أو لست ثالث مسجدين
عبد الرحمن بن صالح العشماوي


قطع الطريقُ عليّ يا أحبابي
ووقفتُ بين مكابر ومحابي


ذكرى احتراقي ما تزالُ حكاية
تروى لكم مبتورة الأسبابِ


في كل عامٍ تقرؤون فصولَها
لكنكم لا تمنعون جَنابي


أوَ ما سمعتم ما تقول مآذني
عنها ، وما يُدلي به محرابي؟


أوَ ما قرأتم في ملامح صخرتي
ما سطّرته معاولُ الإرهابِ؟


أوَ ما رأيتم خنجرَ البغي الذي
غرسته كفُّ الغدر بين قِبَابي؟


أخَواي في البلد الحرامِ وطيبةٍ
يترقبانِ على الطريقِ إيابي


يتساءلان متى الرجوع إليهما
يا ليتني أسطيعُ ردّ جوابِ


وَأنا هُنا في قبضة وحشيّة
يقف اليهوديُّ العنيدُ ببابي


في كفّه الرشاش يُلقي نظرة
نارية مسمومةَ الأهدابِ


يرمي به صدرَ المصلّي كلُما
وافى إليّ مطهّرَ الأثوابِ


وإذا رأى في ساحتي متوجّهاً
للهِ ، أغلقَ دونَه أبوابي


يا ليتني أسطيعُ أن ألقاهما
وأرى رحابَهما تضمُّ رحابي


َأوَلستُ ثالثَ مسجدينِ إليهما
شدّتْ رِحالُ المسلم الأوّابِ؟


أوَ لم أكن مهدَ النبوّاتِ التي
فتحت نوافذَ حكمةٍ وصوابِ؟


أوَ لم أكن معراجَ خير مبلّغٍ
عن ربه للناس خيرَ كتابِ ؟


أنا مسجد الإسراء أفخرُ أنني
شاهدته في جيئة وذَهابِ


يا ويحكم يا مسلمون ، كانّما
عَقِمَتْ كرامتكم عن الإنجابِ


وكأنَّ مأساتي تزيدُ خضوعكم
ونكوص همّتكم على الأعقابِ


وكأنّ ظُلْمَ المعتدين يسرُّكم
وكأنّكم تستحسنون عذابي


غيّبتموني في سراديب الأسى
يا ويلَ قلبي من أشدّ غيابِ


عهدي بشدْو بلابلي يسري إلى
قلبي، فكيف غدا نعيقَ غُرابِ ؟!

وهلال مئذنتي يعانق ماعلا
من أنجمِ وكواكبٍ وسحابِ


أفتأذنون لغاصبٍ متطاولٍ
أنْ يدفن العلياء تحت ترابي؟!

يا مسلمون ، إلى متى يبقى لكم
رَجعُ الصدى، وحُثالةُ الأكوابِ ؟؟


يا مسلمون ، أما لديكم هِمّة
تجتاز بالإيمان كلّ حجابِ ؟؟


أنا ثالث البيتين هل أدركتمو
أبعادَ سرّ تواصل الأقطابِ؟!

إني رأيتُ عيونَ من ضحكوا لكم
وأنا الخبيرُ بها ، عيونَ ذئابِ


هم صافحوكم والدماءُ خضابُهم
واحرّ قلبي من أعزّ خَضَابِ


هذي دماءُ مناضلٍ ، ومنافحٍ
عن عرضه ، ومقاوم وثابِ


ودماءُ شيخٍ كان يحملُ مصحفاً
يتلو خواتَم سورة الأحزابِ


ودماءُ طفلٍ كان يسألُ أمهُ
عن سرّ قتل أبيه عندَ البابِ


إني لأخشى أن تروا في كفّ مَن
صافحتموه ، سنابلَ الإغضابِ


هم قدّموا حطباً لموقد ناركم
وتظاهروا بعداوة الحطّابِ


عجَباً أيرعى للسلام عهوده
مَنْ كان معتاداً على الإرهابِ؟؟


من مسجد الإسراء أدعوكم إلى
سفْرِ الزمان ودفتر الأحقابِ


فلعلّكم تجدون في صفحاتهِ
ما قلتهُ ، وتثمّنون خطابي!!