علاقة الشرك بالإفساد في الأرض

قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تُفسِدُوا في الأرض بَعدَ إِصلَاحها ﴾. [الأعراف 56]. قال أكثر الفسرين: لا تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة اللهِ بعد إصلاح الله إياها ببعث الرسل وبيان الشريعة، والدعاء إلى طاعة الله؛ فإنَّ عبادة غير الله والدعوةَ إلى غيره والشرك به هو أعظم فساد في الأرض. بل فساد الأرض في الحقيقة إنَّما هو الشرك به ومخالفةُ أمرِه؛ قال تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾ [الروم: 41].
وبالجملة فالشِّرْكُ والدَّعوةُ إلى غير اللهِ وإقامة معبودٍ غيره ومُطاعِ مُتَّبَعٍ غير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو أعظم الفساد في الأرض. ولا صلاح لها ولا لأهلها إلَّا بأن يكون الله وحده هو المعبود، والدعوة له لا لغيره، والطاعة والاتباع لرسولِه ليس إلَّا، وغيره إنَّما تجب طاعتُه إذا أمر بطاعة الرسول، فإذا أمر بمعصيته وخلافِ شريعتِهِ فلا سمع له ولا طاعة؛ فإنَّ الله أصلح الأرض برسوله ودينه، وبالأمر بتوحيده، ونهى عن إفسادها بالشرك به، وبمخالفة رسوله.
ومَن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله، وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدوٍ وغير ذلك فسببه مخالفة رسوله والدعوة إلى غير الله ورسوله. [انظر «التفسير القيم» لابن القيم ص 255].
المصدر: «رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع»