النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم
اختكم في الله : أم عبدالله نجلاء الصالح


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد : -
قال الله تعالى : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا ) الأحزاب 6 .
إن من أجلّ النعم التي أنعم الله تعالى بها علينا أن جعلنا من أمة الهداية أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ... فَنِعمَ النبي الذي شرفنا الله تعالى بالإنتساب إليه بأن جعله أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ... كيف لا وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم وأزواجه أمهاتهم
ونعمتِ الأمهات - أمهات المؤمنين - اللواتي تشرّفنا بأمومتهن ...فحبهن في الله تعالى قربة من أوثق عرى الإيمان التي نتقرب بها إلى الله تعالى ، وذلك بحب من اختارهن لحبيبه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم زوجات مقربات تربين في بيت النبوة . تقرّ أعينهن فيه وتقرّ عينيه فيهن في الدنيا والآخرة.،
قالالله تعالى : ( ترجي من تشاء وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقرّ أعينهنّ ولا يحزنّ ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما ) الأحزاب 51 .
لقد ارتضاهن الله تبارك وتعالى لحبيبه وخليله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يأذن له وهو أكرم الخلق عليه ، وأحبهم إليه سبحانه أن يتزوّج غيرهن أو أن يستبدلهن بأزواج ولو أعجبه حسنهن ، إلا ما ملكت يمينه .
فأيّ حقد وحسد ، وأي ضلال وغواية ، وأي عصبية غطت قلوبا غدت لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا ؟؟ !! ، اتخذ أصحابها من كبار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحبهم إليه ، ومن نسائه من بناتهم سبة ولعنا وشتما كورد يومي مع أذكارهم ، في صباحهم ومسائهم وصلواتهم ، - الحمد لله - لن يضير من امتدحهم الله تعالى واختارهم مقربين لرسوله صلى الله عليه وسلم صحبة وأصهارا ، شتم هؤلاء ، بل هي أجور وحسنات ، في صحيفة أعمالهم تهدى لهم ممن اعترضوا على أمر الله تبارك وتعالى ، ولم يرتضوا ما ارتضاه لنبيه ولا رضوا بقضاه ، ليبوؤوا بالإثم ، نعوذ بك اللهم من مضلات الفتن ، ونعوذ بك اللهم من الخذلان .
قالالله تعالى : ( لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تتبدل بهن من ازواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيئ رقيبا . يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم اطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلك كان عند الله عظيما ) الأحزاب 52 ــ 53 .
نعمت الأمهات - أمهات المؤمنين - اللواتي الله تعالى حرم على المؤمنين الزواج بهن من بعده أبدا ، وأمر بمخاطبتهن من وراء حجاب ، حفاظا على طهرهن وعفافهن وسترهن ، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤذى لخصوصيته بهن .
وجعل سبحانه وتعالى آدابا لدخول بيت النبوة والأكل والحديث معه . هذا البيت الذي فيه وضعت أول لبنات الأسس الأخلاقية ، والروابط العقائدية ، والقواعد التشريعية السامية التي اشتمل عليها ديننا الحنيف ، فلم يدع جانبا من جوانب الحياة التي يحتاج إليها البشر إلا وعالجها بتشريع متكامل شامل ، وفي ذلك دليل بيّن ، وبرهان واضح على أن مصدره من لدن حكيم عليم خبير ، وأنه لا يقدر على أن يأتي به بشر .
قال الله تعالى : ( اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) المائدة 3 . لقد اكتمل هذا الدين في عهد رسولنا صلى الله عليه وسلم فزكت به نفوس صحابة وصحابيات ، وخرّجت عظماء ، سمت به أرواحهم ، فذلّت لها رقاب الجبابرة والأكاسرة وتهاوت العروش بأيديهم ، وفتحوا البلاد وقلوب العباد ، فسعدت بهم الأوطان ، وساد الأمن والإطمئنان بالإيمان .
ما أجمل أن نتعرف على شخصيات أمهات المؤمنين والصحابيات الجليلات ، وأن نقتفي أثرهن وأن نحثّ إليه الخطى ، فإنهن القدوة الصالحة ونبراس النور والهداية الذي شع من بيت النبوّة ، نتوسّم من خلال ذلك تصحيح المسير ، لتحقيق الهدف الكبير الذي ينبغي على كل مؤمن ومؤمنة أن يسعى جادا إليه " ألا وهو استقامة السلوك على المنهج الرباني الذي جاء به رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، على فهم سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى ومن تبعهم بإحسان " .
اللهم إنا رضينا بك ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم نبيا ورسولا . اللهم اجعلنا من أتباعه ، واحشرنا تحت لوائه ، اللهم يا ولي الإسلام وأهله ثبتنا به حتى نلقاك .