روى شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
" لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنَ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي دَارِ الدُّنْيَا لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَايِشَهُمْ، فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامَهُ ". اهـ.
أخرجه الترمذي في جامعه حديث رقم (2585) من حديث أبي داود الطيالسي واللفظ له فقَالَ أَبُو عِيسَى: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ"، وأقره العراقي في المغني (1920) وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (7525) وقال: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الأَعْمَشِ إِلا شُعْبَةُ"، وأخرجه النسائي في سننه الكبرى حديث رقم (11004) من حديث محمد بن جعفر المعروف بغندر به، وأخرجه ابن ماجه في سننه حديث رقم (4325)، وأخرجه أحمد في مسنده حديث رقم (2730) حديث روح بن عبادة القيسي به, (3126) حديث محمد بن جعفر المعروف بغندر ورواه عنه أيضًا يحيى بن معين كما في الفوائد المعللة لأبي زرعة (27) وأخرجه ضياء المقدسي في المنتقى (1/367) حديث عبد الله بن معاذ، ثنا أبي، ثنا شعبة به وأخرجه أبو عيسى المديني في اللطائف (430) حديث عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ به وقال: "تَرْجَمَةُ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحَةٌ، أَخْرَجَهَا كُلٌّ مِنْ أَصْحَابِ الصَّحَّاحِ فِي كُتُبِهِمْ"، وأخرجه البزار في مسنده (4934) حديث محمد بن إبراهيم بن أبي عدي وقال: " وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ إِلا ابْنُ عَبَّاسٍ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلا نَعْلَمُ لَهُ طَريِقًا غَيْرَ هَذَا"، وأخرجه البغوي في شرح السنة (4408) حديث وهب بن جرير الأزدي وقال: "حديث حسن"، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (3912) حديث عثمان بن عمر العبدي وأخرجه الحاكم في المستدرك (2/293) حديث آدم بن أبي إياس وقال: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ" ووافقه الذهبي، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (٧٤٧٠).
وحكم العلماء بصحته منهم الإمامان أحمد شاكر في مسند أحمد (٤/٢٥٩)، وشعيب الأرنؤوط في تخريج المسند (١٧/٣٣١).
وجه من أعل الحديث هو تدليس الإعمش في إسقاط رجل بينه وبين مجاهد وهو أبو يحيى القتات وهو "لين الحديث" كما قال الحافظ ابن حجر.
- حديث يحيىى بن عيسى الرملي وهو " صدوق يخطىء ورمي بالتشيع" كذا قال الحافظ ابن حجر.
ورد في الزهد لأسد بن موسى (ص: 33) فقال: نا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ زَقُّومِ جَهَنَّمَ نَزَلَتْ إِلَى الدُّنْيَا، لَأَفْسَدَتْ عَلَى النَّاسِ مَعَاشَهُمْ». اهـ.وود في مصنف ابن أبي شيبة (7/ 52) مثله، وفي صفة النار لابن أبي الدنيا (ص: 63) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى به
وفي تفسير الطبري (21/ 126) قال: حدثني موسى بن إسحاق الحَبَئِيُّ المعروف بابن القوّاس، قال: ثنا يحيى بن عيسى الرملي، عن الأعمش عن أبي يحيى، به، وزاد: "وإن ناركم هذه لتعوذ من نار جهنم". اهـ.
وفي تفسير الطبري (22/ 43) قال: حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش، عن أبي يحيى، به، وفي البعث والنشور للبيهقي (ص: 302) من طريق ثنا أَبُو الْأَزْهَرِ، ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى الرَّمْلِيُّ به.
- ولكن تابعه الفضيل بن عياض ثقة ولكن قال: أبو حاتم الرازي: "صدوق"، وقال عبد الرحمن بن مهدي: "صالح ولكن ليس بحافظ"، وقال عثمان بن أبي شيبة العبسي: "ثقة صدوق وليس بحجة".
كما في مسند أحمد ت شاكر (3/ 357) قال: حدثنا القَوَارِيري حدثنا فُضَيل بن عياض عن سليمان، يعني الأعمش، عن أبي يحيى به، وفي تاريخ بغداد ت بشار (12/ 232) من طريق
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فذكره، لكن قَالَ: "وَلَوْ أُبْرِزَتِ النَّارُ مَا رَآهَا أَحَدٌ إِلا مَاتَ ". اهـ.
- وتوبع كلاهما من قبل سليمان بن الحكم بن عوانة وهو أيضًا ضعيف بل "واهٍ باتفاقهم" كما قال الذهبي.
فورد في صفة النار لابن أبي الدنيا (147) قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنِ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَوْ أَنَّ النَّارَ أُبْرِزَتْ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلا مَاتَ ! ". اهـ.
وهذا قد أشاره العلماء بصيغ تمريض لهذا الطريق الموقوف ففي الترغيب والترهيب للمنذري (4/ 262) قال:وَقَالَ [الحاكم]: صَحِيح على شَرطهمَا وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَرُوِيَ مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس ".
وفي التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار (ص: 143) قال: "وقال الترمذي: صحيح، وروي موقوفاً على ابن عباس".
وتبعه ذلك في تفسير ابن رجب الحنبلي (2/ 248)، وفي تحفة الأحوذي (7/ 260) للمباركفوري قال: "وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَى بن عَبَّاسٍ" انْتَهَى.
نعم وقد قال شعبة : "كفيتكم تدليس ثلاثة : الأعمش ، وأبي إسحاق ، وقتادة". اهـ.
سيما أن رواية شعبة بن الحجاج هي الراجحة عليهم كلهم مجتمعين قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب : "ثقة حافظ متقن عابد"، وقال أبو حاتم الرازي: "ثقة" وقال ابن دحية الكلبي: "أجمع العلماء على عدالة شعبة ورسوخه في هذا العلم ، ونصيحته فيه لله ورسوله ولعامة المسلمين"، وقال أبو داود: "ليس في الدنيا أحسن حديثا منه"، قال أحمد بن حنبل: "لم يكن في زمنه مثله في الحديث ، ومرة : كان أمة وحده في هذا الشأن"، قال حماد بن سلمة البصري: "إذا أردت الحديث فالزم شعبة ، ومرة : إذا خالفني شعبة في شيء تركته"، وقال سفيان الثوري: "أمير المؤمنين في الحديث"، وقال علي بن المديني: "شعبة أعلم بما يسمع وما لم يسمع"، وقال يحيى بن سعيد القطان: "ما رأيت أحدا قط أحسن حديثا منه ، ومرة : ما أبالي إذا كتبت الحديث عن سعيد أو هشام أو شعبة ، لا أعيد حديث هذا على هذا ولا حديث هذا على هذا".
ويؤيده قول البزار والطبراني مع سعة علمهما :
قال البزار: " وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ إِلا ابْنُ عَبَّاسٍ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلا نَعْلَمُ لَهُ طَريِقًا غَيْرَ هَذَا"،
وقال الطبراني: قال: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الأَعْمَشِ إِلا شُعْبَةُ". اهـ.
ولعله قد رواه الأعمش من طريقيه كما حدث في صحيح البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) من طريقين.
وأيضًا عندما سأل الترمذي شيخه الإمام البخاري في العلل الكبير له (511) فقال له:
[حديث] قُطْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " نَهَى عَنِ التَّحْرِيشِ بَيْنَ الْبَهَائِمِ ".وَقَالَ شَرِيكٌ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو مُعَاوِيَةَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ".
فَسَأَلْتُ مُحَمَّدًا، فَقَالَ: الصَّحِيحُ إِنَّمَا هُوَ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلٌ". اهـ.
وقد أقر الإمام البخاري الطريقين للأعمش واحتملهما.
وهذا ما مال إليه الخطيب البغدادي في تلخيص المتشابه في الرسم (1/521) فقال:
أنا أحمد بن محمد بن غالب، قال: سمعت أبا القاسم الآبندوني، يقول: حدثني الحسين بن إدريس بن نصر التستري، بها، نا عمر بن علي، نا أبو داود، نا شعبة، قال الآبندوني: وأخبرنا أبو الفضل عباس بن عبد الله بن سهم الأنطاكي، بها، نا سهل بن صالح، نا أبو داود، عن شعبة، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: " {يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} [آل عمران: 102]،
زاد عمر بن علي: " والذي نفسي بيده لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الأرض لأفسدت على أهل الدنيا معائشهم، فكيف بمن تكون طعامه؟!،
وفي حديث [ابن] عباس: من الزقوم ألقيت في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معيشتهم فكيف بمن ليس له طعام غيره ". اهـ.
والله أعلم.