ترجمة الشيخ عبد الغني عبد الغني بن إسماعيل بن أحمد النابلسي


هو الشيخ عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم المعروف كأسلافه بالنابلسي الدمشقي، له مصنفات عديدة ـ إلا أنه خالطها تصوف وبعض الاعتقادات الباطلة، عفا الله عنه.

وهذه ترجمته مستفادة من "سلك الدرر في أعيان القرن الثاني"

ولد بدمشق في خامس ذي الحجة سنة خمسين وألف (1050)هـ وكان والده سافر إلى الروم وهو حملٌ, وشغله والده بقراءة القرآن ثم بطلب العلم, وتوفي والده في سنة اثنين وستين وألف, فنشأ يتيماً, واشتغل بقراءة العلم.

شيوخه:

قرأ الفقه وأصوله على الشيخ أحمد القلعي الحنفي, والنحو والمعاني والبيان, والصرف على الشيخ محمود الكردي نزيل دمشق, والحديث ومصطلحه على الشيخ عبد الباقي الحنبلي, وأخذ التفسير بالمدرسة السليمية, وفي شرح الدرّ بالجامع الأموي, ودخل في عموم إجازته, وحضر دروس النجم الغزي, ودخل في عموم إجازته, وقرأ أيضاً وأخذ على الشيخ محمد بن أحمد الأسطواني, والشيخ إبراهيم بن منصور القتال, والشيخ عبد القادر بن مصطفى الصفوري الشافعي, والسيد محمد بن كمال الدين الحسيني الحسني بن حمزة نقيب الأشراف بدمشق, والشيخ محمد العيثاوي والشيخ حسين بن اسكندر الرّومي نزيل المدرسة الكلاسة بدمشق وشارح التنوير وغيره, والشيخ كمال الدين العرضي الحلبي الأصل الدمشقي, والشيخ محمد بن بركات الكوافي الحمصي ثم الدمشقي, وغيرهم وأجاز له من مصر الشيخ علي الشيراملسي.

تدريسه وما جرى له:

ابتدأ في قراءة الدروس وإلقائها والتصنيف لما بلغ عشرين عاماً, وشرع في إلقاء الدروس بالجامع الأموي في عدة فنون, وبعد العصر في الجامع الصغير ثم الأربعين النووية ثم الأذكار النووية وغيرها.

وصدر له في أول أمره أحوال غريبة وأطوار عجيبة واستقام في داره الكائنة بقرب الجامع الأموي في سوق العنبرانيين مدة سبع سنوات لم يخرج منها, وأسدل شعره ولم يقلّم أظفاره, وبقي في حالة عجيبة, وصارت تعتريه السودا في أوقاته, وصارت الحسَّاد تتكلم فيه بكلام لا يليق به من أنه يترك الصلوات الخمس, وإنه يهجو الناس بشعره, وهو برئ من ذلك - كما في ترجمته - , وقامت عليه أهالي دمشق وصدر منهم في حقه الأفعال الغير المرضية, حتى إنه هجاهم وتكلَّم بما فعلوه معه, ولم يزل حتى أظهره الله للوجود وأشرقت به الأيام ورفل في حلل الإقبال والسعود وبادرت الناس للتملي باجتلاء بركاته والترجي لصالح دعواته, وارتحل أولاً إلى دار الخلافة في سنة خمس وسبعين وألف فاستقام بها قليلاً, وفي سنة مائة بعد الألف ذهب إلى زيارة البقاع وجبل لبنان, ثم في سنة إحدى ومائة بعد الألف ذهب إلى زيارة القدس والخليل, ثم في سنة خمس ومائة ذهب إلى مصر ومن ثمة إلى الحجاز وهي رحلته الكبرى, وفي سنة اثنتي عشرة ومائة وألف ذهب إلى طرابلس الشام نحو أربعين يوماً وصنف فيها رحلة صغيرة ولم تشتهر, وانتقل من دمشق من دار أسلافه إلى صالحيتها في ابتداء سنة تسع عشرة ومائة وألف إلى دارهم المعروفة بهم الآن إلى أن مات بها, وكان يدرِّس البيضاوي في صالحية دمشق بالسليمية, وابتدأ بالدرس من سنة خمس عشرة ومائة وألف.

تصانيفه:

تآليفه ومصنفاته كثيرة، ونظمُه لا يحصى لكثرته, فمنها:

التحرير الحاوي بشرح تفسير البيضاوي - كثر الحق المبين في أحاديث سيد المرسلين - ذخائر المورايث في الدلالة على مواضع الأحاديث - توفيق الرتبة في تحقيق الخطبة - الجواب التام عن حقيقة الكلام -كتاب الجواب عن الأسئلة المائة والإحدى والستين - برهان الثبوت في تربة هاروت وماروت - النفحات المنتشرة في الجواب عن الأسئلة العشرة عن أقسام البدعة - القول العاصم في قراءة حفص عن عاصم نظماً على قافية القاف - علم الملاحة في علم الفلاحة - تعطير الأنام في تعبير المنام - جواب سؤال ورد من طرف بطرك النصارى في التوحيد - تحفة الناسك في بيان المناسك - وبغية المكتفي في جواز الخف الحنفي والرد الوفي على جواب الحصكفي في رسالة الخف الحنفي, وغيرها الكثير.

مناقبه:

كان مصون اللسان عن اللغو والشتم, لا يخوض فيما لا يعنيه, ولا يحقد على أحد, يحب الصالحين والفقراء وطلبة العلم ويكرمهم ويجلهم, ويبذل جاهه بالشفاعات الحسنة لولاة الأمور فتقبل ولا ترد, معرضاً عن النظر إلى الشهوات, رحيب الصدر كثير السخاء وله كرمات لا تحصى وكان لا يحب أن تظهر عليه ولا أن تُحكى عنه.

وفاته:

بعد أن جاوز التسعين مرض في السادس عشر من شعبان سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف (1143)هـ, وانتقل بالوفاة عصر يوم الأحد الرابع والعشرين من الشهر المذكور, وجُهِّز يوم الإثنين الخامس والعشرين من الشهر وصلّيَ عليه في داره, ودفن بالقبة التي أنشأها في أواخر سنة ست وعشرين ومائة وألف وغلقت البلد يوم موته وانتشرت الناس في جبل الصالحية لكون البيت امتلأ وغصّ بالخلق.

وقد صنَّف ابن سبطه كمال الدين محمد الغزي العامري في ترجمته كتاباً مستقلاً سمّاه "الورد القدسي والوارد الأنسي في ترجمة العارف عبد الغني النابلسي".

انتهى بتصرف من كتاب: " سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر " للمرادي.

منقول