حديثُ عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سُئِلَ عن الثمر المعلَّق فقال:
"مَنْ أصابَ بفِيه من ذي حاجةٍ غيرَ متَّخذ خُبنةً فلا شيءَ عليه، ومن خرجَ بشيءٍ منه فعليه غرامةُ مثلَيه والعقوبةُ، ومن سرقَ منه شيئاً بعد أن يُؤْوِيَه الجرينُ فبلغَ ثمنَ المجنِّ فعليه القطعُ".
أخرج هذا الحديثَ أبو داود في سننه والنسائيُّ في سننه الكبير والصغير والترمذي في جامعه وابن الجارود في المنتقى والحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه والبيهقي في سننه الكبير والطحاوي في شرح معاني الآثار وابن أبي شيبة في مصنَّفه وغيرهم.
ومداره على عمرو بن شعيب، واختُلِفَ عليه في إسناد هذا الحديث ومتنه، وقوَّى حديثَه هذا بعضُ أهل العلم، وخالفهم آخرون فرأوا إعلالَه، منهم الإمام مسلم بن الحجاج.
والغرضُ هنا ليس بسطَ القول في هذا الحديث، وإنما ذِكرُ هذه الفائدة النادرة، والتي وجدتُها في غير مَظِنَّتها، وهي إعلالُ الإمام مسلم لهذا الحديث.
قال رحمه الله: (الصحيحُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه أوجبَ الخُمُسَ في الرِّكاز فقط، ولا علمنا أحداً من علماء الأمصار صارَ إلى القول في اللُّقطة على حديث عمرو بن شُعيب أنها على ضربين).
وهو يشيرُ بهذا إلى ما جاءَ في بعض ألفاظ الحديث من طريق عمرو بن الحارث وهشام بن سعد ومحمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه؛ وفيه: "وسُئِلَ عن اللُّقَطة فقال: ما كان منها في الطريق الميتاء؛ والقرية الجامعة فَعَرِّفْها سنةً، فإن جاء صاحبُها فادفعْها إليه، وإن لم يأتِ فهي لكَ وما كان في الخرِبِ ففيها وفي الرِّكاز الخمس".
وقال أيضاً:
(غرامةُ المِثلَين لم تُنقَلْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في خبر أحدٍ علمناه غير عمرو بن شُعيب).
وقد نقلَ هذا عن الإمام مسلم ابنُ مفلح في الفروع (4/189).
ويبدو أنَّ مسلماً ذكرَ هذا في الجزء الذي جمعَ فيه ما استُنكِرَ من حديث عمرو بن شُعيب.
وأشارَ إلى هذا الجزء الذهبيُّ في سير أعلام النبلاء (12/579) وغيرُه.
ويحتمل أن يكون في كتاب التمييز له؛ فقد جمعَ فيه جملةً من الأخبار التي استنكرها أهلُ العلم، من حديث عمرو بن شعيب وغيره.
وظاهر عبارة ابن مفلح أنَّ مسلماً ذكره في الجزء الذي جمع فيه حديث عمرو بن شعيب، فقد قال رحمه الله في الفروع:
(وذكر مسلم صاحب الصحيح هذا الخبر في الأخبار التي استنكرها أهل العلم على عمرو بن شعيب فقال...).
وهذا النصُّ وغيره يفتح باب البحث عن نصوص من تلك الكتب والأجزاء المفقودة من خلال الكتب الموجودة.