الفتن والمفاتن في النت . ما السبيل إلى رفعها ودفعها ؟
د.عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف

أجوبة اللقاء الأول لأصدقاء الفيس بوك
كان النقاش حول موضوع :
( الفتن والمفاتن في النت . ما السبيل إلى رفعها ودفعها ؟ )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد :
أشكر الأخوة الفضلاء المشاركين معنا في هذه الصفحة , وأولهم أخونا موسى من بلجيكا , فأسأل الله تعالى أن يوفقه ويثبته لاسيما وأن يعيش بين ظهراني الكافرين , وأقول له تذكّر دائماً وأبداً قول الله تعالى { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } آل عمران 139 فعليك أن تعتز بدينك وأن تتمسك به وتدعوا إلى الله تعالى على بصيرة وسنة .
وأما أخونا محمد مشعل سدده الله فأقول له : إن هذا التوسع والتساهل في التخاطب مع النساء عبر الفيس بوك يحتاج إلى ضبط شرعي وسلوكي , وقد يبدو الأمر لأول وهلة أنه مجرد تواصل عابر دون التفات لنوعية الجنس , لكن معظم النار من مستصغر الشرر , والشيطان له خطوات تدريجية أعاذنا الله منه , والشارع الحكيم حذّر وغلّظ من فتنة النساء , وكم وقعت حوادث مخزية و وقائع مفجعة بسبب هذا التواصل العارض .. والذي يؤول إلى ما لا تحمده عقباه , وأقول لأخي الفاضل محمد بن فرحان القحطاني إن النت عالم مفتوح لكل صاحب فكر ومعتقد سواءً كان حقاً أم باطلاً , وفتن الشبهات لا حدّ لها في النت ولا في غيره , والمتعيّن علينا أن تسعى جادين صادقين في إظهار المذهب السلفي وإبراز مزاياه في التلقي والاستدلال , وأن مذهب السلف الصالح في غاية الاتساق والاطراد والثبات والرسوخ , ومنهج أهل السنة هو القائم بنصوص الوحيين , والموافق للعقل الصريح والفطرة السوية , فالحمد لله على الإسلام والسنة وعليك أن توقن بأن كيد الشيطان كان ضعيفاً , وأن الزبد يذهب جفاءً , وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض , والعاقبة للمتقين , وقد ثبت في الحديث المتواتر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله " .
ثم إن هناك مواقع رائدة تخصصت في الردّ على الشبهات و نقضها , وإذا تعذّر الردّ يا أخ محمد فلا أقل أن يُعرّف بمذهب السلف عبر مواقعه الإلكترونية المعتبرة والمتعددة .
وأما الأخ الكريم أبو أنس الشهري فأنا أوافقك على ما ذكرتَ , بل إن وضع صور الشباب في الفيس لا يخلو من محاذير شرعية وسلوكية , والسلامة لا يعد لها شيء .
وما ذكرته يا أبا أنس عن " العاكفين" على الفيس بوك ويقيمون علاقات موبؤة فأسأل الله تعالى أن يهديهم وأن يفتح على قلوبهم , وأقول لهم : راقبوا الله تعالى فإنه يعلم السرّ وأخفى , وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا , { وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ } البقرة 281 , وأقول لهم : لابد أن تجاهدوا أنفسكم وأن تقلعوا عن هذه العلاقات المشبوه فهي لذات عاجلة تعقبها حسرات دائمة , وعلينا وعليهم أن نشتغل بمعالي الأمور وأن نبتعد عن سفسافها .
قد هيأوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
وما ذكره الأخ الفاضل عادل المجماج من تعدّد المواقع التي تنتسب لمذهب أهل السنة فهذا واقع مشاهد في النت وخارج النت , والواجب أن نلتزم بالمنهج السلفي الذي كان عليه القرون الثلاثة المفضَلة , فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة , والتيارات السلفية المعاصرة و إن كان بينهم تشرذم وتفرق , هم خير الناس و أصح ما في الباب , والخلاف الواقع بنهم ينبغي أن ينظر فيه بعلم وعدل دون تهويل ولا تهوين , وعلى الشباب أن يبتعدوا عن الإغراق في هذه الخلافات وأن يشتغلوا بما ينفعهم من العلم النافع والعمل الصالح , فالمنهج السلفي مستهدف بالحرب والعداوة من الغرب الكافر ومن أصحاب البدع المغلظة كالرافضة والصوفية الغلاة , ومن منافقي هذه الأمة كزنادقة الليبراليين وأشباههم , فالواجب أن تتسع النظرة والأفق , ولا نظل أسرى لمهاترات جزئية داخل البيت الواحد .
وأقول لأخي الحبيب فايز بن سفر : لا تكتب مقولات أهل البدع في الفيس بوك , ومن احتاج إلى كتابتها من أجل أن يردّ عليهم ولديه أهلية وقدرة على الردّ والمناظرة فهذا من خير الأعمال والقربات , فالردّ على أهل البدع من أفضل الجهاد .
وكذا أقول للمحبّ شرف القحطاني و المحامي طارق الشامي إن مناظرة أهل البدع تكون مشروعة مأموراً بها لمن كان قادراً ومؤهلاً كأن يكون راسخاً في العلم الشرعي , عارفاً بمذاهب أهل البدع , وصاحب بديهة حاضرة , ودراية بطرائق الجدل والحوار , وأما من كان ضعيفاً فلا يُعرِّض نفسه للفتن , ورحم الله من عرف قدر نفسه فالقلوب ضعيفة والشبه خطافة , وينبغي أن لا نستدرج لمكر أهل البدع وكيدهم , فيظل بعضنا أسير الردّ على أفراد شبهاتهم التي لا تنقضي , أو يصير مذهب السلف في قفص الاتهام , فيأتي الدفاع الضعيف , والمواقف الهشة تجاه هذا الكيد الكبّار .
إن المتعيّن أن نظهر مذهب السلف بنقائه وصفائه , وأن يكون التقرير والتأصيل هو المقصود الأول , ثم يأتي الردّ على سبيل التبع , ويراعى في الردّ التأكيد على الأصول الثابتة والقواعد المحكمة لمذهب السلف , فلا يمكن بل يستحيل أن تنخرم لمجرد شبهة عارضة , وأن يعتني بالردّ على الشبهات المهمة الرئيسة والظاهرة , وأما الشبهات الضعيفة أو المغمورة فهذه تطوى ولا تروى , ولابد من الاعتزاز والثقة بالمنهج السلفي ومن ذلك مهاجمة مقولات أهل البدع , ومجالدتهم وكشف عوارهم وتناقضهم واضطرابهم .
وأخيراً أشكر للجميع حرصهم وتواصلهم وأسأل الله تعالى أن يبارك في جهود العاملين لنصرة الإسلام والسنة وأن يعيذنا من الفتنة ما ظهر منها وما بطن .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته