قال الشيخ حمد بن عتيق:أصل دين جميع الرسل هو القيام بالتوحيد ومحبته ومحبة أهله وموالاتهم وإنكار الشرك وتكفير أهله وبغضهم وإظهار عداوتهم كما قال تعالى: قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم – إلى قوله – وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده.
ومعنى قوله وبدا أي ظهر وبان ـوالمراد التصريح باستمرار العداوة والبغضاء لمن لم يوحد ربه؛ فمن حقق ذلك علماً وعملاً، وصرح به حتى يعلمه منه أهل بلده، لم تجب عليه الهجرة من أي بلد كان.وأما من لم يكن كذلك، بل ظن أنه إذا تُرك يصلي ويصوم ويحج، سقطت عنه الهجرة، فهذا جهل بالدين، وغفول عن زبدة رسالة المرسلين؛ فإن البلاد إذا كان الحكم فيها لأهل الباطل عباد القبور، وشربة الخمور، وأهل القمار، فهم لا يرضون إلا بشعائر الشرك، وأحكام الطواغيت، وكل موطن يكون كذلك، لا يشك من له أدنى ممارسة للكتاب والسنة، أن أهله على غير ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.فليتأمل العاقل، وليبحث الناصح لنفسه عن السبب الحامل لقريش على إخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة، وهي أشرف البقاع؛ فإن من المعلوم: أنهم ما أخرجوهم إلا بعد ما صرحوا لهم بعيب دينهم، وضلال آبائهم، فأرادوا منه صلى الله عليه وسلم الكف عن ذلك، وتوعدوه وأصحابه بالإخراج. وشكا إليه أصحابه شدة أذى المشركين لهم، فأمرهم بالصبر والتأسي بمن كان قبلهم ممن أوذي، ولم يقل لهم: اتركوا عيب دين المشركين، وتسفيه أحلامهم؛ فاختار الخروج بأصحابه، ومفارقة الأوطان، مع أنها أشرف بقعة على وجه الأرض. {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرا}، {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً}" أ.هـ الدرر السنية 8/419-------قال أبناء الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله: "وإظهار الدين: تكفيرهم وعيب دينهم، والطعن عليهم، والبراءة منهم، والتحفظ من موادتهم، والركون إليهم، واعتزالهم؛ وليس فعل الصلوات فقط إظهاراً للدين. وقول القائل: إنا نعتزلهم في الصلاة، ولا نأكل ذبيحتهم حسن، لكن لا يكفي في إظهار الدين وحده، بل لا بد مما ذكر" أ.هـ الدرر السنية 8/413.---ويقول الشيخ العلامة عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب "فمن تدبر هذه الآيات عرف التوحيد الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه وعرف حال المخالفين لما عليه الرسل وأتباعهم من الجهلة المغرورين الأخسرين قال شيخنا الإمام رحمه الله -يعني جده محمد بن عبد الوهاب- في سياق دعوة النبي صلى الله عليه وسلم قريشاً إلى التوحيد وما جرى منهم عند ذكر آلهتهم بأنهم لا ينفعون ولا يضرون أنهم جعلوا ذلك شتماً، " فإذا عرفت هذا عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء كما قال تعالى: ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادّ الله ورسوله... ) [المجادلة: 22] الآية، فإذا فهمت هذا فهماً جيداً عرفت أن كثيراً ممن يدعي الدين لا يعرفه، وإلا فما الذي حمل المسلمين على الصبر على ذلك العذاب والأسر والهجرة إلى الحبشة مع أنه أرحم الناس ولو وجد لهم رخصة أرخص لهم،------------------------------قال الشيخ سليمان بن سحمان عند آية الممتحنة السابقفهذه هي ملة إبراهيم التي قال الله تعالى فيها: ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه فعلى المسلم أن يعادي أعداء الله ويظهر عداوتهم ويتباعد عنهم كل التباعد ولا يواليهم ولا يعاشرهم ولا يخالطهم“ اهـ ------قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: ”واذكر قول ابن القيم رحمه الله في إغاثته (إغاثة اللهفان) ولا ينجو من شرك هذا الشرك إلا من عادى المشركين في الله وتقرب بمقتهم إلى الله ...الخ. والمرء قد يكره الشرك ويحب التوحيد ولكن يأتيه الخلل من جهة عدم البراءة من أهل الشرك، وترك موالاة أهل التوحيد ونصرتهم فيكون متبعا لهواه داخلا من الشرك في شعب تهدم دينه وما بناه، وتاركا من التوحيد أصولا وشعبا لا يستقيم معها إيمانه الذي ارتضاه فلا يحب ولا يبغض لله ولا يعادي ولا يوالي لجلال من أنشاه وسواه، وكل هذا يؤخذ من شهادة أن لا إله إلا الله“ اهـ---
ويقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن : "لا يُتصور أن -أحداً- يعرف التوحيد ويعمل به ولا يعادي المشركين ومن لم يعادهم لا يقال له عرف التوحيد وعمل به" أهـ. جزء الجهاد ص167.------------------------------------------ويقول أبو الوفاء بن عقيل رحمه الله تعالى: "إذا أردت أن تعرف محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى ازدحامهم في أبواب المساجد ولا في ضجيجهم بلبيك ولكن انظر إلى مواطأتهم لأعداء الشريعة، فاللجا اللجا إلى حصن الدين والاعتصام بحبل الله المتين، والانحياز إلى أوليائه المؤمنين، والحذر الحذر من أعدائه المخالفين، فأفضل القرب إلى الله تعالى، مقت من حاد الله ورسوله وجهاده باليد واللسان والجنان بقدر الإمكان" أه من الدرر السنية - جزء الجهاد ص238.--يقول الشيخ سليمان بن سحمان في ديوان عقود الجواهر المنضدة الحسان ص76، 77:-

إظهار هذا الدين تصريح لهم بالكفر إذْْ هم معشر كفار
وعداوة تبدو وبغض ظاهر يا للعقول أما لكم أفكار
هذا وليس القلب كاف بغضه والحب منه وما هو المعيار
لكنما المعيار أن تأتي به جهراً وتصريحاً لهم وجهار-------------------------------قال الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن: "وهذا هو إظهار الدين لا كما يظن الجهلة من أنه إذا تركه الكفار وخلوا بينه وبين أن يصلي ويقرأ القرآن ويشتغل بما شاء من النوافل أنه يصير مظهراً لدينه هذا غلط فاحش فإن من يصرح بالعداوة للمشركين والبراءة منهم لا يتركونه بين أظهرهم بل إما قتلوه وإما أخرجوه إن وجدوا إلى ذلك سبيلاً كما ذكره الله عن الكفار قال تعالى: ( وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا ) [إبراهيم: 13] الآية. وقال إخباراً عن قوم شعيب: ( لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا ) [الأعراف: 88] الآية. وذكر عن أهل الكهف أنهم قالوا: ( إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذاً أبدا ) [الكهف: 20] وهل اشتدت العداوة بين الرسل وقومهم إلا بعد التصريح بمسبة دينهم وتسفيه أحلامهم وعيب آلهتهم" أهـ. الدرر - جزء الجهاد ص207. --
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ -