حديث في سجود التلاوة


الشيخ عبد القادر شيبة الحمد
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 1]، و﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾ [العلق: 1]؛ رواه مسلم.
المفردات:

سجدنا؛ أي: سجود التلاوة.
في ﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 1]؛ أي: عند قراءة السورة، وقوله تعالى فيها: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ ﴾ [الانشقاق: 21].
وفي ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ﴾ [العلق: 1]؛ أي: عند قراءة السورة، وقوله تعالى فيها: ﴿ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ [العلق: 19].
البحث:
هذا الحديثُ من أحاديث سجود التلاوة الذي شمِلتَه ترجمة المصنف؛ حيث قال: باب سجود السهو وغيره؛ كما مر.
وهذا الحديث يردُّ على مَن زعم أنه لا سجودَ على مَن قرأ آية السجود في المفصل، وحزب المفصل يبدأ من سورة ق وينتهي بآخر سورة الناس؛ مستدلًّا بما رواه أبو داود وابن السكن من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، بلفظ: (لم يسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من المفصل منذ تحوَّل إلى المدينة)؛ ففي إسناد هذا الحديث أبو قدامة الحارث بن عبيد الإيادي، قال الحافظ في التقريب: صدوق يُخطئ، وقال في تهذيب التهذيب: قال أحمد: مضطرب الحديث، ونقل عن ابن مَعين أنه ضعَّفه، ونقل عن ابن حبان أنه قال: كان ممن كثر وهمُه، حتى خرج عن جملة من يحتج بهم إذا انفردوا، وقال الساجي فيه: صدوق عنده مناكير.وفي إسناد هذا الحديث أيضًا مطرُ الورَّاق، وقد وصفه الحافظ في التقريب بأنه صدوق كثير الخطأ.
وقال النووي: حديث ابن عباس ضعيف الإسناد لا يُحتَج به.
وما دام سند حديث ابن عباس على هذه الحال، فإنه لا يقوى على معارضة حديث أبي هريرة هذا الذي أخرجه مسلم؛ علمًا بأن أبا هريرة رضي الله عنه لم يُسلِم إلا في السنة السابعة من الهجرة، وهو ينصُّ هنا على أنه سجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هاتينِ السورتين من المفصل.

ما يفيده الحديث:
1- مشروعية سجود التلاوة لمَن قرَأ سورة الانشقاق ولمن قرأ سورة العلق.
2- مشروعية سجود التلاوة لمَن سمِع تلاوةَ إحدى هاتين السورتين.
3- الرد على مَن زعم أنه لا سجود للتلاوة في المفصَّل.