فهم لم ينكروا القدرة وإنما شكوا في تعلق القدرة بهذا النوع،هل يستطيع أو لا يستطيع؟ فتعلق القدرة بإنزال مائدة من السماء حصل لهم شك فيها، فقال لهم عيسى عليه السلام: {اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}فبينوا وجهتهم قالوا: {نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ}إلى آخر السورة.
المقصود: أن الشك في فرد من أفراد الصفة ليس كالشك في أصل الصفة----
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مسلم الغريب
لأن هذا قد علمناه بالآيات المحكمات
الاحكام ، المقتضي لنفي ما ليس منه عنه. والنسخ بتخصيص, أو تقييد, أو تفصيل لعام, أو مطلق, أو مجمل هو (الإحكام الخاص) المقتضي للفصل بين الشيئين المشتبهين من وجه، المختلفين من وجه آخر - ما أحكم الله فيه من آي القرآن، وقصص الأمم ورسلهم الذين أرسلوا إليهم،
ففصله بيان ذلك لمحمد وأمته) ، فهذا الفصل الذي بينه الله لمحمد وأمته هو (الإحكام الخاص) المزيل لـ (التشابه الخاص) الواقع في قصص الأمم ورسلهم. -------عقب ابن جرير رحمه الله بعد ذكر الأقوال في معنى المحكم والمتشابه بقوله: (وذلك أن جميع ما أنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم
فإنما أنزله عليه بياناً له ولأمته وهدى للعالمين،
وغير جائز أن يكون فيه ما لا حاجة بهم إليهم، ولا أن يكون فيه ما بهم إليه حاجة,
ثم لا يكون بهم إلى علم تأويله سبيل. فإذا كان ذلك كذلك، فكل ما فيه لخلقه إليه الحاجة، وإن كان في بعضه ما بهم عن بعض معانيه الغنى، وإن اضطرته الحاجة إليه في معان كثيرة، وذلك كقول الله عز وجل: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ [الأنعام: 158]، فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن تلك الآية التي أخبر الله جل ثناؤه عباده أنها إذا جاءت لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل ذلك هي طلوع الشمس من مغربها، فالذي كانت بالعباد إليه الحاجة من علم ذلك هو العلم منهم بوقت نفع التوبة بصفته، بغير تحديده بعد بالسنين والشهور والأيام، فقد بين الله ذلك لهم بدلالة الكتاب، وأوضحه لهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم مفسراً، والذي لا حاجة لهم إلى علمه منه وهو العلم بمقدار المدة التي بين نزول هذه الآية، ووقت حدوث تلك الآية فإن ذلك لا حاجة بهم إلى علمه في دين ولا دنيا. وذلك هو العلم الذي استأثر الله جل ثناؤه به دون خلقه، فحجبه عنهم، وذلك وما أشبهه هو المعنى الذي طلبت اليهود معرفته في مدة محمد صلى الله عليه وسلم وأمته من قبل قوله: الم، المص، الر، المر، ونحو ذلك من الحروف المقطعة المتشابهات التي أخبر الله جل ثناؤه أنهم لا يدركون تأويل ذلك من قبله، وأنه لا يعلم تأويله إلا الله.
فإذا كان المتشابه هو ما وصفنا،
فكل ما عداه فمحكم، لأنه لن يخلو من أن يكون محكماً بمعنى واحد لا تأويل له غير تأويل واحد، وقد استغنى بسماعه عن بيان مبينه، أو يكون محكماً وإن كان ذا وجوه وتأويلات وتصرف في معان كثيرة، فالدلالة على المعنى المراد منه إما من بيان الله تعالى ذكره عنه، أو بيان رسوله صلى الله عليه وسلم لأمته، ولن يذهب علم ذلك عن علماء الأمة لما قد بينَّا)
( . وقد تضمن هذا النقل الطويل حقائق هامة:
1
- جميع ما أنزل الله تعالى بيان للأمة وهدى للعالمين – دون استثناء -.
2-
امتناع تضمنه ما لا حاجة للأمة إليه.
3-
امتناع تضمنه ما للأمة به حاجة، ثم لا يتمكنون من علمه.
4- إمكان تضمنه لما للأمة به حاجة وإن كان لها غنى عن بعض معانيه.
5
- المتشابه الذي استأثر الله به هو الأمور الغيبية كالعلم بالمقدار, والوقت, والكيف ونحوه.
6-
المحكم نوعان: ما له معنى واحد، سماعه بيانه. وما يحتمل عدة معان لكن تعيين المعنى المراد متحقق ببيان الله أو بيان رسوله صلى الله عليه وسلم.
7
- امتناع جهل علماء الأمة ببيان الله وبيان رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد تضمنت هذه الحقائق القضاء المبرم على أصل مذهب التفويض ولوازمه، والحمد لله. ---------وهذه اسئلة وجهت للشيخ صالح-
كيف تعرف المتشابه من المحكم؟
الجواب: المتشابه هو الذي خالفته الأدلة الكثيرة، وخالفته القواعد، ولم تأخذ به الجماعة، ولم يأخذ به الأئمة، وإنما وجهوه وبينوا معناه، مثل قوله سبحانه: (فاجتنبوه لعلكم تفلحون) [المائدة: 90]، بينته السنة، وقوله: (وإنه لذكر لذكر لك ولقومك)[الزخرف: 44]، هذا بينته آية أخرى في ذلك، وقوله سبحانه وتعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) [النساء: 93]فسرت الأدلة الخلود: بأنه مكث طويل ليس أبديا، ولا مساويا لخلود الكفار، والأدلة على ذلك كثيرة متوافرة تدل على خروج عصاة أهل القبلة من النار، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: " أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان"[ أخرجه البخاري وملسم من حديث أبي سعيد الخدري]، وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة" [أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي ذر] فكل أهل التوحيد يدخلون الجنة برحمة الله عزوجل، لانستطيع أن نترك هذه الأدلة الكثيرة لأجل دليل واحد يوجه، ولكن نصرف المتشابه الذي دلالته فيها إشكال إلى الواضحات الكثيرة من الأدلة، وكذلك كلام العلماء نصرف بعضه إلى بعض ويتضح بعضه من بعض.
والمتشابه المطلق لا وجود له، فلا يوجد في القرآن والسنة آية أو حديث لا يعلم أحد من الأمة توجيهها أو معناها، وإنما يوجد متشابه نسبي إضافي، اشتبه مثلا على ابن عباس رضي الله عنهما، أو اشتبه على عمر رضي الله عنه، لكن يوجد من الصحابة رضي الله عنهم من يعلم المعنى.
فكلمة (الأب) في قوله سبحانه وتعالى: (وفاكهة وأبا) اشتبهت على أبي بكر رضي الله عنه وهو الصديق رضي الله عنه، لكن علمها غيره، ...... قد تشتبه آية على العالم، لكن يوجد من أهل الزمان من يعلم معناها وتوجيهها، فقد تأتي إلى عالم، فتحاجه بمتشابه، وتسأله عن جوابه، فلا يعلم جوابه، هل معنى ذلك أنه ليس على حق؟ الجواب: ليس كذلك، لأن المشابه نسبي، يوجد من أهل العلم من يجيب، لكن كونه اشتبه المعنى على العالم، فردك إلى المحكم، وقال: هذه ما أدري وجهتها. لا يعني أن الذي يعرف يتمسك با المتشابه، لكن الراسخ في العلم يقول: ( ءامنا به كل من عند ربنا) [ آل عمران: 7]فكل راسخ في العلم إذا اشتبه عليه شيء يقول( ءامنا به كل من عند ربنا) والله عزوجل ابتلى الناس بهذا.
فا المتشابه المطلق-على الصحيح-لا وجود له، إنما يوجد متشابه نسبي إضافي يشتبه على فلان دون فلان، ولايخلو عصر من قائم لله بحجة.
وهل المتشابه المطلق لايوجد في عصر من العصور أو في الأمة بأكملها؟
الجواب: لايوجد في عصر، لا بد أن يوجد في كل زمان من يعلم، وهذا يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق"[ أخرجه البخاري ومسلم] ، فهم يعلمون الحق، وقوله: "طائفة" يصدق على شيء واحد، لابد من وجود من يظهر على الحق، وهو الذي يسميه الأصوليون: " القائم لله با الحجة"، وهذا تعبير أصولي، فلا يخلو عصر من قائم لله بحجة، ليس في بلد دون بلد، ولكن في الأرض في عصر من الأعصار، قد تعلمه، وقد لا تعلمه، وقد تصل إليه، وقد لا تصل إليه.
المصدر:شرح أصول الإيمان ، الشيخ صالح آل الشيخ