تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: التشدد عند النقاد في الجرح و التعديل

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي التشدد عند النقاد في الجرح و التعديل


    التشدد عند النقاد في الجرح والتعديل


    أ. هيام السيد نصير[*]


    د. فضلان عثمان[**]


    ملخص البحث:

    تناولت هذه الدراسة مسألة مهمة من مسائل الجرح والتعديل، هي مسألة التشدد عند النقاد، وأهم المعايير والضوابط التي احتكمت لها، والأسباب التي كانت وراء ذلك، وتتبع الباحث حركة النقد نشأة وتطورا، وقامت هذه الدراسة أيضا على ذكر من اتصف من نقاد الجرح والتعديل بصفة التشدد، مع دراسة نماذج لأشهر النقاد المتشددين, وخلصت هذه الدراسة إلى أن مسألة التشدد لها رصيد في واقع النقاد في الجرح والتعديل, وتتفاوت من ناقد لآخر، كما وأن لها الأثر البالغ في الحكم على الرواة والمرويات.
    الكلمات المفتاحية: النقاد، التشدد، الرواة.

    Abstract

    This study addressed the important issue of the wound and the amendment issues, a matter of militancy when the critics, and the most important standards and controls that invoked it, and the reasons were behind it, and keep track of researcher movement of cash origins and evolution, and the study also mentioned characterized critics of the wound and the amendment in militancy , with study models not critics month militants this study and concluded that the issue of militancy have stock in the reality of the critics in the wound and the amendment and varies from critic to time, as though it's in judging the narrators and Almruyat impact.
    Key words: the critics, militancy, narrators.
    المقدمة:

    الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإسلام إلى السنة فانقادت لاتباعها، وارتاحت لسماعها، وأمات نفوس أهل الطغيان بالبدعة، بعد أن تمادت في نزاعها، وتغالت في ابتداعها، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، العالم بانقياد الأفئدة وامتناعها، المطلع على ضمائر القلوب في حالتي افتراقها واجتماعها، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الذي انخفضت بحقه كلمة الباطل بعد ارتفاعها، واتصلت بإرساله أنوار الهدى، وظهرت حجتها بعد انقطاعها، e مادامت السماء والأرض هذه في سموها وهذه في اتساعها، وعلى آله وصحبه الذين كسروا جيوش المردة، وفتحوا حصون قلاعها، وهجروا في محبة داعيهم إلى الله الأوطار والأوطان، ولم يعاودوها بعد وداعها، وحفظوا على أتباعهم أقواله وأفعاله وأحواله, حتى أمنت بهم السنة الشريفة من ضياعها"[1].
    لما كان الدين جاءنا من الله عز وجل، بواسطة رسوله الكريم e، بنقل الرواة، وجب علينا معرفتهم حق المعرفة ومعرفة أحوالهم، وإثبات الذين عرفناهم منهم بشرائط العدالة والتثبت في الرواية، ومن حكم عليه بالعدالة منهم, وجب أن يكونوا أمناء في أنفسهم، علماء بدينهم، أهل ورع وتقوى وحفظ وتثبت وإتقان، وأهل تمييز وتحصيل، لا تعتريهم الغفلات أو الأوهام فيما حفظوه ووعوه، ولذا اختلف هؤلاء الرواة بعضهم عن بعض، وتمايزوا عن غيرهم، فكانت الحاجة ماسة لمعرفة طبقاتهم ومقادير حالاتهم، وتباين درجاتهم، ليعرف كل منهم من كان في منزلة الجهبذة والنقد والتنقير، وخبيرًا في البحث عن الرجال, بصيرًا بأحوالهم، وهؤلاء هم أهل التزكية في الجرح والتعديل,[2]
    ومن هذا المنطلق جاءت هذه الدراسة لتسلط الضوء على أحد أبرز الظواهر عند هؤلاء النقاد، وهي ظاهرة التشدد، ومن ثم تتبع الحركة التاريخية للنقد، نشأةً وتطورًا، والتطرق إلى أهم تلك الضوابط والمعايير التي نستطيع من خلالها قياس هذه الظاهرة، ومدى تفاوتها بين النقاد، وهل هذه الصفة ملازمة لهم في جميع أحوالهم؟ أم أنهم سلكوها في حالات خاصة,
    منهجية البحث:

    نظرا لطبيعة موضوع الدراسة والأهداف التي تسعى لتحقيقها، يتم استخدام المنهج الاستقرائي الانتقائي، بتتبع آراء أئمة الجرح والتعديل وأقوالهم من خلال:
    1- استقراء نصوص الأئمة المتأخرين التي تحدثت عن هذه الظاهرة؛ كالإمام الذهبي في ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل، والموقظة, وميزان الاعتدال، والسخاوي في المتكلمون في الرجال، وابن حجر في النكت.
    المبحث الأول

    تعريف النقد لغةً واصطلاحًا والحركة النقدية للمحدثين

    نشأةً وتطورًا

    النقد في اللغة: هو تمييز الدراهم وإخراج الزيف منها، وكذا تمييز غيرها، ومثل هذا المصدر في مدلول التنقاد، والتنقد، من انتقد وتنقَّد الدراهم: أي ميَّز جيِّدَها من رديئها.[3]
    النقد عند المحدثين: هو تمييز الأحاديث الصحيحة من الأخرى الضعيفة، ومن ثم بيان عللها، والحكم على رواتها.[4]
    وبعد أن عرفنا ما هو النقد، نعرف بالناقد، ونبين الشروط التي يجب أن تتوفر فيه، ولعل أفضل من تكلم عن ذلك وجمع وأوعى, الإمام المعلمي اليماني.
    شروط يجب أن تتوفر في الناقد:

    قال المعلمي اليماني في هذا الشأن: "إن نقد الرواة ليس بالأمر الهين، فلابد للناقد أن يكون واسع الاطلاع على أخبار المرويات، عارفًا بأحوال الرواة السابقين وطرق روايتهم، وخبيرًا بعاداتهم ومقاصدهم وأغراضهم، والأسباب التي دعت بعض الرواة إلى التساهل والكذب التي من شأنها الوقوع في الزلل والخطأ، ومن ثم يجب أن يعرف عن الراوي أدق خواصه، متى ولد؟ وفي أي بلد؟, وكيف هو في الدين والأمانة والمروءة والعقل والتحفظ؟ ومتى بدأ في طلب العلم؟ وممن سمع؟, ومع من؟, وكيف هي كتابته؟, ويجب أيضًا أن يكون ملمًّا وعارفًا بأحوال مشايخه الذين يروي عنهم؛ بلدانهم، ووفياتهم، وعاداتهم في الحديث، وأوقات تحديثهم، ومرويات الناس عنهم، ويقارنها بمرويات هذا الراوي، وعليه أن يتسم بالمهارة، ويكون متيقظ الذهن، صافي الفهم، ولا يستخفه بادر ذي ظن، وأخيرًا يحسن تطبيق أحكامه فلا يقصر ولا يجاوز، ولا شك في أن هذه المنزلة بعيدة المنال، لم يبلغها إلا الأفذاذ".[5]
    بعد أن عرفنا من هو الناقد، والصورة التي يجب أن يكون عليها، لابد أن نعرج على المراحل التاريخية للحركة النقدية، وأشهر مادوِّن فيها من مؤلفات تخص هذا الفن.
    مراحل النقد عند المحدثين: بداية من النشأة والظهور، ومرورًا بالتدوين والمصنفات:

    المرحلة الأولى:

    هي تلك الحقبة التي سبقت ظهور الفتن والبدع التي شتتت المجتمع الإسلامي الواحد، ظهر النقد ولكن كان العامل الوحيد وراء ظهوره هو ما جبل عليه الإنسان من الخطأ، والنسيان، والأوهام التي قد تقع لبعض الرواة حينها.
    المرحلة الثانية:

    تزامنت هذه الحقبة مع ظهور الفتن والبدع، والعامل الأكبر وراء نشاط الحركة النقدية هو الكذب[6] والوضع، وكانت أبرز تلك الفتن, الفتنة الكبرى، وهي مقتل عثمان t، التي استغلها بعض أصحاب الأغراض والأهواء السياسية والدينية لأغراضهم الخاصة، ومن هنا تبلور المنهج النقدي لمواجهة الزيف، وفضح أصحابه، وما كنا لنشهد على ذلك العصر, لولا أن هيَّأ الله لذلك رجالًا من كل الأمصار من عهد التابعين إلى تابعي تابعيهم، يأخذ كل واحد منهم ما عند شيخه، ويضيف إليه ما أوصلته إليه خبرته، فتجمعت مادة علمية غزيرة في الحديث عن الرواة والمرويات, إلى أن وصل الأمر إلى نقادنا وشيوخنا, الذين دوَّنوا في ذلك المصنفات المستقلة، مثل: يحيي بن معين، والبخاري، وأبي حاتم الرازي، وغيرهم.
    المرحلة التمهيدية:

    تتمثل هذه المرحلة في بدايات تدوين علوم الحديث، واقتصر ما دونوه فقط الاستدراكات، وملاحظات، وتصويبات تدون بهوامش المرويات، وفوائد يلتقطها طلبة العلم من شيوخهم، وتعد هذه المرحلة اللبنة الأولى لظهور ما يعرف بالمسانيد المعللة.

    1- مرحلة المسانيد المعللة:
    وتشمل هذه المرحلة المسانيد المعللة التي تعد أول مراحل ظهور علوم الحديث، ونشأتها، وهي كانت خليطًا من عدة معارف حديثية متنوعة، فقد حوت علومًا مثل: توثيق الرواة وتضعيفهم، وبيان الوفاة، وضبط الغريب، وبيان المشكل، وتوضيح الكنية، والنسب، والموطن، إلى غير ذلك. ثم نمت بعض الشيء وبدأت بالانفصال تدريجيًّا عن كتب الحديث، لتأخذ مسمياتٍ خاصةً، مثل كتب السؤالات، وفي الغالب كان طابع التدوين في هذه الفترة هو ما جمعه طلاب العلم من شيوخهم، وهذه العلوم جمعها هؤلاء الشيوخ هم كذلك من شيوخهم، بعد أن أضافوا إليها ما فتح الله به عليهم من علوم الحديث، وهكذا استمر الحال من طبقة إلى أخرى.

    2- مرحلة كتب النقاد:
    تشمل هذه المرحلة كتب النقاد، أو ما جمعوه من روايات، وإن اختلفت مسمياتهم، فهي تدور في فلك واحد، وهو كل ما يتعلق بعلوم الحديث، من نقد للرجال، وعلل للأحاديث، وهذان العلمان متلازمان دون شك، ونرى ذلك واضحًا في مؤلفات الامام أحمد بن حنبل، والإمام علي بن المديني[7]، فروايات الإمام أحمد أخذت عدة مسميات، هي: (التاريخ والعلل ومعرفة الرجال)،أما عن الإمام علي بن المديني فكانت (العلل، المسند بعلله، التاريخ)، وبالرغم من ذلك فقد ظهرت العديد من الكتب المتخصصة، تناولت عدة فنون في هذا العلم مثل: الأسماء والكنى، والمدلسون والضعفاء، وكتب في الوهم والغرائب، وبعض الأجزاء المستقلة في علل لشيوخ معينين، مثل: العلل لعلي بن المديني, ولعل أحسن ما صنف في تلك الفترة ترتيبًا وتناسقًا كتاب الطبقات (طبقات ابن سعد)، الذي يعد من المصادر الأولى في علم الجرح والتعديل وعلم الرجال، ولعله من الكتب التاريخية، فالتاريخ في ذلك الوقت اقتصر على علم الرجال والنقد، إضافة للسير والمغازي، وبعد ذلك تطور ليحوي فقط الوقائع التاريخية، ولقد جاء هذا المصنف في تسعة مجلدات، ثم توالت المصنفات تحت مسمى التاريخ، حيث سمى كل من الدارمي والدوري روايتيهما عن يحيى بن معين باسم التاريخ، وكذلك أبو بكر بن أبي شيبة، سمى كتابه في الرجال والجرح والتعديل باسم التاريخ، وكذلك الإمام خليفة بن خياط العصفري، له كتاب في التاريخ والطبقات، وأيضا الإمام البخاري له التاريخ الكبير والأوسط والصغير.[8]

    وكان للمؤلفات في الجرح والتعديل والعلل اتجاهان بارزان:

    الاتجاه الأول، وهو المؤلفات التي تحوي تراجم الرجال مصحوبة بمراتبهم وعلل الأحاديث، والمؤلفات التي ذكرناها سابقًا خير مثال لهذا الاتجاه.
    الاتجاه الثاني يمثل عرض الأحاديث التي تشوبها العلل بتفاصيل أكثر لأحوال الرجال، ومواطنهم، ومراتبهم في الجرح والتعديل، وهذا ما يمثل المسانيد المعللة، ولعل مسند يعقوب بن شيبة السدوسي خير مثال لذلك.
    المرحلة الثالثة:

    وهي مرحلة مؤلفات الشيخ أبي حاتم الرازي، الذي جمع المؤلفات التي وصلت إليه، فهذبها ونقحها، وأضاف إليها، وفصل بين علم العلل، ونقد الرجال، بعد أن كانا متداخلين مع بعضهما البعض، فكان كتابه الجرح والتعديل الأنموذج الذي يحتذى به، والمرجع الأول لطلاب العلم كافةً، ولا غنى لهم عنه، ولقد استمد أبو حاتم الرازي كتابه هذا، واعتمد بشكل مباشر على تاريخ البخاري، بعد أن جرده من علله، وجعلها في كتاب مستقل سماه علل الحديث، واقتدى به كل من البزار في مسنده، والترمذي في العلل الكبير والصغير, أما عن المنهج النقدي في حد ذاته، فلربما كانت أولى تباشيره مع الإمام الشافعي، وكتابه الرسالة، حيث سجل به ملحوظات ذات أهمية بالغة، ولكنها جاءت مقرونة بأصول الفقه، وهو منهج استدلالي فصل كيفية تفسير النص عند علماء ذلك العصر، إضافة إلى كيفية التعامل مع المرويات من حيث الصحة والضعف، ولعل أول مصنف خاص منفرد في منهج النقد الحديثي هو (المحدث الفاصل) للرامهرمزي المتوفى سنة (360 هجريًّا)، ومن ثم كتاب (علوم الحديث) للحاكم النيسابوري، المتوفى (405 هجريًّا)، ومن ثم برزت العديد من المؤلفات، ولكن الخطيب البغدادي حاز قصب السبق وكان الأبرز من بينهم.[9]
    وبعدها جاء من أحدث نقلةً نوعيةً في منهج النقد بشروح وتنكيتات ومختصرات وتعقيبات، وأغلق باب الاجتهادات في الحكم على الأحاديث، والاكتفاء بأقوال المتقدمين، وبيان عجز المتأخرين،ألا وهو ابن الصلاح الشهرزوري، المتوفى سنة (643هجريًّا)، ومقدمته الشهيرة (مقدمة ابن الصلاح)، وظلت هذه المقدمة في المقدمة،إلى أن سقطت بغداد في منتصف القرن السادس هجريًّا، حيث أنجبت هذه الواقعة علماء كبار، مثل: الذهبي، والعراقي، وابن حجر، الذين قدَّموا لنا مؤلفات ومصنفات غاية في الروعة والإتقان، واحتجوا على ما جاءت به مقدمة ابن الصلاح.[10]
    وبعد أن تطرقنا إلى المراحل التاريخية التي مرت بها حركة التدوين عند النقاد الذين ندرسهم ونسلط الضوء على دقيق مناهجهم, التي أدت لوصفهم بالتشدد والتساهل والاعتدال، وبداية مع من وصفوا بالتشدد، نعرف التشدُّد لغةً واصطلاحًا، ثم سنتعرف على أهم تلك المعايير التي نقيس بناءً عليها هذه الظواهر.
    المبحث الثاني


    تعريف التشدد لغةً واصطلاحا ومن ثم التعرف على الضوابط والمعايير لقياس ظاهرة التشدد

    التشدد في اللغة: أصله كلمة شدَّ، قال ابن فارس: "الشين والدال أصل واحد يدل على قوة في الشيء، وفروعه ترجع إليه، ومن ذلك شددت العقد أشده شدًّا، ومن الباب نفسه الشديد والمتشدد (البخيل)،[11] قال تعالى (وإنه لحب الخير لشديد)،[12] وهنا تدل اللغة على أن المتشدد في التوثيق كالبخيل الممسك المتشدد في الإنفاق.
    التشدد اصطلاحًا: هو الإفراط في الجرح وغمز الراوي بالغلطة والغلطتين، وقد قسم الإمام الذهبي بناءً على ذلك النقاد إلى: متعنت في التوثيق، متثبت في التعديل، يغمز الراوي بالغلطتين والثلاث، ويلين بذلك حديثه، فهذا الناقد إذا وثق أحدًا فعض على قوله بالنواجد وتمسك به، أما إذا ضعَّف أحدًا فانظر قبلًا هل وافقه غيره على تضعيفه، فإن وافقه ولم يوثق ذلك الرجل أحد من الحذاق إذا فهو ضعيف دون شك، وأما إذا وثقه ناقد آخر فهذا الذي قالوا فيه لا يقبل تجريحه إلا مفسرًا.[13]
    أهم الضوابط والمعايير لقياس التشدد:

    هناك بعض الضوابط والمعايير نستطيع من خلالها قياس تشدد النقاد، ولا يمكن لطالب العلم الوصول إليها إلا بالغوص عميقًا في مناهج المحدثين، لسبر أغوارها، فلكل ناقد خصيصة في منهجه، نستقصي من خلالها تشدده أو تساهله:

    مخالفة جمهور النقاد في الحكم على الراوي.

    بدايةً يجب على الناقد أن لا يخالف جمهور النقاد في الحكم على راوٍ بعينه، وخاصة إذا كان هذا الحكم غير مبني علي دليل وحجة قوية تدعم قوله وتفسر جرحه، فإذا حصل هذا الأمر من ناقد معين وخالف الجمهور؛ فهو دون شك ناقد متشدد، وتأصيل هذا الأمر إنما هو القياس على رواية الثقة التي يخالف فيها من هو أوثق منه، فعند حصول ذلك؛ نحكم علي هذه الرواية بالشذوذ.
    التحامل على راوٍ بعينه:

    أما الضابط الآخر هو أن لا يعرف عن الناقد تحامله على فئة معينة من الرواة, كما جاء عن صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي، ما نصه "الشيخ الحافظ شمس الدين الذهبي، لا أشك في دينه وورعه وتحريه فيما يقوله للناس، ولكنه غلب عليه مذهب الإثبات، ومنافرة التأويل، والغفلة عن التنزيه، حتى أثر ذلك في طبعه انحرافًا شديدًا عن أهل التنزيه، وميلًا قويًّا إلى أهل الإثبات؛ فإذا ترجم لواحد منهم يطنب في وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن، ويبالغ في وصفه، ويتغافل عن غلطاته، ويتأول له ما أمكن. وإذا ذكر أحدًا من الطرف الآخر كإمام الحرمين، والغزالي، ونحوهما، لا يبالغ في وصفه، ويكثر من قول من طعن فيه، ويعيد ذلك ويبديه، ويعتقده دينًا وهو لا يشعر، ويعرض عن محاسنهم الطافحة فلا يستوعبه، وإذا ظفر لأحد منهم بغلطة ذكرها".[14]
    طعن الأقران بعضهم لبعض:

    والضابط الآخر هو مراعاة طعن الأقران في بعضهم البعض، قال ابن حجر: "يحيى بن سعيد القطان شديد التعنت في الرجال لاسيما من كان من أقرانه,.."[15] فإذا ورد عن بعضهم طعنٌ في أقرانه، وجرحٌ بينٌ لهم، فإن هذا لا يعني وصف الناقد بالتشدُّد مطلقًا، فربما كان غير ذلك مع باقي الرواة.[16]

    الطعن في الرواة الذين يخالفونهم في المذهب أو العقيدة:

    ولعل من أبرز الضوابط التي تؤخذ بعين الاعتبار في هذا الشأن، طعن بعض العلماء لبعض الأئمة الذين يخالفونه في المذهب، مثل طعن ابن حبّان في الإمام أبي حنيفة، وابن معين في الشافعي، وهذه مسألة مهمة من مسائل الجرح والتعديل، ينبغي عدم التغافل عنها، وهي أن نتفقد عند الجرح حال الجارح والمجروح في العقائد، واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح، فربما خالف الجارح المجروح في العقيدة، فجرحه لذلك، وإليه أشار الرافعي بقوله: "وينبغي أن يكون المزكّون برآء من الشحناء والعصبية في المذهب، خوفًا من أن يحملهم ذلك علي جرح أو عدل، أو تزكية فاسق[17], وأيضا التشدد في تجريح بعض أصحاب البدع ورد أحاديثهم، واتهامهم بالتشيع أو الإرجاء أو القول بخلق القران وغير ذلك، فبعض هؤلاء الرواة قبل روايتهم أئمة معتدلون، كالإمام البخاري، ومسلم، وباقي أصحاب الكتب الستة.
    وأخيرًا يجب مراعاة ضابط مهم، وهو الظروف التي عاش فيها هؤلاء النقاد والعلماء، ففي عهد بعضهم نشط القصاص والزندقة، مما استدعى شدة التحري والتدقيق، ولا يؤخذ براوية من يشتبه في روايته، كعهد شعبة بن الحجاج وابن معين، على العكس من ذلك العهد الذي ألف فيه الحاكم كتابه المستدرك، وابن حبان كتابه الثقات.[18] ولقد بالغ بعض المتشددين في تجريح الرواة، حتى بلغ بهم الأمر أن قالوا بوجوب ابتعاد المحدث والشاهد عن كثير من الأمور التي تعد من المباحات، نحو التبذل، والجلوس للتنزه في الطرقات، والبول قائمًا، والانبساط إلى الخرق في المداعبة والمزاح، وأخذ الأجرة على التحديث،ويرون أن كل ما سبق منقصٌ للقدر والمروءة، ويُسقط العدالة أيضًا، وموجب لردِّ الشهادة.[19]
    وبعد أن عرفنا التشدُّد وأهم المعايير التي يقاس بها، لابدَّ أن نعرف من هم النقاد المتشدِّدون، وسوف نقتصر فقط على أكثرهم شهرةً ومبالغةً في التشدد، وأقوال العلماء الذين وصفوهم بذلك، وبعض سمات وملامح هذا التشدد في نقدهم للرواة.
    المبحث الثالث

    النقاد المتشددون

    الإمام شعبة بن الحجاج، وتكلم في تشدُّده كل من الحافظ بن حجر، والسخاوي.

    يحيى بن سعيد القطان، وتكلم في تشدده علي بن المديني، والزيلعي، والذهبي، وابن حجر.
    الإمام مالك، تكلم عن تشدده الجوزجاني، وسفيان بن عيينة، وذكره ابن حجر مع من تشدد.
    الإمام أبو نعيم الفضل بن دكين، وصفه علي بن المديني بالتشدد.
    الإمام عفان بن مسلم، أشار كل من علي بن المديني وأحمد بن حنبل إلى تشدده.
    يحيى بن معين، وصفه كل من الذهبي، وابن حجر، وابن تيمية بالتشدد.
    الإمام علي بن المديني، وصفه أبو زرعة الرازي بالتشدد.
    أبو حاتم الرازي، ذكره كل من الذهبي وابن حجر مع المتشددين.
    الجوزجاني نسبه كذلك الذهبي وابن حجر إلى التشدد.
    الفسوي، أشار إلى تشدُّده أيضا الذهبي وابن حجر.
    النسائي وصفه الذهبي بالتشدد.
    أبو الفتح الأزدي كذلك نعته الذهبي بالتشدد.
    ابن الخراش، وصفه الذهبي بالتشدد، وكذلك فعل السخاوي.
    الساجي ذكر ابن حجر تشدده.
    أبو الحسن بن القطان نعته الذهبي بالتشدد.
    ابن حزم الظاهري أشار ابن حجر إلى تشدده.

    العقيلي وصفه ابن حجر والذهبي بالتشدد.
    ابن حبان أشار الذهبي إلى تشدده.
    الدارقطني وصفه ابن حجر بالتعنت.[20]

    وبعد ذكر النقاد الذين عرف عنهم التشدد نقوم بدراسة نماذج من هؤلاء النقاد:
    نماذج لأشهر النقاد المتشددين:

    1: شعبة بن الحجاج العتكي:

    المكنى بأبي بسطام الأزدي العتكي، هو الإمام الحافظ أمير المؤمنين في الحديث، وعالم أهل البصرة، وشيخها، ابن الحجاج بن ورد، سكن البصرة، وقابل الحسن t، وأخذعنه، وتوفي رحمه الله سنة 160 هجرية.
    أشهر شيوخه الذين حدث عنهم: أنس بن سيرين، قتادة بن دعامة، المنهال بن عمرو، عبيد بن الحسن، والحكم بن عتبة، وعمرو بن دينار، وأبي حمزة الضبعي، وعدي بن ثابت، وأيوب السختياني، وعمرو بن مرة، وخلق كثير غيرهم.[21]
    أقوال من وصفوا الإمام شعبه بالتشدد:

    أهم الأقوال التي وصفت تشدد الإمام شعبه: قال المزي في تهذيب الكمال، في ترجمة عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب المدني: "..عن أبي سليمان؛ قرة بن سليمان الجهضمي، قال لي مالك: شعبتكم تشدد في الرجال"[22]، ولقد كان شعبة بن الحجاج أحد تلاميذ الإمام مالك، ولكن وفاته كانت قبله، وهذا النص هنا فيه دلالة واضحة على التأصيل المبكر لظاهرة التشدد عند النقاد، وإضافة لذلك عده البعض أول من تكلم في الرجال، حيث قال صالح بن محمد الحافظ كما في (شرح علل الترمذي) لابن رجب: "أول من تكلم في الرجال شعبة بن الحجاج، ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان، ثم تبعه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين"[23]
    وقد انتقد البعض شعبة وعده مبالغًا في تشدده في النقد، ولاسيما عند المتأخرين: روى أبو زرعة في الضعفاء عن ابن المبارك قال: "ما رأيت رجلًا أطعن في الرجال من شعبة"[24]
    وكان شعبة قد ترك جملة من الرواة في عصره، فلم يروِ عنهم شيئًا، لأمور قد يكونون معذورين فيها عند غيره من النقاد، قال المعلمي: "وكانوا كثيرًا ما يبالغون في الاحتياط، حتى قيل لشعبة: لم تركتَ حديث فلان؟ قال: رأيته يركض على برذون[25]، وفي كتاب الكفاية في علم الرواية نجد الكثير من الأمثلة على مبالغة شعبة بن الحجاج، فمثلا: قال شعبة: "رأيت سماك ابن حرب يبول قائمًا فلم أكتب عنه"، وفي مثال آخر، يقول شعبة:"لقيت ناجية الذي روى عنه أبو إسحاق، فرأيته يلعب الشطرنج، فتركته فلم أكتب عنه، ثم كتبت عن رجل عنه."[26]، ويقول عنه أبو داود الطيالسي: "سمعت شعبة يقول سمعت من طلحة بن مصرف حديثًا واحدًا، وكنت كلما مررت به سألته عنه، فقيل لمّا يا أبا بسطام؟ قال أردت أن أنظر في حفظه، فإن غيَّر شيًئا تركته". وفي مثال آخر قيل لشعبة ما شأن حسام بن مصك؟ قال: رأيته يبول مستقبلًا القبلة. ويروي لنا ابن معين أن شعبة ترك الرواية عن أبي غالب؛ لأنه رآه يحدث في الشمس، وضعه شعبه على أنه تغير عقله.[27]

    2- الإمام يحيى بن سعيد القطان:
    هو يحيي بن سعيد بن فروخ، المكنى بأبي سعيد، مولاهم البصري الأحول القطان، أمير المؤمنين في الحديث، والإمام الكبير الحافظ، توفي سنة 198 هجريًّا.
    أشهر شيوخه الذين سمع منهم وتأثر بهم فهم: شعبة، وسفيان الثوري، وعطاء بن السائب، وهشام بن عروة، وعبيد الله بن عمر، وسليمان الأعمش، وزكريا بن أبي زائدة، وعثمان بن الأسود المكي، وابن أبي عروبة، وفضيل بن غزوان، ومحمد بن عجلان، وعبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، وعبد الملك بن أبي سليمان، وحجاج بن أبي عثمان الصواف، وخلقٌ كثير غيرهم.[28]
    أما أشهر ما جاء في تشدد الإمام يحيى مقال الإمام علي بن المديني في تاريخ بغداد، حيث قال: "إذا اجتمع يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي على ترك رجل، لم أحدث عنه، فإذا اختلفا أخذت بقول عبد الرحمن؛ لأنه أقصدهما، وكان في يحيى تشدد"[29]
    ولقد تحدث الذهبي عن تشدد الإمام يحيى في عدة مواضع، من بينها ترجمة سفيان بن عيينة:[30]" وكرر هذا القول في ترجمته لعبد الرحمن بن عبد الله المدني: حدث عنه يحيى بن سعيد مع تعنته"[31]، وقال كذلك عنه في سير أعلام النبلاء:"كان يحيى بن سعيد متعنِّتًا في الرجال"[32]، وقال الذهبي كذلك في كتابه ميزان الاعتدال، وذلك في ترجمته لعبد الرحمن بن دينار المجني: "صالح الحديث وقد وثق، وحدث عنه يحيى بن سعيد مع تعنته في الرجال"[33]
    وكذلك وصفه يحيى بن معين بالتشدد، خاصةً مع أقرانه حين قال عنه: "يحيى بن سعيد شديد التعنت في الرجال، لاسيما من كان من أقرانه"[34]، وجاءت كل هذه النصوص لتؤكد وصف الإمام يحيى بن معين بالتشدد باللفظ الصريح بعبارة "تشدد" و"تعنت"، أما عن أفعاله فقد قال عنه الذهبي في ترجمة أبي شهاب الحناط الصغير: "عبد ربه بن نافع، أبو شهاب الحناط، صدوق، في حفظه شيء"، وقال علي: "سمعت يحيى بن سعيد يقول: لم يكن أبو شهاب الحناط بالحافظ، ولم يرضَ يحيى أمره"[35].
    وكذا في ترجمة حرب بن شداد: الإمام الثقة الحافظ أبو الخطاب اليشكري البصري، وثَّقه أحمد وغيره، وقال الفلاس: كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه، قلت هذا من تعنُّت يحيى في الرجال، وله اجتهاده؛ فلقد كان حجة في نقد الرواة[36].
    أهم مظاهر تشدد يحيى بن سعيد:

    موقفه من محمد بن عمرو بن علقمة، يروي ذلك الإمام علي بن المديني، قال: سألت يحيى بن سعيد عن محمد بن عمرو بن علقمة، فقال: تريد العفو أو تشدد؟ فقلت: لا، بل أشدد، فقال: ليس هو ممن تريد، كان يقول: "أشياخنا أبو سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب"[37] وكان يحيى بن سعيد يعمد إلى ترك الرجال الذين يحدثون من حفظهم, الذين يجد لديهم اختلافًا بين قول وآخر، وحتى وان لم يتهمهم أحد النقاد بالكذب، ومسلكه هذا جعله يترك العديد من الرواة المعروفين الذين يحدث عنهم نقاد مثل وكيع بن الجرح، وعبد الرحمن بن مهدي، وابن المبارك[38]. واتهم يحيى بن سعيد الصالحين والزهاد بعدم إجادة الحديث وإتقان الرواية، وهو بهذا يحذو حذو علي بن المديني، والإمام مسلم الذي ذكر في مقدمة صحيحه: "لن ترى في الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث".[39]

    3- يحيي بن معين:
    هو شيخ المحدثين يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام، المكنى بأبي زكريا، الإمام الحافظ الجهبد، ويقال أن جده غياث بن زياد بن عون بن بسطام الغطفاني ثم المري، مولاهم البغدادي، وولد سنة 158 هجريًّا، وكانت وفاته رحمة الله عليه سنة 233 هجريًّا.[40]
    أما أشهر شيوخه الذين سمع منهم فهم: سفيان بن عيينة، ووكيع، وابن مهدي، وحاتم بن إسماعيل، وحفص بن غياث، وعباد بن عباد، وإسماعيل بن عياش، وهشام بن يوسف، وعيسى بن يونس، وابن المبارك، وهشيم، وعلي بن هاشم، ويحيى القطان، وسمع من خلق كثير من مختلف الأقطار والأمصار؛ من مصر، والحجاز، والشام، والعراق.
    وقال في هذا الشأن ابن عبد البر: "كان ابن معين، عفا الله عنه، يطلق لسانه في أعراض الأئمة الثقات، وقوله في الشافعي: ليس بثقة، ولقد قيل لأحمد: إن يحيى بن معين يتكلم في الشافعي، فرد أحمد من أين يعرف يحيى الشافعي؟[41] وسبب تكلم الإمام يحيى بن معين في الشافعي هو أنه، وكما هو معروف، أن يحيى بن معين متعصب لمذهبه الحنفي، فكان شديدًا على من يخالف مذهبه.
    ونص كذلك على تعنت الإمام يحيي بن معين الذهبيُّ في الموقظة، وهو يصنف النقاد، حيث قال: "فمنهم من نفسه حاد في الجرح، فالحاد فيهم يحيى بن سعيد، وابن معين، وأبو حاتم."[42]
    والإمام يحيى بن معين قد بالغ في بعض الأحيان في تشدده في الرجال؛ فقد روى عنه الخطيب البغدادي قال: "أخبرني عبد الله بن يحيى السكري، قال أنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، قال ثنا جعفر بن الأزهر، قال أنا ابن الغلابي، قال وسئل يحيى، يعني ابن معين، عن حجاج بن الشاعر، فبزق لما سئل عنه"[43]، وعُدَّ موقفه هذا مغالاة في التشدد، ومن الجرح المبهم؛ لأنه لم يوضح سبب مسلكه هذا.
    وهناك رواية أخرى تبرز تشددَ ابن معين، جاء على ذكرها كذلك الخطيب البغدادي، حيث قال: "أخبرني أبو بكر البرقاني، قال علي أحمد بن جعفر بن مالك، وأنا أسمع، حدَّثكم عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: قلت لأبي: إن يحيى بن معين يطعن على عامر بن صالح يقول ماذا؟ قلت رآه يسمع من حجاج، قال: قد رأيت أنا حجاجًا يسمع من هشيم، وهذا عيب، يسمع الرجل ممن هو أصغر منه وأكبر.[44]
    يتبع



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,443

    افتراضي رد: التشدد عند النقاد في الجرح و التعديل

    التشدد عند النقاد في الجرح والتعديل


    أ. هيام السيد نصير[*]


    د. فضلان عثمان[**]

    4- الإمام أبو حاتم الرازي:
    هو الإمام الحافظ الناقد محمد بن إدريس بن المنذر بن داوود بن مهران، ولد في 195 هجريًّا، وهو والخاري من ذات الطبقة، ولقب بالحنظلي لأنه كان يسكن في درب حنظلة، بمدينة الري، جمع المصنفات وبرع في نقد الرجال، وجرح وعدل وعلل، فأصاب وأجاد. وتوفي رحمة الله عليه سنة 275 هجريًّا.

    أما أشهر شيوخه الذين سمع منهم الحديث فهم:محمد بن عبد الله الأنصاري، والأصمعي، وأبو مسهر الغساني، وزهير بن عباد، وأبو يزيد الأنصاري النحوي، وعبد الله بن صالح الكاتب، وثابت بن محمد الزاهد، وأبو ثوبة الحلبي، وأبو الجماهير محمد بن عثمان، وهوذة بن خليفة، وأبو حفص الفلاس، ومحمد بن عوف، وابن وارة، والربيع المرادي، وخلقٌ كثير غيرهم.
    ويعد الإمام أبو حاتم الرازي من أشد النقاد الذين عرفوا بالتشدد، وأكد على ذلك الذهبي في عدة مواضع؛ حيث قال عنه: "قد عُلم تعنُّتُ أبي حاتم في الرجال"[45]، وقال عنه في ترجمة ابن عجلان: "وممن وثقه ابن عيينة وأبو حاتم الرازي مع تعنته في نقد الرجال[46].
    وقال الذهبي كذلك عنه: "إنه متعنت في الرجال، وذلك في ترجمة أبي ثور الكلبي؛ إبراهيم بن خالد الفقيه: أحد المجتهدين، وثقه الناس، تعنت أبو حاتم كعوائده، وقال: ليس محله محل المتسعين في الحديث؛ كان يتكلم بالرأي فيخطئ ويصيب، قلت: هذا غلو من أبي حاتم غفر الله له".[47]وقال الذهبي كذلك في ترجمة عباد بن عباد: "الحافظ الثقة,.. كان سريًا نبيلًا حجةً من عقلاء الأشراف وعلمائهم، تعنت أبو حاتم كعادته، وقال: "لا يحتج به"... قلت ولقد احتج أرباب الصحاح به"[48]، وقال كذلك في ترجمة يحيى بن بكير: هو محدث مصر الإمام الحافظ الثقة؛ أبو زكريا يحير بن عبد الله بن بكير المصري، مولى بني مخزوم، صاحب مالك والليث,.. قال أبو حاتم كان يفهم هذا الشأن، يكتب حديثه ولا يحتج به، قد علم تعنت أبي حاتم في الرجال، وإلا فالشيخان قد احتجا به، وقال النسائي: ضعيف، وأسرف بحيث أنه قال في وقت آخر: ليس بثقة.[49]
    وظل التعنت صفة ملازمة للإمام أبي حاتم كذلك في حكمه علي كل من الربيع بن يحيى الأشناني، حيث قال الذهبي أنه قال: "أبو حاتم مع تعنته ثقة ثبت[50], وفي ترجمته ليعقوب محمد الزهري المدني: مشهور قوّاه أبو حاتم مع تعنته في الرجال، وضعَّفه أبو زرعة وغيره، وهو الحق ما هو بحجة،[51] وكذلك في ترجمة طالوت بن عباد: فأما قول أبي الفرج بن الجوزي؛ ضعفه علماء النقل، فهفوة من كيس أبي الفرج، فإلى الساعة ما وجدت من أحدٍ ضعفه، وحسبك بقول المتعنت في النقد أبي حاتم فيه"[52].
    والحافظ ابن حجر كذلك يرى تشدد الإمام أبي حاتم في ترجمة محمد بن عدي، قال عنه: "أبو حاتم عنده عنت"[53]، ولابن حجر كلام آخر في تعنت الإمام أبي حاتم، وذلك في ترجمته لموسى بن أبي عائشة المخزومي الهمداني؛ أبي الحسن الكوفي؛ قلت:"أبو حاتم اضطرب فيه، وهذا من تعنته"[54]، وقال الحافظ ابن حجر في ذلك: ويكفي في تقويته توثيق النسائي، وابن أبي حاتم مع تشددهما.[55]
    وأحد أبرز الأسباب التي دعت النقاد لوصف أبي حاتم بالتشدد كونه يجهل رجالًا معروفين، مثل: شيخ البخاري، بيان بن عمرو أبي أحمد المحاربي، وكذلك تجهيله لصحابي معروف مثل مدلاج، قال ابن أبي حاتم كما في الجرح والتعديل: "بيان بن عمرو أبو محمد المحاربي، روى عن سالم بن نوح، ويحيى بن سعيد القطان، وابن مهدي، سمعت أبي يقول ذلك، ويقول: "هو شيخ مجهول، والحديث الذي رواه عن سالم بن نوح حديث باطل"[56].
    وقد بيَّن الحافظ في "لسان الميزان" في ترجمة "مدلاج" بن عمرو السلمي أحد حلفاء بني شمس، ومرادُ أبي حاتم في وصف الصحابي بالجهالة؛ فقال: "وكذا يصنع أبو حاتم في جماعة من الصحابة، يطلق عليهم اسم الجهالة، لا يريد جهالة العدالة، وإنما يريد أنه من الأعراب الذين لم يروِ عنهم أئمة التابعين... وهذا رجلٌ من أهل بدر، ولم يتخلَّف عن ذكره أحد ممن صنف في الصحابة"[57].
    ولقد جهل أبو حاتم كذلك الصحابي معبد بن خالد الجهمي، حيث قال عنه ابن أبي حاتم:معبد بن خالد الجهمي أبو رغوة، له صحبة روى عن أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما، مات سنة ثنتين وسبعين وهو ابن ثمانين، سمعت أبي يقول: هو مجهول.

    5- ابن الخراش:
    هو عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد الخراش، المكنى بأبي محمد الحافظ، المروزي ثم البغدادي، الحافظ الناقد البارع، توفى في رمضان سنة 283 هجريًّا، أما أشهر شيوخه الذين روى عنهم فهم عبد الجبار بن العلاء، وأبو عمير النحاس الرملي، وأبو حفص الفلاس، وأبو سهل بن زياد، ونصر بن علي، وروى عن علي بن خشرم ويعقوب الدورقي والتقى بهما، وآخرين من طبقته مثل: بكر بن محمد الصيرفي، وابن عقدة، وغيرهم كثير.
    ولعل النصوص التي وصفته بالتشدد لم تكن صريحة وواضحة، إلا ما جاء من قول طاهر الجزائري: "عبد الرحمن بن يوسف بن الخراش، لهم صنف في الجرح والتعديل، وكان كأبي حاتم في قوة النفس"[58], مما أثار جدلًا حول ابن الخراش عقيدته، حيث كان التشيع ثابتا عليه ظاهرًا، أما الرفض فيظهر أنه لم يكن يظهره في بغداد، وإلا لفضحه نقاد الحديث فيها، وإنما صنف كتابه في الرفض في بندار، والظاهر أنه لم يشتهر عنه في غيرها، فلذلك يؤخذ برأيه في الرجال، إلا إن شذ أو تفرد برأي، فهنا يتهم بذلك ويرد قوله، كما في كلامه على مالك بن أوس.
    ولقد نقده الذهبي في عدة مواضع في السير وميزان الاعتدال، قال في السير[59] عنه: "هذا مُعَثَّرٌ مخذول، كان عِلمهُ وبالاً، وسعيه ضلالاً، نعوذ بالله من الخِذلان"، وقال في الميزان عنه: "هذا والله الشيخ المعثّر الذي ضلّ سعيه، فإنه كان حافظ زمانه، وله الرحلة الواسعة والاطلاع الكثير والإحاطة، وبعد هذا فما انتفع بعلمه، فلا عتب على حمير الرافضة"[60]، وأشار كذلك في عدة مواضع لعدم الاعتداد بهذا الرافضي؛ فقال في السير[61] رادّاً على تكذيب ابن خراش للحافظ أحمد بن الفرات: "من الذي يُصَدّق ابن خراش، ذاك الرافضي، في قوله؟!"، وقال في ميزان الاعتدال في ترجمة موسى بن إسماعيل: "لم أذكر أبا سلمة لِلِينٍ فيه، لكن لقول ابن خراش فيه "صدوق، وتكلم الناس فيه"، قلت: نعم، تكلموا فيه بأنه ثقة ثبت، يا رافضي!"[62].
    وللحافظ ابن حجر مقال أيضًا ف يتشدد ابن الخراش في لسان الميزان، حيث قال: "عبد الرحمن بن يوسف بن الخراش المحدث الحافظ، فإنه من غلاة الشيعة، بل نسب إلى الرفض فيتأنى في جرحه أهل الشام للعداوة البينة في الاعتقاد"[63], وله مقال آخر في هدي الساري حيث قال: "ابن الخراش مذكور بالرفض والبدعة فلا يلتفت إليه"، وبعد عرض هذه الأقوال، ينجلي السبب الذي من ورائه وصف ابن الخراش بالتشدد، وهو جرحه لأهل الشام خاصة؛ لأنه كان شيعيًّا ويضمر العداوة لكل من يخالفه في المذهب والعقيدة.
    بعض من مظاهر تشدد ابن الخراش:

    تشدد ابن الخراش في أقواله في بعض الرواة، وخالف فيهم الجمهور، ولكن السبب لا يعود إلى تشيعه، بل هؤلاء الرواة مثل: أحمد بن عبده الضبي الذي رماه بالنصب، وقال عنه تكلم الناسف يه، ورد عليه الذهبي بالقول: لم يصدق ابن الخراش في قوله، إنه حجة، وموسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي، الذي قال عنه ابن الخراش إنه: صدوق وتكلم الناس فيه، في حين قال عنه الذهبي وجمهور العلماء بأنه ثقة، وكذلك الحال مع سليمان بن داوود العتكي، وهؤلاء الثلاثة على سبيل المثال من البصريين، ولما ثبت عن ابن الخراش تشيعه وأنه تكلم في أبي بكر وعمر حكم عليه العلماء بالفسق، وردوا أقواله في الجرح إذا تفرد في أحد من الرواة[64]

    6- النسائي:
    هو الإمام الحافظ الثبت شيخ الإسلام، ناقد الحديث أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر الخرساني النسائي، المكنى بأبي عبد الرحمن، ولد بنسا في سنة 215 هجريًّا.
    طلب العلم منذ صغره، وارتحل من أجل ذلك إلى قتيبة وبغلان، سمع من عدد من الشيوخ، وروى عنهم، وكان أشهرهم: إسحاق بن راهويه، ومحمد بن النظر بن مساور، وسويد بن نصر، وأحمد بن عبده الضبي، وأبو الطاهر بن السرح، وأحمد بن منيع، والحارث بن مسكين، وبشر بن هلال الصواف، وذكر ابن حجر أنه سمع من خلائق لا يحصون. تكلم عن تشدده أبو الفضل الطاهر المقدسي، حيث قال في شروط الأئمة الستة: سألت الإمام أبا القاسم؛ سعد بنعلي الزنجاني بمكة عن حال رجل من الرواة فوثقه، فقلت: إن أبا عبد الرحمن النسائي ضعفه، فقال: يا بني؛ إن لأبي عبد الرحمن النسائي شرطًا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم.[65]
    أما ما قاله الذهبي في تشدد النسائي، فنرى ذلك بداية في ميزان الاعتدال في ترجمة الحارث بن عبد الله الأعور الهمذاني الخارفي؛ أبي زهير الكوفي: "والنسائي مع تعنته في الرجال فقد احتج به وقوي أمره"، وقال الذهبي كذلك في مواضع أخرى في ترجمة أشعت بن عبد الرحمن اليامي، قال الذهبي: "أسرف النسائي في قوله: ليس بثقة[66]، وكذلك في سير أعلام النبلاء، حيث قال: "وحسبك بالنسائي وتعنته في النقد"[67]، وابن حجر العسقلاني تحدث هو الآخر عن تشدد النسائي في تهذيب التهذيب في شأن الحارث بن عبد الله الأعور الهمذاني، ونقل العبارة ذاتها: "والنسائي مع تعنته في الرجال، فلقد احتج به"، وأوضح ابن حجر أن النسائي لم يحتج به، وإنما أخرج له في السنن حديثًا واحدًا مقرونًا بابن ميسرة، وآخر في اليوم والليلة متابعة، هذا جميع ماله عنده[68], وتكلم ابن حجر العسقلاني كذلك في هدي الساري، وذلك في ترجمة أحمد بن عيسى التستر،حيث قال: "عاب أبو زرعة على مسلم تخريجه حديثه، ولم يبين السبب، وقد احتج به النسائي مع تعنته"[69].
    ولعل أبرز الأسباب التي دعت النقاد لوصفه بالتشدد هو شرطه الذي قال عنه المحدثون أنه أشد من شرط البخاري، وشرح الإمام الذهبي هذا القول بأن الإمام النسائي ضعَّف رجالًا احتج بهم الشيخان مسلم والبخاري، ولكن الخطيب البغدادي انتقده في سلوكه، هذا حيث قال: "إنه صحيح"، فيه نظر،و"إن له شرطًا في الرجال أشد من شرط مسلِم"، غير مُسَلَّم، فإنه فيه رجال مجهولون إما عينًا أو حالًا، وفيهم المجروح، وفيه أحاديث ضعيفة ومعللة ومنكرة كما نبهنا عليه في "الأحكام الكبير"، وقال ابن الصلاح في (المقدمة): "حكى أبو عبد الله الحافظ أنه سمع محمد بن سعد الباوردي بمصر يقول: كان من مذهب أبي عبد الرحمن النسائي أن يُخرج عن كل من لم يُجمع على تركه"[70]، ومن خلال استعراض هذه النصوص يبرز مسلك النسائي مع الرجال بوضوح، فهو بداية ضعف رجالًا قواهم مسلم والبخاري من جهة، ومن جهة أخرى يخرج عن كل من لم يجمع الجميع على تركه، غير أنه أخرج في بعض الأحيان شأنه شأن العديد من النقاد، أحاديث لضعفاء ومجروحين.

    7- أبو الفتح محمد بن حسين الأزدي:
    هو محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بريده الأزدي الموصلي، وكنيته أبو الفتح، صاحب كتاب الضعفاء الحافظ البارع.
    له العديد من الشيوخ والتلاميذ الذين حدثوا عنه وحدث عنهم. والذي نحدث عنهم هم: أبو يعلى الموصلي، ومحمد بن جرير الطبري، وعبد الله بن إسحاق المدائني، وإسماعيل الحاسب، وعلي بن سراج، وهيثم بن خلف الدوري، وعباد بن علي السيريني، وحمدان بن عمرو الوراق الموصلي، وأبو عروبة الحرابي، وأبو القاسم البغوي ومن في طبقتهم, أما الذين حدَّثوا عنه فهم: أبو إسحاق البرمكي، وأحمد الفتح بن فرغان، وأبو نعيم الحافظ، وغيرهم كثير.
    أما أهم ما قيل في تشدد أبي الفتح الأزدي:

    قال الإمام الذهبي في تشدده: "الحافظ البارع صاحب كتاب الضعفاء، وعليه في كتاب الضعفاء مؤاخذات، فإنه ضعف جماعة بلا دليل، بل قد يكون غيره وثقهم"[71]، وقال عنه الذهبي كذلك في تذكرة الحفاظ: "له مصنف كبير في الضعفاء، وهو قوي النفس في الجرح"[72]، قال أبوغدة: "يعني بذلك أنه متشدد متعنت فيه"[73].
    وفي ميزان الاعتدال قال عنه الذهبي، وذلك في ترجمة أبان بن إسحاق المدني: "قال أبو الفتح الأزدي متروك، قلت: لا يترك؛ فقد وثقه أحمد والعجلي، وأبو الفتح يسرف في الجرح، وله مصنف كبير في المجروحين، جمع فأوعى، جرح خلقًا بنفسه لم يسبقه أحد إلى التكلم فيهم، وهو المتكلم فيهم"[74].
    إضافة إلى ذلك كانت ألفاظه في الجرح شديدة على الرواة، مثل:" كذاب، ساقط، متروك الحديث، ذاهب الحديث، رجل سوء لا يبالي ما روى ولا على ما أقدم ولا يحل لمن عرفه أن يروي عنه، ولا اختلاف في ترك حديثه، وغيرها"[75]، والشيخ الألباني أيضًا يري ما يراه الذهبي من تعنت الأزدي، حيث قال: "الأزدي ينفرد بجرح كثير من الثقات، فلا يؤبه لتجريحه إذا تفرد"[76].
    بعض من مظاهر تشدد أبي الفتح الأزدي:

    كانت له العديد من الأقوال التي خالف فيها جمهور النقاد في رواة ثقات؛ كعامر بن صالح، أو أبو الحارث المدني الذي وثقه الإمام أحمد وقال فيه: "ثقة لم يكن صاحب كذب"، وقال أبو حاتم: "صالح الحديث ما أرى بحديثه باسًا: في حين قال عنه أبو الفتح الأزدي: "ذاهب الحديث"، وحذا حّذوه كذلك ابن معين، وقال عنه: "ضعيف"، وهناك قول آخر لأبي الفتح الأزدي، وهو كلامه في الراوي أبي اليسير الحراني القاضي، الذي قال فيه يحيى بن معين: "ثقة يروي عن حفص بن غياث"، وقال عنه أبو زرعة الرازي: "صالح"، وتكلم عنه ابن عدي فقال: إنه حسن الحديث وأرجو أنه لا بأس به"، ووثقه ابن سعد أيضًا، فيبرز تشدد أبي الفتح الذي قال عنه: "إن حديثه يدل على كذبه ووصفه بأنه كان أحد العظل في التزيد"[77]

    8- ابن حزم الأندلسي:
    هو الإمام أبو محمد،علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد، فارسي الأصول ثم أندلسي قرطبي يزيدي، حيث كان مولى للأمير يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي، صاحب الفنون والمعارف، ولد سنة 384 هجريًّا بقرطبة.
    وسمع من طائفة من الشيوخ، وهم: أبو عمر بن محمد بن الجسور، ويونس بن عبد الله بن مغيث القاضي، وحمام بن أحمد القاضي، وعبد الله بن ربيع التميمي، وأحمد بن القاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ، أما أعلى شيخ عنده فهو يحيى بن مسعود بن وجه الجنة, أما الذين حدثوا عنه فهم: ابنه رافع الفضل، والقاضي أبو بكر بن العربي، وأبو الحسن شريح بن محمد، وأبو عبد الله الحميدي.
    ورد عليه حيث قال: هذا القول من جسارته؛ فإنه كان هجومًا على تخطئة الأئمة الكبار، وإطلاق الألسنة فيهم، وتكلم أيضًا السخاوي في نقد ابن حزم للرجال، حيث جهل رجالًا مشهورين، ومعروفين، قال: "ابن حزم تكلم في أبي عيسى الترمذي، وأبي القاسم البغوي، وإسماعيل بن محمد الصفار، وأبي عيسى الأصم، وغيرهم، وقال عنهم أنهم مجهولون"[78]،وقال الحافظ بن حجر أيضًا في ترجمته للمنهال بن عمرو الأسدي مولاهم الكوفي: قال أبو الحسن القطان: "كان أبو محمد بن حزم يضعف المنهال,.. إن هذا ليس بجرح وجرحه بهذا تعسف ظاهر"[79].
    والسبب الذي دعا النقاد لوصف ابن حزم بالتشدد يعد واضحًا من الأقوال التي ذكرناها سابقًا، حيث عمد ابن حزم إلى تجهيل الإمام الترمذي، وإضافة إلى ذلك جرح أبي عيسى الأصم راوي كتب الشافعي، والبغوي الذي يعد من أشهر محدثي العراق في عصره. وابن حجر يفسر هذا الأمر حين قال عن ابن حزم الأندلسي في لسان الميزان: "كان واسع الحفظ جدًا، إلا أنه لثقته بحافظته كان يَهجُمُ على القول في التعديل والتجريح وتبيين أسماء الرواة، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة"[80]، وقال أبو الحسن ابن القطان في (بيان الوهم والإيهام): "محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي الترمذي، وترمذ بخراسان. جهله بعض من لم يبحث عنه، وهو أبو محمد ابن حزم، فقال في كتاب الفرائض من "الإيصال"، إثْرَ حديثٍ أورده: (إنه مجهول)"[81].

    9- القطان الفاسي:
    هو الشيخ العلامة الحافظ والناقد أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن يحيى بن إبراهيم الحميري الكتامي المغربي الفاسي المعروف بابن القطان المالكي المذهب، ولي القضاء، ومات في سنة 628 هجرًّيا.
    أشهر من سمع منهم: عبد الله الفخار، والخطيب أبو جعفر بن يحيى، وأبو الحسن النقرات، وأبو در الخشني[82].
    ولعل أهم الأقوال التي جاءت في تشدد أبي الحسن القطان ما قاله الذهبي في سير أعلام النبلاء، في ترجمة أبي الحسن علي بن القطان، قال: "علقت من تأليفه كتاب الوهم والإيهام فوائد تدل على قوة ذكائه، وسيلان ذهنه وبصره بالعلل، لكنَّه تعنَّت في أماكن"[83], وجاء في السير كذلك قوله: "ومن تعنت القاضي أبي الحسن بن القطان المغربي قوله: "وروي في الأحكام لقبيصة، ولا يعرض له، وهو عندهم كثير الخطأ""[84], وفي تذكرة الحفاظ قال الذهبي: "طالعت كتابه المسمى بالوهم والإيهام الذي وضعه على الأحكام الكبرى لعبد الحق، يدل على حفظه، وقوة فهمه، لكنه تعنت في أحوال رجال فما أنصف"[85]
    الأسباب التي دعت النقاد لوصفه بالتشدد تتعلق بمسألة الرواة والجهالة بهم:

    ذكر الشيخ عبد الحي اللكنوي أن الإمام أبا الحسن بن القطان جهل كثيرًا من الرواة في كتابه "بيان الوَهم والإيهام"، وقال في حقهم: "لا يعرف له حال" أو "بم تثبت عدالته", كان كثيرًا ما ينقل في ميزان الاعتدال عن ابن القطان في حق الرواة: "لا يعرف له حال"، أو "لمتثبت عدالته"، فلعلك تظن أن ذلك الراوي مجهول أو غير ثقة، وهو ليس كذلك؛ لأن لابن القطان في إطلاق هذه الألفاظ اصطلاحًا لم يوافقه غيره عليه، فقد قال الذهبي عنه في ترجمة (حفص بن بغيل): "قال ابن القطان: لم يعرف له حال، ويقول الإمام الذهبي عن هذا القول: إن ابن القطان يتكلم في كل من لم يقل فيه إمام عاصر ذلك الرجل أو أخذ عمن عاصره ما يدل على عدالته، وفي الصحيحين من هذا كثير لم يضعفهم أحد ولا هم بمجاهيل"[86]

    أما أبرز مظاهر تشدد القطان الفاسي:

    لقد خالف الجمهور في مسألة المجهول والمستور؛ حيث اعتبر ابن القطان السكوت عن الراوي تجهيلًا له، في حين أنه إذا سكت أبو حاتم الرازي أو البخاري عن جرح راوٍ يعدُّ هذا توثيقًا له، لأن البخاري مثلا "كان من عادته أن يذكر الجرح والمجروحين ومن لم يطعن فيه فهو ثقة"[87]، وخير مثال على ذلك: مالك المصري قال فيه ابن القطان: "هو ممن لم تثبت عدالته" يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة، وفي رواة الصحيحين عدد كثير ما علمنا أن أحدًا وثقهم، والجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأتِ بما ينكر عليه فحديثه صحيح.
    الخاتمة والنتائج:

    وبعد أن تعرفنا على طبيعة التشدد في الجرح والتعديل نخلص إلى أن هذه المسائل ليس من اليسير بحثها، بل تحتاج للصبر والغور في مناهج النقاد التي عادة لم يوضحوها، وإنما استخلصها طلبة العلم من أسلوبهم وطريقتهم في نقد الرجال، ولا يتأتى ذلك إلا بالتمعن في قراءة كتب الرجال والجرح والتعديل وسبرها.
    أهم النتائج:

    التشدد ظاهرة لها وجود، وتبعات فلا تكاد كتب الرجال والنقد تخلو من وصف لناقد بالتعنت والتشدد.
    أبو حاتم الرازي أشد النقاد نقدًا للرواة، ولا يعتد بقوله إلا إذا صاحبه قول لإمام معتدل.
    تختلف طبيعة التشدد عند النقاد كل حسب منهجه الخاص في نقد الرجال وما ارتضى لنفسه من قواعد.
    بعض النقاد بالغوا في تشددهم حتى أدى بهم الأمر إلى تجريح رواة وأعلام معروفين.
    لما كانت ظاهرة التشدد تؤثر في قبول الرواة وردهم فهي بالتالي تؤثر في قبول الأحاديث وردها.
    هوامش البحث:



    [*] باحثة بمرحلة الماجستير، بقسم علوم القرآن والسنة, بالجامعة الوطنية الماليزية.

    [**] عضو هيئة تدريس، بقسم علوم القرآن والسنة, بالجامعة الوطنية الماليزية.


    [1]- ابن حجر العسقلاني, 200, هدي الساري مقدمة فتح الباري, 1, الرياض, على نفقة الأمير سلطان آل سعود, ص5.

    [2]- أبو حاتم الرازي, 1952, الجرح والتعديل, دائرة المعارف العثمانية, ص5-6.

    [3]- مرتضى الزبيدي, تاج العروس في جواهر القاموس, طبعة الكويت, ص516

    [4]- محمد العمري, 2000, دراسات في منهج النقد عند المحدثين, 1, دار النفائس, ص11.

    [5]- أبو حاتم الرازي, الجرح والتعديل, ص7.

    [6]- أحمد محمد نور سيف, 1979, مقدمة تحقيق تاريخ ابن معين, مركز البحث العلمي وإحياء التراث مكة, ص6.


    [7]- أبو بكر كافي, 2000, منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها, ط1, دار ابن حزم, ص23.

    [8]- نفس المرجع السابق, ص24.

    [9]- أكرم ضياء العمري, 1997, منهج النقد عند المحدثين مقارنة بالمنهج الغربي, ط1, دارإشبيلية, ص18_19.

    [10]- محمد بن إسماعيل الصنعاني, توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار, المكتبة السلفية بالمدينة المنورة, ج1, ص118.

    [11]- ابن فارس, معجم مقاييس اللغة, ص532.

    [12]- سورة العاديات, الآية 8.

    [13]- أبو حاتم, الجرح والتعديل, الجزء الثاني, ص28.

    [14]- السبكي, قاعدة في الجرح والتعديل(أربع رسائل في الجرح والتعديل) لعبد الفتاح أبوغدة, ط5, مكتبة المطبوعات الإسلامية, ص43.

    [15]- ابن حجر, هدي الساري, ص147.

    [16]- محمد أمين القضاة, 2005, ضوابط نقد الرواة وأثرها في الحكم على الناقد, العدد 1, المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية, ص9.

    [17]- السبكي, قاعدة في الجرح والتعديل, ص35.

    [18]- محمد أمين القضاة, 2005, ضوابط نقد الرواة وأثرها في الحكم على الناقد, المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية, ص10

    [19]- الخطيب البغدادي, 1357 هجريًا, الكفاية في علم الرواية, الهند: دائرة المعارف العثمانية, ص111.

    [20]- زهير عثمان, ابن عدي ومنهجه في الكامل في الضعفاء, ط1, 1997, الرياض: مكتبة الرشيد, الجزء الثاني, ص164.

    [21]- الذهبي, 1982, سير أعلام النبلاء, مؤسسة الرسالة, الجزء السابع, ص203.

    [22]جمال الدين أبو الحجاج, 1983, ط1, المزي, تهذيب الكمال, في أسماء الرجال, مؤسسة الرسالة, الجزء13, ص503.

    [23]- ابن رجب الحنبلي, 1987, شرح علل الترمذي لابن رجب, الأردن: مكتبة المنار, الجزء الأول, ص172-173.

    [24]- أبو زرعة الرازي, 1982, الضعفاء, المملكة العربية السعودية: الجامعة الإسلامية, المدينة المنورة, ص618.

    [25]- الخطيب البغدادي, الكفاية في علم الرواية, ص111.

    [26]-نفس المرجع السابق, ص111.

    [27]- نفس المرجع السابق, ص113.

    [28]- الذهبي, سير أعلام النبلاء, ص176.

    [29]- الخطيب البغدادي, 2001, تاريخ بغداد, ط1, دار الغرب الإسلامي, الجزء العاشر, ص243.

    [30]- الذهبي, ميزان الاعتدال في نقد الرجال, بيروت: دار المعرفة, الجزء الثاني, ص171.

    [31]- الذهبي, ميزان الاعتدال, الجزء الثاني, ص572.

    [32]- الذهبي, سير أعلام النبلاء, الجزء التاسع, ص183.

    [33]- الذهبي, ميزان الاعتدال, الجزء الثاني, ص572.

    [34]- ابن حجر, هدي الساري, ص594.

    [35]- الذهبي, ميزان الاعتدال, الجزء الثاني, ص544.

    [36]- الذهبي, سير أعلام النبلاء, الجزء السابع, ص194.

    [37]- أبو جعفر محمد العقيلي, الضعفاء, ط1, دار العصيمي, الجزء الرابع, ص109.

    [38]- ابن رجب الحنبلي, شرح علل الترمذي لابن رجب, ص363.

    [39]- مسلم بن الحجاج, 2006, صحيح مسلم, ط1, دار طيبة, الجزء الأول, ص18

    [40]- الذهبي, سير أعلام النبلاء, الجزء الحادي عشر, ص72.

    [41]- ابن عبد البر القرطبي, 1994, جامع بيان العلم وفضله, الدمام: دار ابن الجوزي, الجزء الثاني, ص159.

    [42]- الذهبي, 1993, الموقظة في مصطلح الحديث, دار أحد للنشر والتوزيع, ص83.

    [43]- الخطيب البغدادي, الكفاية في علم الرواية, ص113.

    [44]- نفس المصدر السابق, ص110.

    [45]- الذهبي, تذكرة الحفاظ, 1374هجريًّا, الهند: دارالمعارف العثمانية, الجزء الثاني, ص420.

    [46]- الذهبي, سير أعلام النبلاء, الجزء السادس, ص320.

    [47]- نزار الريان, النقاد المتشدد ونفي الجرح والتعديل, ص 170.

    [48]- الذهبي, سير أعلام النبلاء, الجزء الثامن, ص295.

    [49]- الذهبي, تذكرة الحفاظ, الجزء الثاني, ص420.

    [50]- الذهبي, ميزان الاعتدال, بيروت:دار المعرفة, الجزء الثاني, ص43.

    [51]- الذهبي, المغني في الضعفاء, 65, قطر: دار إحياء التراث, الجزء الثاني, ص553.

    [52]- الذهبي, سير أعلام النبلاء, الجزء 11, ص26.

    [53]- ابن حجر, هدي الساري, ص616.

    [54]- ابن حجر, تهذيب التهذيب, مؤسسة الرسالة, الجزء الثامن, ص407.

    [55]- ابن حجر, بذل الماعون في فصل الطاعون, الرياض: دار العاصمة, ص117.

    [56]- ابن أبي حاتم, الجرح والتعديل, الجزء الثاني, ص 425.

    [57]- ابن حجر, لسان الميزان, 2002, حلب: مكتبة المطبوعات الإسلامية, الجزء السادس, ص13.

    [58]49- طاهر الجزائري, 1995, توجيه النظر في أصول الأثر, حلب: مكتبة المطبوعات الإسلامية, الجزء الأول, ص278.

    [59]- الذهبي, سير أعلام النبلاء, الجزء الثالث عشر, ص510

    [60]- الذهبي, ميزان الاعتدال, الجزء الرابع, ص330.

    [61]- الذهبي, سير أعلام النبلاء, الجزء الثاني عشر, ص487.

    [62]- الذهبي, ميزان الاعتدال, الجزء الرابع, ص200.

    [63]- ابن حجر, 2002, لسان الميزان, حلب: مكتبة المطبوعات الإسلامية, الجزء الأول, ص16.

    [64] الحافظ عبد الرحمن الخراش وأقواله في الجرح والتعديل, محمد إبراهيم سعيد حسن الفارسي, ص235

    [65]-محمد بن طاهر المقدسي, 1984, شروط الأئمة الستة, دار الكتب العلمية, ص26.

    [66]- الذهبي, ميزان الاعتدال, الجزء الأول, ص 266.

    [67]-الذهبي سير أعلام النبلاء, الجزء التاسع, ص 288.

    [68]- ابن حجر, تهذيب التهذيب, مؤسسة الرسالة, الجزء الثاني, ص117.

    [69]- ابن حجر هدى الساري, ص546.

    [70]- ابن الصلاح, 1986, مقدمة ابن الصلاح, تحقيق نور الدين عتر, ص 39.

    [71]- نفس المرجع السابق, ص 348.

    [72]- الذهب يتذكرة الحفاظ, الجزء الثالث, ص967.

    [73]- اللكنوي, حاشية الرفع والتكميل, مكتبة ابن تيمية, ص274.

    [74]الذهبي, ميزان الاعتدال, الجزء الأول, ص5.

    [75]- قاسم طه محمد, أقوال أبي الفتح الأزدي في الجرح والتعديل في كتاب تهذيب الكمال, مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية, المجلد 14, العدد 11, العراق, 2007, ص 482.

    [76]- جمال الدين القاسمي ومحمد ناصر الدين الألباني, 1989, المسح على الجوربين, ط3, المكتب الإسلامي للنشر والتوزيع, ص13.

    [77]- قاسم طه محمد, أقوال أبي الفتح الأزدي, ص492.

    [78]- نزار ريان, النقاد المتشددون في الجرح والتعديل, ص 173.

    [79]- ابن حجر, تهذيب التهذيب, الجزء الثامن, ص368.

    [80]- ابن حجر, لسان الميزان, الجزء الرابع, ص198.

    [81]- أبو الحسن القطان, 1997, بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام, دار طيبة للنشر والتوزيع, الجزء الخامس, ص637.

    [82]- الذهبي, سير أعلام النبلاء, الجزء الثاني والعشرون, ص307.

    [83]- المصدر السابق, الجزء الثانيو العشرون, ص307.

    [84]- الذهبي, سير أعلام النبلاء, الجزء العاشر, ص135.

    [85]- الذهبي, تذكرة الحفاظ, الجزء الرابع, ص1407.

    [86]- اللكنوي, الرفع والتكميل, ص110-111.

    [87]- نفس المرجع السابق, ص358, 223.
    قائمة المصادر والمراجع:
    1- احمد محمد نور سيف, 1979, مقدمة تحقيق تاريخ ابن معين, مركز البحث العلمي وأحياء التراث مكة, ص 6.
    2- أبو بكر كافي, 2000, منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها, 1, دار ابن حزم, ص23.
    - أكرم ضياء العمري, 1997, منهج النقد عند المحدثين مقارنة بالمنهج الغربي, 1, دار أشبيلية, ص 18-19.
    - محمد بن إسماعيل الصنعاني, توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار, المكتبة السلفية بالمدينة المنورة, ج1 ص118.
    - السبكي, قاعدة في الجرح والتعديل(أربع رسائل في الجرح والتعديل) لعبد الفتاح أبو غدة, 5, مكتبة المطبوعات الإسلامية ص43.
    - محمد أمين القضاة, 2005, ضوابط نقد الرواة وأثرها في الحكم على الناقد, العدد 1, المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية, ص9.
    - محمد أمين القضاة, 2005, ضوابط نقد الرواة وأثرها في الحكم على الناقد المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية, ص10
    - الخطيب البغدادي, 1357 هجريا الكفاية في علم الرواية, الهند: دائرة المعارف العثمانية ص111.
    - زهير عثمان, ابن عدي ومنهجه في الكامل في الضعفاء, 1997, 1, الرياض: مكتبة الرشيد, الجزء الثاني, ص164.
    - الذهبي, 1982, سير أعلام النبلاء, مؤسسة الرسالة الجزء السابع, ص203.
    - جمال الدين أبو الحجاج, 1983, 1, المزي, تهذيب الكمال في أسماء الرجال, مؤسسة الرسالة الجزء13, ص503.
    - ابن رجب الحنبلي,1987شرح علل الترمذي,الأردن:م كتبة المنار الجزء الأول ص172-173.
    - أبو زرعة الرازي, 1982, الضعفاء: الجامعة الإسلامية المدينة المنورة ص618.
    - الذهبي, 1993, الموقظة في مصطلح الحديث, دار احد للنشر والتوزيع, ص83.
    5- الذهبي, تذكرة الحفاظ, 1374هجريا, الهند: دار المعارف العثمانية الجزء الثاني, ص420.
    6- أبو جعفر محمد العقيلي, الضعفاء, 1, دار العصيمي, الجزء الرابع, ص109.
    - مسلم بن الحجاج, 2006, صحيح مسلم, 1, دار طيبة الجزء الوال, ص18
    - الخطيب البغدادي, 2001, تاريخ بغداد, 1, دار الغرب الإسلامي, الجزء العاشر, ص243.
    - الذهبي, ميزان الاعتدال في نقد الرجال, بيروت: دار المعرفة الجزء الثاني ص171.
    - ابن عبد البر,1994, جامع بيان العلم وفضله, الدمام:دار ابن الجوزي,الجزء الثاني ص159.
    21– الريان, نزار عبد القادر. (2004). النقاد المتشددون في الجرح والتعديل. مجلة الجامعة الإسلامية. المجلد الثالث عشر.العدد الثاني. ص168.
    - الذهبي ميزان الاعتدال, بيروت: دار المعرفة, الجزء الثاني, ص43.
    - الذهبي, المغني في الضعفاء, 65, قطر: دار إحياء التراث, الجزء الثاني, ص553.
    - ابن حجر, تهذيب التهذيب, مؤسسة الرسالة, الجزء الثامن, ص407.
    - ابن حجر, بذل الماعون في فصل الطاعون, الرياض: دار العاصمة, ص117.
    - ابن حجر, لسان الميزان,2002, حلب: مكتبة المطبوعات الإسلامية, الجزء السادس, ص13.
    27- طاهر الجزائري, 1995, توجيه النظر في أصول الأثر, حلب: مكتبة المطبوعات الإسلامية, الجزء الأول, ص278.
    - ابن حجر, 2002, لسان الميزان, حلب: مكتبة المطبوعات الإسلامية, الجزء الأول, ص16.
    9-محمد بن طاهر المقدسي, 1984, شروط الأئمة الستة, دار الكتب العلمية, ص26.
    0- ابن حجر, تهذيب التهذيب, مؤسسة الرسالة, الجزء الثاني, ص117.
    1- ابن الصلاح, 1986, مقدمة ابن الصلاح, تحقيق نور الدين عتر, ص39.
    - اللكنوى, حاشية الرفع والتكميل, مكتبة ابن تيمية, ص274.
    - قاسم طه محمد, أقوال أبي الفتح الأزدي في الجرح والتعديل في كتاب تهذيب الكمال, مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية, المجلد 14, العدد 11, العراق, 2007, ص482.
    - جمال الدين القاسمي ومحمد ناصر الدين الألباني, 1989, المسح على الجوربين, 3, المكتب الإسلامي للنشر والتوزيع, ص13.

    35- أبو الحسن القطان, 1997, بيان الوهم والإيهام في كتاب والتوزيع, الجزء الخامس, ص637.الأحكام, دار طيبة للنشر.
    36- أبو حاتم الرازي, 1952, الجرح والتعديل, دائرة المعارف العثمانية, ص5-6.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •