تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: من أعذار المتقاعسين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي من أعذار المتقاعسين

    من أعذار المتقاعسين
    يحيى بن إبراهيم اليحيى


    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وبعد،،،
    لست هنا أريد أن أكتب بحثاً فأضعُ فصولاً وأبواباً، وأطراً وحدوداً للبحث، وإنما أريد أن أتناول موضوعاً عملياً، كثيراً ما نلاحظه في حياة جمع من المسلمين على مختلف مستوياتهم، وقد يشكو منه البعض، ولا يحس به البعض الآخر، وقد يتصور فريقٌ آخرُ بأنه ظاهرةٌ صحيةٌ بسبب تدليسِ الشيطان وتزيينِه له؛ وحديثي هو سبرُ ومتابعةُ وملاحظة للذين يتساقطون في ثنايا الطريق عن متابعة أمر الدعوة والمشاركةِ فيها، في هذه الفترة التي نعيشها الآن فقط، ويبررون لأنفسهم، ويرون أن أعذارهم وجيهةٌ ومقبولة، ويعذرون بها بين يدي الله عز وجل.
    أعذار المتقاعسين أو القاعدين:
    قال في "تاج العروس":" يقال: تقاعس الرجل عن الأمر: تأخر ولم يقدم فيه". وللقاعدين المتقاعسين عن طرق الخير أعذار كثيرة تختلف باختلاف الأفراد، والبلدان، والأحوال، ومن أبرزها:
    التعلل بكبر السن : كأن يقول أحدهم: كبر سني، ورق عظمي، ويكفي ما قدمت، ويتصور هذا الأخ أن الدعوة يعتريها التقاعدُ والإحالةُ على المعاش! أما علم أن القافلةَ ساريةٌ ونهايتها الجنة، فإن تقاعد عنها فلا يلتفت إليه، وأنه ليس سنٌّ محددةٌ للعمل الصالح.. قال تعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) [سورة الحجر] قال الحسن البصري: لم يجعل الله للعبد أجلاً في العمل الصالح دون الموت.
    وعن عائشة رضي الله عنها: أن ورقة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:" وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا " رواه البخاري ومسلم وأحمد . مع كبر سنه، وذهاب بصره، وقد تمنى أن يكون فيها جذعاً قوياً فيكون نفعُهُ أكبرَ وأثرُهُ أكثرَ.
    وعن أنس: أن أبا طلحة الأنصاري قرأ سورةَ براءة، فلما أتى على هذه الآية: انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا ... (41) [سورة التوبة] قال:" أرى ربَّنا عز وجل يستنفرنا شيوخاً وشباباً، جهزوني أي بني" فقال بنوه: يرحمك الله قد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، ومع أبي بكر رضي الله عنه حتى مات، ومع عمر رضي الله عنه، فنحن نغزو عنك، فأبى فجهزوه فركب البحر فمات، فلم يجدوا له جزيرةً يدفنونه فيها إلا بعد سبعةِ أيام فلم يتغير فدفنوه فيها" [كتاب الزهد للإمام أحمد / 357] .
    وقال الإمام الشافعي:" طلبُ الراحة في الدنيا لا يصلحُ لأهل المروءات، فإن أحدَهم لم يزلْ تعباناً في كل زمان"[ الرقائق للراشد / 60]. وقيل للإمام أحمد: متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال:" عند أول قدم يضعها في الجنة" [طبقات الحنابلة 1/293].
    ونظرة في سير الأنبياء: نجد أنهم لم يبعثوا إلا بعد الأربعين، وما زالوا في دعوتهم حتى الموت، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه طعن ورأى الموت، ومع ذلك لم ينقطع عن العمل بل إنه ليواصلُ عملَهُ في صالح المسلمين وجرحُهُ يثعبُ دماً، فقد اختار مجلس الشورى ممن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، وجاءه ذلك الشاب لزيارته فأنكر عليه ما رأى من الإسبال.
    وقد: سئل حذيفة رضي الله عنه عن ميت الأحياء فقال:" الذي لا ينكر المنكر بيده ولا بلسانه ولا بقلبه".
    والبعضُ ينشغلُ في طلب الرزق ويُذهِبُ جلَّ وقته فِيه ويتعللُ بقلة ذات اليد وحاجةِ الأولاد: ونسي أن رزقه مكفولٌ له، وأن طلبَ الرزق لم يمنع الصحابةَ والتابعين وسلفَ الأمة من الدعوة والمساهمة في طرق الخير والإصلاح.. قال صلى الله عليه وسلم:[ إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعِي أَنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَها، فِاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمْ اسْتِبْطَاءُ الْرِزْقِ أَنَ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ، فَإنَّ مَا عِنْدَ الله لَا يُنَالُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ] رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وأبو نعيم عن جابر، والبزار عن حذيفة، والحاكم عن ابن مسعود، وأبو نعيم عن أبي أمامة.
    قد نادت الدنيا على نفسهـا لو كان في ذا الخلق من يسمع
    كـم واثق بالعيش أهـلكتـه وجامعٍ فرقـت ما يجمـــع
    قال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ(36)رِ جَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ(3 7) [سورة النور].
    الانشغال بالوظيفة: فيذهبُ زَهرةُ وقته فيها، ويعتذر بأنه لا يستطيع أن يشاركَ في خير ما دام عملُهُ هكذا، أو يجير وظيفتَهُ ويحسبُها في إطار الدعوة، ويخادع نفسه بذلك، وهو لا يقدم شيئاً من الأمر بالمعروف ولا النهي عن المنكر، ولاشك أن الوظيفة من وسائل الدعوة إن استغلها ووظفها في ذلك، قال سفيان بن عيينة:" من أصلح ما بينه وبين الله: أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه". قلت لأحد الأطباء: ما ذا قدمت لدينك؟ هل قلت يوماً لمريض: هل تؤدي الصلاة؟ ذكرته بمعاصيه الظاهرة؟ هل تحافظ على الأوراد؟ من الشافي المعافي؟ إنه الله . كيف تطلب الشفاء ممن تبارزه بالمعاصي؟ فكأن هذا الأخ الطبيب انتبه من غفلة، وما تصور أنه بإمكانه أن يخدم دينه ويساهم في الخير بهذه البساطة.
    يقول البعض: بأنه فاته القطارُ، وتجددت الوسائلُ وتغير الزمانُ، وأصبح لا يحسن العملَ في هذه الظروف!
    وهذا لضعفِ الشعورِ بالمسئوليةِ، وتبلدِ الإحساس، وتجمدِ الحماس . عن مالك بن دينار قال:" إن صدور المؤمنين تغلي بأعمال البر، وإن صدور الفجار تغلي بأعمال الفجور، والله تعالى يرى همومكم فانظروا ما همومكم رحمكم الله"[ كتاب الزهد للإمام أحمد / 451]. ولو كان قلب هذا يغلي، أو فيه هم للآخرة؛ لعرف كيف يخدم دينه.
    إفساح المجال للآخرين: هذه يتعلل بها كثير من المتقاعسين، وكأن المجال فيه ازدحامٌ، حتى أصبح هو عقبةً في طرقِ الخير، وليت هذا الأخَ أفسحَ المجالَ للآخرين في طلب الرزق، والوظيفة، والتي عليها قطاراتٌ من الناس ينتظرون وظيفتَهُ تشغر! قال تعالى: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُو نَ(26) [سورة المطففون] وقال سبحانه: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ(1 33) [سورة آل عمران] وقال سبحانه في وصف المؤمنين: أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ(61) [سورة المؤمنون]. وكان عمر رضي الله عنه يحاول جاهداً مسابقة أبي بكر رضي الله عنه في الخير.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" فمجموعُ أمتِه- يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- تقومُ مقامَه في الدعوة إلى الله، ولهذا كان إجماعُهم حجةً قاطعةً، فأمتُه لا تجتمعُ على ضلالة، وإذا تنازعوا في شيء ردوا ما تنازعوا فيه إلى الله وإلى رسوله. وكلُّ واحدٍ من الأمةِ يجب عليه أن يقومَ من الدعوة بما يقدرُ عليه إذا لم يقم به غيرُه، فما قام به غيره؛ سقط عنه، وما عجز؛ لم يطالب به.
    وأما ما لم يقم به غيرُه وهو قادرٌ عليه، فعليه أن يقومَ به، ولهذا يجب على هذا أن يقوم بما لا يجب على ذاك، وقد تقسطتِ الدعوةُ على الأمة بحسب ذلك تارة، وبحسب غيره أخرى، فقد يدعو هذا إلى اعتقاد الواجب، وهذا إلى عمل ظاهر واجب، وهذا إلى عمل باطن واجب، فتنوعُ الدعوة يكون في الوجوب تارة، وفي الوقوع أخرى.
    وقد تبين بهذا أن الدعوةَ إلى الله تجبُ على كل مسلم، لكنها فرضٌ على الكفاية، وإنما يجب على الرجل المعينِ من ذلك ما يقدر عليه إذا لم يقم به غيره، وهذا شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتبليغِ ما جاء به الرسول، والجهادِ في سبيل الله، وتعليم الإيمان والقرآن. وقد تبين بذلك أن الدعوة نَفسَها أمرٌ بالمعروف ونهيٌ عن المنكر، فإن الداعي طالبٌ مستدعٍ مقتضٍ لما دعا إليه، وذلك هو الأمر به، إذ الأمر هو طلب الفعل المأمورِ به، واستدعاءٌ له ودعاءٌ إليه، فالدعاء إلى الله: الدعاء إلى سبيله، فهو أمر بسبيله، وسبيلُه تصديقُه فيما أخبرَ، وطاعتُهُ فيما أمر"[ الفتاوى 15/165-166].
    التعذر بعدم البرامج والخُطط، وإلقاءُ اللوم على العلماء والمشايخ في ذلك وينتظر منهم كل شيء: ولا يفكرُ أن يضعَ برنامجاً في محيطِهِ الصغيرِ الذي يعايشه في حيه، أو موقع وظيفته، فيجلس ينتظر البرنامج بزعمه، بينما لو أراد أن يبني بيتاً لعمل لذلك خططاً تجريبة لا تحصى، إن الذي لا يعيشُ همَّ الدعوة وينامُ ويستيقظُ عليها محال أن ترد عليه أفكارٌ في تطويرها والرفع من شأنها.
    الانشغال بنقد الآخرين بأن هذا لا يحسن أن يلقي درساً، وذاك لا يعرف أن يكتب مقالاً، وفلان لا يصلح أن يشرف على عمل... الخ: قال الحسن البصري في وصف أناسٍ مثل هؤلاء لما وجدهم قدِ اجتمعوا في المسجد يتحدثون:" إن هؤلاء ملوا العبادة، ووجدوا الكلامَ أسهلَ عليهم، وقلَّ ورعُهم؛ فتحدثوا " . وقال الوليد بن مزيد: سمعت الأوزاعي يقول:" إن المؤمنَ يقولُ قليلاً، ويعملُ كثيراً، وإن المنافقَ يتكلمُ كثيراً، ويعملُ قليلاً"[ سير أعلام النبلاء (7/125)].
    قال النسابةُ البكريُّ لرؤبةَ بنِ العجاج:" ما أعداء المروءة؟ قال: تخبرني، قال: بنو عمِّ السوء: إن رأوا حسناً ستروه، وان رأوا سيئاً أذاعوه"[ مفتاح دار السعادة لابن القيم 1 / 168].
    يمشون في الناس يبغون العيوبَ لمن لا عيب فيه، لكي يستشرفَ العطبُ
    إن يعلموا الخيرَ يخفـوه، وإن علموا شـرا أذاعـوا وإن لم يعلموا كذبوا.
    يتبع

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: من أعذار المتقاعسين

    من أعذار المتقاعسين
    يحيى بن إبراهيم اليحيى



    ومن أعراض هذا المرض أيضاً: التهويلُ والمبالغةُ، واستعمال العدسةِ المكبرةِ للتفتيش عن صغائرِ الغَير.
    قال أبو هريرة رضي الله عنه:" يبصر أحدُكم القذاةَ في عين أخيه، وينسى الجذلَ أو الجذعَ في عين نفسه".
    إبرازُ الشخصياتِ المتقاعسةِ وتعليلُ النفس بهم، وأنه ليس الوحيدَ في هذا المجال: ونسي هذا الأخ بأنه يدفن وحدَه، ويبعثُ يوم القيامة وحده، وسيقفُ بين يدي الله وحده، فيومئذ: يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ...(52) [سورة غافر] نسي هذا أنه في مضمار مسابقة، وقد لام الله تعالى القاعدين فقال سبحانه: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ... (87) [سورة التوبة]. قال إبراهيم الحربي عن الإمام أحمد:" ولقد صحبته عشرين سنةً صيفاً وشتاءً وحراً وبرداً وليلاً ونهاراً، فما لقيته في يوم إلا وهو زائدٌ عليه بالأمس"[ مناقب أحمد لابن الجوزي ص140]. وذكر جرير بن عبد الحميد:" أن سليمان التيمي لم تمر ساعةٌ قطُّ عليه إلا تصدقَ بشيء، فإن لم يكن شيءٌ، صلى ركعتين"[ سير أعلام النبلاء 6199].
    الحساسيةُ المرهفةُ من النقدِ أو اللومِ: فالبعض لا يريدُ أن يلامَ أو يحاسبَ، أو ينتقدَ، فإذا واجه ذلك؛ تأثرَ وانقطعَ عن العمل، إما بالشعور بالإحباطِ بأنه لا يحسنُ، أو أنه وصل إلى مقامٍ لا ينبغي أن ينتقدَ، أو أن مثلَ فلان كيف يوجهُهُ وينتقدُهُ.. وأين هذا من عمر رضي الله عنه حيث قال: رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا!. وقال بلال بن سعد لصاحبه:" بلغني أن المؤمن مرآةُ أخيه، فهل تستريبُ من أمري شيئاً؟"[ زهد ابن المبارك /485] . وقال بعض السلف:" من حق العاقلِ أن يضيفَ إلى رأيه آراءَ العلماء، ويجمعَ إلى عقلِهِ عقولَ الحكماء، فالرأي الفذُّ ربما زلَّ، والعقل الفردُ ربما ضل".
    قد يتساقط أناسٌ بسبب أنه لا يذكرُ عملُهم أو ينوهُ به أو يحمدون عليه: وكأن عملَهم للناس، كأن يقول: ليس هنا أحدٌ يقدرُ الجهودَ، أو ينظر في النتاج، أو يحترمُ العاملين، وما عندنا أحد ينزلُ الناسَ منازلَهم!! وصدق الربيع بن خيثم رحمه الله حيث قال:" كل ما لا يراد به وجهُ الله ؛ يضمحل"[ طبقات ابن سعد 6/186]. وقال ابن الجوزي:" والصدقُ في الطلب منارٌ أين وجد يدلُّ على الجادة وإنما يتعثرُ من لم يخلص"[ صيد الخاطر ص355].. قال تعالى: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا(9) [سورة الإنسان].
    تفريغُ الطاقة في التناجي: بأن يناجي شخصاً بأن شيخَه ليس مؤهلاً، أو ليس عندَه برامجُ تواكبُ التطور، أو لا جديدَ عنده، فإذا وافقه صاحبُهُ على ذلك انتقل إلى آخر، فيحدثه بمثل ذلك الحديث.
    وليس عنده بدائل يطرحُها ولا برامجُ يقترحها، وإنما حمله الحسدُ، أو السآمةُ من العمل، أو حبُّ الرياسة والظهور، أو لا يريد أن ينقطعَ عن القافلة وحده .. قال السري: ما رأيت شيئاً أحبطَ للأعمال، ولا أفسدَ للقلوب، ولا أسرعَ في هلاك العبد، ولا أدومَ للأحزان، ولا أقربَ للمقت، ولا ألزمَ لمحبة الرياء والعجب والرياسة من قلة معرفة العبدِ لنفسه، ونظرِهِ في عيوب الناس".
    وتنافر القلوب لا يتعدى الأسباب التالية: فلتةُ لسان، أو هفوةٌ لم تغتفر، أو ظنٌّ متوهم.
    قال ابن القيم رحمه الله: من قواعد الشرع، والحكمة أيضاً، أن من كثرت حسناتُه وعظمت، وكان له في الإسلام تأثيرٌ ظاهرٌ، فإنه يحتمل منه ما لا يحتمل لغيره، وعفى عنه ما لا يعفى عن غيره، فإن المعصية خبث، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث، بخلاف الماءِ القليل، فإنه لا يحتمل أدنى خبث.
    ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر:[ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ] رواه البخاري ومسلم.
    وهذا هو المانع له صلى الله عليه وسلم من قتل من جَسَّ عليه، وعلى المسلمين، وارتكب مثل ذلك الذنب العظيم، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه شهد بدراً، فدل على أن مقتضى عقوبتِهِ قائمٌ، لكن منع من ترتبِ أثرِهِ عليه ما له من المشهد العظيمِ، فوقعت تلك السقطة العظيمة مغتفرة في جنب ما له من الحسنات، ولما حض النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة فأخرج عثمان رضي الله عنه تلك الصدقةَ العظيمةَ قال:[ مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ] رواه الترمذي وأحمد. وقال لطلحة لما تطأطأ للنبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد على ظهره إلى الصخرة:[ أَوْجَبَ طَلْحَةُ] رواه الترمذي وأحمد " [مفتاح دار السعادة 1/176] .
    من ذا الذي ترضا سجاياه كلُّها كفى المرءَ نبلاً أن تعد معايبُه
    12 - التنقلُ في الأعمال الخيرية على هيئة المذواق: كلُّ يوم في عمل، وله كل يوم منهجٌ وطريقةٌ، يمدح ذاك العملَ حيناً، ثم ينتقل إلى غيره مقدماً الجديدَ عليه حيناً آخر، وفي الأخيرِ يسقط؛ لأنه لا يرضيه شيءٌ وقد جرب كلَّ ميدان! ولو أخذ ما يناسبه والأفضلَ في حقه؛ لنال خيراً كثيراً، قال ابن القيم: وهاهنا أمرٌ ينبغي التفطنُ له: وهو أنه قد يكون العملَ المعيَّنُ أفضلَ منه في حق غيره، فالغني الذي بلغ له مالٌ كثيرٌ ونفسُه لا تسمحُ ببذل شيء منه فصدقتُه وإيثارُه أفضلُ له من قيام الليل وصيام النهار نافلة، والشجاع الشديد الذي يهاب العدوُّ سطوتَهُ: وقوفُهُ في الصف ساعة، وجهادُهُ أعداءَ الله أفضلُ من الحج والصوم والصدقة والتطوع. والعالمُ الذي قد عرف السنة، والحلال والحرام، وطرقَ الخير والشر: مخالطتُهُ للناس، وتعليمُهم ونصحهم في دينهم أفضلُ من اعتزاله، وتفريغ وقته للصلاة وقراءة القرآن والتسبيح . ووليُّ الأمر الذي قد نصبه الله للحكم بين عباده: جلوسُهُ ساعةً للنظر في المظالم، وإنصافِ المظلومِ من الظالم وإقامةِ الحدود ونصرِ المحقِّ وقمعِ المبطل أفضلُ من عبادة سنين من غيره، ومن غلبت عليه شهوةُ النساء فصومه له أنفعُ وأفضلُ من ذكر غيره وصدقته"[ عدة الصابرين لابن القيم / 93].
    التنقل بين الشيوخ أو الجماعات أو الأفكار: قال عمر بن عبد العزيز: "من جعل دينه عرضة للخصومات أكثر التنقل" . فيملُّ فيتركُ الخيرَ كله، أو يصابُ بشكوك واضطراب في آرائه وأفكاره وتوجهاته، فيصبح يشك في كل من حوله.
    فالثباتُ على منهج سليم فيما يعود على الإنسان من خيري الدنيا والآخرة؛ يقي الإنسانَ من التردد والتغيرِ؛ والتنقلِ والحيرة.
    فإذا علمت أنك على الحقِّ، ومتمسكٌ بكتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومتبعٌ لمنهج السلف الصالح؛ فلا يضيرك مخالفةُ غيرك, ولا يضعفك عن مسيرك فتنةٌ، ولايوقفُك عنه ابتلاء.
    الخوف والهلع من المخلوقين: فتتحول مراقبتُهُ وخوفُهُ ورجاؤه إلى الخلق، ويوسوس له الشيطان في كلِّ عمل أو حركةٍ بأنه مؤاخذٌ به ومؤدبٌ عليه، فيترك كثيراً من الأعمال الصالحة، والأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر؛ فتتطبعُ نفسُه ذلك، حتى لا يتمعر وجهُه في ذات الله أبداً!! قال تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(175) [سورة آل عمران] . "إن من غفلتِكَ عن نفسك، وإعراضِك عن الله، أن ترى ما يسخطُ اللهَ فتتجاوزه، ولا تأمرَ فيه ولا تنهى عنه، خوفاً ممن لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً"[الجواب الكافي لابن القيم / 44].
    ضعفُ الصلة بالله تعالى: فيقلُّ نصيبُهُ من نوافل الصيام والصلاة والصدقة، فإذا قل زادُهُ، وانتهى وقوده؛ تعطل من العمل، ولهذا كان السلف الصالح من أحرص الناس على تربية أنفسهم على التزود من الطاعات.
    الـزواج: وكثيراً ما يقع لمن تأخر عن الزواج، أو من يعدد بعد زوجة تؤذيه، فينشغلُ بلذة الشهوةِ عن الدعوة.
    عدم التوازنِ في جوانب العبادةِ وإعطاء كل ذي حقٍّ حقَّه: كما قال صلى الله عليه وسلم:[ فَقَالَ إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ] رواه البخاري والترمذي-واللفظ له- .
    [فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ] فينشغل بجوانب الخير وطرقه، وينسى بعضَ الواجبات عليه، أو يغفلُ عنها، أو يهملها، أو لا يلقي لها بالًا. وفجأة يرى نفسه- مثلاً- مفرطاً في بر الوالدين وصلة الأرحام، أو في جانب ولده وأهله، وأنه لم يقم بتربيتهم على الوجه المطلوب، أو غير ذلك من الأمور؛ فيحمٍلُ ذلك على انشغالِهِ بالدعوة، فيفتر ويتركها.
    ولو أن هذا الأخَ وازنَ بين الواجبات والمستحبات، وأعطى كل ذي حق حقه ونصيبَهُ؛ ما ترك شيئا من طرقِ الخير وأهملَهُ.
    دخولُهُ في عمل لا يتلاءمُ مع شخصيته وتكوينه وطاقاته وقدراته: فيفشل، فيصاب بإحباط؛ فيدع العمل، ولا يحاول التغيير. وقد كان الصحابة رضي الله عنهم ـ متباينين في الطاقات والقدرات، وكل أخذ بالعمل الذي يحسنه، وما رؤي أحد منهم عاطلاً عن العمل، فخالد سيف الله المسلول، وأقرؤكم أُبَي، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل. وهذا أبو ذر رضي الله عنه من أكبر المؤثرين في الدعوة، حتى أسلمت جلُّ غفار على يديه، ومع ذلك لا يصلح للإمارة كما أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    يريد عملاً يتوافق مع خواطره وتخيلاته: وهذا العمل غيرُ متمثل في واقعه، أو غيرُ ممكن تطبيقه؛ فتتحول نظراتُهُ وخواطرُهُ إلى خيالات مثالية، ويعتذر بها عند كل من يطلب منه أن يشارك في خير، أو إصلاح. . قال ابن مسعود:" إذا أراد الله بعبد خيراً سدده وجعل سؤاله عما يعينه وعلّمه فيما ينفعه"[ الإبانة 1 / 419].
    يتبع

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: من أعذار المتقاعسين

    من أعذار المتقاعسين
    يحيى بن إبراهيم اليحيى



    استعجالُ الثمرة واستبطاءُ الطريق: ونسي أنه وقف لله تعالى، يذهب مع مرادات محبوبه أينما توجهت ركائبها، لا يبتغي لها أجراً، ولا ينتظر منها ذكراً، قالت فاطمة بنت عبد الملك تصف زوجَها عمرَ بن عبد العزيز:" كان قد فرغ للمسلمين نفسَهُ، ولأمورهم ذهنه، فكان إذا أمسى مساءً لم يفرغ فيه من حوائج يومه وصل يومَهُ بليلته".
    الانفصالُ عن الأخيار العاملين: فيبقى يصارع الشيطان وحده، فيجتمع عليه الهوى، والنفسُ الأمارةُ بالسوء، والشيطانُ حتى يغلبوه، وهذا السر في قوله صلى الله عليه وسلم:[ ...فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ] رواه أحمد وأبو داود والنسائي. وقد كان السلف لا يراهنون على إخوانهم أبداً حتى وصل بهم الأمر أن يقرنوهم بالصلاة في أهميتها وعظمها:
    عن محمد بن واسع قال:" ما بقي في الدنيا شيءٌ ألذُّ به إلا الصلاةَ جماعة ولقيا الإخوان"[الزهد للإمام أحمد / 440].
    وقال الحسن البصري:" لم يبق من العيش إلا ثلاثٌ: أخٌ لك تصيب من عشرته خيراً، فإن زغت عن الطريق قومك، وكفافٌ من عيش ليس لأحد عليك فيه تبعة، وصلاةٌ في جمع تُكفى سهوَها، وتستوجب أجرَها" [تاريخ بغداد 6/99].
    التفكير العقيم بأن مجالات الدعوة محدودةٌ برقم محدد وقد أغلقت كلُّها، أو أنه لا يحسنها: فيفتر، ولا يحاول التفكيرَ بأساليبَ جديدةٍ، أو يستصعبها فيتركها. ومن ظن أن أحداً من المخلوقين كائناً من كان يستطيع أن يغلق جميع منافذ وسبل الدعوة فقد ظن بالله ظن السوء وما قدر الله حق قدره، قال تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ(8) [سورة الصف] . قال ابن القيم:" ومن ظن إدالةَ أهلِ الكفر على أهل الإسلام إدالةً تامة؛ فقد ظن بالله ظن السوء"
    عن هارون البربري قال: كتب ميمون بن مهران إلى عمر بن عبد العزيز:" إني شيخ كبير رقيق، كلفتني أن أقضي بين الناس - وكان على الخراج والقضاء بالجزيرة - فكتب إليه: إني لم أكلفك ما يُعنِّيك، اِجب الطيبَ من الخراج، واقض بما استبان لك، فإذا لبِّس عليك شيءٌ، فارفعه إلي، فإن الناس لو كان إذا كبر عليهم أمرٌ تركوه، لم يقم دين ولا دنيا"[ سير أعلام النبلاء 5 74].
    وقد تسيطر على تفكيره بعض مجالات وطرق الدعوة، ويتصور أن نشر هذا الدين والدعوة إليه لا تكون إلا بها! كمن يرى أن الدعوة هي في المحاضرات، والدروس، أو نشر شريط وكتاب، ونسي الطرق الأخرى مثل الدعوة بالقدوة الحسنة، والكلمة الطيبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصلة الرحم وتوجيههم ونصحهم، والتلطف للناس وحسن معاملتهم الخ.
    التنقل بين البلدان والاصطدام بواقع لا يعرفه: فلا يخطط للعمل في الموطن الجديد، ولا يعمل ذهنَهُ في الوسائل المناسبة، فيصطدمُ من أول يوم بوضع غير الذي يعرفُه بسبب تقصيرِه في فهم البلد وأنظمتِه، أو عاداتِ وتقاليدِ أهله، فيصاب بإحباط ويدعُ العمل. أو يتعلقُ ببلد معين ويستميت في الوصول إليه والسكن فيه بحجة أنه أفضل، أو أن البلد الذي فيه لا يستحقُّ جلوسَ أمثاله فيه. ونسي أنه عاملٌ وداعية، أرضُه وبلده التي يتمكن فيها من نشر دعوته بين الناس، وإخراجهم فيها من الظلمات إلى النور، فقد يكون بلدُ بنفسه فاضلاً على غيره، لكن المفضول أحياناً يكون أفضلَ منه للمسلم لهذه الحيثية.
    قال أبو هريرة:" لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلى من أن أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود" .
    وقال ابن تيمية:" ولهذا كان أفضل الأرض في حق كل إنسان أرضٌ يكون فيها أطوعَ لله ورسوله، وهذا يختلف باختلاف الأحوال، ولا تتعين أرض يكون مقامُ الإنسان فيها أفضلَ وإنما يكون الأفضلُ في حق كل إنسان بحسب التقوى والطاعة والخشوع والخضوع والحضور، وقد كتب أبو الدرداء إلى سلمان: هلم إلى الأرض المقدسة! فكتب إليه سلمان: إن الأرض لا تقدس أحداً، وإنما يقدس العبد عمله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد آخى بين سلمان وأبي الدرداء، وكان سلمان أفقه من أبي الدرداء في أشياء من جملتها هذا"[ مجموع فتاوي ابن تيمية 18/ 283].
    يقع في معصية فيستثمرها الشيطان، ويقول: كيف تدْعُو إلى الله تعالى وأنت وقعت في كذا وعملت كذا: فلا يزال به حتى يقعده عن العمل والطاعة، فيضيف إلى معصيته معصية أخرى ،وهي القعود عن أعمال الخير. ونسي أخونا الكريم أن الحسنات يذهبن السيئات.
    المنافسة بين الأقران: فإذا رأى أن قرينه قد فاقه في علم أو عمل تعاظم ذلك في نفسه، وكره أن يمشي معه في سبيل واحد، واختار القعود على أن يقال: إنه أقل من فلان وفلان، ونسي:[لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ] رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي وأحمد.
    حب الرياسة والعلو: فحين يرى أنه لم يتبوأ مركزاً في الدعوة، يتعاظمُ أن يكون تابعاً لغيره أنفةً وترفعاً وكبراً، وفي الحديث :[ مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ] رواه أحمد والترمذي والدارمي.
    قال الفضيل بن عياض:" ما أحب أحد الرياسة إلا أحب ذكر الناس بالنقائص والعيوب ليتميز هو بالكمال، ويكره أن يذكرَ الناسُ أحداً عنده بخير، ومن عشق الرياسة فقد تُودِّع من صلاحه". وقال عبيد الله بن الحسن العنبري:" لأن أكون ذَنَباً في الحق: أحبُّ إلي من أن أكون رأساً في الباطل"[ تهذيب التهذيب 7/7]. قال ذلك حين رجع عن أقوال له خالفت السنة، فقيل له في ذلك وأنك لم تعد في مكانتك السابقة لما كنت على تلك الأقوال.
    التفرغ لعمل علمي، أو بناء بيت أو غير ذلك لبضع سنوات: فيخمد حماسُه، ويضعف تجاوبُه مع الدعوة، وينسى كثيراً من الأساليب والأفكار، ويستجد أعمالٌ وأحوالٌ، فتعظم عليه الأمور، ويفضل أن يعيش في الظل بعيداً عن الأضواء، ويألف الوحدة والانزواء. عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ التُّجِيبِيِّ قَالَ: كُنَّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ فَأَخْرَجُوا إِلَيْنَا صَفًّا عَظِيمًا مِنَ الرُّومِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلُهُمْ أَوْ أَكْثَرُ وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ فَصَاحَ النَّاسُ وَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الآيَةَ هَذَا التَّأْوِيلَ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةَ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ الإِسْلَامَ وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرًّا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الإِسْلَامَ وَكَثُرَ نَاصِرُوهُ، فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنْهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا:وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ(195 ) [سورة البقرة] فَكَانَتِ التَّهْلُكَةُ الإِقَامَةَ عَلَى الأَمْوَالِ وَإِصْلاحِهَا وَتَرْكَنَا الْغَزْوَ" فَمَا زَالَ أَبُو أَيُّوبَ شَاخِصًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِأَرْضِ الرُّومِ. رواه الترمذي وأبو داود .
    ترك العمل بسبب ظروف طارئة، وأحوال عصيبة: ينتظر تجليتها، ويرقب الفرج، ويأمل كشف الغربة. وينسى أن تجلية الغربة لا تتأتى بالكسل والخمول، ولم يتفكر كيف كُشفت الغربة الأولى: هل جلس أبو بكر وعمر وغيرهما من الصحابة ينتظرون كشفها، أم قاموا على قدم وساق حتى كشفوها.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" كثير من الناس إذا رأى المنكر، أو تغير كثير من أحوال الإسلام، جزع وكلّ وناح كما ينوح أهل المصائب وهو منهي عن هذا، بل هو مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام، وأن يؤمن بالله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأن العاقبة للتقوى، وأن ما يصيبه فهو بذنوبه فليصبر، إن وعد الله حق، وليستغفر لذنبه، وليسبح بحمد ربه بالعشي والإبكار... وقوله صلى الله عليه وسلم:[ ثُمَّ يَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ] أعظم ما تكون غربته إذا ارتد الداخلون فيه عنه، وقد قال تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(54) [سورة المائدة] فهؤلاء يقيمونه إذا ارتد عنه أولئك. وكذلك بدأ غريباً ولم يزل يقوى حتى انتشر، فهكذا يتغرب في كثير من الأمكنة والأزمنة، ثم يظهر حتى يقيمَه الله عز وجل كما كان عمر بن عبد العزيز لما وَلِيَ قد تغرب كثير من الإسلام على كثير من الناس حتى كان منهم من لا يعرف تحريم الخمر، فأظهر الله به في الإسلام ما كان غريباً"[ مجموع فتاى ابن تيمية 18 / 295 –297].
    تمكن الشيطان من إلقاء الشبهات في قلبه وبخاصة في وقت الفتن : فيبدأ في مراجعة حساباته لا لتقويمها وسد الثغرات، ويقظة الحراسة، وإنما لتبدل القناعات لديه من غير دليل صحيح صريح. وهذا هو الذي خشيه خبير الفتن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه حينما قال له أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه:" أوصني، قال:" إن الضلالةَ حقَّ الضلالةِ أن تعرفَ ما كنت تنكر وتنكرَ ما كنت تعرف، وإياك والتلونَ في الدين فإن دينَ الله واحد"[ الإبانة 1 / 189 - 190]. وعن محمد بن سيرين قال: قال عدي بن حاتم رضي الله عنه:" إنكم لن تزالوا بخير ما لم تعرفوا ما كنتم تنكرون، وتنكروا ما كنتم تعرفون، وما دام عالمكم يتكلم بينكم غيرَ خائف"[ الإبانة 1 / 190 - 191]. وعن إبراهيم النخعي:" كانوا يرون التلون في الدين من شك القلوب في الله"[ الإبانة 2 /505].
    وقال مالك:" الداء العضال التنقل في الدين"[ الإبانة 2 / 605].
    كابد وجاهد نفسه فتعب ومل وترك العمل: ولا ندري كم من العقود جاهد وكابد فيها هذا الأخ الكريم!
    ألم يقرأ سير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قال تعالى:وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ(14) [سورة العنكبوت]. قال ابن المنكدر:" كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت". وقال الإمام ربيعة بن يزيد:" ما أذن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد إلا أن أكون مريضاً أو مسافراً ".
    كان المحدث الثقة بشر بن الحسن يقال له:" الصفي" لأنه كان يلزم الصف الأول في مسجد البصرة خمسين سنة".
    قال ابن القيم:" يا مخنث العزم أين أنت والطريق، طريق تعب فيه آدم، وناح لأجله نوح، ورمي في النار الخليل، واضطجع للذبح إسماعيل، وبيع يوسف بثمن بخس، ولبث في السجن بضع سنين، ونشر بالمنشار زكريا، وذبح السيد الحصور يحيى، وقاسى الضرَّ أيوب، وزاد على المقدار بكاء داود، وسار مع الوحش عيسى، وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد صلى الله عليه وسلم، تزهى أنت باللهو واللعب" [الفوائد ص56].
    قد يقول: الحمد لله أنا من الأخيار، وليس عندي معاص، وليس كل الناس دعاة!! ولا أدري مما أعجب: هل من تزكية هذا الأخِ الكريمِ لنفسه، أم من جهله بأن التقصير في الدعوة ليس من المعاصي!
    قال ابن القيم:" ليس الدين بمجرد ترك المحرمات الظاهرة، بل بالقيام مع ذلك بالأوامر المحبوبة لله، وأكثرُ الديّانينَ لا يعبأون منها إلا بما شاركهم فيه عمومُ الناس، وأما الجهادُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لله ورسوله وعباده، ونصرة الله ورسوله ودينه وكتابه، فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم فضلاً عن أن يريدوا فعلها، وفضلاً عن أن يفعلوها، وأقل الناس ديناً، وأمقتهم إلى الله: من ترك هذه الواجباتِ، وإن زهد في الدنيا جميعِها، وقلَّ أن ترى منهم من يُحمرُ وجهُه ويمعره لله ويغضب لحرماته، ويبذل عرضه في نصرة دينه، وأصحابُ الكبائر أحسن حالا عند الله من هؤلاء"[ عدة الصابرين / 121].
    قال تعالى:عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ(105 ) [سورة المائدة] قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإنما يتم الاهتداء إذا أطيع الله، وأدي الواجب من الأمر والنهي وغيرهما، ولكن في الآية فوائد عظيمة:
    أحدها: أن لا يخافَ المؤمنُ من الكفار والمنافقين، فإنهم لن يضروه إذا كان مهتدياً.
    الثاني: أن لا يحزنَ عليهم ولا يجزعَ عليهم، فإن معاصيَهم لا تضره إذا اهتدى، والحزنُ على ما لا يضر عبث، وهذان المعنيان مذكوران في قوله:وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ(127) [سورة النحل].
    الثالث: أن لا يركن إليهم، ولا يمد عينه إلى ما أوتوه من السلطان والمال والشهوات، كقوله: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ(88) [سورة الحجر] فنهاه عن الحزن عليهم، والرغبة فيما عندهم في آية، ونهاه عن الحزن عليهم والرهبة منهم في آية، فإن الإنسان قد يتألمُ عليهم ومنهم، إما راغباً وإما راهباً.
    الرابع: أن لا يعتدي على أهل المعاصي بزيادة على المشروع في بغضهم أو ذمهم، أو نهيهم أو هجرهم، أو عقوبتهم، بل يقال لمن اعتدى عليهم: عليك نفسك لا يضرُّك من ضل إذا اهتديت، كما قال: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (8) [سورة المائدة] وقال: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُم ْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ(190 ) [سورة البقرة] . وقال: فَإِنِ انْتهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ(193 ) [سورة البقرة] فإن كثيراً من الآمرين الناهين قد يعتدون حدود الله: إما بجهل وإما بظلم، وهذا باب يجب التثبت فيه، وسواء في ذلك الإنكارُ على الكفار والمنافقين الفاسقين والعاصين.
    الخامس: أن يقوم بالأمر والنهي على الوجه المشروع، من العلم والرفق، والصبر، وحسن القصد، وسلوك السبيل القصد، فإن ذلك داخلٌ في قوله:عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ وفي قوله:إِذَا اهْتَدَيْتُمْ. فهذه خمسة أوجه تستفاد من الآية لمن هو مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيها المعنى الآخر، وهو:
    السادس: إقبال المرء على مصلحة نفسه علماً وعملاً، وإعراضه عما لا يعنيه، كما قال صاحب الشريعة:[ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ] رواه الترمذي وابن ماجة ومالك وأحمد . ولا سيما كثرة الفضول فيما ليس بالمرء إليه حاجة من أمر دين غيره ودنياه، ولاسيما إن كان التكلم لحسد أو رئاسة. وكذلك العمل فصاحبه إما معتدٍ ظالمٌ، وإما سفيهٌ عابثٌ، وما أكثر ما يصور الشيطان ذلك بصورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله ويكون من باب الظلم والعدوان.
    فتأملُ الآية في هذه الأمور من أنفع الأشياء للمرء... والله يهدينا الصراط المستقيم ولا حول ولا قوة إلا بالله"[ مجموع فتاوي ابن تيمية 14 / 480-483].
    قد يركز على شريحة من المجتمع وأنها مجال العمل: فيفشل في التعاون معها، ويصاب بإحباط ويأس، وينسى أن ديننا ليس لمجموعة دون غيرها ولا لطبقة بعينها. إن أي دعوة تهمل شريحة من المجتمع تعتبر ناقصة، ومآلها إلى الانحسار، وقد تميزت الدعوة الإسلامية باحتوائها جميع طبقات المجتمع، وتوظيفِ جميع طاقات، فليس في المجتمع المسلم عنصرٌ مهملٌ، أو مبعد، أو مركون مهما كان.
    رأى كثرة الفساد وانتشاره، واستحكام كثير من الشر فرأى أن الأفضلَ اعتزالُ الناس وتركُهم :ما أسهل العزلة عن الخلق وترك التبعة: يروي لنا التابعي الكوفي، الفقيه النبيل عامر الشعبي: أن رجالاً خرجوا من الكوفة، ونزلوا قريباً يتعبدون، فبلغ ذلك عبد الله بن مسعود، فأتاهم، ففرحوا بمجيئه إليهم، فقال لهم:" ما حملكم على ما صنعتم؟" قالوا: أحببنا أن نخرج من غمار الناس نتعبد. فقال عبد الله:" لو أن الناس فعلوا مثل ما فعلتم فمن كان يقاتل العدو؟ وما أنا ببارح حتى ترجعوا "[الزهد لعبد الله بن المبارك / 390].
    الخاتمة
    لعل الجميع يدرك أهمية الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاحتساب على عامة المجتمع على مختلف أصنافه وطبقاته، وعلى جميع أجهزته وإداراته.. وأن العمل للدين مسئولية الجميع كل بحسبه، وأن على المسلم بوجه عام والداعية وطالب العلم على وجه الخصوص المساهمة الفعلية في خدمة الإسلام والدعوة إليه والذب عن حياضه.
    وليعلم كل مسلم أنه في هذه الحياة إما يتقدم إلى الخير والإيمان، أو يتأخر نحو المعصية والنقصان، فليس هناك وقوف واستراحة، فليراقب كل إنسان نفسه ويحاسبها، وليكن يقظاً من أن ينحدر إلى دركات النقص وهو لا يشعر.
    فالله ألله يا أهل العلم والدعوة لا يغلبنكم أهل الباطل ومروجوا الفساد، فإنكم إن تخاذلتم وتكاسلتم غلبوكم حتى على أهليكم وأولادكم إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا(104) [سورة النساء] .
    أخي وفقك الله: إن الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ واجب الجميع، وفريضة الكل، من عرف آية من كتاب الله حق عليه أن يعلمها، من تعلم حديثاً من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب عليه إبلاغه، من فقه مسألة فعليه إيصالها إلى من يستفيد منها.
    لقد تعددت وسائل الدعوة وطرقها فأين وقع سهمك؟ لماذا تبكي كثير من المساجد من قلة الرواد! لماذا خلا كثير منها من الوعظ والإرشاد؟ القرى والهجر تشكو الجهل وتحن إلى معلم الناس الخير! الصحف والمجلات تخلو كثير منها من قائم لله بحجة!
    إن الدعوة إلى الله تعالى أعظم من أن يحتكرها أناس، وأكبر من أن تحد بمواسم خاصة ومناسبات محدودة، الدعوة آية تتلى وحديث يروى، ودرس يلقى، وكتاب يصنف، وخطبة تحرر، وموعظة تؤثر، ومجلة تنشر، وشريط يوزع، ونصيحة تهدى، وأذكار تحفظ، ومال من حلال ينفق، وعلم نافع ينشر، وأمر ونهي، وصلة وبر، وإحسان للجيران، وتفقد للفقراء والمعوزين.
    فالبدار البدار.. والتنافس التنافس في طرق الخير وسبل الحق.. روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ [بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا]. أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا: أن ينصر دينه، وأن يجعلنا من أنصاره، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
    من رسالة:"أعذار المتقاعسين"
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •