قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله -- وأهل الضلال، الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، هم كما قال مجاهد‏:‏ أهل البدع والشبهات؛ يتمسكون بما هو بدعة في الشرع ومشتبه في العقل، كما قال فيهم الإمام أحمد، قال‏:‏ هم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب، يحتجون بالمتشابه من الكلام، ويضلون الناس بما يشبهون عليهم‏.‏ ‏ والمفترقة من أهل الضلال تجعل لها ديناً وأصول دين قد ابتدعوه برأيهم، ثم يعرضون على ذلك القرآن والحديث، فإن وافقه احتجوا به اعتضاداً لا اعتماداً، وإن خالفه فتارة يحرفون الكلم عن مواضعه ويتأولونه على غير تأويله وهذا فعل أئمتهم، وتارة يعرضون عنه، ويقولون‏:‏ نفوّض معناه إلى اللّه، وهذا فعل عامتهم‏.‏ وعمدة الطائفتين في الباطن غير ما جاء به الرسول، يجعلون أقوالهم البدعية محكمة، يجب اتباعها واعتقاد موجبها، والمخالف إما كافر وإما جاهل لا يعرف هذا الباب، وليس له علم بالمعقول ولا بالأصول، ويجعلون كلام اللّه ورسوله الذي يخالفها من المتشابه الذي لا يعرف معناه إلا اللّه، أو لا يعرف معناه إلا الراسخون في العلم، والراسخون عندهم من كان موافقاً لهم على ذلك القول، وهؤلاء أضل ممن تمسك بما تشابه عليه من آيات الكتاب وترك المحكم، كالنصارى، والخوارج، وغيرهم؛ إذ كان هؤلاء أخذوا بالمتشابه من كلام اللّه وجعلوه محكماً، وجعلوا المحكم متشابهاً‏.‏ ‏ وأما أولئك كنفاة الصفات من الجهمية ومن وافقهم من المعتزلة وغيرهم، وكالفلاسفة فيجعلون ما ابتدعوه هم برأيهم هو المحكم الذي يجب اتباعه، وإن لم يكن معهم من الأنبياء والكتاب والسنة ما يوافقه، ويجعلون ما جاءت به الأنبياء، وإن كان صريحاً قد يعلم معناه بالضرورة، يجعلونه من المتشابه؛ ولهذا كان هؤلاء أعظم مخالفة للأنبياء من جميع أهل البدع، حتى قال يوسف بن أسباط وعبد اللّه بن المبارك وغيرهما كطائفة من أصحاب أحمد‏:‏ إن الجهمية نفاة الصفات خارجون عن الثنتين وسبعين فرقة، قالوا‏:‏ وأصولها أربعة‏:‏ الشيعة، والخوارج، والمرجئة، والقدرية‏. [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية - الجزء الثالث عشر. ]