ذكره ابن عبد البر في المجالس (ص:70)، ومن قبله ابن قتيبة في عيون الأخبار (2/367)، ومن قبلهما أبو عبيد في غريب الحديث (4/229)، وذكره الغزالي في الإحياء (2/355).
وذكره البيهقي في شعب الإيمان وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر في تاريخ دمشق (35/217) عزاه للأكفاني وذكروه بلفظ "حصيف العقل وأريب العقدة".وقد ورد من حديث مالك بن أنس أفاده المتقي الهندي في الكنز (5/738) ومن ثم السيوطي في الجامع (26/490) ومن ثم الكاندهولي في حياة الصحابة (2/262) أن قد أورده الخطيب البغدادي في كتاب (أسماء من روى عن مالك)، قلت: وهذا الكتاب مفقود أو غير مطبوع.
أخرجه أبو عبيد القاسم في الخطب والمواعظ (1/203) فقال: حدثنا هشام بن عمار عن عمرو بن واقع قال حدثنا عروة بن رويم عن الصالحي قال:
كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح فأتاه كتابه بالجابية في مثل أذن الفأرة بكلام ما سمعت أحسن منه من أحد من الناس:
" أما بعد فإنه لا يقيم أمر الله في الناس إلا حصيف العقدة بعيد الغرة لا يطلع الناس منه على عروة ولا يحنق في الحق على الجرة ولا يخاف في الله لومة لائم ". اهـ.
وهذا إسناد ضعيف، فيه عمار بن هشام السلمي "صدوق كبر فاختلط فصار يتلقن" كذا قال الحافظ ابن حجر وقبله أبو حاتم الرازي، إذ رواية عروة بن رويم عن الصالحي قد تلوكها ألسنة الرواة المتصفون بالوهم سيما أن قد خولف فرواه غيره مرسلًا عن عروة بن رويم من الذين يرسلون كثيرًا.
فأخرج ابن أبي الدنيا في الإشراف (109) ومن طريقه ابن عساكر (44/279) فقال: نا عبد الرحمن بن صالح الأزدي نا إسماعيل بن عياش عن محمد بن يزيد الرحبي ومحمد بن الحجاج الخولاني عن عروة بن رويم اللخمي قال:
كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح كتابا فقرأه على أناس بالجابية من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى أبي عبيدة بن الجراح: "سلام عليكم أما بعد "، فذكره، ثم قال: "السلام عليكم".اهـ.
وهذا إسناد ضعيف، به انقطاع، وهذا هو الأشبه فرواية ابن عياش عن الشاميين أعدل عن غيرهم والراوي لها دمشقيان.
-ولكن يشهد له ما أخرجه البلاذري في الأنساب (10/326) فقال: الْمَدَائِنِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ:
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَنْ يُقِيمَ أَمْرَ اللَّهِ فِي النَّاسِ إِلا عَفِيفُ الْفِعْلِ، بَعِيدُ الْقَعْرِ، لا يُطَّلَعُ مِنْهُ عَلَى عَوْرَةٍ وَلا يَحْنَقُ عَلَى جَرَّهُ، ولا يأخذه في الحق لومة لائم. اهـ.
وهذا إسناد ضعيفٌ، به انقطاع بين عبد الرحمن بن طلحة وعمر رضي الله عنه، ذكره ابن عساكر في تلاميذ أبان بن الوليد.
- وله شاهد أخرجه ابن سليمان الخطابي في غريب الحديث (2/89) فقال أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:
لا يَصْلُحُ أَنْ يَلِيَ هَذَا الأَمْرَ إِلا حَصِيفُ الْعُقْدَةِ قَلِيلُ الْغِرَّةِ الشَّدِيدُ فِي غَيْرِ عُنْفٍ اللَّيِنُ فِي غَيْرِ ضعف الجواد في غير سرف البخيل فِي غَيْرِ وَكْفٍ.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بن المكي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا قتيبة أنبأنا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ غيلان ". اهـ.
وهذا إسناد ضعيف، به انقطاع فسالم بن غيلان التجيبي المصري في الطبقة السابعة، وابن لهيعة ضعيف الحديث.
-وله شاهد أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (8/298) فقال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ الْعَلَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِمْرَانَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:
" لَا يَنْبَغِي أَنْ يَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ - يَعْنِي أَمْرَ النَّاسِ - إِلَّا رَجُلٌ فِيهِ أَرْبَعُ خِلَالٍ: اللِّينُ فِي غَيْرِ ضَعْفٍ، وَالشِّدَّةُ فِي غَيْرِ عُنْفٍ، وَالْإِمْسَاكُ فِي غَيْرِ بُخْلٍ، وَالسَّمَاحَةُ فِي غَيْرِ سَرَفٍ، فَإِنْ سَقَطَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فَسَدَتِ الثَّلَاثُ ". اهـ.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا، فيحيى بن العلاء "رمي بالوضع"، كذا قال الحافظ.
- وله شاهد أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (8/299) فقال: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:
" لَا يُقِيمُ أَمَرَ اللَّهِ إِلَّا مَنْ لَا يُصَانِعُ، وَلَا يُضَارِعُ، وَلَا يَتْبَعُ الْمَطَامِعَ، وَلَا يُقِيمُ أَمَرَ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ يَتَكَلَّمُ بِلِسَانِهِ كَلِمَةً، لَا يَنْقُصُ غَرْبَهُ، وَلَا يَطْمَعُ فِي الْحَقِّ عَلَى حِدَتِهِ يَقُولُ: لَا يَطْمَعُ فَيَضَعَفُ ". اهـ.
وهذا إسناد ضعيف، به انقطاع، ولكن وصله أبو يوسف في الخراج (1/15) فقال: وَحَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
" لا يُقِيمُ أَمْرَ اللَّهِ إِلا رَجُلٌ لا يُضَارِعَ، وَلا يُصَانِعُ، وَلا يَتَّبِعُ الْمَطَامِعَ، وَلا يُقِيمُ أَمْرَ اللَّهِ إِلا رَجُلٌ لا يَنْتَقِصُ غَرَبُهُ، وَلا يَكْظِمُ فِي الْحَقِّ عَلَى حِزْبِهِ ". اهـ، وهذا إسناد ضعيف أيضًا، فيه رجل مبهم اسمه.
- وله شاهد أخرجه البلاذري في الأنساب (10/344) في باب رأي لعمر لأصحاب الشورى فقال: حَدَّثَنِي حَفْص بْن عُمَر العُمري عَن الْهَيْثَم بْن عَدِيٍّ عَنْ عَوَانَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ذَكَرَ مَنْ يُوَلَّى الْخِلافَةَ بَعْدَهُ فَقَالَ:
إِنْ أُوَلِّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أُوَلِّ رَجُلا صَالِحًا فِي نَفْسِهِ، أَخَافُ إِيثَارَهُ قَرَابَاتِهِ، وَأَنْ يَغْلِبُوهُ عَلَى رَأْيِهِ، وَإِنْ أُوَلِّ عَلِيًّا أُوَلِّ شُجَاعًا تَقِيًّا عَلَى دُعَابَةٍ فِيهِ، وَخَلِيقٌ أَنْ يَحْمِلَهُمْ عَلَى طَرِيقَةٍ صَالِحَةٍ، وَإِنْ أوّل الزبير فوعقة لقس فيه شراسة وشعاسة، وَإِنْ أُوَلِّ طَلْحَةَ أُوَلِّ رَجُلا ذَا بَأْوٍ وَكِبْرٍ، وَإِنْ أُوَلِّ ابْنَ عَوْفٍ أُوَلِّ رَجُلا لَيِّنَ الْجَانِبِ سَلِسَ الْقِيَادَةِ، فَلَيْسَ يُصْلِحُ هَذَا الأَمْرَ إِلا شِدَّةٌ فِي غَيْرِ عُنْفٍ، وَلِينٌ فِي غَيْرِ ضَعْفٍ، وَلَكِنِّي أَدَعُهَا شُورَى بَيْنَهُمْ فَيَخْتَارُ الْمُسْلِمُونَ لأَنْفُسِهِمْ مِنْ هَؤُلاءِ مَا شَاءُوا ". اهـ، وهذا إسناد مسلسل بالعلل.
وله شاهد ءاخر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه في ذكر الخلفاء.
- وله شاهد أخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة (3/879) فقال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكُنْتُ لَهُ هَيُوبًا، وَكَانَ لِي مُكْرِمًا، وَكَانَ يُلْحِقُنِي بِعِلْيَةِ الرِّجَالِ فَتَنَفَّسَ تَنَفُّسًا ظَنَنْتُ أَنَّ أَضْلَاعَهُ سَتَتَفَصَّدُ، فَمَنَعَتْنِي هَيْبَتُهُ مِنْ مَسْأَلَتِهِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَاتَلَ اللَّهُ النَّابِغَةَ مَا كَانَ أَشْعَرَهُ قَالَ: هِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: خَيْرًا يَقُولُ:
وَإِنْ يَرْجِعِ النُّعْمَانُ نَفْرَحْ وَنَبْتَهِجْ ... وَيَأْتِ مَعَدًّا مُلْكُهَا وَرَبِيعُهَا
وَيَرْجِعْ إِلَى غَسَّانَ مُلْكٌ وَسُؤْدَدٌ ... وَتِلْكَ الْمُنَى لَوْ أَنَّنَا نَسْتَطِيعُهَا
وَإِنْ يَهْلِكِ النُّعْمَانُ تُعْرَ مَعِيَّةٌ ... وَيُلْقَ إِلَى جَنْبِ الْفِنَاءِ قُطُوعُهَا
وَتَنْحَطْ حَصَانٌ آخِرَ اللَّيْلِ نَحْطَةً ... تُقَضْقَضُ مِنْهَا أَوْ تَكَادُ ضُلُوعُهَا
عَلَى إِثْرِ خَيْرِ النَّاسِ إِنْ كَانَ هَالِكًا ... وَإِنْ كَانَ فِي جَنْبِ الْفِرَاشِ ضَجِيعُهَا
فَقَالَ: لَعَلَّكَ تَرَى صَاحِبَكَ لَهَا؟ فَقُلْتُ: الْقُرْبَى فِي قَرَابَتِهِ وَصِهْرِهِ وَسَابِقَتِهِ أَهْلَهَا؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّهُ امْرُؤٌ فِيهِ دُعَابَةٌ، قُلْتُ: فَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: ذُو الْبَأْوِ بِأُصْبُعِهِ مُذْ قُطِعَتْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: فَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ؟ قَالَ: وَعْقَةٌ لَقِسٌ يُلَاطِمُ فِي الْبَقِيعِ فِي صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ قُلْتُ: فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ؟ فَقَالَ: رَجُلٌ ضَعِيفٌ لَوْ صَارَ الْأَمْرُ إِلَيْهِ، وَضَعَ خَاتَمَهُ فِي يَدِ امْرَأَتِهِ، قُلْتُ: فَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ؟ قَالَ: صَاحِبُ سِلَاحٍ وَرُمْحٍ وَفَرَسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَخَّرْتُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَ أَلْزَمَهُمْ لِلْمَسْجِدِ وَأَقْوَمَهُمْ فِيهِ، قُلْتُ: فَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؟ فَقَالَ: أَوَّهْ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ الْأَمْرُ إِلَيْهِ لَيَحْمِلَنَّ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ، وَوَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلَ لَيُنْهَضَنَّ إِلَيْهِ فَلَيَقْتُلَنَّ هُ، وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلَ لَيَفْعَلَنَّ، وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلَ لَيَفْعَلَنَّ، يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، لَا يَنْبَغِي لِهَذَا الْأَمْرِ إِلَّا حَصِيفُ الْعُقْدَةِ قَلِيلُ الْعِزَّةِ، لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، يَكُونُ شَدِيدًا فِي غَيْرِ عُنْفٍ، لَيِّنًا فِي غَيْرِ ضَعْفٍ، جَوَادًا فِي غَيْرِ سَرَفٍ، بَخِيلًا فِي غَيْرِ وَكْفٍ، ... إلخ".
ثم ذكر أحاديث مرفوعة في شأن الصحابة.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا ومسلسل بالعلل إلى عمر بن قيس، فيه الوليد بن مسلمة الأردني "متروك الحديث"وشيخه عمر بن قيس متروك أيضًا.
- وله ثلاث متابعات أخرى عن ابن عباس رضي الله عنه سنذكرها تباعًا إن شاء الله تعالى.
يتبع ...