اللصان وحارس البستان
حامد خلف العمري



يُحكى بأن حارساً قد كانا *** يحرسُ في بعض القرى بستانا


به ثمـــارٌ و به أزهــارُ *** من حسنها، عقل الفتى يحارُ


يشربُ من مياههِ الظمآنُ *** و يستظلُ المُتعب الوسنانُ
****
و ذات ليلٍ أبصر الأمينُ *** في وسَطِ البستانِ ما يشينُ


لصَّينِ قد عاثا به فسادا *** كفعلِ فأرٍ خرَّقَ البجادا(1)


يُحرِّقان النخل و الحبوبا *** و يغرسان الخمط و الخرنوبا (2)
****
فأفزع الحارسُ ما قد صارا *** فأطلق التحذير و الإنذارا


وفارق القعود و الجلوسا *** و دقَّ من ساعته الناقوسا


و ظنَّ أنَّ الناسَ يُهرعونا *** ليزجروا اللصين أو يأتونا
****
لكن أمراً آخراً قد حدثا *** إذ أكثر الناس أطال اللبثا


و خيرُهُمْ من قال ليت الناظرْ *** بدقَّهِ الناقوسَ لم يغامرْ


فربما قد سمع الأعداءُ *** أو اللصوصُ صوتَهُ فجاءوا
****
و قام يبكي أحد اللصينِ *** يقول يا حارسُ لا تؤذيني


ما كنتُ لصاً بل أنا خبيرُ *** أُشذِّبُ الأشجار ياضريرُ


و أنزعُ الشوك و أسقي الوردا *** و الزهرَ كيما للحبيب يُهدى
****
واجتمع اللصوصُ يهتفونا *** باسم رفيق الدرب يلهجونا


و يطلبون الفتحَ للبستانِ *** من غير إبطاءٍ و لا تواني


و الطردَ و الإبعادَ للحرُّاسِ *** و الكسرَ و التخريبَ للأجراسِ
****
و أعلنت جمعيةُ الحريةْ *** بيانها في هذه القضيةْ


و فيه أن الحارسَ الشريرا *** يحاربُ الإبداعَ و التطويرا


و يُعلي الأسوارَ و السدودا *** و يصنعُ الأصفادَ و القيودا

ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـ
1) البجاد: الكساء
2) الخرنوب: شَجرٌ بَرِّي بَشِعٌ المذاق و له شَوكٌ.