تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: وفائدة الخلاف تظهر بالحكم بالردة !!!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي وفائدة الخلاف تظهر بالحكم بالردة !!!

    قال ابن حجر في فتحه: (3/ 514 - 515): (قوله: (فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله)، كذا للأكثر، وقد تقدم في أول الزكاة بلفظ: (وأني رسول الله)، كذا في رواية زكريا بن إسحاق لم يختلف عليه فيها، وأما إسماعيل بن أمية ففي رواية روح بن القاسم عنه (فأول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله)، وفي رواية الفضل بن العلاء عنه (إلى أن يوحدوا الله، فإذا عرفوا ذلك)، ويجمع بينها بأن المراد بعبادة الله توحيده وبتوحيده الشهادة له بذلك ولنبيه بالرسالة، ووقعت البداءة بهما لأنهما أصل الدين الذي لا يصح شيء غيرهما إلا بهما فمن كان منهم غير موحد فالمطالبة متوجهة إليه بكل واحدة من الشهادتين على التعيين، ومن كان موحدًا فالمطالبة له بالجمع بين الإقرار بالوحدانية والإقرار بالرسالة، وإن كانوا يعتقدون ما يقتضي الإشراك أو يستلزمه كمن يقول ببنوة عزير أو يعتقد التشبيه فتكون مطالبتهم بالتوحيد لنفي ما يلزم من عقائدهم. واستدل به من قال من العلماء إنه لا يشترط التبري من كل دين يخالف دين الإسلام خلافًا لمن قال: إن من كان كافرًا بشيء وهو مؤمن بغيره لم يدخل في الإسلام إلا بترك اعتقاد ما كفر به، والجواب: أن اعتقاد الشهادتين يستلزم ترك اعتقاد التشبيه ودعوى بنوة عزير وغيره فيكتفى بذلك، واستدل به على أنه لا يكفي في الإسلام الاقتصار على شهادة أن لا إله إلا الله حتى يضيف إليها الشهادة لمحمد بالرسالة وهو قول الجمهور. وقال بعضهم يصير بالأولى مسلمًا، ويطالب بالثانية. وفائدة الخلاف تظهر بالحكم بالردة).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: وفائدة الخلاف تظهر بالحكم بالردة !!!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    قال ابن حجر في فتحه: (3/ 514 - 515):فمن كان منهم غير موحد فالمطالبة متوجهة إليه بكل واحدة من الشهادتين على التعيين، ومن كان موحدًا فالمطالبة له بالجمع بين الإقرار بالوحدانية والإقرار بالرسالة، وإن كانوا يعتقدون ما يقتضي الإشراك أو يستلزمه كمن يقول ببنوة عزير أو يعتقد التشبيه فتكون مطالبتهم بالتوحيد لنفي ما يلزم من عقائدهم. واستدل به من قال من العلماء إنه لا يشترط التبري من كل دين يخالف دين الإسلام خلافًا لمن قال: إن من كان كافرًا بشيء وهو مؤمن بغيره لم يدخل في الإسلام إلا بترك اعتقاد ما كفر به، والجواب: أن اعتقاد الشهادتين يستلزم ترك اعتقاد التشبيه ودعوى بنوة عزير وغيره فيكتفى بذلك، واستدل به على أنه لا يكفي في الإسلام الاقتصار على شهادة أن لا إله إلا الله حتى يضيف إليها الشهادة لمحمد بالرسالة وهو قول الجمهور. وقال بعضهم يصير بالأولى مسلمًا، ويطالب بالثانية. وفائدة الخلاف تظهر بالحكم بالردة).
    جاء فى بدائع الصنائع قوله - الطرق التي يحكم بها بكون الشخص مؤمنا ثلاثة : نص ، ودلالة ، وتبعية .

    أما النص فهو أن يأتي بالشهادة ، أو بالشهادتين ، أو يأتي بهما مع التبرؤ مما هو عليه صريحا .

    وبيان هذه الجملة أن الكفرة أصناف أربعة : صنف منهم ينكرون الصانع أصلا ، وهم الدهرية المعطلة ، وصنف منهم يقرون بالصانع وينكرون توحيده ، وهم الوثنية والمجوس ، وصنف منهم يقرون بالصانع وتوحيده وينكرون الرسالة رأسا ، وهم قوم من الفلاسفة ، وصنف منهم يقرون بالصانع وتوحيده والرسالة في الجملة ، لكنهم ينكرون رسالة نبينا محمد - عليه أفضل الصلاة والسلام - وهم اليهود والنصارى ، فإن كان من الصنف الأول والثاني ، فقال : لا إله إلا الله يحكم بإسلامه ; لأن هؤلاء يمتنعون عن الشهادة أصلا .

    فإذا أقروا بها كان ذلك دليل إيمانهم وكذلك إذا قال : أشهد أن محمدا رسول الله ; لأنهم يمتنعون من كل واحدة من كلمتي الشهادة ، فكان الإتيان بواحد منهما - أيتهما كانت - دلالة الإيمان ، وإن كان من الصنف الثالث فقال : لا إله إلا الله لا يحكم بإسلامه ; لأن منكر الرسالة لا يمتنع عن هذه المقالة ، ولو قال : أشهد أن محمدا رسول الله يحكم بإسلامه ; لأنه يمتنع عن هذه الشهادة ، فكان الإقرار بها دليل الإيمان .

    وإن كان من الصنف الرابع فأتى بالشهادتين فقال : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله لا يحكم بإسلامه حتى يتبرأ من الدين الذي عليه ; من اليهودية أو النصرانية ; لأن من هؤلاء من يقر برسالة رسول الله ; صلى الله عليه وسلم لكنه يقول : إنه بعث إلى العرب خاصة دون غيرهم فلا يكون إتيانه بالشهادتين بدون التبرؤ دليلا على إيمانه ، وكذا إذا قال يهودي أو نصراني : أنا مؤمن أو مسلم أو قال : آمنت أو : أسلمت لا يحكم بإسلامه ; لأنهم يدعون أنهم مؤمنون ومسلمون ، والإيمان والإسلام هو الذي هم عليه وروى الحسن عن أبي حنيفة - رحمه الله - أنه قال : إذا قال اليهودي أو النصراني : أنا مسلم أو قال : أسلمت سئل عن ذلك أي شيء أردت به إن قال : أردت به ترك اليهودية ، أو النصرانية ، والدخول في دين الإسلام يحكم بإسلامه ، حتى لو رجع عن ذلك كان مرتدا وإن قال : أردت بقولي : أسلمت أني على الحق ، ولم أرد بذلك الرجوع عن ديني لم يحكم بإسلامه ولو قال يهودي أو نصراني : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأتبرأ عن اليهودية ، أو النصرانية لا يحكم بإسلامه ; لأنهم لا يمتنعون عن كلمة التوحيد ، والتبرؤ عن اليهودية والنصرانية ، لا يكون دليل الدخول في دين الإسلام لاحتمال أنه تبرأ عن ذلك ، ودخل في دين آخر سوى دين الإسلام ، فلا يصلح التبرؤ دليل الإيمان مع الاحتمال ، ولو أقر مع ذلك فقال : دخلت في دين الإسلام أو في دين محمد صلى الله عليه وسلم حكم بالإسلام ; لزوال الاحتمال بهذه القرينة والله - سبحانه وتعالى - أعلم . [بدائع الصنائع]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: وفائدة الخلاف تظهر بالحكم بالردة !!!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    ، وإن كانوا يعتقدون ما يقتضي الإشراك أو يستلزمه كمن يقول ببنوة عزير أو يعتقد التشبيه فتكون مطالبتهم بالتوحيد لنفي ما يلزم من عقائدهم.
    لا تجد مشركاً قط إلا وقد ظن بربه ظن السوء وهذا الظن طعن مباشر في ألوهيته وربوبيته ونفى لهما فلذلك تجد معبوده ليس هو الله وإن ادّعى غير ذلك، وإنما معبوده هو الشيطان - ومن هنا نعلم - أن أي مشرك لم يعرف الله وإن زعم غير هذا وهذا معنى قول المعصوم، صلى الله عليه وسلم، في أهل الكتاب -فإذا عرفوا الله-. وهذا يبطل قول من يزعم أن من أقر لله بالعبودية في الإجمال دون التفصيل -أي: أنه قد يدعو غير الله أو يذبح أو ينذر لغير الله مع إقراره أنه لا يعبد إلا الله -فهو مسلم في الدنيا وناج عند الله يوم القيامة فإن هذا باطل كل البطلان لأن الله لا يعبد إلا بالتوجه له وحده لا شريك له وأن يكن المتوجه مسلماً خالصاً لله الواحد القهار، فالشرك ينفي مفهوم العبادة لدى هذا العبد فلا يوصف بأنه عبد الله
    ووقعت البداءة بهما لأنهما أصل الدين الذي لا يصح شيء غيرهما إلا بهما.............................
    التوحيد والشهادة بالرسالة هما أصل الدين ويجب البداءة بهما لأنه لا يصح شيء دونهما إلا بهما. ومن المعلوم ايضا أن الله له صفات لا تتصور الذات بدونها - ومفهوم التأله قائم عليها - فمن جهلها جهل الله وأشرك به وإن ادعى غير هذا ويكون معبوده الحقيقي ليس هو الله ونحن المسلمين نتبرأ من معبوده لقوله -تعالى-: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ).----قال النووي تعليقاً على هذا الحديث - نقلاً عن القاضي عياض - قال القاضي عياض -رحمه الله- هذا يدل على أنهم ليسوا بعارفين الله -تعالى- وهو مذهب حذاق المتكلمين في اليهود والنصارى أنهم غير عارفين الله -تعالى- وإن كانوا يعبدونه ويظهرون معرفته لدلالة السمع عندهم على هذا، وإن كان العقل لا يمنع أن يعرف الله -تعالى- من كذب رسولاً، قال القاضي عياض -رحمه الله تعالى- ما عرف الله -تعالى- من شبهه وجسمه من اليهود ، أو أجاز عليه البداء وكذلك من أضاف إليه الولد من اهل الكتاب ، أو أضاف إليه الصاحبة والولد وأجاز الحلول عليه والانتقال والامتزاج ، أو وصفه مما لا يليق به أو أضاف إليه الشريك والمعاند فيخلقه من المجوس والثنوية فمعبودهم الذي عبدوه ليس هو الله وإن سموه به - إذ ليس موصوفاً بصفات الإله الواجبة له - فإذا ما عرفوا الله -سبحانه- فتحقق هذه النكتة واعتمد عليها - وقد رأيت معناها لمتقدمي أشياخنا وبها قطع الكلام أبو عمران الفارسي بين عامة أهل القيروان عند تنازعهم في هذه المسألة. هذا آخر كلام القاضي-رحمه الله تعالى - اهـ.

    قال شيخ الاسلام بن تيمية في تفسير قوله -تعالى-: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) فقوله: (وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ). يتناول شركهم فإنه ليس بعبادة الله، فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه، فإذا أشركوا به لم يكونوا عابدين له، وإن دعوه وصلوا له. وأيضاً فما عبدوا ما يعبده وهو الموصوف بأنه معبود على جهة الاختصاص، بل هذا يتناول عبادته وحده، ويتناول الرب الذي أخبر به بما له من الأسماء والصفات، فمن كذّب به في بعض ما أخبر به عنه فما عبد ما يعبده من كل وجه.

    وأيضاً فالشرائع قد تتنوع في العبادات، فيكون المعبود واحداً، وإن لم تكن العبادة مثل العبادة، وهؤلاء لا يتبرأ منهم، فكل من عبد الله مخلصاً له الدين فهو مسلم في كل وقت، ولكن عبادته لا تكون إلا بما شرعه ....
    -إلى أن قال في ص: 554 - وهذه السورة يؤمر بها كل مسلم، وإن قد أشرك بالله قبل قراءتها فهو يتبرأ في الحاضر والمستقبل مما يعبده المشركون في أي زمان كان، وينفى جوار عبادته لمعبودهم، ويبينأن مثل هذا لا يكون ولا يصلح ولا يسوغ فهو ينفي جوازه شرعاً (3) ووقوعاً ....

    وأما قوله عن الكفار: (وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ). فهو خطاب لجنس الكفار وإن أسلموا فيما بعد فهو خطاب لهم ما داموا كفاراً فإذا أسلموا لم يتناولهم ذلك فإنهم حينئذ مؤمنون، لا كافرون. وإن كانوا منافقين في الباطن فيتناولهم الخطاب ... وما دام الكافر كافراً، فإنه لا يعبد الله، وإنما يعبد الشيطان سواء كان متظاهراً أو غير متظاهر به كاليهود، فإن اليهود لا يعبدون الله وإنما يعبدون الشيطان لأن عبادة الله إنما تكون بما شرع وأمر، وهم وإن زعموا أنهم يعبدونه، فتلك الأعمال المبدلة والمنهي عنها هو يكرهها ويبغضها وينهى عنها، فليست عبادة، فكل كافر بمحمد لا يعبد ما يعبده محمداً ما دام كافراً ... -إلى أن قال في ص: 563 - .وإذا قال اليهود: نحن نقصد عبادة الله كانوا كاذبين سواء عرفوا أنهم كاذبون أو لم يعرفوا، كما يقول النصارى: إنا نعبد الله وحده وما نحن بمشركين، وهم كاذبون، لأنهم لو أرادوا عبادته لعبدوه بما أمر به وهو: الشرع لا بالمنسوخ المبدل. وأيضاً فالرب الذي يزعمون أنهم يقصدون عبادته هو عندهم رب لم ينزل الإنجيل ولا القرآن لا أرسل المسيح ولا محمداً، بل هو عند بعضهم فقير، وعند بعضهم بخيل، وعند بعضهم عاجز، وعند بعضهم لا يقدر أن يغير ما شرعه، وعند جميعهم أنه أيد الكاذبين المفترين عليه، الذين يزعمون أنهم رسله، وليسوا رسله، بل هم كاذبون سحرة قد أيدهم ونصرهم ونصر أتباعهم على أوليائه المؤمنين، لأنهم عند أنفسهم أولياؤه دون الناس. فالرب الذي يعبدونه هو دائماً ينصر أعداءه.
    فهم يعبدون هذا الرب. والرسول والمؤمنون لا يعبدون هذا المعبود الذي تعبده اليهود، فهو منزه عما وصفت به اليهود معبودها من جهة كونه معبوداً لهم. منزه عن هذه الإضافة فليس هو معبوداً لليهود، وإنما في جبلاتهم صفات ليست هي صفاته زينها لهم الشيطان فهم يقصدون عبادة المتصف بتلك الصفات وإنما هو الشيطان. فالرسل والمؤمنون لا يعبدون شيئاً تعبده اليهود ... -إلى أن قال في ص: 573 - فإن قيل: فالمشرك يعبد الله وغيره بدليل قول الخليل: (أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ، أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ، فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ) [الشعراء: 75 - 77]. فقد استثناه مما يعبدون فدل على أنهم كانوا يعبدون الله وكذلك قوله: (إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) [الزخرف: 26: 27]. واستثناه أيضاً وفي المسند وغيره حديث حصين الخزاعي لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا حصين كم تعبد اليوم؟ ". قال: سبعة آلهة ستة في الأرض وواحد في السماء. قيل: هذا قول المشركين كما تقول اليهود والنصارى نحن نعبد الله. فهم يظنون أن عبادته مع الشرك به عبادة - وهم كاذبون في هذا وأما قول الخليل ففيه قولان: قالت طائفة: إنه استثناء منقطع وقال عبد الرحمن بن زيد: كانوا يعبدون الله مع آلهتهم. وعلى هذا فهذا لفظ مقيد فإنه قال: (مَا تَعْبُدُونَ). فسماه عبادة إذا عرف المراد. لكن ليست هي العبادة التي عند الله عبادة - فإنه كما قال -تعالى-: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك ...) وهذا كقوله -تعالى-: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ) [يوسف: 106]. سماه إيماناً مع التقييد وإلا فالمشرك الذي جعل مع الله إلهاً آخر لا يدخل في مسمى الإيمان عند الإطلاق: وقد قال: (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ)، (فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).فهذا مع التقييد ومع الإطلاق فالإيمان هو الإيمان بالله والبشارة بالخير ....
    - ومما يوضح هذا قوله- (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ -إلى قوله- إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [البقرة: 133] ... فالتقدير: نعبد إلهك نعبد إلهاً واحداً ونحن له مسلمون فجمعوا بين الخبرين بأمرين بأنهم يعبدون إلهه - وأنهم إنما يعبدون إلهاً واحداً - فمن عبد إلهين لم يكن عابدا لإلهه وإله آبائه وإنما يعبد إلهه من عبد إلهاً واحداً. ولو كان من عبد الله وعبد معه غيره عابداً له لكانت عبادته نوعين: عبادة إشراك، وعبادة إخلاص ... فمن عبد معه غيره فما عبده إلهاً واحداً، ومن أشرك به فما عبده - وهو لا يكون إلا إلهاً واحداً فإذا لم يعبده في الحال اللازمة له لم تكن له حال أخرى يعبده فيها فما عبده.
    فإن قيل: المشرك: يجعل معه آلهة أخرى - فهو يعبد في حال ليس هو فيها الواحد، قيل هذا غلط منشؤه: أن لفظ الإله يراد به المستحق للإلهية ويراد به ما اتخذه الناس إلهاً - وإن لم يكن إلهاً في نفس الأمر بل هي أسماء سموها هم وآباؤهم فتلك لبست في نفسها آلهة وإنما هي آلهة في أنفس العابدين - فإلهيتها أمر قدره المشركون وجعلوه في أنفسهم من غير أن يكون مطابقاً للخارج.
    -إلى أن قال في ص: 578 - فقوله: (نَعْبُدُ إِلَهَكَ -إلى قوله تعالى- إِلَهاً وَاحِداً). إذا قيل إنه منصوب على الحال فإما أن يكون حالاً من الفاعل العابد، أو من المفعول المعبود.
    فالأول: نعبده في حال كوننا مخلصين لا نعبد إلا إياه.
    والثاني: نعبده في الحال اللازمة له وهو أنه إله واحد فنعبده مخلصين معترفين له بأنه الإله وحده دون ما سواه فإن كان التقدير هذا الثاني امتنع أن: يكون المشرك عابداً له فإنه لا يعبده في هذه الحال وهو -سبحانه- ليست له حال أخرى نعبده فيها: وإن كان التقدير الأول فقد يمكن أن نعيده في حال أخرى تُتخذ معه آلهة أخرى في أنفسنا. لكن قوله: (إِلَهاً وَاحِداً). دليل على أنها حال من المعبود بخلاف ما إذا قيل: نعبده مخلصين له الدين فإن هذه حال من الفاعل. ولهذا يأتي هذا في القرآن كثيراً كقوله: (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ). [الزمر: 2]. وقوله: (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي) [الزمر: 14]. فهذا حال من الفاعل فإنه يكون تارة مخلصاً وتارة مشركاً، وأما الرب -تعالى- فإنه لا يكون إلا إلهاً واحداً ...كما قيل في الجملة: (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ). قيل: واو العطف وقيل واو الحال أي نعبده في هذه الحال ...
    والآية فيها: (إِلَهاً وَاحِداً). فهذه حال من المعبود بلا ريب فلزم أنهم إنما عبدوه في حال كونه إلهاً واحداً وهذه لازمة له ....
    . . . و (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ). لا سيما إذا جعلت حالاً. أي: نعبده إلهاً واحداً في حال إسلامنا له. وإسلامهم له يتضمن: إخلاص الدين له وخضوعهم واستسلامهم لأحكامه بخلاف غير المسلمين ... -إلى أن قال في ص: 600 - .
    وقوله: (وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ). نفى عنهم عبادة معبوده فهم إذا عبدوا الله مشركين به لم يكونوا عابدين معبوده وكذلك هو إذا عبده مخلصاً له الدين لم يكن عابداً معبودهم.
    الوجه الخامس: أنهم لو عينوا الله بما ليس هو الله وقصدوا عبادة الله معتقدين أن هذا هو الله كالذين عبدوا العجل والذين عبدوا المسيح والذين يعبدون الدجال والذين يعبدون ما يعبدون من دنياهم وهواهم ومن عبد من هذه الآمة فهم عند نفوسهم إنما يعبدون الله لكن هذا المعبود الذي لهم ليس هو الله، فإذا قال: (لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ). كان متبرئاً من هؤلاء المعبودين وإن كان مقصود العابدين هو الله.
    الوجه السادس: أنهم إذا وصفوا الله بما هو بريء منه كالصاحبة والولد والشريك وأنه فقير أو بخيل أو غير ذلك وعبدوه وكذلك فهو بريء من المعبود الذي لهؤلاء فإن هذا ليس هو الله اهـ. -- يتجلى ويتضح من هذه النقول أن الله لا يُعبد إلا بما شرع لا يعبد بالأهواء والظنون والعادات ولا بالمنسوخ وأن حقيقة العبادة لا تقع إلا في حال توجه العبد لله الواحد القهار وحده لا شريك له وأن يكون العبد مسلماً حال التوجه إليه -تعالى- وأن أي مشرك يدعي عبادة الله فهو لم يعرف الله ولم يعبده لأن الشرك تنقص بالإلهية وهضم لحق الربوبية شاء المشرك أم أبى.قال ابن القيم: فالشرك ملزوم لتنقص الرب سبحانه والتنقص له ضرورة، شاء المشرك أم أبى ولهذا اقتضى حمده سبحانه وكمال ربوبيته أن لا يغفره وأن يخلد صاحبه في العذاب الأليم ويجعله أشقى البرية.
    فلا تجد مشركاً قط إلا وهو متنقص لله -سبحانه- وإن زعم أنه يعظمه بذلك

    فالمشرك أساء الظن بربه واعتقد فيه ما ليس فيه -سبحانه- ونفى عنه ما هو من صميم ذاته وتألهه -سبحانه وتعالى- عما يصفون.

    قال ابن القيم: (أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ، فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات: 86، 87].
    أي: فما ظنكم به أن يجازيكم وقد عبدتم معه غيره؟ وما الذي ظننتم به حتى جعلتم معه شركاء؟ أظننتم: أنه محتاج إلى الشركاء والأعوان؟ أم ظننتم: أنه يخفى عليه شيء من أحوال عباده حتى يحتاج إلى شركاء تعرفه بها كالملوك؟ أم ظننتم: أنه لا يقدر وحده على استقلاله بتدبيرهم وقضاء حوائجهم؟ أم هو قاس فيحتاج إلى شفعاء يستعطفونه على عباده؟ أم ذليل فيحتاج إلى ولي يتكثر به من القلة ويتعزز به من الذلة؟ أم يحتاج إلى الولد فيتخذ صاحبة يكون الولد منها ومنه؟ -تعالى- الله عن ذلك علواً كبيراً----

    وأما قول الخليل ففيه قولان . قال طائفة : إنه استثناء منقطع . وقال عبد الرحمن بن زيد : كانوا يعبدون الله مع آلهتهم .

    وعلى هذا فهذا لفظ مقيد . فإنه قال { ما تعبدون } . فسماه عبادة إذا عرف المراد لكن ليست هي العبادة التي هي عند الله عبادة . فإنه كما قال تعالى : " { أنا أغنى الشركاء عن الشرك . من عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا منه بريء وهو كله للذي أشرك } " . وهذا كقوله تعالى { وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون } . سماه إيمانا مع التقييد وإلا فالمشرك الذي جعل مع الله إلها آخر لا يدخل في مسمى الإيمان عند الإطلاق . وقد قال { يؤمنون بالجبت والطاغوت } { فبشرهم بعذاب أليم } . فهذا مع التقييد . ومع الإطلاق فالإيمان هو الإيمان بالله والبشارة بالخير .--قول المشركين كما تقول اليهود والنصارى : نحن نعبد الله . فهم يظنون أن عبادته مع الشرك به عبادة وهم كاذبون في هذا .--https://www.islamweb.net/ar/library- أن العبد الذي حقق الإسلام في الظاهر لكن بلا علم ويقين لم تتحقق له النجاة مع انتهائه عن الشرك والتزامه للشرع في الظاهر فكيف بمن لم يتحقق له العلم بمدلول الشهادتين والتبس بالشرك وفعله وحسّنه ودعا إليه ووالى أهله وقبّح التوحيد وتركه وصد الناس عنه وعادى أهله؟!-

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: وفائدة الخلاف تظهر بالحكم بالردة !!!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة
    قال ابن حجر في فتحه: (3/ 514 - 515): واستدل به من قال من العلماء إنه لا يشترط التبري من كل دين يخالف دين الإسلام خلافًا لمن قال: إن من كان كافرًا بشيء وهو مؤمن بغيره لم يدخل في الإسلام إلا بترك اعتقاد ما كفر به، والجواب: أن اعتقاد الشهادتين يستلزم ترك اعتقاد التشبيه ودعوى بنوة عزير وغيره فيكتفى بذلك،

    اليك الجواب الشافى
    السؤال
    يوجد شخص نصراني يقول أنا أؤمن أن محمداً (صلى الله عليه وسلم) رسول الله کمثل عيسى (عليه السلام) والقرآن کتاب الله انزله على محمد (صلى الله عليه وسلم) لكن أنا على دين النصارى ولا يزال أنا نصراني ، لكن أنا أؤمن أن محمداً نبينا ، والقرآن کتاب الله ، والاسلام أحد أديان السماوية ، ولا أقول عيسى هو ابن الله ولا أقول هو الله وإنما هو عبدالله ورسوله ، لكن أنا نصراني ، فما حكم هذا الشخص ؟
    ملخص الجواب:
    ملخص الجواب : لا يصح إسلام الذي يعتقد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول الله ، وأن الإسلام حق ، لكنه في الوقت نفسه يخبر عن نفسه أنه نصراني!
    نص الجواب
    الحمد لله
    إذا همّ أحد أتباع الأديان الأخرى بالإسلام، وجاء بالشهادتين ، أو بمعناهما مقرا ومعتقدا، ولكنه استمر على نسبة نفسه إلى دينه، بقوله إنه يهودي أو نصراني أو نحو ذلك، فقد صرح الفقهاء في مثله بأنه لا يقبل منه إسلامه حتى يتبرأ من دينه، ولا يكفي منه ولو نطق بالشهادتين، لأنه ما يزال ينقضها بنسبة نفسه إلى دين غير دين الإسلام، الأمر الذي يعني خللا في فهمه الشهادتين أصلا، فلا يتحقق بها الإسلام في مثل هذه الحالة حتى يزول اللبس عنده، ويبين لهذا المتناقض حقيقة تناقضه، ويحاور بالتي هي أحسن، فمثله من السهل بإذن الله حواره وإقناعه.
    وقد تكلم الفقهاء قديما عن العديد من المحترزات في هذا الموضوع، وبينوا أن كل حالة خاصة، يظهر فيها اعتقاد معين يناقض عقيدة الإسلام، فلا بد لصحة التوبة عن ذلك الدين أو المعتقد والدخول في الإسلام: أن يبيِّن التائب تبرؤه منه، وينص عليه في شهادته عند الدخول في الإسلام، وهذا شرط مبرر، لأن الدخول في الإسلام يعني البراءة من جميع الأديان سواه، فإذا تبين أن شخصا معينا ينتسب إلى الأديان الباطلة، فمثله لم يدخل الإسلام.
    يقول الله عز وجل: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران: 85]
    ويقول عليه الصلاة والسلام: (مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مَنْ دُونِ اللهِ، حَرُمَ مَالُهُ، وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ) رواه مسلم في "صحيحه" (رقم23)
    يقول الإمام السرخسي رحمه الله:
    "تمام الإسلام من اليهودي : التبري عن اليهودية، ومن النصراني : التبري عن النصرانية" انتهى من "المبسوط" (10/99)
    ويقول الإمام الكاساني رحمه الله:
    "إن كان [يعني من اليهود والنصارى] فأتى بالشهادتين فقال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، لا يحكم بإسلامه حتى يتبرأ من الدين الذي عليه؛ من اليهودية أو النصرانية؛ لأن من هؤلاء من يقر برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه يقول: إنه بعث إلى العرب خاصة دون غيرهم. فلا يكون إتيانه بالشهادتين بدون التبرؤ دليلا على إيمانه.
    وكذا إذا قال يهودي أو نصراني: أنا مؤمن أو مسلم. أو قال: آمنت أو: أسلمت. لا يحكم بإسلامه؛ لأنهم يدعون أنهم مؤمنون ومسلمون، والإيمان والإسلام هو الذي هم عليه .
    وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال: إذا قال اليهودي أو النصراني: أنا مسلم أو قال: أسلمت. سئل عن ذلك ؛ أيَّ شيء أردت به ؟
    إن قال: أردت به ترك اليهودية، أو النصرانية، والدخول في دين الإسلام : يحكم بإسلامه، حتى لو رجع عن ذلك ، كان مرتدا.
    وإن قال: أردت بقولي: أسلمت ، أني على الحق، ولم أرد بذلك الرجوع عن ديني ، لم يحكم بإسلامه.
    ولو قال يهودي أو نصراني: أشهد أن لا إله إلا الله، وأتبرأ عن اليهودية، أو النصرانية لا يحكم بإسلامه؛ لأنهم لا يمتنعون عن كلمة التوحيد ؛ والتبرؤ عن اليهودية والنصرانية لا يكون دليل الدخول في دين الإسلام؛ لاحتمال أنه تبرأ عن ذلك، ودخل في دين آخر سوى دين الإسلام، فلا يصلح التبرؤ دليل الإيمان مع الاحتمال.
    ولو أقر مع ذلك فقال: دخلت في دين الإسلام أو في دين محمد صلى الله عليه وسلم حكم بالإسلام؛ لزوال الاحتمال بهذه القرينة . والله سبحانه وتعالى أعلم" انتهى من "بدائع الصنائع" (7/103)، وانظر "فتح القدير" (6/70)
    ويقول الإمام الشافعي رحمه الله:
    "ومن كان على دين اليهودية والنصرانية، فهؤلاء يدعون دين موسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهما، وقد بدلوا منه، وقد أخذ عليهم فيهما الإيمان بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكفروا بترك الإيمان به، واتباع دينه، مع ما كفروا به من الكذب على الله قبله.
    فقد قيل لي: إن فيهم من هو مقيم على دينه، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ويقول: لم يبعث إلينا. فإن كان فيهم أحد هكذا، فقال أحد منهم: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، لم يكن هذا مستكمل الإقرار بالإيمان حتى يقول: وأن دين محمد حق أو فرض، وأبرأ مما خالف دين محمد صلى الله عليه وسلم ، أو دين الإسلام. فإذا قال هذا فقد استكمل الإقرار بالإيمان" انتهى من "الأم" (6/ 171)
    ويقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله:
    "لا بد في الإسلام مطلقا، وفي النجاة من الخلود في النار، كما حكى عليه الإجماع في شرح مسلم، من التلفظ بالشهادتين من الناطق، فلا يكفي ما بقلبه من الإيمان... ثم الاعتراف برسالته صلى الله عليه وسلم إلى غير العرب ممن ينكرها، أو البراءة من كل دين يخالف دين الإسلام، وبرجوعه عن الاعتقاد الذي ارتد بسببه" انتهى من "تحفة المحتاج" (9/97)
    ويقول العلامة الحجاوي الحنبلي رحمه الله:
    "إن كانت ردته بإنكار فرض، أو إحلال محرم، أو جحد نبي، أو كتاب، أو شيء منه، أو إلى دين من يعتقد أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث إلى العرب خاصة، فلا يصح إسلامه حتى يقر بما جحده، ويشهد أن محمدا بعث إلى العالمين، أو يقول: أنا برئ من كل دين يخالف الإسلام، مع الإتيان بالشهادتين" انتهى من "الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل" (4/ 303)

    والخلاصة : أنه لا يصح إسلام هذا الذي يعتقد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول الله ، وأن الإسلام حق ، لكنه في الوقت نفسه يخبر عن نفسه أنه نصراني!

    والله أعلم.


    المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: وفائدة الخلاف تظهر بالحكم بالردة !!!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة

    اليك الجواب الشافى
    السؤال
    يوجد شخص نصراني يقول أنا أؤمن أن محمداً (صلى الله عليه وسلم) رسول الله کمثل عيسى (عليه السلام) والقرآن کتاب الله انزله على محمد (صلى الله عليه وسلم) لكن أنا على دين النصارى ولا يزال أنا نصراني ، لكن أنا أؤمن أن محمداً نبينا ، والقرآن کتاب الله ، والاسلام أحد أديان السماوية ، ولا أقول عيسى هو ابن الله ولا أقول هو الله وإنما هو عبدالله ورسوله ، لكن أنا نصراني ، فما حكم هذا الشخص ؟
    ملخص الجواب:
    ملخص الجواب : لا يصح إسلام الذي يعتقد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول الله ، وأن الإسلام حق ، لكنه في الوقت نفسه يخبر عن نفسه أنه نصراني!
    نص الجواب
    الحمد لله
    إذا همّ أحد أتباع الأديان الأخرى بالإسلام، وجاء بالشهادتين ، أو بمعناهما مقرا ومعتقدا، ولكنه استمر على نسبة نفسه إلى دينه، بقوله إنه يهودي أو نصراني أو نحو ذلك، فقد صرح الفقهاء في مثله بأنه لا يقبل منه إسلامه حتى يتبرأ من دينه، ولا يكفي منه ولو نطق بالشهادتين، لأنه ما يزال ينقضها بنسبة نفسه إلى دين غير دين الإسلام، الأمر الذي يعني خللا في فهمه الشهادتين أصلا، فلا يتحقق بها الإسلام في مثل هذه الحالة حتى يزول اللبس عنده، ويبين لهذا المتناقض حقيقة تناقضه، ويحاور بالتي هي أحسن، فمثله من السهل بإذن الله حواره وإقناعه.
    وقد تكلم الفقهاء قديما عن العديد من المحترزات في هذا الموضوع، وبينوا أن كل حالة خاصة، يظهر فيها اعتقاد معين يناقض عقيدة الإسلام، فلا بد لصحة التوبة عن ذلك الدين أو المعتقد والدخول في الإسلام: أن يبيِّن التائب تبرؤه منه، وينص عليه في شهادته عند الدخول في الإسلام، وهذا شرط مبرر، لأن الدخول في الإسلام يعني البراءة من جميع الأديان سواه، فإذا تبين أن شخصا معينا ينتسب إلى الأديان الباطلة، فمثله لم يدخل الإسلام.
    يقول الله عز وجل: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران: 85]
    ويقول عليه الصلاة والسلام: (مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مَنْ دُونِ اللهِ، حَرُمَ مَالُهُ، وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ) رواه مسلم في "صحيحه" (رقم23)
    يقول الإمام السرخسي رحمه الله:
    "تمام الإسلام من اليهودي : التبري عن اليهودية، ومن النصراني : التبري عن النصرانية" انتهى من "المبسوط" (10/99)
    ويقول الإمام الكاساني رحمه الله:
    "إن كان [يعني من اليهود والنصارى] فأتى بالشهادتين فقال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، لا يحكم بإسلامه حتى يتبرأ من الدين الذي عليه؛ من اليهودية أو النصرانية؛ لأن من هؤلاء من يقر برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه يقول: إنه بعث إلى العرب خاصة دون غيرهم. فلا يكون إتيانه بالشهادتين بدون التبرؤ دليلا على إيمانه.
    وكذا إذا قال يهودي أو نصراني: أنا مؤمن أو مسلم. أو قال: آمنت أو: أسلمت. لا يحكم بإسلامه؛ لأنهم يدعون أنهم مؤمنون ومسلمون، والإيمان والإسلام هو الذي هم عليه .
    وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال: إذا قال اليهودي أو النصراني: أنا مسلم أو قال: أسلمت. سئل عن ذلك ؛ أيَّ شيء أردت به ؟
    إن قال: أردت به ترك اليهودية، أو النصرانية، والدخول في دين الإسلام : يحكم بإسلامه، حتى لو رجع عن ذلك ، كان مرتدا.
    وإن قال: أردت بقولي: أسلمت ، أني على الحق، ولم أرد بذلك الرجوع عن ديني ، لم يحكم بإسلامه.
    ولو قال يهودي أو نصراني: أشهد أن لا إله إلا الله، وأتبرأ عن اليهودية، أو النصرانية لا يحكم بإسلامه؛ لأنهم لا يمتنعون عن كلمة التوحيد ؛ والتبرؤ عن اليهودية والنصرانية لا يكون دليل الدخول في دين الإسلام؛ لاحتمال أنه تبرأ عن ذلك، ودخل في دين آخر سوى دين الإسلام، فلا يصلح التبرؤ دليل الإيمان مع الاحتمال.
    ولو أقر مع ذلك فقال: دخلت في دين الإسلام أو في دين محمد صلى الله عليه وسلم حكم بالإسلام؛ لزوال الاحتمال بهذه القرينة . والله سبحانه وتعالى أعلم" انتهى من "بدائع الصنائع" (7/103)، وانظر "فتح القدير" (6/70)
    ويقول الإمام الشافعي رحمه الله:
    "ومن كان على دين اليهودية والنصرانية، فهؤلاء يدعون دين موسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهما، وقد بدلوا منه، وقد أخذ عليهم فيهما الإيمان بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكفروا بترك الإيمان به، واتباع دينه، مع ما كفروا به من الكذب على الله قبله.
    فقد قيل لي: إن فيهم من هو مقيم على دينه، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ويقول: لم يبعث إلينا. فإن كان فيهم أحد هكذا، فقال أحد منهم: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، لم يكن هذا مستكمل الإقرار بالإيمان حتى يقول: وأن دين محمد حق أو فرض، وأبرأ مما خالف دين محمد صلى الله عليه وسلم ، أو دين الإسلام. فإذا قال هذا فقد استكمل الإقرار بالإيمان" انتهى من "الأم" (6/ 171)
    ويقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله:
    "لا بد في الإسلام مطلقا، وفي النجاة من الخلود في النار، كما حكى عليه الإجماع في شرح مسلم، من التلفظ بالشهادتين من الناطق، فلا يكفي ما بقلبه من الإيمان... ثم الاعتراف برسالته صلى الله عليه وسلم إلى غير العرب ممن ينكرها، أو البراءة من كل دين يخالف دين الإسلام، وبرجوعه عن الاعتقاد الذي ارتد بسببه" انتهى من "تحفة المحتاج" (9/97)
    ويقول العلامة الحجاوي الحنبلي رحمه الله:
    "إن كانت ردته بإنكار فرض، أو إحلال محرم، أو جحد نبي، أو كتاب، أو شيء منه، أو إلى دين من يعتقد أن محمدا صلى الله عليه وسلم بعث إلى العرب خاصة، فلا يصح إسلامه حتى يقر بما جحده، ويشهد أن محمدا بعث إلى العالمين، أو يقول: أنا برئ من كل دين يخالف الإسلام، مع الإتيان بالشهادتين" انتهى من "الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل" (4/ 303)

    والخلاصة : أنه لا يصح إسلام هذا الذي يعتقد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول الله ، وأن الإسلام حق ، لكنه في الوقت نفسه يخبر عن نفسه أنه نصراني!

    والله أعلم.


    المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب
    جزاكم الله خيرًا
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •