تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: المحكم والمتشابه

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي المحكم والمتشابه

    {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران]

    قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدى رحمه الله:
    يخبر تعالى عن عظمته وكمال قيوميته، أنه هو الذي تفرد بإنزال هذا الكتاب العظيم، الذي لم يوجد- ولن يوجد- له نظير أو مقارب في هدايته وبلاغته وإعجازه وإصلاحه للخلق،"وأن هذا الكتاب يحتوي على المحكم الواضح المعاني البين الذي لا يشتبه بغيره، ومنه آيات متشابهات، تحتمل بعض المعاني ولا يتعين منها واحد من الاحتمالين بمجردها حتى تضم إلى المحكم، فالذين في قلوبهم مرض وزيغ وانحراف لسوء قصدهم يتبعون المتشابه منه، فيستدلون به على مقالاتهم الباطلة، وآرائهم الزائفة، طلبًا للفتنة وتحريفًا لكتابه، وتأويلاً له على مشاربهم ومذاهبهم،ليضلوا ويضلوا.

    أما أهل العلم الراسخون فيه، الذين وصل العلم واليقين إلى أفئدتهم فأثمر لهم العمل والمعارف، فيعلمون أن القرآن كله من عند الله، وأنه كله حقٌّ، محكمه ومتشابهه ، وأن الحق لا يتناقض ولا يختلف، فلعلمهم أن المحكمات معناها في غاية الصراحة والبيان، يردُّون إليها المشتبه إلى المحكم، فيعود كله محكمًا، ويقولون {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ} للأمور النافعة، والعلوم الصائبة إلا {أُولُو الْأَلْبَابِ} أي: أهل العقول الرزينة، ففي هذا دليل على أن هذا من علامة أولي الألباب، وأن اتباع المتشابه من أوصاف أهل الآراء السقيمة، والعقول الواهية ، والقصود السيئة.
    وقوله {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} إن أريد بالتأويل معرفة عاقبة الأمور، وما تنتهي إليه وتؤول
    تعيَّن الوقوف على {إِلَّا اللَّهُ} حيث هو تعالى المتفرد بالتأويل بهذا المعنى. وإن أريد بالتأويل معنى التفسير، ومعرفة معنى الكلام، كان العطف أولى ، فيكون هذا مدحًا للراسخين في العلم أنهم يعلمون كيف ينزلون نصوص الكتاب والسنة محكمها و متشابهها " انتهى.[تفسير السعدى]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: المحكم والمتشابه

    الفرق بين المحكم والمتشابه: أن المحكم هو اللفظ الواضح الدلالة على معناه. والمتشابه: ما استأثر الله تعالى بعلمه أو احتاج إلى بيان أو رد إلى المحكم...

    قال صاحب المراقي في ألفية الأصول:

    وذو وضوح محكم والمجمل هو الذي المراد منه يجهل
    وما به استأثر علم الخالق فـذا تشابهــا عليها أطـلق

    وقد فرق بعضهم بين المحكم والمتشابه بقوله: المحكم ما علم المراد منه، والمتشابه: ما استأثر الله تعالى بعلمه.
    وقال بعضهم المحكم: ما لا يحتمل إلا وجها واحداً، والمتشابه: ما احتمل أوجها عدة.
    وقال بعضهم المحكم: ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان، والمتشابه: ما لا يستقل بنفسه ويحتاج إلى بيان.
    وكل هذه المعاني ترجع إجمالاً إلى المعنى الأول.

    والمسلم يعمل بالمحكم ، ويسلم للمتشابه وهذا هو الموقف الصحيح . والإحكام و التشابه من حيث اللغة يطلقان على القرآن الكريم عامة فيوصف بأنه محكم وبأنه متشابه، كما في قوله سبحانه وتعالى: كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير .

    وكما في قوله سبحانه وتعالى: كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ {الزمر: 23}.
    فهو في غاية الإحكام والإتقان اللفظي والسمو المعنوي والدقة في التعبير والمعلومة، وهو كذلك متشابه ومتماثل في ألفاظه ومعانيه ويصدق بعضه بعضاً ولا يوجد فيه اختلاف أو تناقض: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: المحكم والمتشابه

    قال الشيخ بن باز رحمه الله -أحسن ما قيل في ذلك: أن المحكم هو ما وضح معناه، والمتشابه: ما يخفى معناه على العالم، والواجب ردّ المشتبه إلى المحكم، وألا يُفسّر بشيءٍ يُخالف المحكم، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتُم الذين يتَّبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمَّى الله فاحذروهم.
    فالواجب أن يُردّ المتشابه إلى المحكم، فالمحكم من القرآن: ما وضح معناه، كآيات الصلاة، وما حرَّم الله من المحرَّمات، وغير ذلك، وما اشتبه معناه يُردّ إلى المحكم، ويُفسّر بالمحكم، ولا يجوز أبدًا أن يُفسّر بخلاف المحكم؛ لأن القرآن لا يتناقض، بل يصدق بعضُه بعضًا، ويُشبه بعضه بعضًا.
    فالواجب على أهل العلم أن يردّوا ما اشتبه عليهم إلى ما وضح لهم من المحكمات، وهكذا ما جاء في السنة: الرد إلى المحكم.
    https://binbaz.org.sa/fatwas

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: المحكم والمتشابه

    قال إمام المفسرين ابن جرير الطبري رحمه الله مختصراً عند ذكر هذه الآية: (فأما المحكمات فإنهن اللواتي قد أحكمن بالبيان والتفصيل، وأثبتت حججهن وأدلتهن على ما جعلن أدلة عليه، من حلال وحرام، ووعد ووعيد، وثواب وعقاب، وأمر وزجر، وخبر ومثل، وعظة وعبر، وما أشبه ذلك.
    ثم وصف جل ثناؤه هؤلاء الآيات المحكمات بأنهن هن أم الكتاب، يعني بذلك أنهن أصل الكتاب الذي فيه عماد الدين, والفرائض والحدود، وسائر ما بالخلق إليه الحاجة من أمر دينهم، وما كلفوا من الفرائض في عاجلهم وآجلهم، وإنما سماهن أم الكتاب لأنهن معظم الكتاب، وموضع مفزع أهله عند الحاجة إليه.
    وأما قوله (متشابهات) فإن معناه متشابهات في التلاوة، مختلفات في المعنى، كما قال جل ثناؤه: وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً [ البقرة: 25]، يعني في المنظر، مختلفاً في المطعم.
    وقد اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ، وما المحكم من آي الكتاب؟ وما المتشابه منه؟
    - فقال بعضهم: المحكمات من آي القرآن: المعمول بهن وهن الناسخات، أو المثبتات الأحكام. والمتشابهات من آية: المتروك العمل بهن، المنسوخات.
    - وقال آخرون: المحكمات من آي الكتاب: ما أحكم الله فيه بيان حلاله وحرامه، والمتشابه منها: ما أشبه بعضه بعضاً في المعاني, وإن اختلفت ألفاظه.
    - وقال آخرون: المحكمات من آي الكتاب: ما لم يحتمل من التأويل غير وجه واحد، والمتشابه منه: ما احتمل من التأويل أوجهاً.
    - وقال آخرون: معنى المحكم: ما أحكم الله فيه من آي القرآن، وقصص الأنبياء ورسلهم الذين أرسلوا إليهم، ففصله بيان ذلك لمحمد وأمته. والمتشابه: هو ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التكرير في السور، فقصة باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني، وقصة باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني.
    وقال آخرون: بل المحكم من آي القرآن: ما عرف العلماء تأويله، وفهموا معناه وتفسيره، والمتشابه: ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر الله بعلمه دون خلقه، وذلك نحو الخبر عن وقت مخرج عيسى ابن مريم ووقت طلوع الشمس من مغربها، وقيام الساعة، وفناء الدنيا، وما أشبه ذلك، فإن ذلك لا يعلمه أحد..)
    .[جامع البيان]

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (.. إن الله وصف القرآن كله بأنه محكم وبأنه متشابه. و في موضع آخر جعل منه ما هو محكم ومنه ما هو متشابه. فينبغي أن يعرف الإحكام والتشابه الذي يعمه، والإحكام والتشابه الذي يخص بعضه. قال تعالى: الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ [هود: 1]، فأخبر أنه أحكم آياته كلها. وقال تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ [ الزمر: 23]، فأخبر أنه كله متشابه.
    والحكم هو الفصل بين الشيئين، والحاكم يفصل بين الخصمين، والحكمة فصل بين المشتبهات علماً وعملاً، إذا ميز بين الحق والباطل، والصدق والكذب، والنافع والضار. وذلك يتضمن فعل النافع وترك الضار، فيقال: حكمت السفيه، وأحكمته إذا أخذت على يديه، وحكمت الدابة وأحكمتها إذا جعلت لها حكمة، وهو ما أحاط الحنك من اللجام، وإحكام الشيء إتقانه. فإحكام الكلام: إتقانه بتمييز الصدق من الكذب في أخباره، وتمييز الرشد من الغي في أوامره.
    والقرآن كله محكم بمعنى الإتقان، فقد سماه الله حكيماً بقوله: الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ [يونس: 1].
    وأما التشابه الذي يعمه فهو ضد الاختلاف المنفي عنه في قوله: أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا [النساء: 82]، وهو الاختلاف المذكور في قوله: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ [الذاريات: 8-9] فالتشابه هنا هو تماثل الكلام وتناسبه، بحيث يصدق بعضه بعضاً.
    وهذا التشابه العام لا ينافي الإحكام، بل هو مصدق له. فإن الكلام المحكم المتقن يصدق بعضه بعضه، لا يناقض بعضه بعضاً. بخلاف الإحكام الخاص، فإنه ضد التشابه الخاص. فالتشابه الخاص هو مشابهة الشيء لغيره من وجه مع مخالفته له من وجه آخر، بحيث يشتبه على بعض الناس أنه هو أو هو مثله، وليس كذلك.
    والإحكام هو الفصل بينهما بحيث لا يشتبه أحدهما بالآخر. وهذا التشابه إنما يكون لقدر مشترك بين الشيئين مع وجود الفاصل بينهما.
    ثم من الناس من لا يهتدي للفصل بينهما، فيكون مشتبهاً عليه، ومنهم من يهتدي إلى ذلك، فالتشابه الذي لا تمييز معه قد يكون من الأمور النسبية الإضافية. بحيث يشتبه على بعض الناس دون بعض. ومثل هذا يعرف منه أهل العلم ما يزيل عنهم هذا الاشتباه، كما إذا اشتبه على بعض الناس ما وعدوا به في الآخرة بما يشهدونه في الدنيا فظن أنه مثله، فعلم العلماء أنه ليس هو مثله، وإن كان مشبهاً له من بعض الوجوه))
    .[التدمرية]
    فتبين من هذا أن (الإحكام) و(التشابه) المتعلقان بالقرآن أربعة أنواع:
    1- الإحكام العام: بمعنى الإتقان في أخباره وأحكامه.
    2- التشابه العام: وهو تماثله وتناسبه وتصديق بعضه بعضاً.
    3- التشابه الخاص: وهو مشابهة الشيء لغيره من وجه، ومخالفته له من وجه آخر.
    4- الإحكام الخاص: الفصل بين الشيئين المشتبهين من وجه، المختلفين من وجه آخر.

    فالأول والثاني متفقان، والثالث والرابع متضادان.)
    والمحكم الذي اتضح معناه وتبين، والمتشابه هو الذي يخفى معناه، فلا يعلمه الناس، وهذا إذا جمع بين المحكم والمتشابه، وأما إذا ذكر المحكم مفرداً دون المتشابه، فمعناه المتقن الذي ليس فيه خلل: لا كذب في أخباره، ولا جور في أحكامه، قال تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً [الأنعام: 115]، وقد ذكر الله الإحكام في القرآن دون المتشابه، وذلك مثل قوله تعالى: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ [يونس: 1]، وقال تعالى: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ [هود: 1] وإذا ذكر المتشابه دون المحكم صار المعنى أنه يشبه بعضه بعضاً في جودته وكماله، ويصدق بعضه بعضاً ولا يتناقض، قال تعالى اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ [الزمر: 23]، والتشابه نوعان: تشابه نسبي، وتشابه مطلق والفرق بينهما: أن المطلق يخفى على كل أحد، والنسبي يخفى على أحد دون أحد، وبناء على هذا التقسيم ينبني الوقف في قوله تعالى: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا [آل عمران: 7] فعلى الوقوف على (إلا الله) يكون المراد بالمتشابه المطلق، وعلى الوصل (إلا الله والراسخون في العلم) يكون المراد بالمتشابه المتشابه النسبي، وللسلف في ذلك قولان: القول الأول: الوقف على (إلا الله)، وعليه أكثر السلف، وعلى هذا، فالمراد بالمتشابه المتشابه المطلق الذي لا يعلمه إلا الله، وذلك مثل كيفية وحقائق صفات الله، وحقائق ما أخبر الله به من نعيم الجنة وعذاب النار، قال الله تعالى في نعيم الجنة: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السجدة: 17 ]، أي: لا تعلم حقائق ذلك، ولذلك قال ابن عباس: (ليس في الجنة شيء مما في الدنيا إلا الأسماء) (4) والقول الثاني: الوصل، فيقرأ: إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [آل عمران:7]، وعلى هذا، فالمراد بالمتشابه المتشابه النسبي، وهذا يعلمه الراسخون في العلم ويكون عند غيرهم متشابهاً، ولهذا يروى عن ابن عباس أنه قال: (أنا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تأويله) ولم يقل هذا مدحاً لنفسه أو ثناء عليها، ولكن ليعلم الناس أنه ليس في كتاب الله شيء لا يعرف معناه، فالقرآن معانيه بينة، لكن بعض القرآن يشتبه على ناس دون آخرين حتى العلماء الراسخون في العلم يختلفون في معنى القرآن، وهذا يدل على أنه خفي على بعضهم، والصواب بلا شك مع أحدهم إذا كان اختلافهم اختلاف تضاد لا تنوع، أما إذا كانت الآية تحتمل المعنيين جميعاً بلا منافاة ولا مرجح لأحدهما، فإنها تحمل عليهما جميعاً وبعض أهل العلم يظنون أن في القرآن ما لا يمكن الوصول إلى معناه، فيكون من المتشابه المطلق، ويحملون آيات الصفات على ذلك، وهذا من الخطأ العظيم، إذ ليس من المعقول أن يقول الله تعالى: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ [ص: 29]، ثم تستثني الصفات وهي أعظم وأشرف موضوعاً وأكثر من آيات الإحكام، ولو قلنا بهذا القول، لكان مقتضاه أن أشرف ما في القرآن موضوعاً يكون خفياً، ويكون معنى قوله تعالى: لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ، أي: آيات الإحكام فقط، وهذا غير معقول، بل جميع القرآن يفهم معناه، إذا لا يمكن أن تكون هذه الأمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخرها لا تفهم معنى القرآن، وعلى رأيهم يكون الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وجميع الصحابة يقرؤون آيات الصفات وهم لا يفهمون معناها، بل هي عندهم بمنزلة الحروف الهجائية أ، ب، ت والصواب أنه ليس في القرآن شيء متشابه على جميع الناس من حيث المعنى، ولكن الخطأ في الفهم فقد يقصر الفهم عن إدراك المعنى أو يفهمه على معنى خطأ، وأما بالنسبة للحقائق، فما أخبر الله به من أمر الغيب، فمتشابه على جميع الناس [القول المفيد على كتاب التوحيد - بن عثيمين]

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: المحكم والمتشابه

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فصل – وأما إدخال أسماء الله وصفاته، أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، أو اعتقاد أن ذلك هو المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله، كما يقول كل واحد من القولين طوائف من أصحابنا وغيرهم. فإنهم وإن أصابوا في كثير مما يقولون ونجوا من بدع وقع فيها غيرهم، فالكلام على هذا من وجهين:
    الأول: من قال: إن هذا من المتشابه، وأنه لا يفهم معناه، فنقول: أما الدليل على بطلان ذلك فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة، ولا من الأئمة، لا أحمد بن حنبل ولا غيره، أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه، وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم، ولا قالوا: إن الله ينزل كلاماً لا يفهم أحد معناه، وإنما قالوا كلمات لها معان صحيحة. قالوا في أحاديث الصفات: (تمر كما جاءت). ونهوا عن تأويلات الجهمية، وردوها وأبطلوها التي مضمونها تعطيل النصوص على ما دلت عليه. ونصوص أحمد والأئمة قبله بينة في أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية منها، ويقرون النصوص على ما دلت عليه من معناها، ويفهمون منها بعض ما دلت عليه كما يفهمون ذلك في سائر نصوص الوعد والوعيد والفضائل وغير ذلك.
    الوجه الثاني: أنه إذا قيل: هذه من المتشابه، أو كان فيها ما هو من المتشابه، كما نقل عن بعض الأئمة أنه سمى بعض ما استدل به الجهمية متشابها، فيقال: الذي في القرآن أنه لا يعلم تأويله إلا الله، إما المتشابه, وإما الكتاب كله، ونفي علم تأويله ليس نفي علم معناه، كما قدمناه في القيامة وأمور القيامة، وهذا الوجه قوي إن ثبت حديث ابن إسحاق في وفد نجران أنهم احتجوا على النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إنا) و(نحن) ونحو ذلك، ويؤيده أيضاً أنه قد ثبت في القرآن متشابهاً وهو ما يحتمل معنيين، وفي مسائل الصفات ما هو من هذا الباب كما أن ذلك في مسائل المعاد أولى. فإن نفي التشابه بين الله وبين خلقه أعظم من نفي التشابه بين موعود الجنة وموجود الدنيا) .[الاكليل فى المتشابه والتأويل]
    فأبطل الشيخ – رحمه الله – إدخال أسماء الله وصفاته في المتشابه، أو اعتقاد أنه هو المتشابه بأمرين:
    الأول: براءة السلف قاطبة من هذا الاعتقاد، بل الثابت المنقول عنهم هو إثبات المعاني.
    الثاني: أن التشابه الذي يطلقه بعض السلف على بعض ما يستدل به الجهمية إنما هو تشابه المعاني الذي لا يختص بباب الصفات, والعلم بالمعنى المراد ممكن بل متحقق، والمنفي العلم بتأويله لا العلم بمعناه.
    والخلاصة - أن إطلاق القول بأن معاني أسماء الله وصفاته من المتشابه، أو هي المتشابه، باطل، لم يصدر عن أحد من السلف. لكن قد يقع تشابه نسبي إضافي خاص لبعض الناس في هذا الباب فيزول بالإحكام الخاص الذي يعلمه الراسخون في العلم. أما حقائق هذه المعاني وكيفياتها، فلا ريب أنه مما استأثر الله بعلمه، وحجب إدراك كنهه عن خلقه، فلا سبيل لأحد إلى العلم به.[الموسوعة العقدية - رد شبهات المفوضه]

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: المحكم والمتشابه

    منهج السلف فى المحكم والمتشابه --. الإيمان بالمتشابه و العمل بالمحكم: --------------- قال شيخ الإسلام: "وقد قال كثير من السلف: إن المحكمَ ما يعمل به والمتشابهَ ما يؤمن به ولا يعمَل به، كما يجيء في كثير من الآثار: ونعمَل بمحكمه ونؤمن بمتشابهه، وكما جاء عن ابن مسعود وغيره في قوله تعالى: {ٱلَّذِينَ آتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ} [البقرة:121]، قال: يحلِّلون حلالَه، ويحرِّمون حرامَه، ويعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، وكلام السلف في ذلك يدلُّ على أن التشابه أمرٌ إضافي، فقد يشتبه على هذا ما لا يشتبه على هذا، فعلى كلِّ أحدٍ أن يعمل بما استبان له ويكل ما اشتبه عليه إلى الله"

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: المحكم والمتشابه

    التسليم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم: وردَّ علمَ ما اشتبه عليه إلى عالمه-----------
    قال الطحاوي: "فإنه ما سلِم في دينه إلا من سلَّم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم وردَّ علمَ ما اشتبه عليه إلى عالمه". قال ابن أبي العز: "أي: سلم لنصوص الكتاب والسنة ولم يعترض عليها بالشكوك والشبه والتأويلات الفاسدة، أو بقوله: العقل يشهد بضدِّ ما دلَّ عليه النقل والعقل أصل النقل، فإذا عارضه قدَّمنا العقل، وهذا لا يكون قط... ـ إلى أن قال: ـ فالواجب كمال التسليم للرسول صلى الله عليه وسلم والانقياد لأمره وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن نعارضه بخيالٍ باطل نسمية معقولاً أو نحمِّلَه شبهةً أو شكاً أو نقدم عليه آراء الرجال وزبالة أذهانهم، فنوحِّده بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان كما نوحِّد المرسِل بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل، فهما توحيدان لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بها: توحيد المرسِل وتوحيد متابعة الرسول، فلا نحاكم إلى غيره، ولا نرضى بحكم غيره، ولا نوقف تنفيذ أمره وتصديقَ خبره على عَرْضه على قول شيخه وإمامه وذوي مذهبه وطائفته ومن يعظمه، فإن أذنوا له نفَّذه وقبِل خبره، وإلا فإن طلب السلامة فوَّضه إليهم وأعرض عن أمره وخبره، وإلا حرّفه عن مواضعه وسمى تحريفه تأويلاً وحملاً فقال: نؤوله ونحمله، فلأن يلقى العبد ربَّه بكل ذنب ما خلا الإشراك بالله خيرٌ له من أن يلقاه بهذه الحال، بل إذا بلغه الحديثُ الصحيح يَعُدّ نفسه كأنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل يسوغ أن يؤخِّر قبولَه والعملَ به حتى يعرضَه على رأي فلان وكلامه ومذهبه؟! بل كان الفرضُ المبادرةَ إلى الامتثال من غير التفات إلى سواه، ولا يستشكل قولَه لمخالفته رأيَ فلان، بل يستشكل الآراءَ لقوله، ولا يعارض نصَّه بقياس، بل نهدِر الأقيسة ونتلقَّى نصوصَه ولا نحرف كلامَه عن حقيقته

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: المحكم والمتشابه

    اشتمال الكتاب والسنة على أصول الدين دلائله ومسائله:----------- قال شيخ الاسلام بن تيمية : "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيَّن جميعَ الدين أصوله وفروعه، باطنه وظاهره، علمه وعمله، فإن هذا الأصل هو أصل أصول العلم والإيمان، وكلُّ من كان أعظمَ اعتصاماً بهذا الأصل كان أولى بالحق علماً وعملاً... ـ إلى أن قال: ـ وأما أهل العلم والإيمان فمتفقون على أن الرسل لم يقولوا إلا الحق، وأنهم بيَّنوه مع علمهم بأنهم أعلمَ الخلق بالحق، فهم الصادقون المصدوقون، علموا الحق وبينوه

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: المحكم والمتشابه

    درء التعارض بين نصوص الكتاب والسنة:----------------------قال شيخ الإسلام: "إن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن والسنة هو من علم الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى، فما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم به فالله تعالى أخبر به، وما أمر به صلى الله عليه وسلم فالله تعالى أمر به، ومحالٌ أن يقع فيما أخبر به الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أو أمر به الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم تضادٌّ أو اختلاف. فالقرآن الذي هو كلام الله تعالى ـ وكلامه إنما يوافق علمَه ـ محالٌ أن يقع بين آياته اختلاف وتعارضٌ، بمعنى أن تخبر آيةٌ بثبوت شيء وتخبر أخرى بنفيه، أو تأمرَ آيةٌ بفعل شيء ثم تأمر أخرى بتركه، بل هذا من أمارات الجهل والعجز التي يتَّصف بها المخلوق دون الخالق سبحانه، وكذلك السنة النبوية محالٌ أن يقع بين نصوصها اختلافٌ وتعارض، لا في أخبارها ولا في أحكامها حيث إنها كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول إنما يخبر بوحي من الله تعالى نصاً أو إقراراً، ووحيه تعالى موافق لعلمه، فهي كالقرآن يخرجان من مشكاة واحدة، فما ثبت للقرآن من هذه الجهة فهو يثبت للسنة

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: المحكم والمتشابه

    الإيمان بجميع نصوص الكتاب والسنة:------------------------- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن ما أخبر به الرسولُ عن ربه فإنه يجب الإيمانُ به سواءً عرفنا معناه أو لم نعرف؛ لأنه الصادق المصدوق، فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به وإن لم يفهم معناه، وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها، مع أن هذا الباب يوجد عامتُه منصوصاً في الكتاب والسنة، متفق عليه بين سلف الأمة" - مجموع الفتاوى (3/41).

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Dec 2010
    المشاركات
    1,179

    افتراضي رد: المحكم والمتشابه

    .............................. ...

    في الفتاوى لشيخ الاسلام رحمه الله

    قوله تعالى {منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات}

    في المتشابهات قولان:

    " أحدهما " أنها آيات بعينها تتشابه على كل الناس.
    " الثاني " - وهو الصحيح - أن التشابه أمر نسبي فقد يتشابه عند هذا ما لا يتشابه عند غيره ولكن ثم آيات محكمات لا تشابه فيها على أحد وتلك المتشابهات إذا عرف معناها صارت غير متشابهة؛ بل القول كله محكم كما قال: {أحكمت آياته ثم فصلت} وهذا كقوله: " {الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس} " .



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •