كتاب " أدب الإملاء والاستملاء " لأبي سعد السمعاني


- ترجمة المؤلف:

اسم المؤلف ونسبه ونسبته وكنيته:

هو الإمام أبو سعد عبدالكريم بن الإمام الحافظ الناقد أبي بكر محمد بن العلامة أبي المظفر منصور بن عبدالله التميمي السمعاني المروزي الشافعي.

مولده ونشأته ورحلاته:

ولد رحمه الله بمرو، يوم الاثنين الحادي والعشرين من شعبان، سنة ست وخمس مائة.

ونشأ في أسرة اشتهرت بالعلم والصلاح، فلا عجب أن ينشأ في حب العلم وطلبه، فقد حضر - وهو في الرابعة - مع والده عند مُسنِد زمانه عبدالغفار بن محمد الشيرويي. ثم إن والده مات سنة عشر وخمسمائة، فكفله أعمامه..

وقد كان السمعاني من العلماء الذين أكثروا الترحال؛ فمن المدن التي زارها: نيسابور، وبيت المقدس وبغداد، والبصرة، وحلب، ودمشق، وصور، ومكة، وهمذان، وصنعاء، وغيرها الكثير.

أشهر شيوخه:

1. إبراهيم بن محمد القطيعي أبو البدر.

2. الحافظ أبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل.

3. عاصم بن محمد بن غانم الحافظ أبو المعالي.

4. عبدالله بن طاهر بن فارس الخياط أبو المظفر.

5. محمد بن منصور التميمي السمعاني.

تلاميذه:

1. ابنه أبي المظفر عبد الرحيم.

2. أبي روح عبد المعز بن محمد الهروي.

3. عبدالوهاب بن سُكينة.

4. القاسم بن عساكر.

بعض مؤلفاته:

قال عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان (3/210): وصنف التصانيف الغزيرة الفائدة.

فمن هذه المؤلفات:

1- الأخطار في ركوب البحار. 2- أدب الإملاء والاستملاء. 3- الأمالي.

4- الأنساب. 5- تاريخ مرو. 6- دخول الحمام. 7- فضل الشام.

مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

قال قرينه الإمام ابن عساكر في تاريخ دمشق:" وهو الآن شيخ خراسان غير مدافع، عن صدق ومعرفة وكثرة سماع الأجزاء .. وكتب فأكثر وحصَّل النسخ الكثيرة".

وقال ابن الأثير في اللباب (1/14):" كان أبو سعد واسطة عقد البيت السمعاني، عينهم الباصرة، وإليه انتهت رآستهم، وبه كملت سيادتهم، رحل في طلب العلم والحديث إلى شرق الأرض وغربها..."

وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان (3/209):" الفقيه الشافعي الحافظ ".

وقال الذهبي في السير (20/456):" الإمام الحافظ الكبير الأوحد الثقة محدث خراسان ".

وقال السبكي في طبقات الشافعية (7/180):" محدث المشرق، وصاحب التصانيف المفيدة الممتعة، والسؤددِ، والأصالة ".

وفاته:

توفي الإمام السمعاني رحمه الله، في الثلث الأخير من ليلة غرّة ربيع الأول سنة اثنتين وستين وخمس مائة بمرو، ودفن فيها، فرحمه الله رحمةً واسعة.

2- دراسة الكتاب:


اسم الكتاب:

اسم الكتاب كما هو موجود على غلاف النسخة الخطية: كتاب " أدب الإملاء والاستملاء" جمعه عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني. ومما يؤكد هذه التسمية:

1. قول السمعاني في مقدمة الكتاب:" سألتني يا أخي رعاك الله وحفظك عن أدب الإملاء والاستملاء" وكان كتاب السمعاني إجابة على هذا السؤال فناسب تسميته بذلك.

2. قوله في الخاتمة: " انتهى ما سبق به القول في جمع آداب الإملاء والاستملاء".

3. وقد ذكره بهذا الاسم عدد من أهل العلم؛ كالسخاوي ، حيث قال في فتح المغيث:" وكذا لأبي سعد السمعاني" أدب الإملاء والاستملاء".

تنبيه: وقد ذكر اسم الكتاب مختصراً في بعض المصادر: فقد سماه كل من الذهبي، والسبكي، وحاجي خليفة، وإسماعيل باشا البغدادي بـ" الإملاء والاستملاء". كما سماه الزركشي، والسيوطي، وحاجي خليفة: " أدب الإملاء".

سبب تأليف الكتاب:

لقد عني المحدثون عناية كبيرة بالأصول والآداب التي يجب مراعاتها في أثناء طلب العلم، لا سيما فيما يتعلق بالإملاء والاستملاء، وصنفوا في ذلك المصنفات، فرأى الإمام السمعاني حاجة طلاب العلم إلى جمع هذا الموضوع، فوضع كتابه:" طراز الذهب في آداب الطلب" وكان على ما يبدو كتاباً كبيراً يصعب تداوله وحفظه.

فالتمس بعض طلاب العلم من الإمام جمع آداب الطالب والمعلم على سبيل الاختصار كما ذكر في مقدمة كتابه هذا " أدب الإملاء والاستملاء" حيث يقول:"... فقد سألتني يا أخي رعاك الله وحفظك عن أدب الإملاء والاستملاء وما يحتاج إليه المملي والمستملي من التخلق بالأخلاق السَنِيَّة والاقتداء بالسنن النبوية، وشرطت علي أن يكون مختصراً...".

فكان تأليف هذا الكتاب إجابة لطلب بعض تلامذته.

صحة نسبة الكتاب إلى المؤلف:

هذا الكتاب ثابت النسبة إلى الإمام أبي سعد السمعاني، وإليك بعض الأدلة على صحة هذه النسبة:

1. جاء على الورقة الأولى من المخطوط ما نصه:" كتاب أدب الإملاء و الاستملاء جمعه عبدالكريم بن محمد بن منصور السمعاني ختم الله له بالخير".

2. أكثر من ترجم للمصنف وذكر كتبه ذكر منها كتاب" أدب الإملاء والاستملاء" منهم: الذهبي، والسبكي، وإسماعيل البغدادي.

3. وقد نسبه للسمعاني أصحاب كتب فهارس العلوم والفنون، ككتاب كشف الظنون، وصاحب الرسالة المستطرف نسبه له باسم: " أدب إملاء الحديث"

4. الكتب التي استفادت واقتبست من الكتاب ذكرته ونسبته إلى السمعاني منها التذكرة للزركشي، حيث قال فيه:" وأخرج الإمام أبو سعد في كتابه أدب الإملاء من جهة صفوان بن مغلس...". ومن ذلك أيضاً ما ورد في فتح المغيث للسخاوي قال:"... وهذا عند ابن السمعاني في أدب الإملاء من حديث عطاء بن يسار مرسلاً...".

موضوع الكتاب ومادته العلمية:

كما بين المصنف في المقدمة، فإن كتابه هذا يتحدث عن أدب الإملاء والاستملاء، وما يحتاج إليه المملي والمستملي من التخلق بالأخلاق السنية والاقتداء بالسنن النبوية، هذا ويعتني الكتاب بالموضوعات التالية: إصلاح المعلم مظهره الخارجي، وتنظيم وترتيب المعلم للدرس وتحضيره له، مخاطبة المعلم للطلاب بلغة واضحة مفهومة لديهم، وضبط الطالب للدرس ومقابلة ما كتبه على ما عند الشيخ، ويتحدث عن أدب الطالب مع شيخه، والاهتمام بوسائل الكتابة والإملاء: من أقلام ومحابر ونحوها، والتأكيد على وضوح الخط، وغير ذلك من الموضوعات التي يحتاجها العالم والمتعلم. ويعد هذا الكتاب من كتب علوم الحديث، وقد استقى المصنف مادته من بعض الآيات القرآنية الكريمة التي تناسب المقام، كما اشتمل الكتاب على ( 140) حديثاً مرفوعاً، استدل بها على مختلف مباحث الكتاب، وهذه الأحاديث مسندة كلها إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي الكتاب الكثير من الآثار الموقوفة على الصحابة رضوان الله عليهم أو التابعين فمن بعدهم، وهذه الآثار تتضمن أقوالاً وأخباراً تساهم في بيان أدب الإملاء والاستملاء عند السلف الصالح.

وقد ضم الكتاب (160) بيتاً من الشعر التي تُنَظِّم هذا الفن، والتي تحضُّ على لزوم آداب الإسلام في طلب العلم الشرعي، كما تضمن الكتاب بعض الحكايات التي ساعدت على فهم مختلف المواضيع التي بحثها المصنف رحمه الله في بحثه القيم هذا.

منهج المؤلف في هذا الكتاب:

يمكن إيجاز منهج الإمام السمعاني في كتابه" أدب الإملاء والاستملاء" في النقاط التالية:

1. بدأ المؤلف كتابه هذا بمقدمة بين فيها سبب تأليفه للكتاب، وأشار إلى شيءٍ من منهجه فيه، فقال: .. فاستخرت الله سبحانه وتعالى وشرعت في جمعه واقتصرت على إيراد ما لا بد منه وما لا يستغنى عنه المحدث الألمعي والطالب الذكي ويحتاج إليه غيرهما ممن يريد معرفة آداب النفس واستعمالها في الخلوة والمجالس..

2. قسم المؤلف كتابه إلى مقدمة ومدخل وثلاث فصول؛ وقد تحدث في المدخل عن أهمية الآداب لطالب العلم، وجعل الفصل الأول في آداب المملي، وجعل الفصل الثاني في اتخاذ المستملي، والشروط الواجب توفرها فيه، والفصل الثالث في آداب الكتاب، وجعل في ختام هذا الفصل آداب الكتابة وأدواتها.

3. بين المؤلف في مقدمة كتابه أن هذا الكتاب جاء مختصراً على نحو ما أراد السائل، فقال: " وشرطت عليَّ أن يكون مختصراً".

4. يستشهد المؤلف بالآيات القرآنية الكريمة في مواضع كثيرة من كتابه، فقلما يذكر موضوعاً له علاقة بآية من القرآن إلا واستشهد بتلك الآية للتدليل على ما ذهب إليه، مثل قوله:" وليقصد في مشيه إذا قصد المجلس، قال الله تعالى:{ وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً}.

5. كما أن المؤلف يُكثر من الاستشهاد بالأحاديث النبوية المسندة، لتقوية ما ذهب إليه، والاقتداء بالسنة النبوية، مثل تدليله على وجوب مراجعة الشيخ وسؤاله عما أشكل بحديث عائشة رضي الله عنها: " أنها كانت لا تسمع شيئاً لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من حوسب عذب" قالت عائشة: أوليس يقول الله:{ فسوف يحاسب حساباً يسيراً}؟ قالت: فقال: " إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك". كما أنه يستشهد بأقوال بعض السلف، مثال ذلك: ذكره لقول عمر بن الخطاب:" إنه ليعجبني أن أرى القارئ النظيف". ويحرص المؤلف في كل ذلك أن يسوقه بإسناده.

6. يبين أحيانا ما في الإسناد من علة، مثال ذلك: قوله في (1/164): حدثنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد السلامي من لفظه، وأبو منصور أحمد بن علي بن أحمد المقدسي، بقراءتي عليه جميعاً ببغداد قالا: أنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي أنا علي بن أحمد بن علي الفالي أنا أحمد بن إسحاق النهاوندي، أنا أبو محمد بن خلا القاضي حدثني أحمد بن محمود بن خرزاذ ثنا إبراهيم بن يونس النصري ثنا أبو غسان نصر بن منصور الطفاوي ثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد قال: " دخل المأمون مصر فقام إليه فرج النوبي أبو حرملة فقال: يا أمير المؤمنين الحمد لله الذي كفاك أمر عدوك وأدان لك العراقين والحرمين والشأمات والجزيرة والثغور والعواصم وأنت العالم بالله وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويلك يا فرج أو قال: ويحك قد بقيت لي خلة قال: وما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال: جلوس في عسكرٍ ومستملٍ يجئ - قال إبراهيم: العسكر: الجناح - يقول: من ذكرتَ رضي الله عنك ؟ فأقول: حدثنا الحمادان؛ حماد بن سلمة بن دينار، وحماد بن زيد بن درهم قالا: ثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عال ابنين أو ثلاثا، أو أختين أو ثلاثا، حتى يمتن، أو يموت عنهن، كنتُ أنا وهو في الجنة كهاتين، وأومأ حماد بإصبعه الوسطى"

فعلق السمعاني على الإسناد بقوله:" في هذا الخبر غلط فاحش، ويشبه أن كون المأمون رواه عن رجل عن الحمادين، وذلك أن مولد المأمون في سنة سبعين ومائة، ومات حماد بن سلمة سنة سبع وستين ومائة، قبل مولده بثلاث سنين، وأما حماد بن زيد فمات في سنة تسعٍ وسبعين ومائة".

تنبيه: حديث أنس عند مسلم في صحيحه ( كتاب البر والصلة/ رقم 2631)، لكنه من طريق المصنف منقطع كما بين ذلك.


7. إعادته للخبر بإسناد آخر لمزيد من الفوائد، مثال ذلك: حديث عائشة: " أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر رضي الله عنهم: لا، بل نبايعك وأنت سيدنا..." فقد رواه بطريقين: الطريق الأول: قال: أخبرنا أبو منصور المظفر بن أحمد بن المظفر الإربلي بجامع سنجار، وأبو بكر محمد بن القاسم بن المظفر الشهرزوري بجامع الموصل بقراءتي عليهما قالا: أنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الهاشمي أنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي الوراق ثنا أبو بكر محمد بن السري التمار ثنا أبو عبدالله غلام الخليل ثنا محمد بن إسماعيل بن عبدالله عن سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر الصديق رضي الله عنهم: لا، بل نبايعك وأنت سيدنا وخيرنا وأنت أحبنا إلى الله تعالى وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعه.

ثم أعاده بإسناد آخر بقوله: وأخبرناه أبو الكرم نصر الله بن محمد بن محمد بن مخلد الأزدي بواسط أنا القاضي أبو تمام علي بن محمد بن الحسن الواسطي أنا أبو الفضل عبيدالله بن عبدالرحمن الزهري ثنا عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز البغوي ثنا إبراهيم بن سعيد الطبري ثنا إسماعيل بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن هشام بن عروة فذكر نحوه.

قلت: وفي ذلك فوائد كثيرة، من أهمها:

أ*- أن في ذلك التكرار تقوية للحديث، كما في المثال السابق.

ب*- تكرير المتن مع اختلاف قائله، مثل قول الثوري:" من غاب خاب وأكل نصيبه الأصحاب" فقد ذكر هذا القول من كلام يزيد بن هارون أيضاً.

ت*- التكرار للأخبار لاختلاف بعض الألفاظ في بعض الروايات فيكرر المتن لأجل ذلك، مثل قول أحمد بن حنبل لمن استأذنه في الأخذ من محبرته:" لم يبلغ ورعي ورعك هذا "، ثم ذكره بإسناد آخر فقال: " اكتب يا هذا فهذا ورعٌ مُظلِمٌ".

ث*- تكرار الخبر لمناسبة الموضوع فكلما جاء ما يناسب الخبر أعاده؛ مثل إعادته لحديث:" إذا كان يوم القيامة جاء أصحاب الحديث، وبأيديهم المحابر....". فقد ذكره في وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي المحبرة.ا

8. ومما يمتاز به منهج السمعاني: الدقة والتحري الشديد في اختيار ألفاظ وصيغ التحمل والأداء: فإذا روى حديثاً أو أثراً فإنه يحرص على بيان صِيَغ التحمل والأداء؛ مثل أن يكون قد تحمل الخبر وِجادة، كقوله:" قرأت بخط والدي رحمه الله ". أو أن يكون تحمله مذاكرة فيبينها مثال ذلك قوله: " سمعت الإمام أبا بكر محمد بن عبدالباقي الأنصاري مذاكرة". وهكذا. وكذلك تظهر دقته وأمانته في بيان ما تحمله سماعاً، أو عرضاً؛ ومن ذلك: قوله في المثال السابق في (الفقرة 6): حدثنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد السلامي من لفظه، وأبو منصور أحمد بن علي بن أحمد المقدسي، بقراءتي عليه جميعاً ببغداد قالا: أنا أبو الحسين المبارك بن عبدالجبار الصيرفي..

. 9 الدقة في ذكر مكان تحمله للرواية - وفي ذلك فوائد عظيمة: في معرفة أماكن وجوده، وشيوخه، ومن لقي منهم قبل اختلاطه، ودفع شبهة التدليس عنه، ورحلته - ، ومثال ذلك: قوله في المثال السابق: حدثنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد السلامي من لفظه، وأبو منصور أحمد بن علي بن أحمد المقدسي، بقراءتي عليه جميعاً ببغداد قالا: ..

10. كما أنه يذكر الأشعار المناسبة للموضوع كلما دعت الحاجة العلمية إلى ذلك؛ ومن ذلك ما جاء في الحبر وأهميته عن شيخه أبي حفص عمر بن عثمان الجنزي لنفسه:

لا تحقرن الحبر في ثوب امرئ فالحبر فيه من خَلُوقِ العالم

كالخال نقط في خدود كواعب بدم الفؤاد المستهام الهائم

أهمية الكتاب:

يعد كتاب "أدب الإملاء والاستملاء" من أهم الكتب في موضوعه، وتظهر هذه الأهمية في نقاط كثيرة، منها:

1. أن مؤلف الكتاب هو إمام من الأعلام المشهورين، الذين لهم مكانة مرموقة بين علماء المسلمين، وقد أثرى هذا الإمام المكتبة الإسلامية بكتب كثيرة عمَّ نفعها، ولكن قد فقدت أكثر كتب هذا الإمام، ولم يبق إلا القليل، وهذا الكتاب من ذلك القليل الذي حفظ لنا، فاكتسب أهمية بالنظر إلى أنه يساهم في إيضاح ما لهذا الإمام من باع في العلوم المختلفة، وخاصة علم الحديث منها.

2. الموضوع الذي يتحدث عنه هذا الكتاب، فهو يتكلم عن الآداب والأخلاق التي ينبغي على العلماء وطلبة العلم أن يتحلوا بها، كما يبين العلاقة بين طالب العلم وشيخه.

3. حجم المادة العلمية التي حواها هذا الكتاب؛ فقد حوى (140) حديثاً مرفوعاً ساقها المصنف بإسناده، وبالرغم من أنه لم يكن المصدر الوحيد لهذه الأحاديث، فإنه يفيد تعدد الطرق للحديث الواحد، أو زيادة في بعض الروايات تفيد معنى جديداً يساعد على فهم هذه الأحاديث.

4. أن المصنف يسوق نصوصه من أحاديث وآثار وأشعار بالإسناد، كما هو متبع عند المحدثين في التصنيف ودراسة الأسانيد.

5. أن المصنف قد روى في كتابه هذا الكثير من الأخبار والأشعار التي تبين آراء العلماء وتعليقاتهم على موضوعات الكتاب، وجمعُ ذلك في كتاب أراح طلاب العلم من التماس هذه الأخبار في أماكنها و مظانها، وهو أمر من الصعوبة بمكان لا يخفى عل طلاب العلم.

6. يوضح الكتاب ما يبذله العلماء في سبيل العلم من الرحلة، حيث يبين في كثير من الفقرات الأماكن التي تحمل الشيخ فيها هذا الخبر أو ذاك، مما يكون حافزاً لطلاب العلم على استصغار جهودهم ونسيان متاعبهم، وما قد يواجهونه من صعاب ومشاق في طلب هذا العلم المبارك.

7. في هذا الكتاب ردٌّ على المشككين في السنة النبوية؛ حيث يبين طرائق نقل الحديث - وهو الموضوع الأساسي للكتاب - وهو إملاء الحديث، وهو بذلك يردُّ على من يدعي أن الحديث إنما نقل عن طريق الحفظ فقط.

8. أن هذا الكتاب قد روى عن بعض الكتاب التي تعدُّ الآن في عداد المفقود ؛ ككتاب أبي عمر محمد بن أحمد النُّوقاني ( توفي قبل 400هـ)، وتاريخ استرباذ لعبدالرحمن بن محمد الإسترباذي (405هـ)، ولحمزة بن يوسف السهمي (427هـ)، وغيرها، كما أن كتاب " أدب الإملاء والاستملاء " يعدُّ اختصاراً لكتاب " طِراز الذهب في أدب الطلب " للسمعاني نفسه، كما قال السمعاني في خاتمة أدب الإملاء: انتهى ما سبق به القول في جمع آداب الإملاء والاستملاء على الاختصار، ومن أراد الفصول مستوفاة فليُطالع كتابنا الموسوم بـ " طِراز الذهب في أدب الطلب "

9. استفادة الأئمة من هذا الكتاب وعزوهم إليه، واهتمامهم به.

طبعات الكتاب:

1- طبع الكتاب أول مرة باعتناء المستشرق ( ماكس فايسلايلر )، في ليدن سنة 1952هـ، وقد أساء هذا المستشرق للكتاب في طبعته هذه كثيراً.

2- قامت دار الكتب العلمية بتصوير الطبعة السابقة، سنة 1401هـ

3- ثم قام " شفيق محمد زيعور " بنشر الكتاب سنة 1404هـ.

4- وطبع بتحقيق: سعيد محمد اللحام، بإشراف مكتب الدراسات والبحوث العربية والإسلامية، نشرته: مكتبة الهلال، سنة 1409هـ.

5- قام الباحث " أحمد محمد عبدالرحمن محمود" بتحقيق الكتاب في رسالة ماجستير في جامعة أم القرى، ونوقشت الرسالة سنة 1413هـ، ثم طبع الكتاب في المطبعة المحمودية سنة 1414هـ.

منقول