خواطر دعوية
(الجزء الاول من 11)
توفيق رجاء الله الشماسي الحربي


هذه الخواطر سبق وأن كتبتها في منتدى أنا المسلم
والآن أقدمها بقالب آخر, والعزم بأني سوف أضيف عليها حلقات أخرى فيما بعد إن شاء الله, فإن أصبت فمن الله, وإن أخطأت فمني ومن الشيطان.
1- طاعاتك بين النشاط والكسل: قاعدة ذهبية
-.
جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((أن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى ومن كانت إلى غيرذلك فقد هلك‏))
فلابد لكل نفس من شرة (رغبة وهمة), وفترة (تراجع وضمور).
القاعدة الذهبية العامة في ذلك:
أن الإنسان إذا رأى من نفسه نشاطا وإقبالاً على الطاعة فليقدم ما يستطيعه من ألوان العبادات, فلو وجد من نفسه انشراحاً لقراءة القرآن فليقرأ ما يمكنه ولو القرآن كله، أو قراءة كتاب، وهكذا في سائر الطاعات,
وإن وجد من نفسه تراجعا وخمولاً ومللاً فليدع ذلك ولو اقتصر على الواجبات، حتى إذا علت عزيمته ورغبته، جاء منشرحا مشتاقاً للتزود من العبادات.
وباختصار لا تعصي الله في هبوط همتك وإيمانك، واجتهد بما تستطيع في علوهما.
وهذا يتناسب وينسجم مع روح الشريعة الوسط، والتي تهتم بالكيف لا بمجرد الكم
قال الله - تعالى –(الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً),وقال - تعالى –(إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا).
كما أن ذلك أدعى لإقبال النفس على الطاعات بلا ملل قد يقطع العمل بالكلية.
كما فيه من بقاء أثر الطاعة على القلب وانعكاسها على القلب والجوارح.
= = = = = = = = = = = = =



2- مرتع الأفكار المتناقضة
كم هو متعب جداً؛ أن توافق الأشخاص في رؤاهم
لا لأنك تعتقد ما يعتقدون؛ بل لكسب خواطرهم
وألا تخرج عن دائرة ودهم!!
نعم يمكن أن تجامل؛ لكن لا تخرج بك هذه المجاملة عن حيز الحق
ويمكن أن تعارض؛ ولكن بلباقة وتهذيب!!
من يسير على مبدأ واحد لا يحيد عنه لهوى
ولا يتنازل عنه لعَرَضٍ,تجده قرير البال, مرتاح الضمير,لا يتكلف مصانعة الناس, وتلمس رضاهم الذي لن يناله.
بل مبدأه " الحق " لا يزيغ عنه
به يتعامل مع الناس، وبه يُعرف بين الناس
فيسلم بداية من الحرج,ونهاية من التزلف والتناقض
وهذا للتشتت أدفع، وللتناقض أمنع
وإلا لكان رأس أحدنا مرتعاً للأخلاق المتناقضة
= = = = = = = = = = = = =



3- لا تسرف في الوعود مع الآخرين!

معنى هذه الفائدة استفدتها من الشيخ سليمان اللهيميد نفع الله به وحفظه.
إن لم تكن مرتبا لأوقاتك, وضابطاً لأحوالك.
فلا تضرب لأحد موعداً.
حتى لا تقع في الإثم والحرج من أخيك
وربما التهمة في عرضك.
= = = = = = = = = = = = =



4- قاعدة لوأد العجب.

يامنْ منَ الله عليك بالاستقامة؛ احذر داء العجب
قال الله - تعالى –(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
تذكر أيها المستقيم قوله - تعالى –(كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم).
ثم انتبه!!
لقد قال -الله تعالى-( ومابكم من نعمة فمن الله).
فأنت أيها الإنسان الحقير؛ لن تحص نعم الله عليك.
وإن كنت عاجزاً عن أن تحصي نعم الله عليك, فعجزك عن شكرها من باب أولى.
فالفقر والضعف ملازمان لنا أنى سرنا وأنى أرتحلنا.
قاعدة لوأد العجب.
= = = = = = = = = = = = =



و ليكن شعارك: لا تقع عيناك على مسلم إلا ظننته خيراً منك:
إذا رأيته أعلم منك فقل: لعله عند الله خير مني؛ علم, وعمل, وتعليم, ودعوة.
إن كنت أعلم منه فقل: قد أكون مقصراً بعمل ما أعلم أو الدعوة إليه أوتعليمه.
إن كان ذا مال فقل: لعله ينفق منه في أوجه الخير فيكون خيراً مني.
إن كان فقيراً فقل: لعله بفقره سلم من الحجة والفتنة وأثيب على صبره.
إن كان أسن منك فقل: سبقني بالصالحات, فلعل أجره أعظم مني
إن كان أصغر منك فقل: لعله أقل مني ذنوباً...... وهكذا
فلا تقع عيناك على مسلم إلا ظننته خيراً منك.
= = = = = = = = = = = = =



5- امح رواسب الجاهلية
قد يستقيم المرء على دين الله؛ لكن تبقى بعض الرواسب كامنة فإذا ما أستثيرت ظهرت كالتعصب للأنساب، والغيبة، والكذب، والشفاعة المذمومة, والمحسوبيات... وغير ذلك
وتجده يملك نفسه عن السرقة, والزنى, وشرب الخمر, ولا يملك لسانه,
لا؛ بل يلزمك أيها المستقيم على دين الله أن تمح كل رواسب الجاهلية
ولنتذكر, إن الاستقامة شاملة ولنوطن أنفسنا على ذلك
قال الله - تعالى –(يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة).
اللهم أعنا على ذكرك, وشكرك, وحسن عبادتك.... آمين.
= = = = = = = = = = = = =



6- بمنظار الدعوة والحكمة

هل انتقم النبي - صلى الله عليه وسلم - من كفار قريش لما أمكن منهم عام الفتح؟ مع أنهم بالغوا في أذيته ولحقه أذاهم حتى بعد طردهم له وأصحابه من بلدهم؟!
هل نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه القضية من منظور شخصي أم من منظور دعوي؟!
هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتقم لنفسه؟ ولماذا؟
قد تدعو إنساناً ثم إذا أثقل عليك, انتقمت لنفسك, أو أحسن الأحوال غضبت وتركته.
قد يكون من الحكمة التغاضي عن كلمة, أو حق فواته لا يضرك, فتكون كسبت شخصا مقابل عرض زائل في حياة زائلة.
إلا الغلط، إلا نفسي أهم شيء لا أنغلب.
هذه عبارات اجعلها وراءك، فهي ليست لك وأنت من يحمل بين جنبيه هم الدعوة والإصلاح
وأنت في البيت، في العمل، في الشارع.... أينما تكون.
انظر دائماً بمنظار دعوي واسع, لا شخصي ضيق, وتذكر أن العفو هو الأصل إلا لمصلحة راجحة
= = = = = = = = = = = = =



7- العزلة المنضبطة
في العزلة إصلاح الدين,وإصلاح النفس, وتقويم إعواجها, ومحاسبتها.
والتفكر في عاقبة الأموروحفظ للجوارح، وتفرغ للعلم والعبادة.
وصيانة من الفتن.
وفوائد لا يحصي منتهاها إلا الله:
قال - تعالى -في إبراهيم - عليه السلام – (فلما أعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له اسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا).
وقال - صلى الله عليه وسلم - ((ليسعك بيتك وأمسك عليك دينك وابك على خطيئتك)).
وكل ذلك فيما لا يكون معه فوات لفريضة أو فضيلة راجحة, فكما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ((المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)).
= = = = = = = = = = = = =



8- ابتلاء وفتنة

الامتحان والابتلاء سنة من سنن الله الماضية على عباده.
قال الله - تعالى –(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).
والابتلاء أشكاله كثيرة: يكون بالمرض, والصحة, والفقر, والغنى, والنفس, والأهل, والمال, والولد,.... والشر فتنة، والخير فتنة.
وأعظمها مايكون في الدين، فهو رأس المال, وقد لا تكون مباشرة؛ بل تكون بابتلاء يحصل معه طغيان أو تذمر وتسخط وجزع فيكون مردوده على دين المرء.
وقد يخرج المرء من الابتلاء بعظيم الحسنات, وتكفير السيئات, والتمكين له, والعاقبة المحمودة.
فالمصائب دواؤها الصبر واحتساب الأجر من الله.
والفتن في توقيها مكمن السلامة.
وإن تعرضت لها قدراً فاتق الله ولذ به, ولا تتبع النفس الهوى.
وعند غلبة النفس لك والشيطان فالتوبة التوبة.
وقد يتعرض الإنسان لفتنة كان يتمناها قبل زمن الاستقامة, ولم يتمكن منها فتأتيه الآن مشرعة امتحاناً له.
يقول الشيخ محمد محمد المختار - حفظه الله – "إن المواقف التي تمر عليك وأمامك إنما هي امتحان من الله لينظر ما أنت فاعل". (بالمعنى من أحد أشرطته).
أسأل الله لي ولكم السلامة والعافية في الدنيا والآخرة.
= = = = = = = = = = = = =



9- الكلام عند غير المنصفين مختلف!!
لا أتكلم عن غير المنصفين الواضحين للعيان, لالا
لكن أعني أولئك الذين تشعر بلطفهم فعلاً؛ لكنهم يختزنون بعض الكلمات والمواقف ببراءة؛
لكنهم يستعملونها سياطاً ضدك فلا تشعر إلا وقد رُميت بها!.
وقد بتروا من لفظك سابقه ولاحقه!.
والمواقف شاهدة.
وليس خبثاً منهم لكن لتقوية مواقفهم!
وعلى قاعدة (اللي تغلب به إلعب به).
هولاء ما أجملهم؛ لولا أنهم يحيدون عن المبدأ.
مثل هولاء ينبغي؛ أن يكون التخاطب معهم بكلام ليس حمال أوجه ودون إسهاب.
= = = = = = = = = = = = =



10- لا يلزم من النقاش الاقتناع !
للأسف كثير منا يريد إقناع أخيه المقابل بالقوة والتشنج.
إن لم يقتنع لرأيك؛ لأن رأيه أصوب فهنا كن رجاعاً للحق.
لكن الكلام على من لم يقتنع بسبب التعصب.
أو هو أراد أن يقنعك برأيه تعصباً بلا برهان أو منطق.
فيطول الكلام, وتعلو الأصوات, وتمر الأوقات, وتنشئ الخصومات, والنتيجة لا شيء؛ كل متمسك برأيه.
فهنا, ما أجمل أن تقول له وبهدوء: يا أخي عرضتَ مالديك, وعرضتُ مالدي, ولا يلزم أن تجبرني أن أقبل برأيك، ولا يلزم أن أجبرك أنا برأيي.
ثم إن هذا أيضاً قد يحصل مع طرفين كلاهما طلاب للحق، لكن كل يتناول الموضوع من زاوية وينظر له من جهة.
فنحن إذا سلمنا بأن ليس لازم النقاش القناعة في كل الأحوال
منعنا أنفسنا ظنوناً طائشة، وأوقات مهدرة، وخصومات كائنة.
= = = = = = = = = = = = =



11- لا يلزم أن ترد..
كثير من الناس, وربما أنا وأنت منهم.
كلمة حقيرة انطلقت من شخص؛ يقصدها ربما أو لا يقصدها
لا يلزم أن نستفسر عن مقصده؟
ونحمل أنفسنا ماكنا في غنى عنه.
فتتركها تمر قد يكون, هو عين الحكمة
بل أحياناً تكون الكلمة صريحة, ودواؤها يكمن في تركها.
نعم المسلم مطالب بالذب عن عرضه مما يشوبه
لكن أحياناً قد يكون لا فائدة من الرد.
بل ربما الرد يوسع المشكلة؛ التي لو سكتَّ لمرت سلاماً
يتصور بعض الناس أنه لابد أن يقابل كل كلمة بكلمة
وربما تبجح بأنه يرد الصاع صاعين, ويظن نفسه قد أحسن عملاً, وليس هذا بصحيح.
بل القوي الذي يملك زمام تصرفاته؛ خاصة عن الغضب
كما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)) متفق عليه
قد جربت هذا الخلق فوجدت أثره فوق الوصف
ولا أخفيكم أن الأمر قد يشق على النفس
فلابد إذن من حمل النفس عليه حملاً
صن النفس واحملها على ما يزينهـا *** تعش سالمـاً والقـول فيـك جميـل
ولا توليـن الـنـاس إلا تجـمـلاً *** نبـا بـك دهـر أو جفـاك خليـل
أسأل الله أن يهدينا لأحسن الخلق, وأن يصرف عنها سيئها