السؤال عن الخاطب ( معايير وأخطاء )
مازن بن عبد الكريم الفريح
لا شك أن عقد النكاح من أغلظ العقود وأوثقها، وأعظم المواثيق وأقدسها، ولهذا عني الشارع الحكيم في وضع معايير انتقاء طرفي العقد وبيان الصفات التي إذا روعيت كان ذلك من أعظم أسباب استقرار النكاح وديمومته، وقد أثبت الواقع أن تجاوز هذه المعايير، والتهاون بهذه الضوابط يؤدي إلى الكثير من المشكلات التي تهدد استقرار الأسرة وتصدع جدرانها بل وربما تنسف أركانها. والملاحظ أن كثير من الآباء تهاونوا في التحقق من صفات الخاطب مما جعل نسبة الطلاق تقفز إلى معدلات مخيفة في دول الخليج، إذ بلغت عام 1995م 29% ونسبة الطلاق قبل الدخول 12% لنفس العام. وهي بلا ريب في تصاعد مخيف.. لذا كان الواجب على كل أب أو ولي أمر أن يتقي الله في موليته وأن ينصح لها في هذا العقد العظيم الذي ينبني عليه سعادتها أو تعاستها، وذلك من خلال مراعاته لصفات الخاطب والمعايير التي ينبغي مراعاتها والسؤال عنها حال الخطبة للتحقق من صلاح الخاطب وأهليته.
ومن أهم المعايير:
1) و 2) الدين والخلق؛ وهما معياران أساسيان فيمن نرضاه ليكون زوجاً لبناتنا وقد ذكرهما الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صفات من إذا خطب فهو جدير بأن يزوّج فقال: [إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه].
فالتقي إذا أحب زوجته أكرمها وإذا كرهها لك يظلمها. كما أن حسن الخلق يقتضي حسن العشرة وطيب المعاملة.
3) القدرة على تحمل المسئولية:
ويمكن التحقق من ذلك من خلال صفات الرجولة ونضوج العقل.. وإذا كان الحق - عز وجل - قد نهى عن إيتاء السفهاء الأموال، وأمر بصيانتها فمن باب أولى أن تصان الأعراض وفلذات الأكباد أن يعبث بها السفهاء والطائشون الذين لا يقدرون الحياة الزوجية، فتجد كلمة الطلاق على طرف ألسنتهم. يرسلونها عجلى لأدنى مشكلة عارضة.
4) القدرة على النفقة وتأمين مستلزمات الحياة:
الزواج له تبعات مادية ومسؤوليات معاشية فلا بد أن يكون المتقدم للزواج قادراً عليها ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: [يا معشر الشباب ما استطاع منكم الباءة فليتزوج..] ولم يرض الرسول - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت قيس معاوية - رضي الله عنهما -عندما خطبها فقال: [أما معاوية فصعلوك لا مال له].. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعيب على معاوية دينه وإنما بيّن عدم قدرته على تأمين المستلزمات المادية للحياة الزوجية.
5) التكافؤ في النسب.. وهي من باب الأولى والأفضل مراعاة للأعراف الاجتماعية، ودرء للمشكلات الأسرية.
6) القدر الكافي من الجمال:
فالمرأة تحب من الرجل ما يحبه الرجل منها، وقضية الجمال وإن لم تكن أساسية إلا أن لها أثراً في التجاذب وحصول المودة والإلفة.
أخطاء في السؤال عن الخاطب:
إذا ثبت هذا فلا بد من الإشارة إلى بعض الأخطاء التي تقع في مسألة السؤال عن الخاطب. ومنها:
1) الاعتماد على الأب في السؤال عن الخاطب مع ضعف دينه:
فعلى كل فتاة مخطوبة إذا كان أبوها لا يوثق في تعديله للخاطب أن تكلف أقرب الرجال العدول من محارمها ليسأل عن خاطبها.
2) الحذر من الاكتفاء بتزكية أقرباء الخاطب:
مثل: أخواته أو إخوانه أو أصدقائه. فهؤلاء تعديلهم للخاطب قد يعتريه نوع من المجاملة التي تستر بعض العيوب.
3) الإفراط أو التفريط في الشروط..
فبعض الآباء يبالغ في بعض الشروط كالمال و الوظيفة والمنصب أو يفرط في أخرى مثل معيار الدين ويكتفي بأداء الخاطب للصلاة أحياناً –على سبيل المثال- ويعد ذلك كافياً.
4) نسيان الاستخارة وإهمال الاستشارة. [ما خاب من استشار].
5) إغفال الدعاء..
فكم من شرٍ دفعه الله عن عبده بدعوة صالحة في جوف الليل وكم من خير يسّر الله لعبده بعد أن وضع جبهته على الأرض ساجداً يدعو الله أن ييسره له