مصطلحات حديثية

ألقاب المحدثين والرواة



تكون الألقاب بألفاظ الأسماء كأشهب ،وبالصنائع والحرف كالبقال ،وبالصفات كالأعمش ،والكنى كأبي بطن ،وبالأنساب إلى القبائل والبلدان وغيرها ، حيث غلبت ألقابهم واشتهروا بها ،فاقتصر الناس على ذكر ألقابهم في الرواية عنهم ،على سبيل التعريف والتمييز، لا على وجه الذم واللمز والتنابز الممنوع شرعاً.

وأهمية معرفة الألقاب لتمييز الرواة وتيسير معرفتهم ،ولأن من لا يعرفها قد يظنها أسامي, فيجعل من ذكر باسمه في موضع, وبلقبه في آخر فيصبحا بذلك شخصين كما وقع ذلك لجماعة من أكابر الحفاظ.

وأشرف من اشتهر باللقب الجليل إبراهيم الخليل وموسى الكليم وعيسى المسيح صلى الله عليهم وسلم جميعاً .

وأول لقب في الإسلام هو لقب أبي بكر الصديق, وهو: عتيق, لقب به لعتاقة وجهه, أي: حسنه. وقيل: لأنه عتيق الله من النار كما لقب النبي صلى الله عليه و سلم جماعة من أصحابه منهم عمر بالفاروق وعثمان بذي النورين وعلي بأبي تراب وخالد بن الوليد بسيف الله وأبو عبيدة ابن الجراح بأمين هذه الأمة وحمزة بأسد الله وجعفر بذي الجناحين وسمى قبيلتي الأوس والخزرج الأنصار فغلب عليهم وعلى حلفائهم .

وكان الحسن البصري يسمى محمد بن واسع سيد القراء وسفيان الثوري يدعو المعافي بن عمران ياقوتة العلماء وابن المبارك يلقب محمد بن يوسف الأصبهاني عروس الزهاد .

ثم إن الألقاب تنقسم إلى ما لا يكرهه الملقب به كأبي تراب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه فإنه لم يكن له اسم أحب إليه منه ،وكبندار لمحمد بن بشار لكونه كان بندار الحديث ، وإلى ما يكرهه صاحبه ، فالأول جائز ذكره في الرواية وغيرها سواء عرف بغيره أم لا ما لم يرتق إلى الإطراء المنهي عنه فليس بجائز ،وكذا لا يجوز أيضا ما يكرهه الملقب إلا إذا لم يتوصل لتعريفه إلا به ، وذكر النووي وغيره جواز ذكر اللقب وإن كرهه صاحبه للضرورة, غير قاصد غيبة.

واللقب قد يكون مشتقاً من الاسم مثل: عبد الله، يُشتق منه عبدان ، وعلي يُشتق منه علان.

وإما أن يكون صفة في الشخص .

وإما أن يردد كلمة فيلقبه الناس بها ،أو يقول كلمة تخرج من فمه على غير وجه الصواب،فيشتهر بهت

مثال ذلك لقب الإمام الحافظ صالح بن محمد بن عمرو البغدادي ب بجزرة - بجيم ثم زاي منقوطة ثم راء مفتوحات - لأنه لما كان صغيرا صحف خرزة إلى جزرة، فلقب ب جزرة، وقيل في السبب ما يخالفه وهو أنه لما كان في الكتاب أهدى الصبيان للمؤدب هديا فكانت هديته هو جزرة فلقبه المؤدب بها وبقيت عليه والأول أشهر .

ومطيّن وكان صغيرا يلعب مع الصبيان -يعني- يرمي بعضهم بعضا بالطين، فناداه أحد الشيوخ يا مطين ، يا مطين فصار لقباً له ،

وقد تكون الألقاب مأخوذة من عمل مثل صاعقة إذ يقولون: إنه لقب بذلك لقوة حفظه وحسن مذاكرته .

و محمد بن سليمان المصيصي لقب بـ لوين لانه كان يبيع الدواب ببغداد فيقول هذا الفرس له لوين هذا الفرس له قديد فلقب بـ لوين.

وكذا غندر وهو لقب لمحمد بن جعفر ، والغندر: هو المشاغب، ويقولون: إنه كان عند أحد شيوخه -عند شعبة أو عند ابن دريد- وكان يتحرك كثيرا فقال له: اجلس يا غندر ، يعني يا مشاغب، فصار لقبا له .

وقد لا يحمل صاحب اللقب الوصف والمعنى المتضمن لللقب ، مثاله :

معاوية بن عبد الكريم " الضال " ، ولقب بذلك لكونه إنما ضل في طريق مكة.

وعبد الله بن محمد " الضعيف " ، لقب بذلك ولم يكن ضعيفاً في جسمه، ولا في حديثه .

و " عارم " لقب أبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي، وكان عبداً صالحاً بعيداً من العرامة، والعارم: الشرير المفسد.

و أبو يونس الحسن بن يزيد القوي, يروى عن التابعين, وهو ضعيف, وقيل: له القوي لعبادته كأن العبادة أنهكت بدنه لكن قال ابن حبان إنه قيل له ذلك لإتقانه وضبطه يعني من بعد الأضداد كما قيل لمسلم بن خالد الزنجي مع أنه كان فيما قيل أشقر كالبصلة أو أبيض مشربا بالحمرة.

ويونس بن محمد ولقبه الصدوق,ولم يكن صدوقا وإنما قيل له ذلك على سبيلي التهكم كما صرح به عبد الله بن أحمد فقال إن أباه عني بالصدوق الكذوب مقلوب .

ويونس الكذوب في عصر أحمد بن حنبل ثقة, وقيل: له الكذوب, لحفظه وإتقانه.

وقد صنف في الألقاب أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي وكتابه في ذلك مفيد كثير النفع، ثم أبو الفضل بن الفلكي الحافظ ،ولابن الجوزي كتاب "كشف النقاب" ،وللحافظ ابن حجر "نزهة الألباب في الألقاب"، ولشيخنا العلامة حماد الأنصاري جزء في ألقاب المحدثين.

وقد لا تختص بعض هذه الكتب بالمحدّثين ،إذ قد حوى كتاب ابن حجر ألقاب الأدباء والملوك والشعراء .

انظر :الجامع لأخلاق الراوي - (ج 2 / ص 74) واختصار علوم الحديث ،وتدريب الراوي النوع الثاني والخمسون (ج 2 / ص 77) وفتح المغيث - (ج 3 / ص 228)
منقول