حكم الجمع بين الصلوات بسبب الدراسة
- خالد عبد المنعم الرفاعي





السؤال:
السلام عليكم انا شاب 18 سنه احاول الانتظام ف الصلاه منذ شهر وانا منضبط احافظ علي صلاه الفجر في المسجد واقراء القرءان ولكن المشكله ان انا 3 ثانوي ولدروس بتاعتنا 3 و 4 ساعات و ممكن نبدا قبل المغرب نخلص بعد العشا او قبل العصر نخلص قبل المغرب ف بضطر اصلي الصلاتين ورا بعض مش عارف اعمل اي ارجو الفتوه


الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:
فمن العلوم أن تأخير الصلاة عن وقتها فضلا لا يجوز لغير عذر شرعي، فالوقت هو أعظم أركان الصلاة، حتى قدّم أهل العلم المحافظة على الوقت وعدم تضيعه عن الاشتغال بتحقيق بعض شروط الصلاة.
إذا عُلم هذا، فإن كنت تستطيع الاستئذان من الدرس لأداء الصلاة في وقتها، ثم تعود لإكمال الدرس فيتعين عليك فعل هذا، أما إن كان سيلحقك من ترك الحصة ضرر غير محتمل، أو لم تستطع فهم ما سوف يفوتك بمفرد، فيجوز لك حينئذ جمع صلاة العصر مع الظهر، والجمع بين المغرب والعشاء في حال خرج وقت المغرب وأنت لازلت داخل الحصة؛ لأن الجمع بين الصلاتين ليس مقتصرًا على المسافر، وإنما شرع الله الجمع بين الظهر والعصر تقديما في وقت الظهر أو تأخيرًا في وقت العصر، وكذلك المع بين المغرب والعشاء تقديمًا أو تأخيرًا من أجل الحاجة والمصلحة الراجحة، ورفعًا للحرج.
فإذا بأتم الدرس قبل المغرب واستمر للعشاء، فاجمع المغرب مع العشاء بغير حرج، وإذا بدأت الحصة قبل العصر وخشيت فوات وقت العصر بالكلية فصلِّه مع الظهر جمع تقديمًا؛ ففي صحيح مسلم عن ابن عباس، قال: "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، في غير خوف، ولا مطر"، في حديث وكيع: قال: قلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: "كي لا يحرَج أمته"، وفي حديث أبي معاوية: قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: "أراد أن لا يحرج أمته".
قال لنووي في "شرح مسلم: (5/ 219):
"وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة، وهو قول بن سيرين وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره بن المنذر؛ ويؤيده ظاهر قول بن عباس أراد أن لا يحرج أمته، فلم يعلله بمرض ولا غيره والله أعلم". اهـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22/ 292) في معرض كلامه أن ما شرعه الله للحاجة يجوز في الحضر والسفر: " الصلاة على الدابة والمتيمم وكأكل الميتة، فهذه جاءت للحاجة وكذلك يجوز في الحضر والجمع هو من هذا الباب. إنما جاز لعموم الحاجة لا لخصوص السفر؛ ولهذا كان ما تعلق بالسفر إنما هو رخصة قد يستغنى عنها، وأما ما تعلق بالحاجة فإنه قد يكون ضرورة لا بد منها".
وقال (22/ 292): "وأما الجمع فسببه الحاجة والعذر، فإذا احتاج إليه جمع في السفر القصير والطويل، وكذلك الجمع للمطر ونحوه وللمرض ونحوه ولغير ذلك من الأسباب؛ فإن المقصود به رفع الحرج عن الأمة".
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن طالبة أحياناً يصادف وقت دوام المدرسة قبل موعد الصلاة أي في الساعة الثانية عشر ظهراً والرابعة والنصف عصراً ولا أستطيع الصلاة في المدرسة لعدم وجود المكان المناسب للصلاة ولذلك أضطر لأن أجمع عدة فروض في آنٍ واحد تتعدى أحياناً ثلاثة فروض فما حكم صلاتي أرشدوني جزاكم الله خيراً؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما الجمع بين الصلاتين اللتين يجمع بينهما فلا بأس به في هذه الحال؛ لأنه حاجة فلها مثلاً أن تجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء، وأما الجمع بين العصر والمغرب مثلاً، فإنه لا يجوز إذ لا يجوز إخراج الصلاة عن وقتها بأي حالٍ من الأحوال، وعليها في هذه الحال إذا خافت أن يخرج وقت الصلاة الحاضرة التي لا تجمع لما بعدها عليها أن تصلىها على أي حالٍ كانت، وإذا كانت مثلاً تذهب إلى المدرسة في وقت صلاة العصر، ولا تتمكن من صلاة العصر هناك فلتجمع العصر إلى الظهر جمع تقديم، وتذهب إلى المدرسة وقد أدت الواجب عليها.
والخلاصة أنه لا يجوز للمرأة ولا لغير المرأة أن تجمع بين صلاتين لا يجوز الجمع بينهما وإنما الجمع بين الصلاتين اللتين يجوز الجمع بينهما كالجمع بين الظهر والعصر، إما تقديماً وإما تأخيراً والجمع بين المغرب والعشاء، إما تقديماً وإما تأخيراً حسبما تكون الحاجة داعية إليه". اهـ. من فتاوى نور على الدرب للعثيمين (8/ 2).

هذا؛ والله أعلم.