النقد
عبد الواحد هزاع فرحان الشرعبي



لابد وأن يعلم جميعنا أن النقد باب شاسع نستطيع أن نأخذه ببساطة بعيداً عن التعقيد، فكما يكون النقد في الأدب يكون في الفلسفة ويكون في المعرفة ويكون في التصرفات، وقد يعبر البعض عنه خطياً أو كتابياً.
أولاً: الناقدون:
يختلف الناقدون من شخص لآخر حسب الأسلوب والتعبير ومعرفته للنقد، فهنالك أشخاص ينتقدون في كل شيء، حقاً وباطلاً وأمثالهم كالذباب لا تقع إلا على القاذورات، كما قال ابن تيمية - رحمه الله تعالى-، فهم ينتقدون لغرض تجريح الآخرين والنيل منهم، وهنالك أشخاص ينتقدون لأجل المعرفة والبحث عن الحقيقة وهؤلاء انقسموا إلى قسمين: قسم يحسن النقد، وقسم لا يعرف أسس النقد العلمي البناء، وهنالك أشخاص ينتقدون ولا يعلمون بأن ما ينطقونه بعيداً عن الصواب، فتراهم يهرفون بما لا يعرفون وهنالك أشخاص لا ينتقدون بل يعمدون إلى النصح قبل النقد وهذا هو ما علمنا إياه ديننا، ويعجبي قول الشافعي - رحمه الله تعالى-:
تعمَّدني بِنُصْحِكَ في انْفِرَادِي *** وَجَنِّبْنِي النَّصِيحَةَ في الْجَمَاعَة
فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ *** مِنَ التَّوْبِيخِ لا أرْضَ اسْتِمَاعَه
وَإنْ خَالَفْتنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي *** فَلاَ تَجْزَعْ إذَا لَمْ تُعْطَ طَاعَة
ثانياً: المُنتقَدون (من وجه إليهم النقد): وهم أشخاص وجه إليهم النقد من قبل الناقدين، وهؤلاء انقسموا إلى أقسام:
القسم الأول: وهم المتواضعون الصادقون، الذين جعلوا شعارهم في الحياة: ( رحم الله امرأًً عرف قدر نفسه) وأردوا من ذلك خدمة الإسلام والمسلمين.
القسم الثاني: وهم المتعالون الذين لا يقبلون النقد العلمي البناء ولا يقبلون أي نقد يوجه إليهم، إما بسبب الكبر والغطرسة والتعالي وإما بسبب التعالم وادعاء المعرفة بكل شيء وهؤلاء نسوا قول الله - تعالى-: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)، فهم بعيدون عن الأسس والقواعد العلمية وقد يأخذهم هذا النهج للتضليل على الآخرين وقلة الأمانة العلمية.
القسم الأخير: وهم الذين قيل عنهم بأنهم لا يعرفون ولا يعرفون أنهم لا يعرفون، وهؤلاء ليس لهم أساس علمي يستندون إليه، فتراهم كحاطب ليل ينقل الغث والسمين وهؤلاء لا يقبلون النقد مطلقاً.
ونهاية المقال: أذكر الجميع بأن كل شخص محاسب أمام الله - تعالى-، ينبغي أن يكون النقد لأجل الله - تعالى- وبالطريقة التي علمنا إياها ديننا، وكل شخص أخطأ ورد عليه الآخرين ينبغي أن يضع نصب عينيه أن الله يعلم ما كان وما يكون وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، قال - تعالى-: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الآية رقم 24 سورة النور، وقال - تعالى -: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [فصلت:19-21].بارك الله في الجمي