المسلم كالغيث
فيصل يوسف العلي

كم من إنسان عاش حياة عادية ومات فنُسي، وكم هم الذين ماتوا منذ مئات السنين وذكراهم خالدة على مر التاريخ بسبب إنجازاتهم، إذ العبرة ليست بطول العمر، فقد يعيش الإنسان عمرًا قصيرًا ويحقق الكثير، وقد يزرع ويحصد غيره، والتاريخ الإسلامي سجل لعمل أمتنا بهذا الدين، ولما كانت الدعوة إلى الله في دم كل مسلم، لتوسيع دائرة الإسلام، زادت أعداد الداخلين فيه شرقًا وغربًا، سافر من سافر إلى البلاد غير الإسلامية لسبب أو لآخر، ونشرت الثقافة على نحو يرسخ مفاهيم الدعوة، ويخلطها بمعالم الواقع، ويضم الأجزاء الجديدة إلى جسم الأمة الكبير، فلا يتميز قديم عن حديث.
إن عرض الدعوة عرضًا صحيحًا يغري ذوي الطباع السليمة بقبولها.. نعم إن الداعي ليس تاجرًا يعرض سلعة، فإذا أخذ ثمنها ذهب.. كلا، إنه يعرض الدين ليؤاخي بين الداخلين فيه، ويمزجهم بكيانه المادي والأدبي، فالإسلام دين شامل، وشريعة خالدة.
والأقليات المسلمة اندمجت وتميزت وحققت المواطنة الصالحة، مستعينة بما تؤمن به من مبادئ، لترسخ ثقافة التعايش السلمي بين أبناء المجتمع الواحد، وتسهم في بناء المجتمعات، ما يحقق لها الرفاهية والنمو والازدهار، ويعظم شأن القيم الإنسانية، ويدفع الظلم والحيف، ويدافع عن القضايا العادلة، وعمارة الكون، فالنفع في حياة المسلم حالة مستمرة مستقرة، فهو متفاعل مع أمته والبيئة التي يعيش فيها، فالمسلم المهاجر والأقليات المسلمة مصدر إشعاع، في السلوك النزيه، والقدوة الحسنة، وتعميق الفكر، والتمسك بالعلم الرباني والتفكر والتدبر فيه، والمعرفة الإنسانية الواسعة، فهو كالغيث أينما وقع نفع.