زكاةُ المالِ الحرام
المسألة الأولى: تعريفُ المالِ الحرامِ
المالُ الحرامُ: هو كلُّ مالٍ حظَر الشَّارِعُ اقتناءَه أو الانتفاعَ به، سواءٌ كان لحُرمَتِه لِذاتِه، بما فيه من ضررٍ أو خَبَثٍ، كالمَيْتَةِ والخَمر، أم لحُرمَتِه لغيره؛ لوقوعِ خللٍ في طريقِ اكتسابِه؛ لأخْذه مِن مالكِه بغير إذنِه كالغصبِ، أو لأخذِه منه بأسلوبٍ لا يقرُّه الشَّرعُ ولو بالرِّضا؛ كالرِّبا والرِّشوةِ (28) .
المسألة الثانية: زكاةُ المالِ الحرامِ
المالُ الحرامُ لا تجِبُ فيه زكاةٌ، ولا تَبرأُ ذمَّتُه إلَّا بالتخلُّصِ منه؛ بردِّه إلى صاحِبِه إن عَرَفه، أو التصدُّقِ به عنه إن يَئِسَ مِن مَعرِفَته (29) ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة (30) ، والمالكيَّة (31) ، والشافعيَّة (32) ، والحَنابِلَة (33) ، واختارَه ابنُ حزمٍ (34) .
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة: 103].
وجه الدَّلالة:
أنَّ الآيةَ تدلُّ على أنَّ الزَّكاةَ تطهِّرُ المزكِّيَ والمالَ المزكَّى، والمالُ الحرامُ غيرُ قابلٍ للتطهيرِ؛ لأنَّه خَبَثٌ فلا يَطْهُرُ (35) .
ثانيًا: من السُّنَّة
1- عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: إنِّي سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((لا تُقبَلُ صلاةٌ بغيرِ طُهورٍ، ولا صَدَقةٌ مِن غُلولٍ)) (36) .
وجه الدَّلالة:
أنَّه نصَّ على أنَّه لا زكاةَ في الغُلولِ، والغُلولُ: هو الخيانةُ في المَغنَمِ، والسَّرقةُ مِنَ الغنيمةِ قبل القِسمَةِ (37) .
2- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أيُّها النَّاسُ، إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يَقبَلُ إلَّا طيِّبًا، وإنَّ اللهَ أمَرَ المؤمنينَ بما أمَرَ به المرسَلينَ، فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [المؤمنون: 51]. وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة: 172]. ثم ذكَرَ الرَّجُلَ يُطيلُ السَّفرَ، أشعثَ أغبَرَ، يمدُّ يَدَيه إلى السَّماءِ، يا ربِّ! يا ربِّ! ومَطعمُه حرامٌ، ومَشرَبُه حرامٌ، وملبَسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرامِ؛ فأنَّى يُستجابُ لذلك؟!)) (38) .
ثالثًا: أنَّ مَن بِيَدِه مالٌ حرامٌ وجب عليه إخراجُه كلِّه؛ إمَّا ردًّا على المالِك إن عَرَفَه، أو صرفًا إلى الفُقراءِ إن لم يَعرِفِ المالِكَ (39) .
رابعًا: أنَّ تمامَ المِلكِ مِن شُروطِ وُجوبِ الزَّكاة، والذي في يَدِه هذا المالُ الحرامُ لا يملِكُه (40) .
خامسًا: أنَّ الزَّكاةَ تَمليكٌ، وغيرُ المالِك لا يكونُ منه تمليكٌ (41) .
<span id="enc-75" class="Tips2" title="" style="cursor:pointer" data-toggle="tooltip" data-original-title=" ((الشرح الممتع)) لابن عُثيمين (6/26). ">https://dorar.net/feqhia/2111/%D8%A7...AA%D8%A7%D9%85