تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: طغيان الطاعة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي طغيان الطاعة

    قال ابن القيم رحمه الله : حجاب أهل الكبائر الباطنة ، كحجاب أهل الكبر والعجب والرياء والحسد ، والفخر والخيلاء ونحوها .
    و حجاب أهل الكبائر الظاهرة ، وحجابهم أرق من حجاب إخوانهم من أهل الكبائر الباطنة ، مع كثرة عباداتهم وزهاداتهم واجتهاداتهم ، فكبائر هؤلاء أقرب إلى التوبة من كبائر أولئك ، فإنها قد صارت مقامات لهم لا يتحاشون من إظهارها وإخراجها في قوالب عبادة ومعرفة ، فأهل الكبائر الظاهرة أدنى إلى السلامة منهم وقلوبهم خير من قلوبهم .
    فتراه أزهد ما يكون ، وأعبد ما يكون ، وأشد اجتهادا ، وهو أبعد ما يكون عن الله ، وأصحاب الكبائر أقرب قلوبا إلى الله منه ، وأدنى منه إلى الإخلاص والخلاص .
    فانظر إلى السجاد العباد الزاهد الذي بين عينيه أثر السجود (ذو الخُوَيْصرةاعتر ض على تقسيم النبي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال له إعدل يامحمد، فرد عليه الرسول الكريم قائلا: "ويلك إن لم أعدل فمن يعدل"، فذهب الرجل فقال الرسول: "ليخرجن من ظئظء هذا أقوام تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم يقرئون القرآن لايتعدى تراقيهم يكونون دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم ادخلوه فيها)، انظر كيف أ*ورثه طغيان عمله أن أنكر على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأورث أصحابه احتقار المسلمين ، حتى سلوا عليهم سيوفهم ، واستباحوا دماءهم .

    وانظر إلى الشريب السكير الذي كان كثيرا ما يؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فيحده على الشراب ، كيف قامت به قوة إيمانه ويقينه ، ومحبته لله ورسوله ، وتواضعه وانكساره لله حتى نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لعنه .

    فظهر بهذا : أن طغيان المعاصي أسلم عاقبة من طغيان الطاعات..... .فالطاعة قد تكون سببا للطغيان والإعجاب بالنفس والرياء للخلق واحتقار الغير مما يكون سببا في سخط الله على ذلك الذي قام بالطاعة.
    وقد تكون المعصية سببا للندم والخوف من الله واحتقار النفس والإخلاص في العمل والتواضع لله سبحانه، فيكون ذلك سببا لرضا الله تعالى عن العبد...

    فرب انسان بات قائما واصبح معجبا
    ورب انسان بات مذنبا واصبح منكسرا تائبا

    فاحـــــذر كل الحذر من ان تعجبك طاعتك .. او أن ترى لنفسك قدرا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: طغيان الطاعة

    الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد القُضاعي (ت 1429هـ)-. وهو من علماء العصر المعروفين بالتحقيق، والتحرير، وسَعَة الاطّلاع، وكثرة التآليف، والغَيْرة على حُرُمات الدين.
    وكان –- عضوًا في هيئة كبار العلماء، وعضوًا في اللجنة الدائمة للإفتاء، ورئيسًا لمَجْمَع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمُنَظَّمة المؤتمَر الإسلامي.

    قال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين- في شرحه لكتاب "حِلْية طالب العلم" ص7: (أما مؤلِّف هذه الحِلْية فهو: أخونا الشيخ بكر أبو زيد، وهو من أكابر العلماء، ومن المعروفين بالحزم، والضبط، والنزاهة؛ لأنه تولّى مناصب كثيرة، وكلّ عمله فيها يدلّ على أنه أهلٌ لما تولّاه).

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: طغيان الطاعة

    - مقتطفات من كلام الشيخ العلامة بكر أبو زيد:-إنَّ القِيَم، والأقدار، وآثارها الحسان، الممتدّة على مَسارِب الزمن = لا تُقَوَّمُ بالجاه، والمنصب، والمال، والشهرة، وكَيل المدائح، والألقاب؛ وإنما قَوامها وتقويمها بالفضل، والجهاد، ورَبط العلم بالعمل، مع نُبْل نفس، وأدب جَمّ، وحُسْن سَمْت؛ فهذه وأمثالها هي التي تُوزَنُ بها الرجالُ والأعمال.----------- ويقول فى رده على غلاة التجريح - وإذا كانت هذه شناعات في مقام التجريح، فيقابلها على ألسنة شقية مقام الإطراء الكاذب، برفع أناس فوق منزلتهم ، وتعديل المجروحين , والصد عن فعلاتهم، وإن فعل الواحد منهم فعل.
    وإذا كانت: ظاهرة التجريح وقيعة بغير حق، فإن منح الامتياز بغير حق , يفسد الأخلاق، ويجلب الغرور والاستعلاء، ويغر الجاهلين بمن يضرهم في دينهم ودنياهم. ولهذا ترى العقلاء يأنفون من هذه الامتيازات السخيفة وتأبى نفوسهم من هذه اللوثة الأعجمية الوافدة . — .
    ----------------إنَّ كشفَ الأهواء، والبدعِ المُضِلَّة، ونَقْدَ المقالات المخالفة للكتاب والسُنَّة، وتَعْرِيَة الدُّعاة إليها، وهجرَهم، وتحذيرَ الناس منهم، وإقصاءَهم، والبراءةَ من فَعَلاتهم = سُنَّةٌ ماضية في تاريخ المسلمين، في إطار أهل السُّنَّة، معتمدين شَرْطي النَّقْد: العلم، وسلامة القصد.
    . ومِنْ أَلْأَم المَسالك: ما تَسَرَّبَ إلى بعض دِيار الإسلام من بلاد الكفر؛ مِنْ نَصْب مَشانق التجريح للشخص الذي يُرادُ تحطيمُه، والإحباطِ به بما يُلَوِّث وجهَ كَرامته.

    وأما وقيعةُ الفُسّاق في أهل الفضل والدِّين = فعلى شَبَهٍ ممن قال اللهُ فيهم -وإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ ۖ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا-. واستخفافُ هؤلاء بالدِّين يَحْملهم على إشاعة أشياء عن العلماء، والدُّعاة منهم، ورجال الحِسْبة فيهم، بقصد الشَناعة عليهم.
    فاعلمْ أنَّ المحترفينَ لها سلكوا لتنفيذها طُرُقًا منها:
    - أنَّك ترى الجَرّاحَ القَصَّاب كُلَّما مَرَّ على ملأ من الدُّعاة اختارَ منهم ذَبيحًا، فرماه بقذيفة من هذه الألقاب المُرَّة، تمرُقُ من فَمِه مُروق السهم من الرَّميّة، ثم يَرميه في الطريق، ويقول: أميطوا الأذى عن الطريق، فإن ذلك من شُعَب الإيمان؟!!
    - وترى دأبَه التربُّص، والترصُّد؛ عَينٌ للترقُّب، وأذنٌ للتجسُّس، كلُّ هذا للتحريش، وإشعال نار الفتن بالصالحين وغيرهم.
    - وترى هذا "الرَّمْز البَغيض" مَهْمومًا بمُحاصَرة الدُّعاة بسِلْسِلة طويلٍ ذَرْعُها، رديء متنها، تجرُّ أثقالًا من الألقاب المُنَفِّرة، والتُّهَم الفاجرة؛ ليَسْلُكَهم في قِطار أهل الأهواء،
    وبالجملة؛ فهذا "القطيع" هم أسوأ "غُزاة الأعراض بالأمراض" والعَضّ بالباطل في غَوَارب العِبَاد، والتفكُّه بها؛ فهم مُقَرَّنون بأصفاد: الغِلّ، والبغضاء، والحسد، والغيبة، والنميمة، والكذب، والبهت، والإفك، والهمز، واللمز، جميعُها في نَفاذ واحد.
    إنهم بحق: "رمز الإرادة السيئة" يَرْتَعون فيها بشهوة جامحة.
    نعوذ بالله من حالهم،
    فيا لله كم لهذه "الوظيفة الإبليسية" من آثار مُوجِعة للجَرّاح نفسه؛ إذا سلك غير سبيل المؤمنين. فهو لَقىً، منبوذ، آثم، جانٍ على نفسه، وخُلقه، ودينه، وأمته. من كل أبواب سوء القول قد أخذ بنصيب، فهو يقاسم القاذف، ويُقاسِم: البَهّات، والقتّات، والنَّمّام، والمغتاب، ويتصدّر الكذّابين الوضّاعين في أعزّ شيء يملكه المسلم: "عقيدته وعِرْضه".
    وكم أورثت هذه التُّهَم الباطلة من أذى للمَكْلوم بها؛ من خفقة في الصدر، ودمعة في العين، وزفرات تَظَلُّم يرتجف منها بين يدي ربه في جوف الليل، لَهِجًا بكشفها، مادًّا يديه إلى مُغيث المظلومين، كاسر الظالمين
    وفي عَصْرنا الحاضر يأخذُ الدور في هذه الفتنة دورته في مِسلاخ من المنتسبين إلى السنة، مُتَلَفِّعين بمِرْط ينسُبونه إلى السلفية –ظلمًا لها- فنصبوا أنفسهم لرمي الدعاة بالتُّهَم الفَاجِرَة، المبنية على الحُجَج الوَاهِيَة،
    صَدَقَ الأئمةُ الهُدَاة: إنَّ رميَ العلماء بالنقائص، وتصنيفَهم البائس من البَيِّنات = زَنْدَقة مكشوفة.
    لو سألتَ الجَرَّاح عن مُسْتَنَدِه وبَيِّنته على هذا التصنيف الذي يَصُكُّ به عِباد الله صكَّ الجَنْدَل = لأفلتَ يديه، يُقَلِّبُ كفّيه، مُتَلَعْثِمًا اليوم بما برع به لسانه بالأمس، ولوجدتَ نهاية ما لديه من بيّنات هي:
    وساوس غامضة، وانفعالات متوتّرة، وحسدٌ قاطع، وتوظيفٌ لسوء الظن، والظنُّ أكذبُ الحديث، وبناءٌ على الزَّعْم، وبئسَ مَطِيّة الرجل زعموا.
    فهذه النابتة تشيِّدُ الأحكامَ على هذه الأوهام المُنْهارة، والظنون المرجوحة، ومتى كانت أساسًا تُبنى عليه الأحكام؟!
    ومِنْ آحادها السخيفة
    - فلانٌ يترحَّم على فلان، وهو من الفرقة الفلانية! فانظر كيف يتحجّرون رحمة الله، ويقعون في أقوام لعلهم قد حطّوا رحالهم في الجنة.
    .ومِنْ مستندات النابتة الجَرَّاحين: تتبّع العثرات، وتلمّس الزلّات والهفوات.
    ومِنْ طرائقهم: ترتيب سوء الظن، وحمل التصرّفات قولًا وفعلًا على محامل السوء والشكوك.
    ومنه: التناوش من مكان بعيد لحمل الكلام على محامل السوء بعد بذل الهمّ القاطع للترصّد، والتربّص، والفرح العظيم بأنه وجد على فلان كذا،

    ألا إنَّ هذا التصيّد داءٌ خبيث، متى تمكّنَ من نفس = أطفأ ما فيها من نور الإيمان، وصَيَّرَ القلبَ خرابًا يبابًا، يستقبل الأهواء والشبهات، ويفرزها. نعوذ بالله من الخذلان.
    حينئذٍ يأتي السؤال: ما هي الأسباب الداعية إلى شهوة التجريح بلا دليل؟
    والجواب: أن الدافعَ لا يخلو:
    - إما أن يكون الدافع "عداوة عقدية في حسبانه" فهذا لأرباب التوجّهات الفكرية والعقدية المخالفة للإسلام الصحيح في إطار السلف.
    وهؤلاء الذين ألقوا بذور هذه الظاهرة في ناشئتنا.
    - أو يكون الدافع من تلبيس إبليس، وتلاعبه في بعض العباد بداء الوسواس، وكثيرًا ما يكون في هؤلاء الصالحين مَنْ نَفَثَ فيهم أهلُ الأهواء نفثة، فتمكّنت من قلوبهم، وحسبوها زيادة في التوقّي والورع، فطاروا بها كل مطار حتى أكلت أوقاتهم، واستلهمت جهودهم، وصدّتهم عما هم بحاجة إليه من التحصيل، والوقوف على حقائق العلم والإيمان.
    ولهذا كثرت أسئلتهم عن فلان وفلان، ثم تنزّلت بهم الحال إلى الوقوع فيهم.
    - أو يكون الدافع: "داء الحسد والغي والغيرة" وهي أشد ما تكون بين المنتسبين إلى الخير والعلم، فإذا رأى المغبون في حظّه من هبوط منزلته الاعتبارية في قلوب الناس، وجفولهم عنه، بجانب ما كتب الله لأحد أقرانه من نعمة –هو منها محروم-؛ من القبول في الأرض، وانتشار الذكر، والتفاف الطلاب حوله = أخذَ بتوهين حاله، وذمّه بما يشبه المدح، فلان كذا إلا أنه...
    وقد يسلك –وشتّان بين المسلكين- صَنيعَ المتورّعين من المُحَدِّثين في المجروحين؛ كحركات التوهين، وصِيَغ الدعاء التي تشير إلى المؤاخذات، والله يعلمُ أنه لا يريد إلا التمريض، يفعل هذا كمدًا من باب الضرب للمحظوظين بوساوس المحرومين. وكل هذا من عمل الشيطان.
    إنَّ إصدارَ أي حكم لا يخلو من واحد من مأخذين لا ثالث لهما:
    - الشريعة: وهي المستند الحق، وموئل "العدل"، وماذا بعد الحق إلا الضلال.
    - الهوى: وهو المأخذ الواهي الباطل المذموم،
    . حفلت الشريعة بنصوص الوعيد لمن ظلم، واعتدى، تُنذِر بعمومها محترفي التصنيف ظُلمًا وعدوانًا، وظنًّا وبُهتانًا، وتحريشًا وإيذاءً.
    .فالظالمُ قد ظَلَمَ نفسه، وخسرها، مُتَّبعٌ لهواه، قد بَدَّل الحق إلى الباطل، يُحَوِّل القول إلى غيره، مفترٍ، كذّاب، حُجَّته أبدًا: الهَوَى، مُتَعَدٍّ لحدود الله، ولهذا استحق هذا الوصف البَشِع: "الظالم" كما قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ٢٢٩﴾
    ﴿إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظۡلِمُونَ ٱلنَّاسَ﴾
    27. والظالِمُ: لا يُفلِح، وليس له من أنصار، والله لا يحب الظالمين، وليس للظالِم من وليٍّ ولا نصير، ودائمًا في ضلال مبين، وفي زيادة خَسار وتباب، وعليه اللعنة، وللظالِم سوء العاقبة، وقُطِع دابره، والظالِم وإن قَوِيَ فإن القوة لله جميعًا، ولا عدوان إلا على الظالمين.
    . تجريح الناس وتصنيفهم بغير حق = شُعْبة من شُعَب الظُّلم، فهو من كبائر الذنوب والمعاصي، فاحذر سلوك جادّة يمسّكَ منها عذاب.
    .ورُبَّما يُبتلى "الجَرَّاح" بمن يشينه بأسوأ مما رمى به غيره، مع ما يلحقه من سوء الذكر حيًا وميتًا، فنعوذ بالله من سوء المنقلب.
    . فيا محترفَ الوقيعة في أعراض العلماء: اعلمْ أنك بهذه المشاقّة قد خرقتَ حُرْمة الاعتقاد الواجب في موالاة أعداء الإسلام.
    . ، واعلم أن احترافك التجريح بالتصنيف مختبر ينفذ منه الناس باليقين إلى وصف منك لدخائل نفسك، وما تحمله من ميول، ودوافع، فتقيم الشاهد عليك من فلتات لسانك، وإدانة المرء من فِيه أقوى، فأحكِمْ- الرِّقابة على اللسان لا يُورِدْك موارد الهلكة، ولا تمشِ براحلة العمر –الوقت- وأنتَ تثقلها بهذه الظاهرة الفتّاكة "ظاهرة الهدم والتدمير" فتحرق في غمرتها: الجهد، والنشاط، وبواكير الحياة،
    استمسِكْ بما أنتَ عليه من الحق المبين من أنوار الوحيين الشريفين، وسلوك جادّة السلف الصالحين، ولا يحركك تهيج المرجفين، وتباين أقوالهم فيك عن موقعك فتَضِل.
    ليكن في سيرتك وسريرتك من النقاء، والصفاء، والشفقة على الخلق = ما يحملك على استيعاب الآخرين، وكظم الغيظ، والإعراض عن عِرْض من وقع فيك، ولا تُشْغِل نفسك بذكره، واستعمل: "العزلة الشعورية". فهذا غاية في نُبْل النفس، وصفاء المَعْدن، وخُلُق المسلم.
    وأنتَ بهذا كأنما تُسِفُّ الظالمَ المَلَّ.
    والأمور مرهونة بحقائقها، أما الزَّبَد فيذهب جُفَاء.

    فاحذر – الاتهامات الباطلة، واستسهال الرمي بها هنا وهناك، وانفض يدك منها = يَخْلُ لكَ وجهُ الحق،
    لا تُقرِّر المؤاخذة إلا بعد أن تأذنَ لك الحُجَّة، ويقومَ عندك قائم البرهان كقائم الظهيرة.
    يجبُ أن يكون المسلم على جانب كريم من سُمُوّ الخُلُق وعلو الهمّة، وأن لا يكون مَعْبَرًا تُمَرَّرُ عليه الواردات والمُختَلَقَات.
    يوجدُ أفراد شُغلهم الشاغل: "تطيير الأخبار كل مَطار" يَتلقّى لسانٌ عن لسان بلا تثبّت ولا رويّة، ثم ينشره بفمه ولسانه بلا وعي ولا تعقّل، فتراه يقذف بالكلام، ويطير به هنا وهناك. فاحذر طريقتهم، وادفع في وجهها،
    التزِمِ "الإنصافَ الأدبي" بأن لا تجحدَ ما للإنسان من فضل، وإذا أذنبَ فلا تفرح بذنبه، ولا تتخذ الوقائع العارضة منهية لحال الشخص، واتّخاذها رصيدًا ينفق منه الجَرَّاح في الثَّلْب والطعن.
    وأن تدعوَ له بالهداية، أما التزيّد عليه، وأما البحث عن هفواته = فذنوب مضافة أخرى.
    .الرسوخ في الإنصاف بحاجة إلى قَدْر كبير من خُلُق رفيع، ودين متين.
    احذر "الفَتّانين" دعاة "الفتنة" الذين يتصيّدون العثرات، وسِيماهم: جَعْل الدعاة تحت مطارق النقد، وقوارع التصنيف، وحَمْل المحتملات على المؤاخذات، والفَرَح بالزلّات والعثرات، ليُمسِكوا بها بالحسد، والثلْب، واتخاذها ديدنًا.

    وسِيماهم أيضًا: توظيف النصوص في غير مجالها، وإخراجها في غير براقعها؛ لتكثير الجَمْع، والبحث عن الأنصار، وتغرير الناس بذلك.
    فإذا رأيتَ هذا القطيع فكَبِّرْ عليهم، وولِّهم ظهرك، وإن استطعتَ صدَّ هجومهم وصِيالهم = فهو من دفع الصائل.
    . اعلمْ أنَّ "تصنيفَ العالِم الداعية" –وهو من أهل السنة- ورَمْيَه بالنقائص = ناقِضٌ من نواقض الدعوة، وإسهام في تقويض الدعوة، ونَكْث الثقة، وصَرْف الناس عن الخير، وبقَدْر هذا الصَدّ ينفتح السبيل للزائغين.
    قد ترى الرجل العظيم يُشار إليه بالعلم والدين، وقفز القنطرة في أبواب التوحيد على أصول الإسلام والسنة وجادّة سلف الأمة، ثم يحصل منه هفوة، أو هفوات، أو زلّة، أو زلّات.
    فلتعلمْ هنا: أنه ما كل عالِم ولا داعية كذلك يُوخَذ بهفوته، ولا يُتبَع بزلّته، فلو عُمِلَ ذلك لما بقي معنا داعية قط، وكلٌّ رادٌّ ومردودٌ عليه، والعصمة لأنبياء الله ورسله.
    نعم: يُنبَّه على خطئه، ولا يُجَرَّم به، فيُحرَم الناس من علمه، ودعوته، وما يحصل على يديه من الخير.
    .مَنْ جَرّمَ المُخطئَ في خطئه الصادِر عن اجتهاد له فيه مَسْرَحٌ شرعًا = فهو صاحبُ هوى يحمل التَّبِعةَ مرتين:
    - تَبِعة التَّجْريم.
    - وتَبِعَة حرمان الناس من علمه.

    قد ترى الرجلَ العظيم، يُشار إليه بالعلم والدين، وقد ينضاف إلى ذلك نِزاله في ساحات الجهاد، وشهود سنابك الجياد، وبارقة السيوف، ويكون له بجانب ذلك هنات وهنات [ ومخالفات فى بعض امور العقيدة والأسماء والصفات]، ومع هذا ترى نظراءه من أهل العلم والإيمان –ممن سَلِم من هذه الهنات- يشهدون بفضله، ويُقِرّون بعلمه، ويدينون لفقهه، وعلوّ كعبه، فيعتمدون كتبه وأقواله، ولا يصرفهم هذا عن هذا: "وإذا بلغ الماء قلتين = لم يحمل الخبث".
    ولا تمنعهم الاستفادة من البيان بلطف عما حصل له من عثرات، بل يبيّنونها، ويسألون الله أن يُقيل عثرته، وأن يغفرها بجانب فضله وفضيلته.
    وإذا سألتَ عن الموقف الشرعي= فأقول:
    لا تقع في مثله مع "النابتة الجَرَّاحين" المبذّرين للوقت والجهد والنشاط في قيل وقال، وكثرة السؤال
    إذا بُليتَ بالذين يأتون في مجالسهم هذا المُنكَر فى تصنيف الناس بغير حق" واللَّهَث وراءه = فبادِرْ بإنفاذ أمر الله في مِثْل مَن قال الله فيهم: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ-"تصنيف الناس بين الظن واليقين"---------
    فيا لله كم لهذه "الوظيفة الإبليسية" من آثار مُوجِعة لاهلها إذ سلك غير سبيل المؤمنين.. من كل أبواب سوء القول قد أخذ بنصيب، فهو يقاسم القاذف، ويُقاسِم: البَهّات، والقتّات، والنَّمّام، والمغتاب، ويتصدّر الكذّابين الوضّاعين في أعزّ شيء يملكه المسلم: "عقيدته وعِرْضه".
    وكم أورثت هذه التُّهَم الباطلة من أذى للمَكْلوم بها؛ من خفقة في الصدر، ودمعة في العين، وزفرات تَظَلُّم يرتجف منها بين يدي ربه في جوف الليل، لَهِجًا بكشفها، مادًّا يديه إلى مُغيث المظلومين، كاسر الظالمين
    وفي عَصْرنا الحاضر يأخذُ الدور في هذه الفتنة دورته في مِسلاخ من المنتسبين إلى السنة، مُتَلَفِّعين بمِرْط ينسُبونه إلى السلفية –ظلمًا لها- فنصبوا أنفسهم لرمي الدعاة بالتُّهَم الفَاجِرَة، المبنية على الحُجَج الوَاهِيَة،
    صَدَقَ الأئمةُ الهُدَاة: إنَّ رميَ العلماء بالنقائص، وتصنيفَهم البائس من البَيِّنات = زَنْدَقة مكشوفة.
    لو سألتَ الجَرَّاح عن مُسْتَنَدِه وبَيِّنته على هذا التصنيف الذي يَصُكُّ به عِباد الله صكَّ الجَنْدَل = لأفلتَ يديه، يُقَلِّبُ كفّيه، مُتَلَعْثِمًا اليوم بما برع به لسانه بالأمس، ولوجدتَ نهاية ما لديه من بيّنات هي:
    وساوس غامضة، وانفعالات متوتّرة، وحسدٌ قاطع، وتوظيفٌ لسوء الظن، والظنُّ أكذبُ الحديث، وبناءٌ على الزَّعْم، وبئسَ مَطِيّة الرجل زعموا.
    فهذه النابتة تشيِّدُ الأحكامَ على هذه الأوهام المُنْهارة، والظنون المرجوحة، ومتى كانت أساسًا تُبنى عليه الأحكام؟!
    ومِنْ آحادها السخيفة
    - فلانٌ يترحَّم على فلان، وهو من الفرقة الفلانية! فانظر كيف يتحجّرون رحمة الله، ويقعون في أقوام لعلهم قد حطّوا رحالهم في الجنة.
    نعم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •