استعمال الزيوت والمطعومات في تنظيف وتعقيم الجسم


أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة







السؤال

الملخص: امرأة تسأل عن حُكم استعمال بعض الزيوت والمطعومات والأعشاب في تنظيف وتعقيم العورة بعد النفاس أو الحيض. التفاصيل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعض النساء يستعملنَ الملح أو بعض الأعشاب بغرض تعقيم المهبل بعد الحيض أو النفاس، أو غيرهما، وكذلك يستعملنَ بعض الزيوت لأجل الترطيب، منها زيوت تُستعمل في الطعام كزيت الزيتون، وزيوت لا تستعمل في الطعام كزيت الخزامى والليمون، كل ذلك من أجل التعطير والتعقيم، ويستعملنَ أيضًا بعض الخلطات الشعبية كالحناء، ومِن ثَمَّ عندي عدة أسئلة هي: هل يجوز استعمال المطعومات في تنظيف وتعطير منطقة العورة؟ وفي حالة عدم الجواز هل تأخذ منطقة الفَخِذين القريبة من العورة الحُكم نفسَه؟ هل تُعد الحناءُ من المطعومات؛ ذلك أن بعض الناس يستعملونها في العلاج؟ وما حُكم استعمال الصابون البلدي المغربي؟ أرجو الرد بالتفصيل، جزاكم الله خيرًا.

الجواب
أولًا: مرحبًا بكِ أيتها الأخت الفاضلة، ونسأل الله لكِ الهداية والتوفيق والسداد. ثانيًا: يجوز استخدام المطعومات في التجميل والتنظيف في أصح قولي أهل العلم، نص على ذلك الحنفية، وهي رواية عن الإمام مالك، واختاره ابن قدامة من الحنابلة، ويشترط تجنُّب السرف والتبذير؛ فالرغبة في الجمال مطلب مشروع للمرأة ومستحب أيضًا، لا سيما للمتزوجة، ولأن الأصل في استخدام الأشياء الإباحة؛ لقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29]. وقد سُئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن استعمال الحنة مع صفار البيض لتسريح الشعر؛ فقال: (لا حرج في ذلك إذا كان فيه فائدة، استعمال الحنة مع صفار البيض أو غيره من الأمور المباحة, لا بأس به إذا كان فيه فائدة للشعر بتطويله أو تلميسه، أو غيرها من مصالحه أو بقائه، وعدم سقوطه). وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن امرأة تقول: (بعض صديقاتي يستعملنَ البيض والعسل واللبن في علاج النمش والكلف الذي يظهر في الوجه، فهل يجوز لهن ذلك؟ فأجاب: (من المعلوم أن هذه الأشياء من الأطعمة التي خلقها الله عز وجل لغذاء البدن، فإذا احتاج الإنسان إلى استعمالها في شيء آخر ليس بنجس كالعلاج، فإن هذا لا بأس به، لقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾، فقوله تعالى: ﴿ لكم ﴾ يشمل عموم الانتفاع إذا لم يكن ما يدل على التحريم، وأما استعمالها للتجميل، فهناك مواد أخرى يحصل التجميل بها سوى هذه، فاستعمالها أولى... وليعلم أن التجميل لا بأس به، بل إن الله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال، لكن الإسراف فيه حتى يكون أكبر همِّ الإنسان بحيث لا يهتم إلا به، ويغفل كثيرًا من مصالح دينه ودنياه من أجله، فهذا الأمر لا ينبغي لأنه داخل في الإسراف، والإسراف لا يحبه الله عز وجل)؛ [انظر فتاوى المرأة ص 238 جمع وترتيب محمد المسند]. هذا من حيث الجواز، أما لو وجد ما يقوم مقام هذا المطعومات، لكان أولى في الاستعمال والاستخدام؛ لأن ما يقوم مقام الأطعمة في مثل ذلك كثير، ومبذول، وهو أبعد عن الترفه والترف. وأما إذا قدِّر في حال ما أو وقت ما عدمُ ما يُعين على التنظف سوى ما كان من جنس الأطعمة، أو دعت الحاجة إليه، فلا حرَج في ذلك كما تقدَّم، ولا حرج من الاستخدام في منطقة الفخِذين أو غيرها من أجزاء الجسد؛ إذ لا فرق في ذلك، أما الحناء فليست من المطعومات، أما عن الصابون المغربي، فلا حرج من استخدامه أيضًا بناءً على جواز استخدام المطعومات، وهو يتكون من الزيتون الأسود المهروس، والزيوت الطبيعية، والنبتات المحلية المغربية. أما عن استخدام الملح لتعقيم الفرج بعد الحيض أو النفاس، فلا حرج، لكن يُنصح بالبعد عنه لحساسية المهبل، وفي إدخال الماء والملح في الفرج إضرار به وتغيير من طبيعته، والمهبل مثل العين ينظِّف نفسه بنفسه، فكما أن العين ينظفها الدمع، فالمهبل تُنظفه الإفرازات الخارجة منه، ويكتفى بالغسل والتنظيف الخارجي له بعد الحيض، والسنة تنظيف الفرج بالمسك، كما نصح بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة قالت: سألت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم: كيف تغتسل من حيضتها؟ قال: فذكرتْ أنه علَّمها كيف تغتسل، ثم تأخذ فِرصةً مِن مسك فتتطهَّر بها، قالت: كيف أتطهَّر بها، قال: تطهَّري بها، سبحان الله، واستتر، قالت عائشة: واجتذبتها إليَّ وعرفتُ ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: تتبَّعي بها أثر الدم؛ [مسلم: (332)]، هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.