ترجمة الإمام الإمام الحافظ، الناقد العلامة، شيخ المحدثين أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد


الإمام الحافظ، الناقد العلامة، شيخ المحدثين محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم، أبو عبد الله بن البيع الضبي الطهماني النيسابوري، الشافعي، صاحب التصانيف.

مولده في يوم الاثنين ثالث شهر ربيع الأول، سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة بنيسابور.

وطلب هذا الشأن في صغره بعناية والده وخاله، وأول سماعه كان في سنة ثلاثين، وقد استملى على أبي حاتم بن حبان في سنة أربع وثلاثين وهو ابن ثلاث عشرة سنة.

ولحق الأسانيد العالية بخراسان والعراق وما وراء النهر، وسمع من نحو ألفي شيخ، ينقصون أو يزيدون، فإنه سمع بنيسابور وحدها من ألف نفس، وارتحل إلى العراق وهو ابن عشرين سنة، فقدم بعد موت إسماعيل الصفار بيسير.

شيوخه:

والده، ومحمد بن علي المذكر، ومحمد بن يعقوب الأصم، ومحمد بن يعقوب الشيباني ابن الاخرم، ومحمد بن أحمد بن بالويه الجلاب، وأبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي صاحب ابن واره، ومحمد بن عبد الله بن أحمد الصفار، وصاحبي الحسن بن عرفة: علي بن الفضل الستوري، وعلي بن عبد الله الحكيمي، وإسماعيل ابن محمد الرازي، ومحمد بن القاسم العتكي، وأبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي الجمال، ومحمد بن المؤمل الماسرجسي، وأحمد بن محمد بن عبدوس العنزي، وأبو أحمد بكر بن محمد المروزي الصيرفي، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، وأبو علي الحسين بن علي النيسابوري الحافظ، وعلي بن حمشاد العدل، ومحمد بن صالح بن هانئ، وأبو النضر محمد بن محمد الفقيه، وأبو عمرو وعثمان بن أحمد الدقاق البغدادي، وأبو بكر النجاد، وعبد الله بن درستويه، وخلق غيرهم.

تلاميذه:

له تلاميذ كثيرون منهم: الدارقطني وهو من شيوخه، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وأبو العلاء الواسطي، ومحمد بن أحمد بن يعقوب، وأبو ذر الهروي، وأبو يعلى الخليلي، وأبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو صالح المؤذن، والزكي عبدالحميد البحيري، ومؤمل بن محمد بن عبدالواحد، وأبو الفضل محمد بن عبيدالله الصرام، وعثمان بن محمد المحمي، وأبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي، وخلق سواهم.

ثناء العلماء عليه:

قال الحافظ الذهبي: قرأت على أبي علي بن الخلال: أخبركم جعفر بن علي، أخبرنا السلفي، أخبرنا إسماعيل بن عبد الجبار، سمعت الخليل بن عبد الله الحافظ ذكر الحاكم وعظمه، وقال: له رحلتان إلى العراق والحجاز، الثانية في سنة ثمان وستين، وناظر الدارقطني، فرضيه، وهو ثقة واسع العلم، بلغت تصانيفه قريبا من خمس مئة جزء، يستقصي في ذلك، يؤلف الغث والسمين.

قال أبو حازم عمر بن أحمد العبدويي الحافظ: سمعت الحاكم أبا عبد الله إمام أهل الحديث في عصره يقول: شربت ماء زمزم، وسألت الله أن يرزقني حسن التصنيف.

قال العبدويي: وسمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: كتبت على ظهر جزء من حديث أبي الحسين الحجاجي الحافظ، فأخذ القلم، وضرب على الحافظ، وقال: أيش أحفظ أنا؟ أبو عبد الله بن البياع أحفظ مني، وأنا لم أر من الحفاظ إلا أبا علي النيسابوري، وأبا العباس بن عقدة.

وسمعت السلمي يقول: سألت الدارقطني: أيهما أحفظ: ابن مندة أو ابن البيع ؟ فقال: ابن البيع أتقن حفظاً.

قال أبو حازم: أقمت عند أبي عبد الله العصمي قريبا من ثلاث سنين، ولم أر في جملة مشايخنا أتقن منه ولا أكثر تنقيرا، وكان إذا أشكل عليه شيء، أمرني أن أكتب إلى الحاكم أبي عبد الله، فإذا ورد جواب كتابه، حكم به، وقطع بقوله.

قال ابن طاهر: سألت سعد بن علي الحافظ عن أربعة تعاصروا: أيهم أحفظ؟ قال: من؟ قلت: الدار قطني، وعبد الغني، وابن مندة، والحاكم.

فقال: أما الدار قطني فأعلمهم بالعلل، وأما عبد الغني فأعلمهم بالأنساب، وأما ابن مندة فأكثرهم حديثا مع معرفة تامة، وأما الحاكم فأحسنهم تصنيفا.

نسبته إلى التشيّع والرَّفض:

ذكر الحافظ الذهبي، عن ابن طاهر: أنه سأل أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي، عن أبي عبد الله الحاكم، فقال: ثقة في الحديث، رافضي خبيث.

قال الذهبي: قلت: كلا ليس هو رافضيا، بل يتشيع.

ويؤكد بعض الباحثين على أن موقف الحاكم رحمه الله من معاوية رضي الله عنه، لا يبلغ درجة الرفض، ولكن تشيعه أشبه ما يكون بتشيع أهل الكوفة، ****ع, والأعمش، وتشيع بعض كبار علماء أهل السنة، كالنسائي وابن عبد البر وابن جرير الطبري، والفرق بينه وبين الرفض كبير، فالأول أصحابه لا يقدحون في الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولا في عثمان رضي الله عنه، ويقدمون الشيخين رضي الله عنهما في الفضل والخلافة، ويقدمون عثمان رضي الله عنه في الخلافة ونقطة الخلاف الوحيدة بينهم وبين أهل السنة الخلص أنهم يقدمون عليا رضي الله عنه على عثمان في الفضل، وهذا وإن كان مما يخالف فيه هؤلاء إلا أنه لا يوجب تفسيقاً أو تضليلاً، وإنما الذي يوجب الفسق والتضليل هو تقديم علي رضي الله عنه في الفضل أو الخلافة على الشيخين رضي الله عنهما، أو تقديمه رضي الله عنه على عثمان في الخلافة لا الفضل كما نبه إلى ذلك شيخ الإسلام، وأما الثاني فهو مذهب خبيث يقتضي الطعن في الشيخين رضي الله عنهما وعثمان رضي الله عنه والقدح في إمامتهم وهو الذي يوجب التفسيق والتضليل.

مصنفاته:

قال الحافظ الذهبي: وقد شرع الحاكم في التصنيف سنة سبع وثلاثين، فاتفق له من التصانيف ما لعله يبلغ قريبا من ألف جزء.

منها على سبيل المثال:

الأربعون في الحديث, الإكليل في الحديث, تراجم الشيوخ, السياق في ذيل تاريخ نيسابور, فضائل العشرة المبشرة, فضائل فاطمة الزهراء رضي الله عنها, فوائد الشيوخ, كتاب المبتدأ من اللآلي الكبرى, المدخل إلى الصحيح, المستدرك على الصحيحين في الحديث, مناقب الإمام الشافعي, مناقب الصديق رضي الله عنه.

وفاته:

قال الذهبي: روى أبو موسى المديني: أن الحاكم دخل الحمام، فاغتسل، وخرج.

وقال: آه.

وقبضت روحه وهو متزر لم يلبس قميصه بعد، ودفن بعد العصر يوم الأربعاء، وصلى عليه القاضي أبو بكر الحيري.

قال الحسن بن أشعث القرشي: رأيت الحاكم في المنام على فرس في هيئة حسنة وهو يقول: النجاة، فقلت له: أيها الحاكم ! في ماذا ؟ قال: في كتبة الحديث.

مراجع الفقرة:

سير أعلام النبلاء (17/162-177), طبقات الشافعية للسبكي (4/ 157- 158). هدية العارفين في أسماء المؤلفين (/).

منقول