيها من الخصوص في المدرك والمدرك ما ليس في الحسيات المنفصلة وإن اشتركوا في نوعها فهى تشبه العاديات...
    والثالث المجربات وهي كلها جزئية فان التجربة انما تقع على امور معينة وكذلك المتواترات فان المتواترات انما هو ما علم بالحس من مسموع أو مرئي فالمسموع قول معين والمرئي جسم معين أو لون معين أو عمل معين أو امر ما معين
    واما الحدسيات ان جعلت يقينية فهي نظير المجريات اذا الفرق بينهما لا يعود إلى العموم والخصوص وانما يعود إلى ان المجريات تتعلق بما هو من افعال المجربين والحدسيات تكون عن افعالهم وبعض الناس يسمى الكل تجربيات
    فلم يبق معهم الا الاوليات التي هي البديهيات العقلية والاوليات الكلية انما هي قضايا مطلقة في الاعداد والمقادير ونحوها مثل قولهم الواحد نصف الاثنين
    والاشياء المساوية لشيء واحد متساوية ونحو ذلك وهذه مقدرات في الذهن ليست في الخارج كلية
    فقد تبين ان القضايا الكلية البرهانية التي يجب القطع بكليتها التي يستعملونها في قياسهم لا تستعمل في شيء من الامور الموجودة المعينة وانما تستعمل في مقدرات ذهنية فاذا لا يمكنهم معرفة الامور الموجودة المعينة بالقياس البرهاني وهذا هو المطلوب))([40].)
    كما بين الشيخ أن ما يذكرونه من ((القضايا التجريبة العادية كالقضايا الطبيعية والطبية والنحوية ونحو ذلك فهذه كثيرا ما تكون منتقضة ولا يجزم العقل بامتناع انتقاضها إلا بشروط فان العاديات يجوز انتقاضها والقضية الكلية إذا جاز انتقاضها لم يكن عندهم مادة للبرهان بل للجدل والخطابة))([41].)

    5-نقد توهم طائفة منهم أن القضايا الكلية لها تحقق في الخارج.
    قال رحمه الله((ومن هنا يغلط كثيرا ممن يسلك سبيلهم حيث يظن ان ما عنده من القضايا الكلية صحيح ويكون عند التحقيق ليس كذلك وهم يتصورون الشيء بعقولهم ويكون ما تصوروه معقولا بالعقل فيتكلمون عليه ويظنون انهم تكلموا في ماهية مجردة بنفسها من حيث هي هي من غير ان تكون ثابتة في الخارج ولا في الذهن فيقولون الانسان من حيث هو هو والوجود من حيث هو هو والسواد من حيث هو هو ونحو ذلك ويظنون ان هذه الماهية التي جردوها عن جميع القيود السلبية والثبوتية محققة في الخارج على هذا التجريد وذلك غلط كغلط اوليهم فيما جردوهمن العدد والمثل الافلاطونية وغيرها بل هذه المجردات المسلوب عنها كل قيد ثبوتي وسلبي لا تكون الا مقدرة في الذهن... وليس كل ما فرضه الذهن امكن وجوده في الخارج وليس كل ما حكم به الانسان على ما يقدره ويفرضه في ذهنه يكون حكما صحيحا على ما يوجد في الخارج ولا كل ما امكن تصور الذهن له يكون وجوده في الخارج ، بل الذهن يتصور اشياء ويقدرها مع علمه بامتناعها ومع علمه بامكانها في الخارج ومع عدم علمه بالامتناع الخارجي والامكان الخارجي))([42].)
    6-بيان أن أشرف العلوم(العلم الإلهي) لا يستفاد من البرهان المنطقي، وكذلك العلم الجواهر العقلية عندهم والأفلاك، بل لا يستفاد منه العلم بشيء معين أصلاً.
    قال رحمه الله:((اشرف الموجودات هو واجب الوجود ووجوده معين لا كلى فان الكلى لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه وواجب الوجود يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه وإن لم يعلم منه ما يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه بل إنما علم امر كلى مشترك بينه وبين غيره لم يكن قد علم واجب الوجود
    وكذلك الجواهر العقلية عندهم وهي العقول العشرة أو اكثر من ذلك عند من يجعلها اكثر من ذلك عندهم كالسهروردى المقتول وأبى البركات وغيرهما كلها جواهر معينة لا امور كلية فاذا لم يعلم إلا الكليات لم يعلم شئ منهاوكذلك الافلاك التي يقولون إنها ازلية ابدية وهي معينة فاذا لم يعلم إلا الكليات لم تكن معلومة
    فلا يعلم لا واجب الوجود ولا العقول ولا شئ من النفوس ولا الافلاك بل ولا العناصر ولا المولدات وهذه جملة الموجودات عندهم فأي علم هنا تكمل به النفس))([43].)
    وقال:((والمقصود ان ما يذكرونه من الألهية في العلوم الاهية والطبيعية ومايتعلق بها فلا يفيد يقينا إلا كما يفيد قياس التمثيل إذ هي مبنية على قضية كلية لا يقين عندهم بأنها كلية إلا كاليقين الذي عندهم بقياس التمثيل ولا سبيل لهم إلى ذلك مثل قولهم في العلم الالهي الواحد لايصدر عنه إلا واحد والشيء الواحد لايكون فاعلا وقابلا وامثال هذه القضايا الكلية التي لاعلم لهم بها ولا يستدلون على ذلك إلا بقياس فيه قضية كلية لاعلم لهم بها وإن كان يمكن إبطالها
    لكن المقصود هنا بيان انه لاعلم بالموجود يحصل عن قياسهم وهذا باب واسع يظهر بالتدبر))([44].)
    وقال:(( ان القضايا الكلية العامة لا توجد في الخارج كلية عامة وانما تكون كلية في الاذهان لا في الاعيان واما الموجودات في الخارج فهي امور معينة كل موجود له حقيقة تخصه يتميز بها عما سواه لا يشاركه فيها غيره فحينئذ لا يمكن الاستدلال بالقياس على خصوص وجود معين وهم معترفون بذلك وقائلون ان القياس لا يدل على امر معين وقد يعبرون عن ذلك بأنه لا يدل على جزئي وانما يدل على كلي والمراد بالجزئي ما يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه وكل موجود له حقيقة تخصه يمنع تصورها من وقوع الشركة فيها فاذن القياس لا يفيد معرفة امر موجود بعينه وكل موجود فانما هو موجود بعينه فلا يفيد معرفة شيء من حقائق الموجودات وانما يفيد امورا كلية مطلقة مقدرة في الاذهان لا محققة في الاعيان
    وقد بسطنا الكلام على هذا وغيره في غير هذا الموضع وبين ان ما يذكره النظار من الادلة القياسية التي يسمونها براهين على اثبات الصانع سبحانه وتعإلى لا يدل شيء منها على عينه وانما يدل على امر مطلق كلي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه
    فانا اذا قلنا هذا محدث وكل محدث فلا بد له من محدث أو ممكن والممكن لا بد له من واجب انما يدل هذا على محدث مطلق أو واجب مطلق ولو عين بأنه قديم ازلي عالم بكل شيء وغير ذلك فكل هذا انما يدل فيه القياس على امر مطلق كلي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه وانما يعلم عينه بعلم اخر يجعله الله في القلوب وهم معترفون بهذا لان النتيجة لا تكون ابلغ من المقدمات والمقدمات فيها قضية كلية لا بد من ذلك والكلي لا يدل على معين))([45].)
    وقد بين الشيخأن العلم الاعلى عندهم(=الفلسفة الاولى=الحكمة العليا =العلم الالهي) موضوعه هو الوجود المطلق الكلي، فهو علم بأمور عامة كلية ذهنية لا خارج، و((الذي تبين به خساسة ما عند القوم ونقص قدره ان هذا الوجود الكليانما يكون كليا في الذهن لا في الخارج فاذا كان هذا هو العلم الاعلى عندهم لم يكن الاعلى عندهم علما بشيء موجود في الخارج بل علما بأمر مشترك بين جميع الموجودات وهو مسمى الوجود وذلك كمسمى الشيء والذات والحقيقة والنفس والعين والماهية ونحو ذلك من المعاني العامة ومعلوم ان العلم بهذا ليس هو علما بموجود في الخارج لا بالخالق ولا بالمخلوق وانما هو علم بأمر مشترك كلي يشترك فيه الموجودات لا يوجد الا في الذهن ومن المتصورات ما يشترك فيه الموجود والمعدوم كقولنا مذكور ومعلوم ومخبر عنه فهذا اعم من ذاك
    وهذا بخلاف العلم الاعلى عند المسلمين فانه العلم بالله الذي هو في نفسه اعلى من غيره من كل وجه والعلم به اعلى العلوم من كل وجه والعلم به اصل لكل علم وهم يسلمون ان العلم به اذا حصل على الوجه التام يستلزم العلم بكل موجود))([46])
    ((وأي كمال للنفس في مجرد تصور هذه الامور العامة الكلية إذا لم تتصور أعيان الموجودات المعينة الجزئية وأي علم في هذا برب العالمين الذي لا تكمل النفوس إلابمعرفته وعبادته محبة وذلا))([47].)
    وقد بين الشيخ متى يفيد القياس علماً بالمطالب الإلهية، وذلك إذا كان من باب قياس الأولى، وكان من خبر المعصوم، قال رحمه الله:((وكلا القياسين[يعني قياس الشمول والتمثيل] ينتفع به إذا تلقت بعض مقدماته الكلية عن خبر المعصوم إذا استعملت في الالهيات بطريق الاولى كما جاء به القران واما بدون هذين فلا ينفع في الالهيات ولا ينفع ايضا في الطبيعيات منفعة علمية برهانية وإنما يفيد قضايا عادية قد تنحرف فتكون من باب الاغلب))([48].)
    د- أن القياس المنطقي لا يفيد علماً جديدا لما لم يكن يعلم من قبل، ولا يفيد معرفة صحيح الأدلة من فاسدها، ولا يفيد العلم بمعلوم معين.
    قال الشيخ:((ولا يقال إن قياسهم يعرف صحيح الادلة من فاسدها فان هذا إنما يقوله جاهل لا يعرف حقيقة قياسهم فان قياسهم ليس فيه إلا شكل الدليل وصورته وأما كون الدليل المعين مستلزما لمدلوله فهذا ليس في قياسهم ما يتعرض له بنفي ولا إثبات وإنما هذا بحسب علمه بالمقدمات التي اشتمل عليها الدليل وليس في قياسهم بيان صحة شئ من المقدمات ولا فسادها وإنما يتكلمون في هذا إذا تكلموا في مواد القياس وهو الكلام في المقدمات من جهة ما يصدق بها وكلامهم في هذا فيه خطأ كثير))([49].)
    وقال الشيخ:((القياس مشتمل على مقدمتين صغرى وكبرى فالكبرى هي العامة والصغرى اخص منها كما إذا قلت كل نبيذ خمر وكل خمر حرام فان النبيذ المتنازع فيه اخص من الخمر والخمر اخص من الحرام فالاول هو الحد الاصغر والاخر هو الحد الاكبر والاوسط المتكرر فيهها هو الحد الاوسط وحاصل القياس إدراج خاص تحت عام
    ومعلوم ان من علم العام فقد علم شموله لافراده ولكن قد يعزب عنه دخولبعض الافراد فيه إما لعزوب علمه بالعام أو لعزوب علمه بالخاص كما مثله المنطقيون ابن سينا وغيره فيمن ظن ان هذه الدابة تحمل فيقال له اما تعلم ان هذه بغلة فيقول نعم ويقال له اما تعلم ان البغلة لا تحمل فحينئذ يتفطن لانها لم تحمل فهذا وان ذكر بشيء كان غافلا عنه لم يستفد بذلك علم ما لم يكن يعلمه فان لم يخطر بقلبه هذا لم يلزم من علمه بأنها بغلة انها لا تحمل
    لكن هذا قد لا يحتاج الا إلى مقدمة واحدة وهي التي يذكرها فانه ان كان يعلم ان هذه الدابة بغلة ونسى ان البغلة لا تحمل بحمل وهو قد جهل أو نسى ان هذه بغلة عرف بهذه وحدها))([50].)



    رابعاً: منزلة الدليل المنطقي، ومدى إفادته لليقين.
    أ-بيان الشيخ صدق صورة الدليل المنطقي، وإنما النقد لإفادتها العلم بالموجودات، وما تقدم من المآخذ.
    قال الشيخ:(( فصورة القياس لا يدفع صحتها لكن يبين أنه لا يستفاد به علم بالموجودات كما أن اشتراطهم للمقدمتين دون الزيادة والنقص شرط باطل فهو وإن حصل به يقين فلا يستفاد بخصوصه نفس مطلوب شئ من الموجودات بل ما يحصل به قد يحصل بدونه وقد يحصل بدونه ما لا يحصل به
    فنقول إن صورة القياس إذا كانت مواده معلومة فلا ريب أنه يفيد اليقين وإذا قيل كل أ ب وكل ب ج وكانت المقدمتان معلومتين فلا ريب ان هذا التأليف يفيد العلم بأن كل أ ج وهذا لا نزاع فيه))([51])
    ثم استطرد الشيخ في بيان ما في بعض صور القياس من الإفادة للمطلوب، وذكر ما يغني عنها مما اعتمده أئمة الإسلام في أدلتهم، إلى أن قال:(( والصواب في هذا الباب ان يقال ما ذكروه إذا كان صوابا فانه تطويل للطريق وتبعيد للمطلوب وعكس للمقصود فانهم زعموا انهم جعلوه آلة قانونية تمنع الذهن أن يزل في فكره وما ذكروه إذا كلفوا الناظر المستدل ان يلزمه في تصوراته وتصديقاته كان اقرب إلى زلَلِه في فكره وضلاله عن مطلوبه كما هو الواقع فلا تجد أحدا التزم وضع هؤلاء واصطلاحهم إلا كان أكثر خطأ واقل صوابا ممن لم يلتزم وضعهم وسلك إلى المطلوب بفطرة الله التي فطر عباده عليها ولهذا لا يوجد أحد ممن حقق علما من العلوم كان ملتزما لوضعه
    ولهذا يقال كثرة هذه الأشكال وشروط نتاجها تطويل قليل الفائدة كثير التعب فهو لحم جمل غث على رأس جبل وعر لا سهل فيرتقي ولا سمين فينتقل))([52])
    ويقول مقرراً نفس المعنى:((نقول لا ننكر أن القياس يحصل به علم إذا كانت مواده يقينية لكن نحن نبين ان العلم الحاصل به لا يحتاج فيه إلى القياس المنطقي بل يحصل بدون ذلك فلا يكون شئ من العلم متوقفا على هذا القياس))([53].)


    ب- تحقيق القول في إفادة البرهان للقضايا الكلية.
    قال رحمه الله:((وإذا قيل فالبرهان يفيد قضية كلية قيل اما البرهان الذي يستحق اسم البرهان عندهم وهو ما كان مؤلفا من المقدمات اليقينية المحضة الواجب قبولها التي يمتنعنقيضها فانها بهذه المنزلة واما ما لا يكون كذلك بل يكون مؤلفا من القضايا التجريبة العادية كالقضايا الطبيعية والطبية والنحوية ونحو ذلك فهذه كثيرا ما تكون منتقضة ولا يجزم العقل بامتناع انتقاضها إلا بشروط فان العاديات يجوز انتقاضها والقضية الكلية إذا جاز انتقاضها لم يكن عندهم مادة للبرهان بل للجدل والخطابة))([54].)

    ج- بيان الشيخ أن نقده السابق إنما يتوجه للمواد العقلية التي لا يستدل عليها بنصوص الأنبياء، وأما نصوص الأنبياء فهي لا تحتاج إلى دليلهم القياسي.
    فقد بين الشيخ أن ردَّه هذا إنما يتوجه للمواد العقلية التي لا يستدل عليها بنصوص الأنبياء، فهي التي يظهر بها فساد منطقهم، وأما القضايا الكلية المعلومة بأقوال الأنبياء، فإن الحاجة قائمة لمعرفة القضايا الكلية المستفادة من أقوالهم، كقوله e : كل مسكر حرام)، مع بيانه وتاكيده على أن الطريق النبوية في حديث ((كل مسكر خمر، وكل خمر حرام)) ليست هي من القياس المنطقي في شيء، بل دعوى ذلك جهل عظيم، وقد فصل الشيخ في رد هذه الدعوى التي ادعاها من ادعاها من أنصار المنطق(

    وخلص في ذلك إلى أن ((القضايا النبوية لا تحتاج إلى القياس العقلى الذي سموه برهانا وما يستفاد بالعقل من العلوم ايضا لا يحتاج إلى قياسهم البرهاني فلا يحتاج اليه لا في العقليات ولا في السمعيات
    فامتنع أن يقال لا يحصل علم إلا بالقياس البرهاني الذي ذكروه))

    ويلخص الشيخ نقده للقياس المنطقي الشمولي بقوله:((فتبين أن قولهم إن المطلوب لا بد فيه من القياس وذلك القياس يجب أن يكون القياس المنطقى الشمولي ولا بد فيه من مقدمتين ليس بصواب وهذا يبطل قولهم لا علم تصديقى إلا بالقياس المنطقي كما تقدم وأما هنا فالمقصود بيان قلة منفعته أو عدمها وذلك أن هذا المطلوب إن كان معه قضية علمت من جهة الرسول تفيده العموم وهو أن كل مسكر حرام حصل مدعاه فالقضايا الكلية المتلقاه عن الرسل تفيد العلم في المطالب الالهية
    وأما ما يستفاد من علومهم فالقضايا الكلية فيه إما منتقضة وإما أنها بمنزلة قياس التمثيل وإما انها لا تفيد العلم بالموجودات المعينة بل بالمقدرات الذهنية كالحساب والهندسة فانه وإن كان ذلك يتناول ما وجد على ذلك المقدار فدخول المعين فيه لا يعلم بالقياس بل بالحس فلم يكن القياس محصلا للمقصود أو تكون مما لا اختصاص لهم بها بل يشترك فيها سائر الامم بدون خطور منطقهم بالبال مع استواء قياس التمثيل وقياس الشمول
    وإثبات العلم بالصانع والنبوات ليس موقوفا على شئ من الاقيسة بل يعلم بالايات الدالة على شئ معين لا شركة فيه ويحصل بالعلم الضروري الذي لا يفتقر إلى نظر وما يحصل منها بالقياس الشمولي فهو بمنزلة ما يحصل بقياس التمثيل فهو أمر كلى لا يحصل به العلم بما يختص به الرب وما يختص به الرسول إلا بانضمام علم آخر اليه
    والعلم بصدق المخبر المعين وإن لم يكن نبيا يعلم بأسباب متعددة غير القياس ويعلم ايضا بقياس التمثيل كما يعلم بقياس الشمول فكيف العلم بصدق النبي الصادق عليه الصلاة والسلام - وقد ذكرنا طرقا من الطرق التي يعلم بها صدق الانبياء في غير هذا الموضع
    والناس يعلمون الامور الموجودة وصفاتها وأحوالها من غير قياس شمولي فضلا عن أن يقال لا بد هنا من مقدمتين....فقد تبين أن القياس المفيد للتصديق يغنى عنه التصور التام للحد الاوسط))

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: أين قال المنطقيون بأن البرهان لا يفيد إلا الكليات؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    مزيد بيان من كلام شيخ الاسلام - قال - ((والمقصود هنا أنهم كثيرا ما يدعون في المطالب البرهانية من الامور العقلية ما يكونوا قد قدروه في أذهانهم ويقولن نحن نتكم في الامور الكلية والعقليات المحضة وإذا ذكر لهم شئ قالوا نتكلم فيما هو أعم من ذلك وفي الحقيقة من حيث هى هى ونحو هذه العبارات فيطالبون بتحقيق ما ذكروه في الخارج ويقال يبنوا هذا أي شئ هو فهنالك يظهر بجهلهم وأن ما يقولونه هو امر مقدر في الاذهان لا حقيقة له في الاعيان وهذا مثل ان يقال لهم اذكروا مثال ذلك والمثال امر جزئي فاذا عجزوا عن التمثيل وقالوا نحن نتكم في الامور الكلية فاعلم انهم يتكلمون بلا علم وفيما لا يعلمون ان له معلوما في الخارج بل فيما ليس له معلوم في الخارج وفيما قد يمتنع ان يكون له معلوم في الخارج وإلا فالعلم بالامور الموجودة إذا كان كليا كان له معلومات ثابتة في الخارج))([26].) وقال:((وأيضا فما يذكرونه من القياس لا يفيد إلا العلم بأمور كلية لا يفيد العلم بشئ معين من الموجودات ثم تلك الامور الكلية يمكن العلم بكل واحد منها بما هو أيسر من قياسهم فلا تعلم كلية بقياسهم إلا والعلم بجزئياتها ممكن بدونقياسهم الشمولى وربما كان أيسر فان العلم بالمعينات قد يكون أبين من العلم بالكلياتوالمقصو د هنا أن المطلوب هو العلم والطريق اليه هو الدليل فمن عرف دليل مطلوبه عرف مطلوبه سواء نظمه بقياسهم ام لا ومن لم يعرف دليله لم ينفعه قياسهم))([27].)

    ...وقال:(( ان القضايا الكلية العامة لا توجد في الخارج كلية عامة وانما تكون كلية في الاذهان لا في الاعيان واما الموجودات في الخارج فهي امور معينة كل موجود له حقيقة تخصه يتميز بها عما سواه لا يشاركه فيها غيره فحينئذ لا يمكن الاستدلال بالقياس على خصوص وجود معين وهم معترفون بذلك وقائلون ان القياس لا يدل على امر معين وقد يعبرون عن ذلك بأنه لا يدل على جزئي وانما يدل على كلي والمراد بالجزئي ما يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه وكل موجود له حقيقة تخصه يمنع تصورها من وقوع الشركة فيها فاذن القياس لا يفيد معرفة امر موجود بعينه وكل موجود فانما هو موجود بعينه فلا يفيد معرفة شيء من حقائق الموجودات وانما يفيد امورا كلية مطلقة مقدرة في الاذهان لا محققة في الاعيان

    ...وقد بين الشيخ متى يفيد القياس علماً بالمطالب الإلهية، وذلك إذا كان من باب قياس الأولى، وكان من خبر المعصوم، قال رحمه الله:((وكلا القياسين[يعني قياس الشمول والتمثيل] ينتفع به إذا تلقت بعض مقدماته الكلية عن خبر المعصوم إذا استعملت في الالهيات بطريق الاولى كما جاء به القران واما بدون هذين فلا ينفع في الالهيات ولا ينفع ايضا في الطبيعيات منفعة علمية برهانية وإنما يفيد قضايا عادية قد تنحرف فتكون من باب الاغلب))([48].)


    ...وخلص في ذلك إلى أن ((القضايا النبوية لا تحتاج إلى القياس العقلى الذي سموه برهانا وما يستفاد بالعقل من العلوم ايضا لا يحتاج إلى قياسهم البرهاني فلا يحتاج اليه لا في العقليات ولا في السمعيات
    فامتنع أن يقال لا يحصل علم إلا بالقياس البرهاني الذي ذكروه))

    ...ويلخص الشيخ نقده للقياس المنطقي الشمولي بقوله:((فتبين أن قولهم إن المطلوب لا بد فيه من القياس وذلك القياس يجب أن يكون القياس المنطقى الشمولي ولا بد فيه من مقدمتين ليس بصواب وهذا يبطل قولهم لا علم تصديقى إلا بالقياس المنطقي كما تقدم وأما هنا فالمقصود بيان قلة منفعته أو عدمها وذلك أن هذا المطلوب إن كان معه قضية علمت من جهة الرسول تفيده العموم وهو أن كل مسكر حرام حصل مدعاه فالقضايا الكلية المتلقاه عن الرسل تفيد العلم في المطالب الالهية
    وأما ما يستفاد من علومهم فالقضايا الكلية فيه إما منتقضة وإما أنها بمنزلة قياس التمثيل وإما انها لا تفيد العلم بالموجودات المعينة بل بالمقدرات الذهنية كالحساب والهندسة فانه وإن كان ذلك يتناول ما وجد على ذلك المقدار فدخول المعين فيه لا يعلم بالقياس بل بالحس فلم يكن القياس محصلا للمقصود أو تكون مما لا اختصاص لهم بها بل يشترك فيها سائر الامم بدون خطور منطقهم بالبال مع استواء قياس التمثيل وقياس الشمول
    وإثبات العلم بالصانع والنبوات ليس موقوفا على شئ من الاقيسة بل يعلم بالايات الدالة على شئ معين لا شركة فيه ويحصل بالعلم الضروري الذي لا يفتقر إلى نظر وما يحصل منها بالقياس الشمولي فهو بمنزلة ما يحصل بقياس التمثيل فهو أمر كلى لا يحصل به العلم بما يختص به الرب وما يختص به الرسول إلا بانضمام علم آخر اليه
    والعلم بصدق المخبر المعين وإن لم يكن نبيا يعلم بأسباب متعددة غير القياس ويعلم ايضا بقياس التمثيل كما يعلم بقياس الشمول فكيف العلم بصدق النبي الصادق عليه الصلاة والسلام - وقد ذكرنا طرقا من الطرق التي يعلم بها صدق الانبياء في غير هذا الموضع
    والناس يعلمون الامور الموجودة وصفاتها وأحوالها من غير قياس شمولي فضلا عن أن يقال لا بد هنا من مقدمتين....فقد تبين أن القياس المفيد للتصديق يغنى عنه التصور التام للحد الاوسط))
    جزاكم الله خيرا
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي رد: أين قال المنطقيون بأن البرهان لا يفيد إلا الكليات؟

    جامعات غربية تدرس لطلابها عبقرية ابن تيمية ومكانته العلمية مترجم:
    https://safeyoutube.net/w/EGrx
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  8. #8

    افتراضي رد: أين قال المنطقيون بأن البرهان لا يفيد إلا الكليات؟

    جزاكم الله خيراً

    وأنتظر مزيداً من الإشارة إلى مصادر القول بأن "البرهان لا يفيد إلا الكليات" أو أنه "لا يدل على جزئي" في كتب المنطقيين.

    وهل كان ابن تيمية لا يعتبر الصيغة التالية من صيغ القياس:
    المقدمة الكبرى: كل «أ» «ب»
    المقدمة الصغرى: «هذا» «أ»
    النتيجة: إذن «هذا» «ب»
    حيث يكون «هذا» شيئاً معيَّناً موجوداً بين أيدينا، لا مجرد نوع كلي؟
    مثلاً: "كل إنسان حيوان، وزيد إنسان، فزيد حيوان"، حيث يكون زيدٌ رجلاً معيَّناً موجوداً ومعلوماً بعينه.
    فإن كان هذا من صيغ القياس فما وجه القول بأن كل قياس (بما فيه هذه الصيغة) لا يدل إلا على كلي؟

  9. #9

    افتراضي رد: أين قال المنطقيون بأن البرهان لا يفيد إلا الكليات؟

    وأشك في كونه لا يعتبره قياساً، فلاحظ مثلاً قوله في الرد على المنطقيين ص162: "ومن ظلم هؤلاء وجهلهم أنهم يضربون المثل في «قياس التمثيل» بقول القائل: «السماء مؤلفة، فتكون محدثة قياسا على الإنسان» ثم يوردون على هذا القياس ما يختص به لخصوص المادة. وهذا يرد عليه لو جعل «قياس شمول». فانه لو قيل: «السماء مؤلفة، وكل مؤلف محدث» لورد عليه هذه الاسئلة وزيادة."
    وطبعاً، السماء شيء معيَّن

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أين قال المنطقيون بأن البرهان لا يفيد إلا الكليات؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر بن غلام رسول مشاهدة المشاركة
    وهل كان ابن تيمية لا يعتبر الصيغة التالية من صيغ القياس:
    المقدمة الكبرى: كل «أ» «ب»
    المقدمة الصغرى: «هذا» «أ»
    النتيجة: إذن «هذا» «ب»
    حيث يكون «هذا» شيئاً معيَّناً موجوداً بين أيدينا، لا مجرد نوع كلي؟
    مثلاً: "كل إنسان حيوان، وزيد إنسان، فزيد حيوان"، حيث يكون زيدٌ رجلاً معيَّناً موجوداً ومعلوماً بعينه.
    فإن كان هذا من صيغ القياس فما وجه القول بأن كل قياس (بما فيه هذه الصيغة) لا يدل إلا على كلي؟
    بارك الله فيك عمر بن غلام رسول - انا اساعد فقط فى فك بعض مصطلحات علم المنطق من كلام شيخ الاسلام وممن قام بتقريب كلام شيخ الاسلام وانا احاول ان اساهم فى ذلك فقط فإليك بعض هذه المواضع التى تساعد فى فهم هذه المقدمات --قال شيخ الاسلام :((القياس مشتمل على مقدمتين صغرى وكبرى فالكبرى هي العامة والصغرى اخص منها كما إذا قلت كل نبيذ خمر وكل خمر حرام فان النبيذ المتنازع فيه اخص من الخمر والخمر اخص من الحرام فالاول هو الحد الاصغر والاخر هو الحد الاكبر والاوسط المتكرر فيهها هو الحد الاوسط وحاصل القياس إدراج خاص تحت عام ومعلوم ان من علم العام فقد علم شموله لافراده ولكن قد يعزب عنه دخول بعض الافراد فيه إما لعزوب علمه بالعام أو لعزوب علمه بالخاص كما مثله المنطقيون ابن سينا وغيره فيمن ظن ان هذه الدابة تحمل فيقال له اما تعلم ان هذه بغلة فيقول نعم ويقال له اما تعلم ان البغلة لا تحمل فحينئذ يتفطن لانها لم تحمل فهذا وان ذكر بشيء كان غافلا عنه لم يستفد بذلك علم ما لم يكن يعلمه فان لم يخطر بقلبه هذا لم يلزم من علمه بأنها بغلة انها لا تحمل

    لكن هذا قد لا يحتاج الا إلى مقدمة واحدة وهي التي يذكرها فانه ان كان يعلم ان هذه الدابة بغلة ونسى ان البغلة لا تحمل بحمل وهو قد جهل أو نسى ان هذه بغلة عرف بهذه وحدها)) --
    وقال:((ثم الدليل قد يكون مقدمة واحدة وقد يكون مقدمتين وقد يكون مقدمات بحسب حاجة الناظر المستدل، إذ حاجة الناس تختلف، وقد بسطنا ذلك في الكلام على المحصل وبينا تخطئة جمهور العقلاء لمن قال إنه لا بد في كل علم نظري من مقدمتين لا يستغنى عنهما ولا يحتاج إلى أكثر منهما كما يقوله من يقوله من المنطقيين))([16].)
    وقال:((وفصل الخطاب ان المطلوب قد يحتاج إلى مقدمة وإلى اثنتين وإلى ثلاث وإلى اربع فأصل الاضطراب دعواهم ان النتائج النظرية تحتاج إلى مقدمتين وتكفى فيها مقدمتان فجعلوا لا بد في كل مطلوب نظري من مقدمتين وادعوا انه يكفى في كل مطلوب نظري مقدمتان وكلا الامرين باطل))([17].)
    ثم ذكر بعض الأمثلة، ثم قال:((واعتبر هذا بنظائره يتبين لك انه يمكن الاستغناء عن القياس المنطقي، بل يكون استعماله تطويلا وتكثيرا للفكر والنظر والكلام بلا فائدة وان الحاجة إلى المقدمات بحسب حال المستدل فقد يحتاج تارة إلى مقدمة وتارة إلى ثنتين وتارة إلى ثلاث وتارة إلى اكثر من ذلك))([18].)
    وقال:((ثم قد يكون الدليل مقدمة واحدة متى علمت علم المطلوب وقد يحتاج المستدل إلى مقدمتين وقد يحتاج إلى ثلاث مقدمات وأربع وخمس وأكثر ليس لذلك حد مقدر يتساوى فيه جميع الناس في جميع المطالب بل ذلك بحسب علم المستدل الطالب بأحوال المطلوب والدليل ولوازم ذلك وملزوماته، فاذا قدر أنه قد عرف ما به يعلم المطلوب إلا مقدمة واحدة كان دليله الذي يحتاج إلى بيانه له تلك المقدمة))----------------- ومن كتاب تقريب نقض المنطق أوضح بعض المصطلحات ليسهل على طلبة العلم فهم المسألة
    تعريفه :
    القياس : هو تطبيق القاعدة الكلية على جزئياتها لمعرفة حكم الجزئيات .

    مصطلحاته :
    للقياس مصطلحات خاصة به ، وهي :
    1- ( صورة القياس ) وهي شكل تأليفه وتركيبه ، والقياس يتألف من مقدمتين – كما سيأتي - مثل : الحديد معدن – كل معدن عنصر بسيط .
    فالمجموع بهذا الوضع الخاص من الترتيب – والذي سيتضح فيما بعد – يسمى صورة القياس .
    2- ( المقدمة ) – وتسمى ( مادة القياس ) أيضا - : وهي كل قضية يتألف منها صورة القياس .
    فقضية ( الحديد معدن ) في المثال المتقدم مقدمة وكذلك قضية ( كل معدن عنصر بسيط ) مقدمة . وتنقسم المقدمة إلى قسمين هما : الصغرى والكبرى .
    3- ( الصغرى ) وهي المقدمة التي تشمل على الجزئي الذي يطلب معرفة حكمه عن طريق الاستدلال بالقياس وتقع المقدمة الأولى للقياس ، كالمقدمة ( الحديد معدن ) في المثال .
    4- ( الكبرى ) وهي المقدمة التي تؤلف القاعدة الكلية التي يعمد إلى تطبيقها على الجزئي لمعرفة حكمه عن طريق الاستدلال بالقياس وتقع المقدمة الثانية للقياس كالمقدمة ( وكل معدن عنصر بسيط ) في المثال .
    5- ( الحدود ) وهي مفردات المقدمتين : - الموضوع والمحمول أو المقدم والتالي . مثل: ( الحديد – معدن – معدن – عنصر بسيط ) في المثال .
    6- ( النتيجة ) : وهي القضية التي ينتهي إليها بعد تطبيق الكبرى على الصغرى . مثل: ( الحديد عنصر بسيط ) في المثال .
    7- ( المطلوب ) : وهي النتيجة قبل مزاولة تطبيق الكبرى على الصغرى .[تقريب وتهذيب نقض المنطق لشيخ الإسلام ابن تيمية]

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: أين قال المنطقيون بأن البرهان لا يفيد إلا الكليات؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر بن غلام رسول مشاهدة المشاركة
    وأشك في كونه لا يعتبره قياساً، فلاحظ مثلاً قوله في الرد على المنطقيين ص162: "ومن ظلم هؤلاء وجهلهم أنهم يضربون المثل في «قياس التمثيل» بقول القائل: «السماء مؤلفة، فتكون محدثة قياسا على الإنسان» ثم يوردون على هذا القياس ما يختص به لخصوص المادة. وهذا يرد عليه لو جعل «قياس شمول». فانه لو قيل: «السماء مؤلفة، وكل مؤلف محدث» لورد عليه هذه الاسئلة وزيادة."
    وطبعاً، السماء شيء معيَّن
    شيخ الاسلام يبين وجه القياس الصحيح وأنه ينفع إذا تلقت بعض مقدماته الكلية عن خبر المعصوم إذا استعملت في الالهيات بطريق الاولى كما جاء به القران واما بدون هذين فلا ينفع في الالهيات ولا ينفع ايضا في الطبيعيات منفعة علمية برهانية وإنما يفيد قضايا عادية و قد تنحرف و يرد على هؤلاء المنطقيين فى امور منها عيوب الدليل المنطقي وأوجه القصور فيه.و نقد حصرهم اليقين بالقياس المنطقي(قياس الشمول دون قياس التمثيل) -وبيان عدم انحصار العلم بالقياس المنطقي، وأن قولهم بذلك الحصر تحكم لا دليل عليه.
    -بيان رجوع قياس الشمول إلى قياس التمثيل
    -بيان بعض الطرق الأخرى التي يمكن بها حصول العلم، ومنها قياس التمثيل، والرد على زعمهم بعدم إفادتها العلم
    نقده للقضية الكلية المتضمنة في القياس البرهاني: وذلك من خلال ما يلي:
    -نقد الإفادة من القضية الكلية بنقد طريق العلم بكليتها، وأنها تؤول إلى الدور، أو إلى العلم بالبدهيات التي لا يحتاج معها إلى القياس المنطقي.
    - أن العلم ببعض أفراد القضية الكلية من الممكن أن يقع عند البعض بدون العلم بالقضية الكلية التي لا يتم البرهان عندهم إلا بها.
    - أن القضايا الكلية لا بد أن تنتهي إلى أن تعلم بغير القياس، فالقضايا الكلية في القياس المنطقي الحسي متفرعة عن القضايا الجزئية، ومحتاجة إليها، لا العكس، فانتفت الفائدة من الكليات في ذلك.
    -بيان أنه ليس في الحسيات المجردة قضية عامة كلية، وأن كل ما ذكروه من أمثله للكليات فإنها قابلة للنقض، مما ينفي كليتها.
    -نقد توهم طائفة منهم أن القضايا الكلية لها تحقق في الخارج.
    -بيان أن أشرف العلوم(العلم الإلهي) لا يستفاد من البرهان المنطقي، وكذلك الجواهر العقلية عندهم والأفلاك، بل لا يستفاد منه العلم بشيء معين أصلاً.
    - أن القياس المنطقي لا يفيد علماً جديدا لما لم يكن يعلم من قبل، ولا يفيد معرفة صحيح الأدلة من فاسدها، ولا يفيد العلم بمعلوم معين --------------------
    قال الشيخ:(( والمقصود أن الذي يدعونه من الكليات هو إذا كان علماً فهو مما يعرف بقياس التمثيل لا يقف على القياس المنطقى الشمولي أصلا))

    وقال:((فلا يمكن قط ان يحصل بالقياس الشمولى المنطقي الذي يسمونه البرهاني علم إلا وذلك يحصل بقياس التمثيل الذي يستضعفونه فان ذلك القياس لا بد فيه من قضية كلية والعلم بكون الكلية كلية لا يمكن الجزم به إلا مع الجزم بتماثل أفراده في القدر المشترك وهذا يحصل بقياس التمثيل) وقال:((قولهم: (إن شيئاً من التصديقات المطلوبة لا ينال إلا بما ذكروه من القياس)، فإن هذا النفي العام أمر لا سبيل إلى العلم به، ولا يقوم عليه دليل أصلاً، وقد أشرنا إلى فساد ما ذكروه، مع أنه معلوم البطلان بما يحصل من التصديقات المطلوبة بدون ما ذكروه من القياس..))
    وقال:((والمقصود هنا أنهم كثيرا ما يدعون في المطالب البرهانية من الامور العقلية ما يكونوا قد قدروه في أذهانهم ويقولن نحن نتكم في الامور الكلية والعقليات المحضة وإذا ذكر لهم شئ قالوا نتكلم فيما هو أعم من ذلك وفي الحقيقة من حيث هى هى ونحو هذه العبارات فيطالبون بتحقيق ما ذكروه في الخارج ويقال يبنوا هذا أي شئ هو فهنالك يظهر بجهلهم وأن ما يقولونه هو امر مقدر في الاذهان لا حقيقة له في الاعيان وهذا مثل ان يقال لهم اذكروا مثال ذلك والمثال امر جزئي فاذا عجزوا عن التمثيل وقالوا نحن نتكم في الامور الكلية فاعلم انهم يتكلمون بلا علم وفيما لا يعلمون ان له معلوما في الخارج بل فيما ليس له معلوم في الخارج وفيما قد يمتنع ان يكون له معلوم في الخارج وإلا فالعلم بالامور الموجودة إذا كان كليا كان له معلومات ثابتة في الخارج))([26].)
    وقال:((وأيضا فما يذكرونه من القياس لا يفيد إلا العلم بأمور كلية لا يفيد العلم بشئ معين من الموجودات ثم تلك الامور الكلية يمكن العلم بكل واحد منها بما هو أيسر من قياسهم فلا تعلم كلية بقياسهم إلا والعلم بجزئياتها ممكن بدونقياسهم الشمولى وربما كان أيسر فان العلم بالمعينات قد يكون أبين من العلم بالكلياتوالمقصو د هنا أن المطلوب هو العلم والطريق اليه هو الدليل فمن عرف دليل مطلوبه عرف مطلوبه سواء نظمه بقياسهم ام لا ومن لم يعرف دليله لم ينفعه قياسهم))([27].)
    وقال:((هذا القياس هو قياس الشمول وهو العلم بثبوت الحكم لكل فرد من الافراد، فنقول قد علم وسلموا انه لا بد ان يكون العلم بثبوت بعض الاحكام لبعض
    أفرادها بديهيا فان النتيجة إذا افتقرت إلى مقدمتين فلا بد ان ينتهي الامر إلى مقدمتين تعلم بدون مقدمتين وإلا لزم الدور أو التسلسل الباطلان ولهذا كان من المقرر عند أهل النظر انه لا بد في التصورات والتصديقات من تصورات بديهية وتصديقات بديهية))([28])
    [ثم ضرب بعض الأمثلة على ذلك، ثم قال:]
    ((فتبين أن منطقهم يعطي تضييع الزمان وكثرة الهذيان وإتعاب الاذهان وكذلك إذا علمنا أن كل رسول نبي وكل نبي فهو في الجنة فعلمنا ان كل رسول فهو في الجنة أبين من هذا وهذ كثير جدا))([29].)

    وقدقرر الشيخ أن من أراد التوصل بالقياس السابق إلى قضايا كلية ذهنية لا عينية، فإن البرهان حينئذٍ لن يفيد علماً بشيءٍ موجود، بل بأمور مقدرة في الاذهان لا يعلم تحققها في الاعيان وإذا لم يكن في هذا علم بشئ موجود لم يكن في البرهان علم بموجود فيكون قليل المنفعة جدا بل عديم المنفعة
    وقد بين الشيخ أنهم لا يقولون بذلك، بل يستعملون مثل هذه البراهين والأقيسة في الموجودات الخارجية العينية، لا الذهنية فحسب، وذلك كاستعمالهم له في الطبيعيات والإلهيات بين الشيخ أن العلم بعموم القضية الكلية لا يخلو من أحد طريقين: 1- قياس الغائب على الشاهد، أي الحكم بأن حكم الشيء نفس حكم مثيله.
    فيقال لهم: إن هذا القياس من قياس التمثيل، وأنتم تزعمون أن هذا القياس لا يفيد العلم اليقيني، بل الظن، فلزم أن قياسهم لا يفيد اليقين.
    2-أن يزعموا أن العلم بعموم القضية الكلية يحصل في النفس عند الإحساس بالجزئيات عن طريق الفيض من العقل الكلي ونحوه.
    فيقال: كيف نعرف أن هذا الحاصل في النفس علماً؟ وليس ظنا أو جهلاً؟!
    أ-إن قالوا: علم بالضرورة والبديهة.
    قيل:يلزم على ذلك أن العلم بالأنواع المعينة وأنواع الكليات معلوم بالضرورة؛ لأن جزم العقلاء بالشخصيات من الحسيات أعظم من جزمهم بالكليات([31].)
    وعندها فلا يتوقف العلم بالجزئيات على العلم بالكليات، فلا تكون القضية الكلية محتاجاً إليها في معرفة الجزئيات، بل العكس، فإنه((قد يعلم الانسان انه حساس متحرك بالارادة قبل ان يعلم ان كل إنسان كذلك ويعلم ان الانسان كذلك قبل ان يعلم ان كل حيوان كذلك فلم يبق علمه بأنه أو بأن غيره من الحيوان حساس متحرك بالارادة موقوفا على البرهان))([32]. )
    قال الشيخ:((إذا كان لا بد في كل ما يسمونه برهانا من قضية كلية فلا بد من العلم بتلك القضية الكلية أي من العلم بكونها كلية وإلا فمتى جوز عليها أن لا تكون كلية بل جزئية لم يحصل العلم بموجبها والمهملة وهي المطلقة التي يحتمل لفظها أن يكون كلية وجزئية في قوة الجزئية
    وإذا كان لا بد في العلم الحاصل بالقياس الذي يخصونه باسم البرهان من العلم بقضية كلية موجبة فيقال :
    العلم بتلك القضية إن كان بديهيا أمكن أن يكون كل واحد من أفرادها بديهيا بطريق الاولى
    وإن كان نظريا احتاج إلى علم بديهي فيفضى إلى الدور المعى أو التسلسل في أمور لها مبدأ محدود فان علم ابن آدم إذا توقف على علم منه وعلمه على علم منه فعلمه له مبدأ لانه نفسه مبدأ ليس هذا كتسلسل الحوادث الماضية وأيضا فانه تسلسل في المؤثرات وكلاهما باطل))([33].)

    وببطلان الاحتمالين ينتهي الشيخ إلى إبطال الإفادة من القياس المنطقي، أو إلى تقليل تلك الإفادة جداً.د بين الشيخ متى يفيد القياس علماً بالمطالب الإلهية، وذلك إذا كان من باب قياس الأولى، وكان من خبر المعصوم، قال رحمه الله:((وكلا القياسين[يعني قياس الشمول والتمثيل] ينتفع به إذا تلقت بعض مقدماته الكلية عن خبر المعصوم إذا استعملت في الالهيات بطريق الاولى كما جاء به القران واما بدون هذين فلا ينفع في الالهيات ولا ينفع ايضا في الطبيعيات منفعة علمية برهانية وإنما يفيد قضايا عادية قد تنحرف فتكون من باب الاغلب)) د- أن القياس المنطقي لا يفيد علماً جديدا لما لم يكن يعلم من قبل، ولا يفيد معرفة صحيح الأدلة من فاسدها، ولا يفيد العلم بمعلوم معين.
    قال الشيخ:((ولا يقال إن قياسهم يعرف صحيح الادلة من فاسدها فان هذا إنما يقوله جاهل لا يعرف حقيقة قياسهم فان قياسهم ليس فيه إلا شكل الدليل وصورته وأما كون الدليل المعين مستلزما لمدلوله فهذا ليس في قياسهم ما يتعرض له بنفي ولا إثبات وإنما هذا بحسب علمه بالمقدمات التي اشتمل عليها الدليل وليس في قياسهم بيان صحة شئ من المقدمات ولا فسادها وإنما يتكلمون في هذا إذا تكلموا في مواد القياس وهو الكلام في المقدمات من جهة ما يصدق بها وكلامهم في هذا فيه خطأ كثير))([49].)
    وقال الشيخ:((القياس مشتمل على مقدمتين صغرى وكبرى فالكبرى هي العامة والصغرى اخص منها كما إذا قلت كل نبيذ خمر وكل خمر حرام فان النبيذ المتنازع فيه اخص من الخمر والخمر اخص من الحرام فالاول هو الحد الاصغر والاخر هو الحد الاكبر والاوسط المتكرر فيهها هو الحد الاوسط وحاصل القياس إدراج خاص تحت عام

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    May 2007
    المشاركات
    1,154

    افتراضي رد: أين قال المنطقيون بأن البرهان لا يفيد إلا الكليات؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر بن غلام رسول مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيراً

    وأنتظر مزيداً من الإشارة إلى مصادر القول بأن "البرهان لا يفيد إلا الكليات" أو أنه "لا يدل على جزئي" في كتب المنطقيين.

    وهل كان ابن تيمية لا يعتبر الصيغة التالية من صيغ القياس:
    المقدمة الكبرى: كل «أ» «ب»
    المقدمة الصغرى: «هذا» «أ»
    النتيجة: إذن «هذا» «ب»
    حيث يكون «هذا» شيئاً معيَّناً موجوداً بين أيدينا، لا مجرد نوع كلي؟
    مثلاً: "كل إنسان حيوان، وزيد إنسان، فزيد حيوان"، حيث يكون زيدٌ رجلاً معيَّناً موجوداً ومعلوماً بعينه.
    فإن كان هذا من صيغ القياس فما وجه القول بأن كل قياس (بما فيه هذه الصيغة) لا يدل إلا على كلي؟
    بارك الله فيك أخي الكريم، وسدد خطاك.

    ليس المراد بكون البرهان "لا يفيد إلا كليا" أن موضوع النتيجة لا يكون جزئيا.
    بل يستحيل أن يراد بذلك هذا الأمر عند أدنى تأمل.
    وإنما المراد أن البرهان المنطقي لا يأتي بجديد مما ليس في المقدمتين، فلن يدل أبد الآبدين على "وجود موجود معين" لم يكن قد عُلم.
    وهذا واضح، فإن "العلم بمبادئ البرهان" - كما قال ابن سينا في شفائه - "يجب أن يكون آكد من العلم بنتائج البرهان". فأنت إذا لم تكن تعرف بوجود "زيد" فلن يفيدك البرهان المنطقي وجوده. والملحد الذي لم يكن يعرف ربه ولا الرسول المرسل إليه ولا الكتاب الذي نزل على مثله، فلن يدله ألف ألف براهين منطقيه على ذلك بعينه أبدا. فلن يُعرفه أن ربه هو الله سبحانه وتعالى، ولا يفيده أن الرسول المرسل عليه هو محمد صلى الله عليه وسلم النبي العربي، ولا يفيده أن القرآن قد أُنزل على مثله وأن عليه اتباعُه.. كل هذا لن يفيده البرهان المنطقي لأن نتائج البرهان المنطقي لن يكون فيها دلالة على وجود شيء معين، بل لن تكون أقوى مما قد عُلم في المقدمتين.

    ففي مثالك قلت: "كل إنسان حيوان، وزيد إنسان، فزيد حيوان".
    في هذا المثال:
    - هل دلَّك القياس على وجود زيد؟ لا، لأنك قد علمتَه قبل القياس. فليس بالقياس اكتسبتَ العلم بزيد.
    - هل دلك على وجود إنسان آخر معين غير زيد؟ لا، بل لم يدلك على أن هناك إنسانا آخر غيره (لما قد لا يكون هناك إنسان إلا زيد - ولم ينفه القياس)
    - هل دلك على وجود حيوانات أخرى معينة غير زيد؟ لا، بل لا يدل كذلك على وجود أي حيوان غير زيد.
    - هل دلك على وجود موجودات أخرى معينة غير زيد؟ أيضا لم يدل!
    فثبت أن هذا القياس لا تستفيد منه معرفة وجود موجود معين لم تكن تعرفه، وثبت أن نتيجة القياس لا تدل على ذلك.
    إذن، ما الذي يفيده هذا القياس؟
    لا يفيد شيئا من العلم الجديد، بل إنما يفيد التنبيه على ما قد عُلم بالمقدمتين أو إحداهما.
    فما دمت قد علمت بأن "كل إنسان حيوان" فقد علمت ضمنيا أن زيد حيوان، لأنك لن تعلم أن كل إنسان حيوان إلا بعد العلم بأن كل واحد واحد من جماعة الإنسان حيوان، ومنهم زيد.
    وما دمت قد علمت (في المقدمة الصغرى) أن زيدا إنسان، فقد علمت أيضا أنه حيوان، لأنه لا معنى للإنسان هنا إلا نوع من أنواع الحيوان (الموصوف بالناطقية).
    فلا يفيدك القياس المنطقي علما جديدا أصلا، فضلا عن أن يفيدك معرفة وجود موجود معيَّن لم تكن قد علمتَه.
    والسبب واضح ومعترف به لدى المناطقة، وهو أن نتيجة القياس لن تكون أقوى من المقدمتين.
    فالذي يحاول التعرف على صانع الكرسي المعين مثلا بقوله: "هذا الكرسي مصنوع، وكل مصنوع فله صانع، ينتج: هذا الكرسي له صانع" تفشل محاولته فشلا ظاهرا، لأن مثل هذا القياس و"البرهان" لا يفيده إلا التأكيد بأن لهذا الكرسي صانعا - وهو أصلا قد علم ذلك عندما علم أن الكرسي مصنوع - ولا يُعرِّفه من هو الصانع المعين لهذا الكرسي. بل لا يفيده معرفة أين يسكن هذا الصانع وهل هو حي أو ميت. بل لا يفيده معرفة ما إذا كان رجلا أو امرأة، وهل كان إنسانا أو جنيا أو ملكا كريما؟!

    هذا بخلاف "الحس" و"الآيات" و"الخبر الصادق". فإنك برؤيتك لزيد مثلا تعرف وجوده، بل تعرف مكانه والأوصاف التي عليه. وهذا فائدة الحس والمشاهدة.
    وكذلك الآيات والعلامات، فإنك بمعرفة موضع النجوم المعينة تعرف أيضا جهة القبلة أو القطب الشمالي معرفة معينة (لا مطلقة من أن هناك جهة ما للقبلة).
    وكذلك الخبر الصادق والإشارات الصادقة، فإنك بمجرد سماعك لمن يشير لك إلى موضع المسجد الفلاني المعين تعرف مكان ذلك المسجد بعينه. وهكذا.
    والله أعلم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •