حتّى متى؟!
صالح محمد جرار
حتَّى متى تلهو أُخَيَّ، وتلعبُ *** وسِنِيُّ عمركَ بعد حينٍ تنْضُبُ؟!
أَوَ ما ترى الأيّامَ تسعى خيلُها *** في ذا الطرادِ، وراصدٌ يترقَّبُ؟!
ما بين مُنْطَلَق الطرادِ وهدْأة *** إلا سُوَيعاتٌ تُعَدُّ وتُحسَبُ!
فالسَّابقون السَّابقون ولاحقٌ *** حتماً يؤولُ إلى المصير ويذهبُ!
مَن كان هيَّأَ خيلَه لطرادها *** فازتْ بسبْقٍ، والمَفازُ مُحَبَّبُ !
أمَّا الذي قد نام عن تربيبها *** خسر السِّباق وظلَّ عمراً بندبُ !
لكنَّ ندبكَ لا يرُدُّ ذُرَيْرَةً *** ممَّا مضى، قد غاب عنك المذهبُ !
****
هيَّا أفق من غفلةٍ مجنونةٍ *** قبلَ العواقبِ شرُّها متشَعِّبُ!
هيَّا اغتنم رمضانَ، يكثر خيرُه *** للرَّاغبين الخيرَ، نعم المطلبُ!
فيه الشَّياطينُ اللعينة صُفِّدَتْ *** لا تخشَها، فبذكر ربِّك تغلبُ !
لا، ليس للشَّيطان سلطانٌ على *** قلب التَّقيِّ، فنورُ ربِّك يصحبُ !
هيَّا إلى هذا المَعين مُطَهِّراً *** فكراً وقلباً من ذنوبٍ تحجُبُ!
رمضانُ بحر الخير فيه لآلئٌ *** ما حازها إلا عبادٌ تنصَبُ!
هيَّا أرِ الغفَّارَ توبةَ نادم *** واحزم أمورَك كي يبينَ المَطلَبُ!
رمضانُ روض التَّائبين، يمدُّهم *** بثمار مغفرةٍ وزُلْفى تُعجِبُ!
فادخل رياض البِرِّ واشْهَدْ غيثها *** فلعلَّ عمرَكَ بعد جدْبٍ يخصبُ!
لا تيأسَنَّ فإنَّ ربَّك راحمٌ *** مَن آب توَّاباً، وعينٌ تَسكبُ!
فاسكبْ دموع ندامةٍ متطهِّراً *** بطَهور دمعك من معاصٍ تلْهِبُ!
هذي الدُّموعُ وثيقةٌ تصف الضَّنى *** في غربةٍ قد كنت فيها تلعبُ!
لكنَّه لَعِبٌ يدَنِّس أنفساً *** لا لِعبُ أطفالٍ بريءٌ يُطربُ!
هو لِعب شيطان الذُّنوب مُزَيِّناً *** كلَّ القبائح كي يطيبَ الملعبُ!
هيَّا تطهَّرْ بالدُّموع غزيرة *** وكن الرَّشيدَ، بصالحٍ تتقرَّبُ!
****
هذي عزيمة نادمٍ مُتَبَصِّرٍ *** لا، لن يعودَ إلى ضلالٍ يخلبُ!
وا ضيعةَ الضِّلِّيل غيَّبه الدُّجى *** وإذا به في حفرةٍ يتعذَّبُ!
بل إنَّه يصلى جهنَّمَ ساخطا *** فقرينه أطغاه مَن ذا يحجُبُ ؟
لا منقذٌ إلا فرارُك تائبا *** ترجو رضا الرَّحمان، يا متعذِّبُ !
لا تترك الأيام تمضي ضلَّةً *** هيَّا اغتنمها كي يزول الغيهب !
رمضان وافاك وفيه ليلةٌ *** خيرٌ من الدُّنيا، ففيها المكسبُ !
هيَّا فقمها بالصَّلاح وبالتُّقى *** هيَّا ارتقبها قبل عمرٍ يغرب!
فلعلَّ فيها سجدةً بدعائها *** تُمْحَى الخطايا، ثمَّ ينجو المذنبُ!
نفَحاتُ ربِّك فالْقَها مُتَضَرِّعا *** فهو الغفور وبابُه لا يُحجَبُ!
والذَّنبَ فاهجُرْ، ثمَّ أخلص نيةً *** وبذا يطيبُ لك المآبُ ويعذَبُ!