قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله - إنَّ العدو الخارج عن شريعة الإسلام – التتار- لما قدم دمشق خرجوا يستغيثون بالموتى عند القبور التي يرجون عندها كشف ضرهم، وقال بعض الشعراء:
يا خائفين من التتر........... لوذوا بقبر أبي عمر
أو قال:
عوذوا بقبر أبي عمر........... ينجيكم من الضـرر
فقلت لهم: هؤلاء الذين تستغيثون بهم لو كانوا معكم في القتال لانهزموا كما انهزم من انهزم من المسلمين يوم أحد، فإنه كان قد قضى: أنَّ العسكر ينكسر لأسباب اقتضت ذلك، ولحكمة الله عز وجل في ذلك.
ولهذا كان أهل المعرفة بالدين والمكاشفة- أهل الفراسة من أهل العلم - لم يقاتِلوا في تلك المرة:
ـ لعدم القتال الشرعي الذي أمر الله به ورسوله!!.
ـ ولما يحصل في ذلك من الشر والفساد!!.
ـ وانتفاء النصرة المطلوبة من القتال!!.
فلا يكون فيه ثواب الدنيا ولا ثواب الآخرة لمن عرف هذا وهذا، وإن كثيراً من القائلين الذين اعتقدوا هذا قتالاً شرعياً: أُجِروا على نياتهم.
فلما كان بعد ذلك؛ جعلنا نأمر الناس بإخلاص الدين لله عز وجل والاستغاثة به وأنهم لا يستغيثون إلا إياه لا يستغيثون بملك مقرب ولا نبي مرسل كما قال تعالى يوم بدر: "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم"، وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوم بدر يقول: "يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث" وفي لفظ "أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك".
فلما أصلح الناس أمورهم وصدقوا في الاستغاثة بربهم نصرهم على عدوهم نصراً عزيزاً، ولم تهزم التتار مثل هذه الهزيمة قبل ذلك أصلاً؛ لما صحَّ من: تحقيق توحيد الله تعالى، وطاعة رسوله ما لم يكن قبل ذلك،فإنَّ الله تعالى ينصر رسوله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)) الرد على البكري ج/ 2 ص 731-738.